كي لا ننسى




أطفال جنين الاحتلال حول حياتهم لبؤس وشقاء


كتبهامركز فنون الطفل الفلسطيني




جنين/ علي سمودي - لم يرتاح الطفل محمود جمال سليم ليوم واحد منذ بدء العطلة الصيفية ففور إنهاءه الامتحانات انخرط في سوق العمالة في جنين ليخفف من الأعباء التي تعيشها أسرته والتي تدهورت أوضاعها المعيشية جراء سياسات الاحتلال الإسرائيلي والطوق والإغلاق الذي
كما يقول حرم والده من عمله في حيفا مما اضطره لشراء عربة والعمل بائعا للخضار في أسواق جنين.
حياة صعبة
والدي يقول محمود14 عاما أفنى حياته لرعاية عائلتنا المكونة من 10 أنفار سبعة منهم في المدارس وثامن في سجون الاحتلال ولكن عمله بالكاد يوفر أدنى احتياجات عائلتنا فنحن نأكل ونشرب فقط بينما تراكمت علينا الديون أجرة المنزل وغيرها لذلك لم أتردد لحظة في العمل لمساعدة والدي وعائلتي في ظل الحياة القاسية والتي تزداد صعوبة ويضيف هناك أيضا اثنين من أشقائي وهم طلبة يعملون ونحن نتعب ونشقى لنعيش كباقي البشر.

برنامج الحياة هو العمل
محمود افتتح بسطة في وسط جنين لبيع العطور ويبدأ برنامج حياته اليومي في الساعة السابعة صباحا بمساعدة والده على تجهيز بسطته ثم يتوجه لشارع أبو بكر وهناك على احد الزوايا يعرض أصناف مختلفة من العطور بأسعار شعبية ويقول رغم أن الأسعار بمتدنية وبمتناول الجميع ولكن معدلات البيع سيئة جدا وأنا حصلت على العطور من احد العطارين الذي يقدم لي الأجرة عن نسبة من البيع لذلك فأنني في غالبية الأيام لا يتجاوز ربحي ال15 شيكل وأحيانا أخرى لا احصل عليها ولكن لا يوجد بديل آخر فقرش على قرش يمكن أن يشكل لنا كثيرا في ظل هذه الظروف الصعبة.

لقمة للعيش أهم
وينتهي برنامج عمل محمود اليوم في المساء حيث يعود لمنزله متعبا مرهقا بانتظار يوم عمل آخر مما حرمه بهجة العطلة الصيفية ويقول محمود العطلة بالنسبة لي فرصة لمساعدة عائلتي ولا ابحث عن متعة أو كباقي الأطفال المخيمات الصيفية بل أني لا أفكر فيها لان لقمة عيش أسرتي أهم.

ارتفاع عمالة الأطفال
وقالت مصادر محلية أن معدلات انخراط الأطفال في سوق العمل تزايدت خلال الشهرين الماضيين منذ بدء العطلة المدرسية. وتغص أسواق المدينة بعشرات الأطفال ممن امتهنوا عدة أشكال من العمل.ففي الأسواق البسطات يوجد أكثر من 30 طفل يعملون أكثر من 12 ساعة يوميا بعضهم افتتح بسطة للخضار وآخر للملابس أو الحلويات أو لبيع الساندويشات أو السجائر وقال الطفل بلال رزق محمود 14 عاما انه للعام الثالث على التوالي يعمل على بسطة لبيع الحلويات فوالده أصابه المرض منذ فصله من عمله في تل أبيب ولان عائلتهم كبيرة ولا يوجد لها أي مصدر رزق لم يكن أمامه سوى الانشغال في العمل لتوفير كما يقول احتياجات عائلتي التي تعتمد علي خاصة واني اكبر أشقائي ويضيف معدل ناتجي اليومي يتراوح بين 50-100 شيكل وربحي يصل ل 30 شيكل ورغم أنها نسبة قليلة إلا أني أقول أنها مستورة والحمد لله فان أعود للمنزل بالخبز والطعام لأسرتي يعتبر اسعد شيء في حياتي.

معدلات بطالة عالية في جنين
وتقول مصادر الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في جنين أن معدلات البطالة في جنين سجلت أعلى معدلاتها خلال العام الجاري وبلغت 80 % بسبب التشديدات الإسرائيلية وتدهور الأوضاع المعيشية وأزمة الرواتب. ويتوزع في شوارع جنين أطفال يبيعون العلكة أو الأواني المنزلية ويمضون ساعات طويلة في التجول بين المحلات والمنازل والشوارع ويقول جمال ذياب 13 عاما أقنعت صاحب محل بتزويدي يوميا بأشكال مختلفة من العلكة والحلويات دينا وأقوم بتسديد المبلغ في نهاية كل يوم ويضيف انه عمل شاق وصعب فانا لا أتوقف عن اللف والعمل لأكثر من 10ساعات ونسبة البيع غير جيدة فأحيانا لا اربح أكثر من عشرة شواقل ويضيف ولكن ما باليد حيلة ليس لعائلتي مصدر رزق أو دخل آخر منذ انضمام والدي لجيش العاطلين عن العمل وأنا مستعد للعمل ليل نهار من اجل إسعاد أسرتي وتوفير ما تريده أن الحياة بائسة وقاسية ولا تحتمل.

المخيمات الصيفية ليست لنا
وجلس الطفل علام زكي 14 عاما على ناصية الشارع الرئيسي في وسط جنين ليلتقط أنفاسه فهو يمارس عدة أعمال من اجل أسرته ولا يفكر براحة أو الانخراط في مخيم صيفي خلال اليوم ويقول المخيمات الصيفية والاستراحة ليست لنا فنحن نعاني البؤس والشقاء جراء تدهور أوضاع أسرنا المعيشية في بيتي 8 أنفار ووالد عاطل عن العمل منذ عامين وأم تبكي ليل نهار لأننا أحيانا لا نقدر على توفير رغيف الخبز لذلك قررت أن استغل كل لحظة في العطلة من اجل العمل ففي السادسة صباحا وحتى العاشرة أقوم ببيع الصحف وفي الفترة التالية اعمل لدى صاحب بسطة خبز وفي العصر أبيع القهوة لذلك لا أفكر كباقي الأطفال لان هم أسرتي اكبر واهم.

الاحتلال هو السبب
ورغم معارضة النقابات ورفضها لعمالة الأطفال يقول عبد الحكيم شيباني سكرتير المجلس العمالي النقابي إلا انه لا يمكن معالجة هذه الظاهرة ووضع حد لها في ظل سياسة الطوق والحصار التجويعي الإسرائيلي التي حولت حياة آلاف العائلات لجحيم لذلك فان السبب الرئيسي في خروج الأطفال لسوق العمالة هو الاحتلال الذي جوع أسرهم ودمر مصدر رزقها وفي ظل عدم توفر أي مصادر لدعم العائلات المتضررة والمحتاجة وأضاف إذا أردنا أن نحمي هذه الشريحة ونمنع عمالة الأطفال يجب أن تنتهي إجراءات سياسات الاحتلال. وقال الطفل أمين ناصر 12 عاما أني حزين جدا لأنني لا اقدر على الحياة كباقي الأطفال وقضاء الإجازة في المخيمات الصيفية ولكن لا يوجد حل آخر فعملي يساعد والدي الذي يتألم ويتحسر لان عمله في جنين غير مجدي فهو يعمل بائع خضار وأنا بائع متجول لنعيش كباقي الناس ويضيف قبل الطوق والحصار كان أبي يعمل في القدس ويوفر لنا حياة جميلة ولكن منذ أربع سنوات حياتنا جحيم وما دام هناك احتلال فسنعيش محرومين حتى من طعم الطفولة فلم اعد اشعر أني طفل لأني لا أفكر إلا بأسرتي ولقمة العيش وبعمل جديد مع اشراقة كل يوم.

وقال والده للأسف هذا الواقع وسببه الاحتلال وأمنيتي أن أرى طفلي سعيدا بين أقرانه يلعب ويمرح ويمارس طفولته ولكن ما دام هناك احتلال يتحكم حتى بلقمة عيشنا فان أطفالنا أيضا سيدفعون الثمن.
__________________