ايها الاخوة الكرام ضيف اليوم هو فضيلة الاستاذ المهندس اسلام الحديدي من الاخوة الفضلاء وعلى علم واسع فى مجال مقارنة الاديان
استاذي المحترم مهندس اسلام ابدأ بفضل الله عز وجل مع حضرتك بموضوع التحقيق
ما هي أسْباب الإحتقان الطائِفي في مِصْر ؟

المهندس اسلام الحديدي

شيخ عماد لايخفي على احد
ان حالة الاحتقان الحالية بين مسلمي مصر ومسيحييها من أتباع الكنيسة القبطية لا يمكن الوقوف على أسبابها الحقيقية بدقة إلا من خلال دراسة تاريخ العلاقة الاجتماعية بين مسلمي مصر ومسيحييها منذ دخول الإسلام مصر وحتى عصرنا الحالي لتحديد متى ولدت تلك الفتنة ومن وراءها.

وأود أن أبدأ بالنتيجة التي وصلت إليها من خلال بحثي وهي أن المسئول الأول عن تلك الفتنة ومؤججها ومشعل النار فيها هو الأنبا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الذي جلس على كرسي البطريركية منذ سنة 1971 وحتى وقتنا هذا.
فالأحداث الأخيرة المتعاقبة في العقود الأخيرة الماضية في مصر بين المسلمين والمسيحيين وبالتحديد منذ تولي الأنبا شنودة الثالث كرسي البطريركية بعد وفاة الأنبا كرولوس السادس , والتي لم تكن موجودة من قبل ولم يسجل التاريخ مثلها أبداً في تاريخ مصر منذ الفتح الإسلامي وحتى تولي البابا شنودة الثالث كرسي البطريركية.
وكذلك شيوع أفكار جديدة مستحدثة بين مسيحيي مصر أتباع الكنيسة الأرثوذكسية التي يرأسها الأنبا شنودة الثالث والتي لم تكن موجودة من قبل مثل فكرة الغزاة العرب والاحتلال العربي واستعادة الأراضي المصرية المسيحية من بين أيدي المحتلين العرب , وفكرة تقسيم الأرض المصرية إلى مسلمة وأخرى قبطية أرثوذكسية , وإبدال اللغة القبطية القديمة - والتي لم تكن لغة من الأصل – محل اللغة العربية.
هذا بالإضافة إلى اللوبي الخارجي المسمى بأقباط المهجر الذي يشكل شوكة في ظهر الكيان المصري كوسيلة ضغط في أيدي القوى الأجنبية لاستعماله لأجل تحقيق مصالح الغرب على حساب أمن واستقرار الشعب المصري.
كل ما سبق هو الذي دعاني إل محاولة كشف أسرار تلك الأفكار الهدامة التي لا تؤدي في النهاية إلا إلى زعزعة أمن واستقرار ووحدة الشعب المصري الذي يشهد تاريخه بمدى الرباط القوي الذي يجمع بين أفراد أمته باختلاف انتماءاتهم العقدية والمذهبية.
فالمشكلة أن الأنبا شنودة متلون في حواراته التي يدلي بها إلى الإعلام فنراه تارة يتحدث عن الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين وأنه لا فرق في مصر بين مسلم ومسيحي وأن المسيحيين في مصر لا يشعرون بأي اختلاف , وفي حوار آخر يكشف عن وجهه الحقيقي فيدلي بما هو مناقض لما أدلاه من قبل.
ونلمس هذا التناقض والتلون في الإدلاء بكلمات معسولة تارة تخفي وراءها شعور متأجج بالتعصب والكراهية ثم التعبير عن ذلك التعصب المتأجج في تصريح آخر دون تجمل في لاتالي:
فنجد أنه في الوقت الذي استنكر فيه البابا شنودة الثالث بشدة نعت أقباط مصر بالأقلية على أساس دينى وذلك فى الحوار الذى أجرته معه الكاتبة الصحفية الأستاذة سناء السعيد والذى نشر فى كتاب بعنوان : ( البابا شنودة الثالث ـ دنيا ودين ) بالصفحة رقم 266 عندما ذكر ما نصه :
" نحن مصريون جزء من شعب مصر ولسنا أقلية فى مصر ، ولا نحب أن نعتبر أنفسنا أقلية . ولا أن يسمينا الناس أقلية . فعبارتا أقلية و أغلبية تدلان فى أسلوبهما على التفرقة والتميز أو التمايز بالنسبة للبعض . وهذا لا يليق بالنسبة لأبناء الوطن الواحد وبخاصة أنَّ هذا الوطن هو مصر المحبوبة . وإن كان السبب يدعو على استخدام عبارتى أقلية و أغلبية هو الاختلاف فى الدين فإنَّ سماحة أى دين لا تسمح بهذه التفرقة , فكلنا أبناء أب واحد هو آدم وأم واحدة هي حواء .
ثم أنهى الأنبا شنودة تعليقه مصراً على عدم جواز استعمال تعبير ( الأقلية والأغلبية ) عند التطرق لمشاكل الأقباط , بل وحتى عند الدفاع عنهم فى قوله :
" وإن كانت للأقباط مشاكل أو طلبات فإنَّ الأمور تحل بروح المحبة فى الوطن الواحد بحيث لا تؤدى إلى عبارة أقلية أو أغلبية . أى أن تحل بعيداً عن الحساسيات النفسية , ومحاولة البعض بروح طيبة أن يدافعوا عن الأقباط لا يستلزم هذا منهم أن يدعوهم بالأقلية " .
ويتضح من خلال تكرار تنديد البابا شنودة لتعبير ( الأقلية ) فى كلامه السابق سبعة مرات , وتعبير ( الأغلبية ) ثلاثة مرات مدى اشمئزازه من استعمال هذه التعبيرات التى تصف العلاقة بين المسلمين والمسيحيين من أبناء الوطن الواحد فى مصر , وحتى وإن كانت للدفاع عن الأقباط بروح طيبة .
ويكفى قوله الصريح بأنَّ استعمال هذا التعبير لا يليق بأبناء الوطن الواحد .
بل وأكد البابا شنودة رفضه وشجبه لاستعمال هذا التعبير فى رده على سؤال آخر بالصفحة رقم 269 للكاتبة سناء السعيد عندما سألته بالنص :
سؤال : معنى هذا أنكم لا تحبون أن ينعتكم أحد بالأقلية ..؟
فأجاب البابا شنودة : " نحن مصريون فى الأساس , جزء من شعب مصر ولسنا أقلية فى مصر , ولا نحب أن نعتبر أنفسنا أقلية فيما إذا قورنت بعباره أغلبية فإنهما تدلان فى الأسلوب على التمييز والتمايز وهو مالا يجوز مع أبناء الوطن الواحد " .
فما سبق من تصريح يحمل في ظاهره روح التسامح والمحبة والاندماج مع المسلمين في وطن واحد , ولكن فى نفس الوقت الذى نجد فيه البابا شنودة يدعو فى رده السابق إلى الوحدة الوطنية فى رفضه وصف المسيحيين بالأقلية باعتبارهم نسيج واحد مع أخوانهم المسلمين فى نفس الوطن , وفى نفس الوقت رفضه وصف المسلمين بالأغلبية والذى يعنى بدوره وصف المسيحيين بالأقلية , وذلك بصرف النظر ما إذا كان تعبير الأقلية يعنى المفهوم العددى أو المفهوم السياسى كما ذكر البابا شنودة ذلك فى تعليق له بنفس الكتاب , فنجده وقد ناقض نفسه فى رد آخر له بنفس الكتاب ولكن بالصفحة رقم 53 فى رده على سؤال للكاتبة سناء السعيد يختص بسلبية المواطن المسيحى إزاء الأمور السياسية عندما وصف المسلمين بالأغلبية فى قوله :
" نعم ليس سلبياً . الغالبية فى المجتمع هى السلبية تجاه المسيحيين . وليس المسيحيون هو السلبيون . الغالبية تتخذ موقفاً سلبياً من المسيحيين . ولو أنها احتضنت المسيحيين وأعطتهم فرصتهم للعمل ومسئوليات ستجد أن شخصياتهم وعقولهم وجهدهم ستبذل بكل إخلاص وقوة , أمَّا تجاهلهم فيؤدى إلى الوضع الذى نحن فيه الآن " .
ففي الوقت الذى نجد فيه البابا شنودة يشدد على عدم جواز استعمال مصطلح الأقلية والأغلبية مع المسلمين والمسيحيين من أبناء الوطن الواحد . وفى الوقت الذى نجده يطالب بالتخلى عن استعمال مصطلحى الأقلية والأغلبية فى مناقشة مشاكل الأقباط فى مصر تحلياً بروح المحبة ـ على حد تعبيره ـ نجده هنا وقد انزلق فيما حذر منه عندما ناقش مشكلة سلبية المواطن المسيحى إزاء العمل السياسى وذلك باستعماله وصف ( الأغلبية ) مرتين لوصف المسلمين , ثم وصف أولئك الأغلبية ( المسلمين ) بالسلبية تجاه إخوانهم المسيحيين .
فكيف يذكر البابا شنودة أنَّ استعمال مصطلحى الأقلية والأغلبية لا يليق بالنسبة لأبناء الوطن الواحد ثم يستعمله هو نفسه مع المسلمين تحديداً ..؟؟ أم أنَّ استعمال تعبيرى الأقلية والأغلبية لا يليق إذا ما استعمله مع ( الأقلية ) ولكنه لا غضاضة إذا ما استعمله مع ( الأغلبية ) ..؟؟
كما أن إدلائه بتصريح خطير وهو أن الغالبية المسلمة سلبية تجاه الأقلية المسيحية لهو تصريح واضح بالشعور بالاضطهاد والتفرقة بعد تصريحه المعسول الأول.
وهل كان البابا شنودة يناقض نفسه عندما حدثنا فى رده الأول عن النسيج الواحد الذى لا يجب تقسيمه إلى أغلبية وأقلية ثم عاد هنا ليحدثنا عن الأغلبية وسلبيتهم تجاه المسيحيين ..؟؟
إن استعمال مصطلحي الأغلبية والأقلية له مفهوم سياسي خطير يعرفه المتخصصون وهو بث روح الفرقة والانفصال والشعور بالاضطهاد والتميز بين الشعب المصري على أساس ديني.
_________
بل وسنجد أن الدعاوى التي يتبناها الأنبا شنودة ويؤيدها من الخلف لإلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية لعدم التنمييز بين المسلم والمسيحي في خانة الديانة , يؤكد على أتباع الكنيسة القبطية من الأبواب الخلفية الإعلان عو هويتهم المسيحية بشكل آخر وهو الصليب.
فالواقع أنَّ تأييد الأقباط الأرثوذكس بإيعاز من الأنبا شنودة لإلغاء خانة الديانة من بطاقة إثبات الهوية بدعوى عدم تمييزهم كأقلية عن المسلمين الغالبية به تناقض مع قانون إيمانهم ومع نهجهم عموماً بالمجتمع المصرى فيما يتعلق بالتعبير عن النفس وإعلان الهوية الدينية .
فتعليقهم الصليب على صدورهم , وطبعهم إياه على أياديهم , وتقبيله ورفعه أمام الجميع , وتعليقه فى السيارات وعلى أبواب بيوتهم لهو إعلان صارخ عن هويتهم الدينية أمام الجميع . فكيف يناقضون أنفسهم وينادون بإلغاء خانة الديانة فى نفس الوقت الذى يعبرون فيه عن هويتهم الدينية علناً من خلال الصليب ..؟؟
ومحاولة الدفاع عن نهجهم بأنه تصرف شخصى نتيجة عدم تطبيق قانون المواطنة وإلغاء الهوية الدينية مردود عليه لأنهم فى واقع الأمر يعلنون عن هويتهم من منطلق عقيدة كنيستهم ولىّ من منطلق تصرفاتهم الشخصية .
فقد ذكر البابا شنودة فى كتابه اللاهوت المقارن فى تفريقه بين عقيدة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وعقيدة الكنيسة الإنجيلية فيما يتعلق برشم الصليب فيقول ص 151 ما نصه :
وفى رشمنا للصليب نعلن تبعيتنا لهذا المصلوب . إنَّ الذين يأخذون الصليب بمجرد معناه الروحى داخل القلب , دون أية علامة ظاهرة , لا يظهرون هذه التبعية علناً , التى نعلنها برشم الصليب , وبحمل الصليب على صدورنا وبتقبيل الصليب أمام الكل , وبرشمه على أيدينا , وبرفعه على أماكن عبادتنا . إننا بهذا كله , إنما نعلن إيماننا جهاراً , ولا نستحى بصليب المسيح أمام الناس , بل نفتخر به , ونتسمى به , ونعيد له أعياداً ... ونتمسك به ... حتى دون أن نتكلم , ومجرد مظهرنا يعلن إيماننا .
وأعتقد أنَّ الكلام السابق ليس بحاجة إلى تعليق .. فقد كرر البابا شنودة كلمات مثل نعلن وعلناً ونعلنها وعلامة ظاهرة وجهاراً ومظهرنا والتى تؤكد أنَّ إيمان كنيسته يتطلب الإعلان عنه علناً وجهاراً .
وقد شرح البابا شنودة طريقة الإعلان بضرورة وجود علامة ظاهرة واستعمل الصليب كالتالى :
رشم الصليب علناً .
تعليقه على الصدور .
تقبيل الصليب أمام الكل .
رشمه على الأيدى .
رفعه على أماكن العبادة .
وإذا استبعدنا البند الأخير المختص برفعه على أماكن العبادة باعتباره أمر متعلق بالمكان لا بالشخص , سنجد أنَّ البنود الباقية كلها أمور تتعلق بالشخص نفسه . فعقيدة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تفرض على أتباعها إعلان إيمانهم جهاراً حتى وإن لم يتكلم أحدهم .
وهذا يعنى أنَّ الأنبا شنودة الذي ينادي بإلغاء خانة الديانة من بطاقة الهوية من خلال أتباع الكنيسة بدعوى عدم التمييز إنما هو خداع وتدليس , لأنَّ قانون كنيستهم يفرض عليهم إعلان هويتهم جهاراً وليس مجرد فى بطاقة الهوية .
فما هو الدافع للتأييد الأرثوذكسى الشعبى لإلغاء خانة الهوية الدينية المدونة بالهوية الشخصية والموضوعة بداخل الحقيبة أو الحافظة وغير ظاهرة للعيان , فى نفس الوقت الذى يعلنون فيه عن هويتهم علناً وجهاراً من خلال ما سبق شرحه وتفصيله من كتاب البابا شنودة ..؟؟
وهذا مع العلم أنَّ مسألة تعليق الصور والأيقونات والوشم والرشم والتعاويذ فى عقيدة المسلمين شرك بالله وخرافات وأساطير وبقايا الوثنية الفرعونية القديمة , وبالتالى فلا يتبقى من يتعاملون مع تلك الأيقونات والصور والصلبان إلا إخوان المواطنة من الأقباط الأرثوذكس .
وبالتالي فمنع المسلمين من التعبير عن هويتهم الدينية حتى في الهوية الشخصية الرسمية في نفس الوقت الدعوة سراً إلى إعلان المسيحيين هويتهم علناً من خلال رشم الصليب وتعليقه في مل مكان ما هي إلا سبب رئيسي من أسباب بث الفتنة وروح العداء بين قطبي الأمة.
فمنع المسلمين من الإعلان عن هويتهم في نفس الوقت دعوة المسيحيين إلى الإعلان عنها علناً ما هو إلا استفزاز لمشاعر المسلمين وتأجيج لحالة الاحتقان بينهم وبين إخوانهم بالمواطنة.
فلم يعترض مسلم من قبل على تعليق أخيه في المواطنة المسيحي للصليب , ولكن أن يتم إلغاء هوية الديانة وحرمان المسلم من الإعلان عن هويته في نفس الوقت دعوة المسيحي إلى رفع شعار المسيحية على صدره ورأسه ما هو إلا استفزاز وتأجيج للفتنة.
__________
نعود الآن لنقطة هامة وهي النظر للجانب التاريخي.
فكما ذكرت في بداية كلامي أنه منذ دخول الإسلام مصر ولم تحدث فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين بمثل الوضع الحالي , وكانت أول فتنة طائفية حقيقية تحدث في تاريخ مصر في عهد الأنبا شنودة الثالث أبان فترة حكم الرئيس الراحل أنور السادات والمعروفة بأحداث الزاوية الحمراء وتم على أثرها عزل الأنبا شنودة من كرسي البطريركية وتحديد إقامته في دير وادي النطرون واعتباره المسئول الأول عن تلك الأحداث.
وبعودة البابا شنودة الثالث لكرسي البطريركية عاد مرة أخرى لممارسة وظيفته في تأجيج الشعور بالاضطهاد والظلم من قبل المسلمين لإخوانهم المسيحيين , وأود مناقشة هذا الأمر بموضوعية ما إذا كان هناك ظلم حقيقي بالفعل أم انه مجرد ادعاء وافتئات لا أصل له.
فأهم عنصرين من عناصر الشعور بالانتماء للوطن هما الكفاية والأمان , ويتجلى لك في قوله تعالى :
{فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} (3) {الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} (4) سورة قريش
فالعنصر الأول وهو الكفاية الذي يأتي بالمقام الأول تعني الحد الأدنى من مستوى المعيشة المرضي الذي يتمثل في الكفاية المادية والطعام والعلاج والتعليم والسكن والرفاهية والذي دل عليه قوله تعالى (الذي أطعمهم من جوع).
والعنصر الثاني وهو الشعور بالأمان والذي دل عليه قوله تعالى (وآمنهم من خوف).
بل ويكفي التدليل على ذلك أن السبب الأول لاغتراب المواطن عن وطنه هو شعوره بعدم الكفاية في وطنه سواء من مستوى المعيشة والطعام والسكن والعلاج والتعليم , وتكون الهجرة دائماً للتمتع بكفاية أفضل من التي بوطنه سواء كان العائد أو التعليم أو مستوى المعيشة.
والسبب الثاني الذي قد يضطر المواطن إلى ترك وطنه هو الشعور بالخوف فيه وعدم الأمان مثل هجرة الكثير من المواطنين الناجحين في بلادهم بسبب قهر النظام الحاكم لهم وتهديده إياهم بالسجن والاعتقال.
ولو أسقطنا هذين العنصرين على إخواننا المسيحيين لوجدنا أن الشق الأول المتمثل في الكفاية العائد المادي يتفوقون فيه على الغالبية المسلمة حيث أن أكثر من 60% من اقتصاد مصر في أيدي المسيحيين , بل ويكفي أن كبار رجال الأعمال وأغنىأغنيائهم مثل ساويرس مسيحي وما كان له أن يؤسس هذه الإمبراطورية لولا روح التسامح والمحبة والعدل بين المسلمين والمسيحيين.
أما العنصر الثاني وهو الأمان فالواقع أن المسلمين هم الذين يعانون بنقص الأمان وليس المسيحيون من قبل النظام المصري , ولم يحدث طيلة الحقبات السابقة أن شعر المسيحي بأنه مستهدف في وطنه من قبل أخيه المسلم الذي يعيش معه في وئام وتسامح حتى في الفترات الأخيرة التي شهدت بعض الأحداث المتأججة.
والمسيحي في مصر له حق الانتخاب وحق الترشح , أما بخصوص اختلاق الأنبا شنودة |لأسباب أخرى واهية مردود عليها مثل نسبة التمثيل في البرلمان وتولي المناصب الهامة فهي عناصر لا تقوم بسببها فتنة لأن المال والأمان هما عنصري الفتنة والشعور بالانتماء وليس تولي المناصب الهامة.
وكل مسيحي يكرر هذا الكلام المسموم للأنبا شنودة عليه أن يتوجه بسؤال لأقباط المهجر عن السبب الذي دعاهم للهجرة إلى أوروبا وأمريكا ويعيشون فيها هانئين مطمئنين سعداء دون التفكير في العودة إلى وطنهم رغم عدم أحقيتهم في الحصول على أي مناصب سيادية هناك , سيجيبون أن السبب هي المادة والتعليم والمعيشة في مستوى اجتماعي كبير , وفي هذا الدليل الكافي على أن المسيحي يتوفر له في مصر ما لا يتوفر للمسلم.
لأن المنصب السيادي الذي يتمحك فيه الأنبا شنودة هو في النهاية تكليف وليس تشريف , والأنبا شنودة يتحدث عن هذا المنصب وكأنه تشريف أو وسيلة لتحقيق منافع شخصية وليس لتحقيق مصلحة عامة.
وختاماً لما سبق , أكرر أن التاريخ لم يسجل أية فتن طائفية ولا شعور جماعي بالاحتقان بين مسلمي مصر ومسيحييها إلا في عهد الأنبا شنودة الثالث منذ توليه كرسي البطريركية عام 1971 خلفاً للأنبا كرولوس السادس , وهو المسئول الأول عن تلك الفتنة وتأجيج مشاعر المسيحيين ضد إخوانهم المسلمين.