البداية والنهاية
للأمام ابن كثير رحمه الله
الجزء الثامن ( 127 من 239 )

وقال الإمام أحمد‏:‏ حدثنا معاوية بن عمر، ثنا زائدة، ثنا عبد الله بن خيثم، حدثني عبد الله بن أبي مليكة أنه حدثه ذكوان - حاجب عائشة -‏:‏
أنه جاء عبد الله بن عباس يستأذن على عائشة فجئت -
وعند رأسها عبد الله بن أخيها عبد الرحمن -

فقلت‏:‏
هذا ابن عباس يستأذن فأكب عليها ابن أخيها عبد الله فقال‏:‏ هذا عبد الله بن عباس يستأذن وهي تموت، فقالت‏:‏ دعني من ابن عباس‏.‏
فقال‏:‏ يا أماه ‏!‏‏!‏ إن ابن عباس من صالح ب### يسلم عليك ويودعك‏.‏
فقالت‏:‏ ائذن له إن شئت‏.‏
قال‏:‏ فأدخلته، فلما جلس قال‏:‏ أبشري‏.‏
فقالت‏:‏ بماذا‏؟‏

فقال‏:‏ ما بينك وبين أن تلقي محمداً والأحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد، وكنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه
ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب إلا طيباً‏.‏

وسقطت قلادتك ليلة الأبواء فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصبح الناس وليس معهم ماء، فأنزل الله آية التيمم، فكان ذلك في سببك، وما أنزل الله من الرخصة لهذه الأمة، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات، جاء بها الروح الأمين، فأصبح ليس مسجد من مساجد الله إلا يتلى فيه آناء الليل وآناء النهار‏.‏
فقالت‏:‏ دعني منك يا ابن عباس، والذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسياً منسياً‏.‏
والأحاديث في فضائلها ومناقبها كثيرة جداً‏.‏

وقد كانت وفاتها في هذا العام سنة ثمان وخمسين‏.‏
وقيل‏:‏ قبله بسنة‏.‏
وقيل‏:‏ بعده بسنة، والمشهور في رمضان منه‏.‏
وقيل‏:‏ في شوال، والأشهر ليلة الثلاثاء السابع عشر من رمضان‏.‏

وأوصت أن تدفن بالبقيع ليلاًوصلى عليها أبو هريرة بعد صلاة الوتر، ونزل في قبرها خمسة
وهم عبد الله، وعروة ابنا الزبير بن العوام، من أختها أسماء بنت أبي بكر،
والقاسم، وعبد الله ابنا أخيها محمد بن أبي بكر
وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر‏.‏

وكان عمرها يومئذ سبعاً وستين سنة، لأنه توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرها ثمان عشرة سنة
وكان عمرها عام الهجرة ثمان سنين أو تسع سنين فالله أعلم، ورضي الله تعالى عن أبيها وعن الصحابة أجمعين‏.‏
‏(‏ج/ص‏:‏ 8/102‏)‏

البداية والنهاية