تقبيل الخد وما بين العينين والفم:
أما بالنسبة لتقبيل الخد، فقد ذكرنا أن أبا بكر الصديق قبل عائشة رضي الله عنها عندما أصابتها الحمى حين هاجروا إلى المدينة ، وكانت دون البلوغ، وهذه قبلة شفقة من الوالد لابنته. وأما بالنسبة لتقبيل ما بين العينين، فإنه قد ورد فيه تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم بين عيني العباس ، ورواه الطبراني وقواه الهيثمي ، وقبَّل مسلم بن الحجاج النيسابوري عيني البخاري رحمه الله، وقال: يا أستاذ الأستاذين، أو يا طبيب الحديث في علله. وبالنسبة لتقبيل العين جاء تقبيل التابعي لعين أنس كما تقدم، وبالنسبة لتقبيل الفم فهذا خاص بين الزوجين، وبالنسبة لتقبيل الكشح أو البطن، الكشح هو: ما بين الخاصره إلى الضلع، وقد قبل الصحابي النبي صلى الله عليه وسلم في كشحه لما كشفه له ليقتص منه، وقلنا في تقبيل الرأس: إنه يكون للكبير في السن أو العالم والوالد. كذلك لو كان له أخت كبيرة أو عمة أو جدة، فلا بأس أن يقبل رأسها، ولا حرج في ذلك.

تقبيلالمرأة للرجل الأجنبي وتقبيل الشعر:
أما تقبيل المرأة للرجل الأجنبي، فهذا حرام ولو كان كبيراً، وتقبيل الرجل للمرأة الأجنبية حرام ولو كانت كبيرة في السن، وتقبيل الشعر كتقبيل الرأس في الحكم، وبعضهم قد يحتج بتقبيل الإمام أحمد رحمه الله لشعرة من شعرات النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هذا كان ثابتاً عنده أنها شعرته، أما اليوم فمن أين نثبت أنه قد بقي شيء من آثار النبي صلى الله عليه وسلم حتى نقبله؟ وذكرنا في مسألة تقبيل المصحف أنه لم يرد بذلك حديث صحيح من النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن تيمية رحمه الله: لا نعلم في تقبيل المصحف شيئاً مأثوراً. وقد سئل أحمد عن تقبيله، فقال: ما سمعت فيه شيئاً، ولكن روي عن عكرمة بن أبي جهل ، واتباع السلف أولى، ولا يعلم له موافق رحمه الله على ذلك، ولم وافقه الصحابة على ذلك، ولم يكن شيئاً مشروعاً منتشراً عندهم.

تقبيل آثار الصالحين وأرض الوطن:
وأما بالنسبة لآثار الصالحين التي يفعلها بعضالناس وتقبيلها فهذا أيضاً من البدع، وكذلك تقبيل الشجر والحجر، أما بالنسبة لتقبيل الأرض بين يدي العظماء، فسبق الكلام أنه من المنكرات العظيمة، وقال ابن تيمية رحمه الله: وأما تقبيل الأرض ووضع الرأس أمام الشيخ والملك فلا يجوز، بل الانحناء كالركوع لا يجوز، ومن فعله قربة وتديناً بين له -نبين له أن تقبيل الأرض والانحناء كالركوع بين يدي الشيخ أو الصوفي هذا أو الملك لا يجوز- ومن فعله قربة وتديناً بين له أن هذا حرام ولا يجوز، فإن تاب وإلا قتل، وأما إذا أكره الرجل بأن يخشى أخذ ماله أو ضربه أو قطع رزقه في بيت المال، فإنه يجوز عند أكثر العلماء. وكذلك إذا ظن أن بركة الشخص تعود على من أشرك به وخرج عن طاعة الله ورسوله، مثل أن يظن أن ببركة السجود لغيره وتقبيل الأرض عنده..


ونحو ذلك يحصل له السعادة، فهو من أحوال المشركين وأهل البدع وهو باطل لا يجوز اعتقاده ولا اعتماده. وقال أيضاً رحمه الله: وأما وضع الرأس عند الكبراء والشيوخ أو غيرهم أو تقبيل الأرض أو نحو ذلك، فهو مما لا نزاع فيه بين الأئمة في النهي عنه، بل مجرد الانحناء بالظهر لغير الله منهي عنه. هناك نوع من تقبيل الأرض يحدث في هذا الزمان، وهو تقبيل أرض الوطن بزعمهم أن ذلك وطنية، فلاشك أن هذا حرام، وفيه نوع من الشرك، وهذا دين المنتسبين، إذا وطأت قدماه بلده مثلاً قبل أرض بلده أو وطنه، ولاشك أن هذا حرام لا يجوز. ومن الأشياء التي تفعل في هذا الزمان مثلاً: التشبه بالكفار وتقليدهم في تقبيل الكلاب وبعض الحيوانات، ولاشك أن الكلب مما ينبغي التخلص منه، والاحتفاظ به ينقص الأجر. فهذه تكملة لآداب المصافحة والمعانقة والتقبيل، وبذلك نكون قد أنهينا الكلام عليها والحمد لله رب العالمين.