ليبيا.. عندما يذبح الحاكم شعبه!



طرابلس/ الإسلام اليوم
على قدم وساق وفي تطورات متلاحقة يُمارس النظام الليبي جرائمه على نطاق واسع، ليس ضد إسرائيل التي يتشدق بمعاداته لها، أو لأمريكا والتي يعتبرها عدوة له، ولكن ضد شعبه الأعزل، إلا من حناجر واستغاثات.
وأمام مسمع أصم ومرئى أعمى من العالم؛ يقود النظام الاستبدادي في ليبيا هجومه ضد مواطنيه، وكأنّه في حرب مع أعدائه، الأمر الذي يُعيد إلى الأذهان ما ارتكبه النازيون الجدد، وكأنّنا اليوم أصبحنا أمام شبيه لهتلر، إنْ لم يكن هو بالفعل.
المشاهد القادمة من ليبيا على الرغم من ندرتها، لصعوبة تسريب جل ما يدور هناك، نتيجة لقطع الاتصالات بشكل كامل بينها وبين العالم، تؤكد أنّ ما يحدث في ليبيا الصامدة أقل ما يوصف بأنّه جريمة إبادة منظمة لشعب، يقوده ويشرف عليه نظام استبدادي، يتزعمه المجرم القذافي ونجله عدو الإسلام.
ولكن في المقابل، فإنّه قياسًا على كل الثورات، التي اندلعت أخيرًا في تونس ومصر، وقبلهما دول العالم، فإنّ كل المؤشرات تُؤكد أنّ النظام الليبي يلفظ خبثه خلال الساعات الراهنة، على الرغم من جيوب المرتزقة التي تواجه وتبيد الشعب الليبي، وفق ما أعلنه صراحة عدو الإسلام بأنّ الشعب عليه أن يختار إما الفوضى أو القتال.
وهنا يوضح أكثر طبيعة هذا القتال بأنّه سيكون حتَّى آخر رجل وامرأة، وحتى آخر قطعة سلاح. هذا التهديد يوجهه نجل هذا المستبد إلى شعبه، على الرغم مما قد يظنه البعض لأول وهلة بأنّه مُوجه إلى أمريكا التي سبق أنّ فرضت على نظام والده حظرًا جويًا واقتصاديًا، أو إلى إسرائيل والتي لا تقبل نظامه، على الرغم من الإشارات التي كان يرسلها لها من وقت لآخر بإقامة دولة إسرائيلية تجاور فلسطين، أسماها "اسراطين".
هذا إذن هو القذافي ونجله وبهما يقيمان نظامهما الاستبدادي، فتحت دعاوى أن هناك مصريين وتونسيين يقودون حركات للتمرد بحق تعريفهم للثورة الشعبية، يذبح القذافي ونجله شعبه ومعه المصريون والتونسيون بسكين الوحدة العربية، التي كثيرًا ما دعا كاذبًا بها، إلى أن تنصل منها، وذهب إلى أفريقيا، لعله يجد في ضعفائها من يرفع شأنه، بعدما صار يزعم أنّه أمير المؤمنين وأنّه ملك ملوك أفريقيا. هذا الشعور بالاستبداد والطغيان والنقص أيضًا، وممارسة الجرائم على نطاق واسع؛ يكشف حقيقة هذه السفاح الذي يبيد شعبه بالنار والحديد، ولتتكشف معه أحاديثه الكاذبة عن الوحدة العربية، ومزاعمه الباطلة عن العروبة والديمقراطية.
هذا الفرعون يذبح شعبه بدعوى العروبة، ويبيد أهله بزعم الوحدة، ويمارس استبدادًا بإدعاءات باطلة بأنّه يعمل لصالح شعبه، وهو في الحقيقة يقتلهم بدم بارد، تحت شعارات جوفاء بحماية البلاد، ومزاعم أخرى بالحفاظ على القومية العربية.
إنّ ما يدور الآن على أرض ليبيا الطاهرة سوف يسجله أبنائها بأحرف من نور، حيث يقترب شعبها البطل من إزالة هذا الصنم المجنون، في ملحمة بطولية تعلق عليها صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية؛ بأنّ هذه الأحداث جعلت من القذافى يواجه التحدي الأخطر لحكمه المستمر منذ 42 عامًا، بإطلاق المرتزقة على المتظاهرين غير المسلحين.
وتُشير الصحيفة إلى أنّ القذافى على عكس الحاكم في جارته الشرقية مصر، أراد أن يكون له رأيًا آخر في التعامل مع شعبه بإبادة المئات، وقد يكون الآلاف منهم في جريمة منظمة، سوف يسجل التاريخ طهارة من كانوا ضحاياها، وغزي كل من قام وشارك وسكت عنها.
هذه الجرائم، وعلى الرغم من ضراوتها لا تزال تقابل في العالم العربي والعالم كله ببرود شديد، لا يقل عن البرود الذي يبيد به هذا المجنون شعبه، وهو الذي يتخيل أنّ إبادته لهم هو وحي من السماء ألهمه الله إليه، على نحو ما ينقل عنه معظم من جلس إليه بأنّ هذا السفيه يرفع رأسه إلى السماء يستلهم الوحي، ولا ينظر إلى من أمامه، بدعوى أنّه أكبر من أن ينظر إلى من أمامه.
على هذا النحو يتعامل هذا المجرم مع شعبه على أنّه أقوى من شعبه، وأنه أكبر من أن يكون حاكمًا، لذلك نعت نفسه بالنعوت السابقة، حتى كان الانفجار من جانب الشعب، وهو الذي أذله على مدى 40 عامًا ونيف، ليسطر أحفاد عمر المختار أروع البطولات ليس في الذل والخنوع، ولكن في التضحية والاستبسال، فقد خرج المارد من القمقم، ولم يعد يهاب بطشًا، أو يخشى لجانًا ثورية أو شعبية، فلم تعد ترهبه رصاصات غادرة من طائرات المرتزقة، أو فوهات بنادق الأجانب العملاء الذين استأجرهم نجله عدو الإسلام؛ ليبيد الشعب برصاصات غادرة ماكرة.
أمثال هؤلاء الثوريين في ليبيا تمكنوا من نهب البيوت وسلب الثروات وتخزينها في خزائنهم، أثناء توليهم مسئولية البلاد، بدعوى أنهم قائمين على حماية السلطة، والتي ينبغي أن تكون في يد الشعب.
وباسم هذه السلطة يذبح عدو الإسلام الشعب الليبي بدم بارد، حيث يُوجه إليهم الطائرات المحملة بالصواريخ لتفتك بهم، اعتراضًا منه على جريمتهم بحد زعمه من أنهم قالوا في وجهه لا، ورفضوا الانصياع لمطالبه بأن يأتوا إليه صاغرين، يتحاور معهم، وكأنّه يقول لهم تحاور وأنتم أذلاء، وإلا فأنهار الماء أمامكم، وبراكين الغضب من خلفكم.
إلا أنّ الليبيين الشرفاء، أحفاد عمر المختار ما زالوا يسطرون حتى اللحظة أروع الملاحم في التضحية والاستبسال والفداء، يواجهون الرصاص بقلوبهم، وهى البطولات التي يسجلها الشعب الليبي المسلم في الزاوية ومصراتة وزنتان وغيرهم.
هذه الملايين التي انتفضت وحطمت صنم الكتاب الأخضر مُورس ضدها أشكال عدة من العذاب والظلم، وهى نفسها التي قامت بحراسة المصارف وتنظيم إدارة المدن والقرى؟! أليست هذه سلطة الشعب الحقيقية، وليس السلطة الزائفة التي تدعي النبوة، وأنّها ملكة ملوك الأرضيين؟!