ثانيا : إخراج سورتي الفلق والناس عن حريم القرآن
!


هذا نوعٌ آخر من التحريف وهو إنكار المسلّم الثابت ضرورة بإجماع المسلمين ، فبعض كبار الصحابة أنكر هذا الضروري وقال بنفي قرآنية المعوذتين ، بل ادعى نزولهما من السماء كعوذتين عوّذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بـهما الحسنين سيدي شباب أهل الجنة عليهما السلام ، وكان هذا الصحابي متجاهرا بذلك يجادل فيه أهل لا إله إلا الله الذي اجمعوا على خلافه ، بل ويحكّها من المصحف بدعوى أنـها ليست منه ! وهذا ما نصت عليه أصح الروايات عند أهل السنة وكذا ذكرته روايات الشيعة .


-
ص 438 -

*
من هو ابن مسعود ؟
عبد الله بن مسعود الصحابي غني عن التعريف ، ولنقتصر في الكلام عنه بما جاء في الإصابة لابن حجر : " عبد الله بن مسعود . أحد السابقين الأولين ، أسلم قديما وهاجر الهجرتين وشهد بدرا والمشاهد بعدها ولازم النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم وكان صاحب نعليه وحدث عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم بالكثير . وآخى النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم بينه وبين الزبير وبعد الهجرة بينه وبين سعد بن معاذ ، وقال له في أول الإسلام : إنك لغلام معلم .

وأخرج البغوي من طريق القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال قال عبد الله : لقد رأيتني سادس ستة وما على الأرض مسلم غيرنا . وبسند صحيح عن ابن عباس قال : آخى النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم بين أنس وابن مسعود . وقال أبو نعيم : كان سادس من أسلم وكان يقول : أخذت من في رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم سبعين سورة
.

أخرجه البخاري ، وهو أول من جهر بالقرآن بمكة ذكره ابن إسحاق عن يحيى بن عروة عن أبيه ، وقال النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم : من سره أن يقرا القرآن غضا كما نزل فليقرأ على قراءة بن أم عبد . وكان يلزم رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ويحمل نعليه ، وقال علقمة قال : لي أبو الدرداء أليس فيكم صاحب النعلين والسواك والوساد ، يعني عبد الله . وقال له رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : إنك على أن ترفع الحجاب وتسمع سوادي حتى أنـهاك . أخرجهما أصحاب الصحيح عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : تمسكوا بعهد ابن أم عبد
.

أخرجه الترمذي في أثناء حديث ، وأخرج الترمذي أيضا من طريق الأسود بن يزيد عن أبي موسى قال : قدمت أنا وأخي من اليمن ، وما نرى ابن مسعود إلا أنه رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم لما نرى من دخوله ودخول أمه على النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم . وعند البخاري في التاريخ بسند صحيح عن حريث بن ظهير جاء نعي عبد الله بن مسعود إلى أبي الدرداء فقال : ما ترك بعده مثله " ( 1
) .

وقد قتل على يد جلاوزة ابن عفان حينما أمر عثمان بحمله ورميه خارج المسجد فأخذ وحُمل ودُقّ بالأرض فتكسّرت أضلاعه ، ومن قبلها عزله عثمان عن عمله بعد أن كان خازنا


( 1 )
الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني ج4ص233ت4957 .