1101 - " أعلم الناس من يجمع علم الناس إلى علمه ، و كل صاحب علم غرثان " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/221 ) :
ضعيف .
رواه أبو يعلى في " مسنده " ( 120/2 ) و عنه الديلمي في " مسند الفردوس " (
1/1/121 ) عن مسعدة بن اليسع عن شبل بن عباد عن عمرو بن دينار عن جابر بن
عبد الله :
أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : أي الناس أعلم ؟ قال : من جمع
... " .
قلت : و هذا إسناد موضوع آفته مسعدة هذا ، قال الذهبي في " الميزان " :
" هالك ، كذبه أبو داود ، و قال أحمد بن حنبل : حرقنا حديثه منذ دهر " .
و قال ابن أبي حاتم ( 4/1/371 ) :
" سألت أبي عنه فقال : هو ذاهب منكر الحديث لا يشتغل به ، يكذب على جعفر بن
محمد " .
قلت : و هذا الحديث مما سود به السيوطي " جامعه الصغير " ، و تعقبه المناوي
بقول الهيثمي ( 1/162 ) :
" فيه مسعدة بن اليسع و هو ضعيف جدا " .
قلت : و عليه فقوله في " التيسير " :
" و إسناده ضعيف " .
يخالف ما نقله عن الهيثمي و أقره عليه كما يخالف حال راويه مسعدة .
نعم قد وجدت له متابعا قويا يمنع من الحكم على الحديث بالوضع و إن كان مرسلا ،
فقال الدارمي في " سننه " ( 1/86 ) : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم : نا يحيى بن أبي
بكير : نا شبل عن عمرو بن دينار عن طاووس قال : قيل : يا رسول الله ! أي الناس
أعلم ؟ الحديث .
قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال البخاري ،; و لكنه مرسل .
(3/100)
________________________________________
1102 - " إن المرأة إذا خرجت من بيتها و زوجها كاره لذلك لعنها كل ملك في السماء و كل شيء مرت عليه غير الجن و الإنس حتى ترجع " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/222 ) :
ضعيف جدا .
رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1/170/1 - 2 ) عن عيسى بن المساور : حدثنا سويد
ابن عبد العزيز عن محمد عن عمرو بن دينار عن ابن عمر مرفوعا و قال :
" لم يروه عن عمرو إلا محمد ، تفرد به سويد " .
قلت : و هو ضعيف جدا ، قال الذهبي في " الضعفاء " :
" قال أحمد : متروك الحديث " .
و قال في " الميزان " .
" هو واه جدا " .
و قال الهيثمي في " المجمع " :
" رواه الطبراني في " الأوسط " و فيه سويد بن عبد العزيز و هو متروك ، و قد
وثقه دحيم و غيره ، و بقية رجاله ثقات " .
قلت : و أشار المنذري في " الترغيب " ( 3/79 ) إلى أن الحديث حسن أو قريب من
الحسن ; فلا تغتر به .
(3/101)
________________________________________
1103 - " لهم ما لنا ، و عليهم ما علينا . يعني أهل الذمة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/222 ) :
باطل لا أصل له .
و قد اشتهر في هذه الأزمنة المتأخرة ، على ألسنة كثير من الخطباء و الدعاة
و المرشدين ، مغترين ببعض الكتب الفقهية ، مثل " الهداية " في المذهب الحنفي ،
فقد جاء فيه ، في آخر " البيوع " :
" و أهل الذمة في المبايعات كالمسلمين ، لقوله عليه السلام في ذلك الحديث ،
فأعلمهم أن لهم ما للمسلمين ، و عليهم ما عليهم " .
فقال الحافظ الزيلعي في " تخريجه " : نصب الراية " ( 4/55 ) :
" لم أعرف الحديث الذي أشار إليه المصنف ، و لم يتقدم في هذا المعنى إلا حديث
معاذ ، و هو في " كتاب الزكاة " ، و حديث بريدة و هو في " كتاب السير " ، و ليس
فيهما ذلك " .
و وافقه الحافظ في " الدراية " ( ص 289 ) .
قلت : فقد أشار الحافظان إلى أن الحديث لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، و أن صاحب " الهداية " قد وهم في زعمه ورود ذلك في الحديث . و هو يعني -
والله أعلم - حديث ابن عباس ; و هو الذي إليه الزيلعي :
" أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن فقال : إنك تأتي قوما أهل
كتاب ، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، و أني رسول الله ، فإن هم أطاعوك
، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم .. " الحديث . و هو متفق عليه .
فليس فيه - و لا في غيره - ما عزاه إليه صاحب " الهداية " .
بل قد جاء ما يدل على بطلان ذلك ، و هو قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث
الصحيح :
" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله .. فإذا فعلوا ذلك فقد
حرمت علينا دماؤهم و أموالهم إلا بحقها ، لهم ما للمسلمين ، و عليهم ما على
المسلمين " .
و إسناده صحيح على شرط الشيخين كما بينته في " الأحاديث الصحيحة " ( 299 ) .
فهذا نص صريح على أن الذين قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الجملة :
" لهم ما لنا ، و عليهم ما علينا " .
ليس هم أهل الذمة الباقين على دينهم ، و إنما هم الذين أسلموا منهم ، و من
غيرهم من المشركين !
و هذا هو المعروف عند السلف ، فقد حدث أبو البختري :
" أن جيشا من جيوش المسلمين - كان أميرهم سلمان الفارسي - حاصروا قصرا من قصور
فارس ، فقالوا : يا أبا عبد الله ألا تنهد إليهم ؟ قال : دعوني أدعهم كما سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ، فأتاهم سلمان ، فقال لهم : إنما أنا رجل
منكم فارسي ، ترون العرب يطيعونني ، فإن أسلمتم فلكم مثل الذي لنا ، و عليكم
مثل الذي علينا ، و إن أبيتم إلا دينكم ، تركناكم عليه ، و أعطونا الجزية عن يد
، و أنتم صاغرون .. " .
أخرجه الترمذي و قال : " حديث حسن " و أحمد ( 5/440 و 441 و 444 ) من طرق عن
عطاء بن السائب عنه .
و لقد كان هذا الحديث و نحوه من الأحاديث الموضوعة و الواهية سببا لتبني بعض
الفقهاء من المتقدمين ، و غير واحد من العلماء المعاصرين ، أحكاما مخالفة
للأحاديث الصحيحة ، فالمذهب الحنفي مثلا يرى أن دم المسلمين كدم الذميين ،
فيقتل المسلم بالذمي ، و ديته كديته مع ثبوت نقيض ذلك في السنة على ما بينته في
حديث سبق برقم ( 458 ) ، و ذكرت هناك من تبناه من العلماء المعاصرين !
و هذا الحديث الذي نحن في صدد الكلام عليه اليوم طالما سمعناه من كثير من
الخطباء و المرشدين يرددونه في خطبهم ، يتبجحون به ، و يزعمون أن الإسلام سوى
بين الذميين و المسلمين في الحقوق ، و هم لا يعلمون أنه حديث باطل لا أصل له عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فأحببت بيان ذلك ، حتى لا ينسب إلى النبي
صلى الله عليه وسلم ما لم يقل !
و نحوه ما روى أبو الجنوب قال : قال علي رضي الله عنه :
" من كانت له ذمتنا ، فدمه كدمنا ، و ديته كديتنا " .
أخرجه الشافعي ( 1429 ) و الدارقطني ( 350 ) و قال :
" و أبو الجنوب ضعيف " .
و أورده صاحب " الهداية " بلفظ :
" إنما بذلوا الجزية ، لتكون دماؤهم كدمائنا ، و أموالهم كأموالنا " .
و هو مما لا أصل له ، كما ذكرته في " إرواء الغليل " ( 1251 ) .
(3/102)
________________________________________
1104 - " من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه ، فليعد لها . يعني الصلاة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/225 ) :
منكر .
أخرجه أبو داود ( 944 ) و الطحاوي ( 1/263 ) و الدارقطني ( 195 - 196 ) و عنه
البيهقي ( 2/262 ) من طريق محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة بن الأخنس عن أبي
غطفان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
و قال أبو داود :
" هذا الحديث وهم " . و قال الدارقطني :
" قال لنا ابن أبي داود : أبو غطفان رجل مجهول ، و لعل الحديث من قول ابن إسحاق
، و الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يشير في الصلاة ، رواه أنس
و جابر و غيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الدارقطني : رواه ابن عمر
و عائشة أيضا " .
قلت : أبو غطفان قد وثقه ابن معين و النسائي و ابن حبان ، و روى عنه جماعة من
الثقات ، و لم يقل فيه مجهول غير ابن أبي داود ، فهو ثقة كما قال الحافظ في "
التقريب " .
و إنما علة الحديث ابن إسحاق و هو مدلس و قد عنعنه .
و من الغرائب قول الزيلعي في " نصب الراية " ( 2/90 ) :
" حديث جيد " !
مع أنه حكى عن ابن الجوزي أنه أعله في " التحقيق " بهذه العلة ، و التي قبلها
ثم ذكر أنه :
" تعقبه صاحب " التنقيح " في الأولى ، دون الأخرى . و أن الإمام أحمد سئل عن
الحديث ، فقال : لا يثبت إسناده ، ليس بشيء " .
و سلم بذلك الزيلعي و لم يتعقبه بشيء ، و لا مجال لذلك .
و هو قد استدل به لما جاء في " الهداية " على المذهب الحنفي :
" و لا يرد السلام بلسانه ، و لا بيده لأنه كلام معنى ، حتى لو صافح بنية
التسليم تبطل صلاته " .
و هذا مع أنه لا دليل عليه سوى هذا الحديث ، و قد تبين ضعفه ، فإنه مخالف
للأحاديث الصحيحة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يشير في الصلاة ،
و لذلك فهو حديث منكر ، و في كلام ابن أبي داود السابق إشارة إلى ذلك . و لهذا
قال عبد الحق الإشبيلي في " أحكامه " عقبه ( رقم 1370 ) :
" و الصحيح إباحة الإشارة على ما ذكر مسلم و غيره " .
يعني من حديث جابر في رد السلام إشارة ، و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 859
) و حديث أنس المشار إليه آنفا هو فيه برقم ( 871 ) .
و لا يدل لهذا المذهب حديث أبي داود مرفوعا :
" لا غرار في صلاة و لا تسليم " .
لما ذكرته في تخريجه في " الأحاديث الصحيحة " ( رقم 311 ) ، و قد ذكرت فيه حديث
ابن عمر في إشارته صلى الله عليه وسلم في الصلاة ، فراجعه إن شئت .
و أما مصافحة المصلي ، فهي و إن لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما علمت
، فلا دليل على بطلان الصلاة ، لأنها عمل قليل ، لا سيما و قد فعلها عبد الله
ابن عباس رضي الله عنه ، فقال عطاء بن أبي رباح :
" أن رجلا سلم على ابن عباس ، و هو في الصلاة ، فأخذ بيده ، و صافحه و غمز يده
" .
أخرجه ابن أبي شيبة ( 1/193/2 ) و البيهقي في " سننه " ( 2/259 ) بإسنادين عن
عطاء أحدهما صحيح ، و الآخر رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أن فيه عنعنة
حبيب بن أبي ثابت .
و ليس كل عمل في الصلاة يبطلها ، فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت :
" جئت و رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في البيت ، و الباب عليه مغلق ،
فمشى [ عن يمينه أو يساره ] حتى فتح لي ثم رجع إلى مقامه ، و وصفت الباب في
القبلة " .
أخرجه أصحاب السنن و حسنه الترمذي و صححه ابن حبان و عبد الحق في " الأحكام " (
رقم 1374 ) و إسناده حسن كما بينته في " صحيح أبي داود " ( 885 ) .
(3/103)
________________________________________
1105 - " إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل ، كان الرجل يلقى الرجل فيقول : يا هذا اتق الله و دع ما تصنع فإنه لا يحل لك ، ثم يلقاه من الغد ، فلا يمنعه أن يكون
أكيله و شريبه و قعيده ، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ، ثم قال :
*( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود و عيسى ابن مريم )* إلى قوله
: *( فاسقون )* ، ثم قال : كلا والله لتأمرن بالمعروف و لتنهون عن المنكر
و لتأخذن عن المنكر و لتأخذن على يدي الظالم ، و لتأطرنه على الحق أطرا ،
و لتقصرنه على الحق قصرا " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/227 ) :
ضعيف .
أخرجه أبو داود ( 4336 ) و الترمذي ( 2/175 ) و ابن ماجه ( 4006 ) و الطحاوي في
" المشكل " ( 2/61 - 62 ) و ابن جرير في " التفسير " ( 6/305 ) و أحمد في "
المسند " ( 1/391 ) من طرق عن علي بن بذيمة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن
مسعود به .
و خالف المؤمل بن إسماعيل فقال : حدثنا سفيان قال : حدثنا علي بن بذيمة عن أبي
عبيدة - أظنه عن مسروق - عن عبد الله به نحوه .
أخرجه ابن جرير .
و المؤمل هذا ضعيف لسوء حفظه .
و خالفه عبد الرحمن بن مهدي فقال : حدثنا سفيان عن علي بن بذيمة عن أبي عبيدة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره هكذا مرسلا . و هو أصح .
أخرجه الترمذي ( 2/175 - 176 ) و ابن جرير و ابن ماجه .
و تابعه سالم الأفطس عن أبي عبيدة عن ابن مسعود به و زاد في آخره :
" أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ، ثم ليلعننكم كما لعنهم " .
أخرجه أبو داود ( 4337 ) و ابن أبي الدنيا في " الأمر بالمعروف " ( ق 53/1 )
و عبد الغني المقدسي فيه ( 85/2 ) و الخطيب في " تاريخه " ( 8/299 ) و البغوي
في " تفسيره " ( 3/206 - 207 ) من طرق عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن
سالم به .
و سالم هذا هو ابن عجلان الأفطس و هو ثقة من رجال البخاري .
و رواه عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن العلاء بن المسيب عن عبد الله بن عمرو
ابن مرة عن سالم الأفطس به .
أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 3/1248 ) و ابن جرير و كذا ابن أبي حاتم كما في
" تفسير ابن كثير " و ابن أبي الدنيا ( 54/1 - 2 ) و قال أبو داود بعد أن ذكره
معلقا :
" و رواه خالد الطحان عن العلاء عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة " .
قلت : كأنه يشير إلى أن قول المحاربي : " عبد الله بن عمرو بن مرة " وهم . و هو
الظاهر لمخالفته لرواية الجماعة عن العلاء . و المحاربي لا بأس به ، و كان يدلس
كما قال أحمد ، و قد عنعنه ، فلعل الوهم ممن دلسه .
و رواية الطحان التي علقها أبو داود هي التي وصلها البغوي كما سبقت الإشارة إلى
ذلك ، أخرجها من طريق أبي يعلى : أنا وهب بن بقية : أنا خالد - يعني ابن
عبد الله الواسطي - عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن
عبد الله بن مسعود . و قد أخرجها أبو يعلى في " مسنده " ( 3/1262 ) بهذا
الإسناد .
و قد خولف وهب بن بقية في هذا الإسناد ، فقال أبو جعفر الطحاوي : حدثنا محمد بن
إبراهيم بن يحيى بن جناد البغدادي : حدثنا عمرو بن عون الواسطي : حدثنا خالد بن
عبد الله الواسطي عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن أبي موسى قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره بنحوه .
قلت : هكذا في الأصل " عمرو بن مرة عن أبي موسى " . لم يذكر بينهما أبا عبيدة ،
فلا أدري أسقط من الأصل ، أم الرواية هكذا وقعت للطحاوي ؟ ! و غالب الظن الأول
، لأمور :
1 - أن عمرو بن مرة لم يسمع من أبي موسى بل لم يذكروا له رواية عنه ، و كان لا
يدلس ، فينبغي أن يكون بينهما راو ، و ليس هو إلا أبو عبيدة .
2 - أن ابن كثير قال : قال شيخنا الحافظ المزي : " و قد رواه خالد بن عبد الله
الواسطي عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن أبي موسى " .
قلت : و الظاهر أنه يشير إلى هذه الرواية .
3 - أنهم ذكروا لأبي عبيدة رواية عن أبي موسى .
4 - أن الهيثمي أورده في " المجمع " ( 7/269 ) من حديث أبي موسى ثم قال :
" رواه الطبراني ، و رجاله رجال الصحيح " .
و غالب الظن أنه عند الطبراني من هذا الوجه الذي ذكره المزي ، فإذا كان كذلك ،
و فرضنا أنه كانت الرواية عنده عن عمرو بن مرة عن أبي موسى ، لنبه الهيثمي على
انقطاعها ، و إن كان يفوته كثير التنبيه على مثله . والله أعلم .
ثم إن إسناد الطحاوي المتقدم رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين غير شيخ الطحاوي
محمد بن إبراهيم بن يحيى بن جناد البغدادي و هو ثقة مأمون كما روى الخطيب في
ترجمته ( 1/392 ) عن عبد الرحمن بن يوسف بن خراش . مات سنة ست و سبعين و مائتين
<1> .
و على هذا فينبغي أن يكون هذا الإسناد صحيحا ، لاتصاله ، وثقه رجاله ، لولا أنه
قد اختلف في إسناده على العلاء بن المسيب ، فرواه عمرو بن عون الواسطي عن خالد
ابن عبد الله عنه هكذا .
و خالفه وهب بن بقية فرواه عن خالد عن العلاء عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن
عبد الله بن مسعود .
و هذه الرواية أولى بالأخذ بها و الاعتماد عليها ، لأن وهب بن بقية ثقة أيضا من
رجال مسلم ، و روايته موافقة لرواية أبي داود المتقدمة عن العلاء ، و هي من
رواية أبي شهاب الحناط و اسمه عبد ربه بن نافع الكتاني من رجال الشيخين .
و من المحتمل أن يكون هذا الاختلاف على العلاء بن المسيب ليس من الرواة عنه ،
بل منه نفسه ، لأنه مع كونه ثقة ، فقد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه ، حتى قال
الحافظ في " التقريب " :
" ثقة ربما وهم " .
قلت : فمن الممكن أن يكون وهم في قوله في هذا الإسناد : عن عمرو بن مرة [ عن
أبي عبيدة ] عن أبي موسى ، و إذا كان قد صح عنه على الوجه الآخر " عن عمرو عن
أبي عبيدة عن ابن مسعود " . فالقلب يطمئن لهذه الرواية دون تلك لموافقتها
لرواية علي بن بذيمة و سالم الأفطس عن أبي عبيدة عن ابن مسعود .
و على ذلك ، فإسناد الطحاوي و كذا الطبراني عن أبي موسى يكون شاذا ، فلا يكون
صحيحا ، و هذا إذا سلم من الانقطاع بين عمرو بن مرة و أبي موسى على ما سبق
بيانه .
و إذا تبين هذا فالمحفوظ في هذا الحديث أنه من رواية أبي عبيدة عن ابن مسعود
فهو على هذا إسناد ضعيف منقطع . قال المنذري في " الترغيب " ( 4/170 ) :
" أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه ، و قيل : سمع " .
قلت : و الصواب الأول ، فقد قال شعبة عن عمرو بن مرة : سألت أبا عبيدة : هل
تذكر من عبد الله شيئا ؟ قال : لا . و قال الترمذي : لا يعرف اسمه ، و لم يسمع
من أبيه شيئا . و كذلك قال ابن حبان : إنه لم يسمع من أبيه شيئا . و بهذا جزم
الحافظ المزي في " تهذيب التهذيب " ، و تبعه الحافظ في " تهذيبه " .
قلت : فقول الترمذي عقب الحديث :
" حديث حسن غريب " .
مما يتعارض مع الانقطاع الذي اعترف به هو نفسه . و ذلك من تساهله الذي عرف به .
و جملة القول أن الحديث مداره على أبي عبيدة ، و قد اضطرب الرواة عليه في
إسناده على أربعة وجوه :
الأول : عنه عن أبيه عبد الله بن مسعود .
الثاني : عنه عن مسروق عن ابن مسعود .
الثالث : عنه مرسلا .
الرابع : عنه عن أبي موسى .
و لقد تبين من تحقيقنا السابق أن الصواب من ذلك الوجه الأول ، و أنه منقطع فهو
علة الحديث . و به جزم المحقق أحمد شاكر في تعليقه على " المسند " رقم ( 3713 )
. وبالله التوفيق .
و كان الحامل على كتابة هذا البحث أن بعض الكتاب ادعى في مجلة " الوعي الإسلامي
" العدد الأول من السنة الثانية ( ص 96 ) أن الحديث مما صح عن الرسول صلوات
الله و سلامه عليه . فأحببت أن أتيقن من خطئه فيما قال ، فكان من ذلك هذا
المقال . و كتبت إلى المجلة بخلاصة نافعة منه في أشياء أخرى بتاريخ لا يحضرني
منه إلا السنة 1386 هـ ، و لكنها لم تنشر . و لله في خلقه شؤون .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] قلت : و لم يعرفه العيني في كتابه " مغاني الأخيار " كما في تلخيصه " كشف
الأستار " ، و ليس هو محمد بن إبراهيم المروزي المترجم في " الميزان "
و المتكلم فيه كما توهم المعلق على " الكشف " بل هو آخر ، و ترجمته عند الخطيب
أيضا عقب هذا . اهـ .
1
(3/104)
________________________________________
1106 - " بعث الله جبريل إلى آدم و حواء فقال لهما : ابنيا لي بيتا ، خط لهما جبريل ،
فجعل آدم يحفر و حواء تنقل حتى أجابه الماء ، ثم نودي من تحته : حسبك يا آدم !
فلما بنياه أوحى الله إليه أن يطوف به ، و قيل له : أنت أول الناس ، و هذا أول
بيت ، ثم تناسخت القرون حتى حجه نوح ، ثم تناسخت القرون حتى رفع إبراهيم
القواعد منه " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/231 ) :
منكر .
أخرجه البيهقي في " دلائل النبوة " ( 1/320 ) و عنه ابن عساكر في " تاريخ دمشق
" ( 2/321 ) من طريق يحيى بن عثمان بن صالح قال : حدثنا أبو صالح الجهني قال :
حدثنا ابن لهيعة عن يزيد عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال البيهقي :
" تفرد به ابن لهيعة مرفوعا " .
قال الحافظ ابن كثير في " السيرة " ( 1/272 ) :
" قلت : و هو ضعيف ، و وقفه على عبد الله بن عمرو أقوى و أثبت " .
قلت : هذا يوهم أنه روي عنه موقوفا بإسناد أقوى ، مع أنه لم يخرجه هو و لا
البيهقي موقوفا ، فالظاهر أنه يعني أن الوقف به أشبه ، والله أعلم .
ثم إن فيه علتين أخريين :
الأولى : أبو صالح الجهني هو عبد الله بن صالح المصري كاتب الليث ، قال الحافظ
:
" صدوق كثير الغلط ، ثبت في كتابه ، و كانت فيه غفلة " .
قلت : فيحتمل أن الغلط منه ، فتعصيبه بابن لهيعة ليس بلازم .
الأخرى : يحيى بن عثمان ، قال الحافظ :
" صدوق رمي بالتشيع ، و لينه بعضهم لكونه حدث من غير أصله " .
(3/105)
________________________________________
1107 - " كان يرمي الجمرة في هذا المكان ، و يقول كلما رمي بحصاة : الله أكبر ، الله أكبر ، اللهم اجعله حجا مبرورا ، و ذنبا مغفورا ، و عملا مشكورا " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/232 ) :
ضعيف .
أخرجه البيهقي في " سننه " ( 5/129 ) و الخطيب في " تلخيص المتشابه " ( 11/2 )
عن عبد الله بن حكيم المزني : حدثني أبو أسامة قال :
" رأيت سالم بن عبد الله بن عمر استبطن الوادي ، ثم رمى الجمرة بسبع حصيات يكبر
مع كل حصاة : الله أكبر ، الله أكبر .. فسألته عما صنع فقال : حدثني أبي أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان يرمي الجمرة ... " الحديث . و قال البيهقي :
" عبد الله بن حكيم ضعيف " .
قلت : بل هو شر من ذلك ، و هو أبو بكر الداهري البصري ، قال أحمد و غيره :
" ليس بشيء " .
و قال الجوزجاني :
" كذاب " .
و قال أبو نعيم الأصبهاني :
" روى عن إسماعيل بن أبي خالد و الأعمش الموضوعات " .
و قال العقيلي :
" يحدث بالبواطيل عن الثقات " .
و قد روي بإسناد آخر ، و لكنه ضعيف . يرويه ليث بن أبي سليم عن محمد بن
عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله بن مسعود و نحوه ، ثم قال :
" هكذا رأيت الذي أنزلت عليه سورة البقرة صنع " .
و ليث ضعيف ، و كان اختلط ، و شيخه محمد بن عبد الرحمن ثقة ، فالآفة من الليث .
و مما يضعف حديثه أن الحديث في " الصحيحين " و غيرهما من طريق أخرى عن
عبد الرحمن بن يزيد دون قوله : " الله أكبر ، اللهم اجعله حجا .. إلخ " . و هو
في مختصري لـ " صحيح البخاري " برقم ( 850 ) يسر الله تمام طبعه ، بمنه و كرمه
، و قد خرجته في " إرواء الغليل " ( 1724 ) ، و قد جاء التكبير وحده في حديث
آخر مخرج من حديث ابن عمر في " الصحيحين " و غيرهما ، و هو في " مختصر البخاري
" برقم ( 851 ) و من حديث أم سليمان بن عمرو بن الأحوص و هو مخرج في " صحيح أبي
داود " ( 1715 ) الأمر الذي يؤكد نكارة هذه الزيادة .
(3/106)
________________________________________
1108 - " تخرج الدابة ، و معها عصى موسى عليه السلام ، و خاتم سليمان عليه السلام ، فتخطم الكافر بالخاتم ، و تجلو وجه المؤمن بالعصا ، حتى إن أهل الخوان ليجتمعون على خوان ، فيقول هذا : يا مؤمن ، و يقول هذا : يا كافر " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/233 ) :
منكر .
أخرجه الطيالسي ( ص 334 ) و أحمد ( 2/295 و 491 ) و الترمذي ( 12/63 - بشرح ابن
العربي ) و ابن ماجه ( 2/1351/4066 ) و الثعلبي في " تفسيره " ( ق 24/1 ) كلهم
من طريق عن علي بن زيد عن أوس بن خالد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : فذكره . و قال الترمذي :
" حديث حسن " .
قلت : كذا قال و فيه علتان :
الأولى : أوس بن خالد ، ذكره البخاري في " الضعفاء " . و قال ابن القطان :
" له عن أبي هريرة ثلاثة أحاديث منكرة ، و ليس له كبير شيء " .
كذا في " الميزان " .
و في " التقريب " :
" مجهول " .
الأخرى : علي بن زيد و هو ابن جدعان ، ضعيف .
(3/107)
________________________________________
1109 - " تخرج الدابة [ من ] أجياد ، فيبلغ صدرها الركن اليماني و لما يخرج ذنبها بعد ، و هي دابة ذات وبر و قوائم " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/234 ) :
ضعيف .
أخرجه الواحدي في " الوسيط " ( 3/179/1 ) و الحافظ الذهبي في " الميزان " من
طريق فرقد بن الحجاج القرشي قال : سمعت عقبة بن أبي الحسناء اليماني قال : سمعت
أبا هريرة يقول : فذكره مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، فإن فرقدا في عداد مجهولي الحال ، و شيخه عقبة مجهول
العين ، و في ترجمته ساق الذهبي الحديث ، و قال فيه :
" مجهول ، رواه الكناني عن أبي حاتم الرازي . ثم قال أبو حاتم : روى عنه فرقد
ابن الحجاج مجهول . و كذا قال ابن المديني : عقبة مجهول .. قلت : أما فرقد ،
فقد حدث عنه ثلاث ثقات ، و ما علمت فيه قدحا " .
قلت : و قد ترجم الاثنين ابن أبي حاتم ( 3/1/309/1724 و 3/2/82/465 ) و قال في
كل منهما عن أبيه :
" شيخ " .
و أما ابن حبان فأوردهما في " الثقات " ( 2/242 و 2/165 ) و قال في الأول منهما
فرقد :
" يخطىء " .
(3/108)
________________________________________
1110 - " عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله ( ثلاث مرات ) ، ثم قرأ : *( فاجتنبوا الرجس من الأوثان ، و اجتنبواقول الزور حنفاء لله غير مشركين به )* " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/235 ) :
ضعيف .
أخرجه أبو داود ( 3599 ) و الترمذي ( 2/49 ) و ابن ماجه ( 2372 ) و أحمد (
4/321 ) من طريق محمد بن عبيد : حدثني سفيان - و هو ابن زياد العصفري - عن أبيه
عن حبيب بن النعمان الأسدي عن خريم بن فاتك قال :
" صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ، فلما انصرف قام قائما فقال :
... " فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف فيه علتان : الجهالة ، و الاضطراب في سنده .
أما الجهالة ، فمن قبل حبيب بن النعمان . قال ابن القطان :
" لا يعرف " .
و مثله الراوي عنه ابن زياد العصفري . قال ابن القطان :
" مجهول " .
و قال الذهبي :
" لا يدرى من هو ؟ عن مثله ! " يعني حبيبا .
و أما الاضطراب ، فإن محمد بن عبيد رواه كما ذكرنا ، و خالفه مروان بن معاوية
الفزاري فقال : عن سفيان بن زياد عن فاتك بن فضالة عن أيمن بن خريم " أن النبي
صلى الله عليه وسلم قام خطيبا ... " الحديث .
أخرجه أحمد ( 4/178 و 232 و 322 ) و الترمذي ( 2/48 ) و قال :
" هذا حديث غريب ، إنما نعرفه من حديث سفيان بن زياد ، و اختلفوا عليه في رواية
هذا الحديث ، و لا نعرف لأيمن بن خريم سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم " .
ثم ساقه من الطريق الأولى ، ثم قال :
" هذا عندي أصح ، و خريم بن فاتك له صحبة " .
قلت : لكن الراوي عنه مجهول ، و كذا الذي بعده كما عرفت ، فالحديث ضعيف ، و قد
أشار إلى ذلك الترمذي بقوله : " حديث غريب " .
( تنبيه ) : قد عرفت مما تقدم أن حبيب بن النعمان و الراوي عنه زياد العصفري
هما من رجال أصحاب السنن حاشا النسائي ، و مع ذلك فالأول منهما رمز له الحافظ
في كتابيه " التهذيب " و " التقريب " ثم الخزرجي في " الخلاصة " بـ ( دق )
ففاتهم الرمز له بـ ( ت ) أيضا . و الآخر رمزوا به بـ ( س ) أي النسائي ،
ففاتهم الرمز له بالثلاثة ( د ق ت ) ، ثم لا أدري إذا كان الرمز المذكور ( س )
أرادوا به سننه الكبرى أم الصغرى . و الراجح الأول . والله أعلم .
ثم إن محمد بن عبيد الذي رجح روايته الترمذي هو الطنافسي الأحدب ثقة حافظ احتج
به الشيخان ، و مثله المخالف له مروان بن معاوية ، و ليس فيه علة سوى أنه كان
يدلس أسماء الشيوخ ، و شيخه في إسناده فاتك بن فضالة مجهول أيضا !
(3/109)
**************************************
يتبع ان شاء الله ....
المفضلات