بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله ثم اما بعد

الاستاذ عابر اهلا بك ضيفا كريما

انت تتحدث عن الرق وكانه امر قد استحدثه الاسلام

وهذا يستلزم دراسة شاملة للرق قبل وبعد الاسلام

كما يستلزم عمل مقارنة بين الرق في الاسلام والرق في اليهودية والمسيحية



وللنظر بالتدريج لنري

معنى الرق ونشأته:

الرق في اللغة: العبودية، وسمى العبيد رقيقا، لأنهم يرقون لمالكهم، ويذلون ويخضعون، والرقيق هو المملوك.
وقيل: الرق في اللغة: الضعف ومنه رقة القلب وهو نظام اجتماعي معروف بين الشعوب القديمة، واستمر قائما حتى أخريات القرن التاسع عشر، وكان يعتبر بين تلك الشعوب نظاما مشروعا تحميه قوانين الدولة . وعرف أيضا بأنه حرمان الشخص من حريته الطبيعية، وصيرورته ملكا لغيره ، وهذا ما كان مصطلحا عليه عند الأمم القديمة.
ولقد عرف الرق من قديم، وكانت الحرب بادئ الأمر عاملا على نشأة الرق. وذلك أن القوي حينما كان يظهر بالضعيف يقتله، ولا يقبل بغير القتل بديلا، وكان الناس في ذلك الوقت يعملون لأنفسهم فكان الرجال يقومون بالصيد والحروب وكان النساء والأبناء يقومون بغير ذلك من الأعمال.

وحينما اتجه الإنسان إلى الزراعة، كان في حاجة إلى العناية بالأرض عناية تتكرر كل يوم، وإلى تنظيم العمل، كما أنه كان مع حاجة إلى من يساعده، وهذه المساعدة كانت تعتمد في النهاية على القوة والإرغام، وحدوث التعاون بين الناس، انتهى إلى استخدام الضعفاء بواسطة الأقوياء ثم فكر القوى الظافر في القتال أن الأسير الذي يقتله يمكن أن يبقيه حيا. فيستخدمه في زراعة الأرض. وبهذا قلت المجاور وقل أكل الناس لحوم بعضهم بعضا. وحين أمتنع الإنسان المنتصر عن قتل المغلوب اعتبر هذا تقدما عظيما للإنسان من حيث الأخلاق، حين أقلع عن قتل زميله أو أكله واكتفى من أعدائه باسترقاقهم، وإعمالهم في الأرض وفي الزراعة ثم انتقل استرقاق الغير من الزراعة إلى الصناعة، حتى إذا زادت الثروة، ومال الأغنياء إلى الدعة والراحة، واستغلال الآخرين في ذلك جعل الناس ينظرون إليه كأنه نظام فطري لا غنى عنه.
وكانت الجماعات البدائية لا ترى فارقا بين الحر والعبد، ولا تجد رقا ولا طبقات، ولا تدرك من الفوارق بين الرئيس وتابعيه إلا قدرا ضئيلا وبالتدريج، أخذ تقسيم العمل. وما يقتضيه الاختلاف بين الناس، يستبدل شيئا فشيئا المساواة بقليل من التحكم الذي زاد على مرور الأيام، ثم لما ازدادت الآلات والصناعات تعقدا، عمل ذلك على إخضاع الضعيف لمشيئة القوى، وكلما ظهر سلاح جديد في أيدي الأقوياء زاد من سلطانهم على الضعفاء واستغلالهم إياهم.
ثم عمل نظام التوريث على اتساع الهوة بأن أضاف إلى الامتياز في الفرص السانحة امتيازا في الأملاك.
وقسمت المجتمعات التي كانت يوما متجانسة إلى عدد لا يحصى من طبقات وأوساط، وأحس الأغنياء والفقراء بغناهم أو فقرهم إحساسا يؤدى إلى التشاحن، وأخذت حرب الطبقات تسرب خلال التاريخ حتى انتهت إلى وجود طبقة من الناس تُستخدم وكأنها آلة تتحرك بغير إرادتها يحركها الغير، وكأنها دمية توجه حسب ما يريد لها سيدها.
ولم يستطع الفلاسفة القدامى أن يغيروا شيئا من الواقع، وإنما زادوه تثبيتا، وكأنما هذا الصنف من الناس إنما خلق بغير إرادة ولا حول ولا قوة، فأفلاطون يقضي في جمهوريته الفاضلة بحرمان الرقيق حق المواطنة وإجبارهم على الطاعة والخضوع للأحرار من ساداتهم أومن السادة الغرباء، ومن تطاول منهم على سيد غريب أسلمته الدولة إليه ليقتصَّ منه كما يريد.
ومذهب أرسطو في الرق أن فريقا من الناس مخلوقين للعبودية؛ لأنهم يعملون عمل الآلات التي يتصرف فيها الأحرار ذوو الفكر والمشيئة، فهم آلات حية تُلحق في عملها بالآلات الجامدة. ويحمد من السادة الذين يستخدمون تلك الآلات الحية أن يتوسموا فيها القدرة على الاستقلال والتمييز فيشجعوها ويرتقوا بها من منزلة الأداة المسخرة إلى منزلة الكائن العاقل الرشيد

يتبع ان شاء الله