فتنة العجل
05/06/2011
علي حسن عبد الرازق
سألني صديق لي.. ما بال الكثيرين ينساقون خلف الإعلام ويهاجمون الإخوان ويتصيدون لهم الهفوات والزلات؛ برغم أنه لم تنقضي على الثورة إلا أيام معدودات، والتي شهد فيها القاصي والداني بتضحيات الإخوان ودورهم في نجاحها، وكان الشعب كله والإخوان منه على قلب رجل واحد، بل وتجد البعض ممن أشاد بهم وبدورهم يحذر الناس منهم ومن مشروعهم الإصلاحي.

فأصبحت الاتهامات للإخوان جاهزة ومعلبة، فهم مَن يضيعون دماء الشهداء، وهم من لا يبحثون سوى عن مصالحهم وفقط، وهم من يعقدون التحالفات سرًّا للالتفاف على رغبة الشعب في التغيير وغيرها من التهم المعلبة.

عدت للقرآن لعلي أجد إجابة!! وتأملت قول الله عزَّ وجلَّ في سورة الأعراف: (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139) قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (140) وَإِذْ أَنجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (141)) (الأعراف).

فرأيت أن بني إسرائيل بعد نجاتهم ورؤيتهم لآيات الله الباهرات والمعجزات التي أيدهم بها أرادوا العودة سريعًا للوثنية التي عاشوا في كنفها سنين طويلة (وتأمل فاء التعقيب الدالة على السرعة في قوله فأتوا) بل وعبدوا العجل من دون الله بعد أيام قلائل من معايشتهم لتلك الأحداث العظيمة، وذلك بعدما ذهب سيدنا موسى للقاء ربه.

وساعدهم في ذلك السامري الذي زين لهم العجل وأوهمهم أن فيه الروح، وأن به من نفحة الله حتى انطلى الأمر عليهم عندما سمعوا خوار العجل عند مرور الهواء به.

كما جاء في سورة طه (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88))

فقد أثرت طول المدة التي عاشوها في ذل وهوان عليهم؛ فنسوا الله الذي نجاهم وأيدهم بالمعجزات وتذكروا عبادة الأصنام بمجرد رؤيتهم لقوم يعبدون الأصنام؟ وكأنهم قد جبلوا على هذا لطول المدة، فلم تفلح الآيات البينات في تغيير نفوسهم بعد !!.

فعلمت أن استجابة البعض السريعة لكلام الإعلام وهجومه على الإخوان وكل ما هو إسلامي يتم بفعل تأثرهم بما عاشوا فيه وتربوا عليه في كنف النظام السابق الذي ألصق كل التهم بأصحاب الفكرة الإسلامية، والتي كان نصيب الإخوان منها وفيرًا.

وأدركت وقتها أن التخلص من ميراث كبير وتركة ثقيلة من الهجوم على الإخوان وغيرهم من أصحاب الفكر الإسلامي سيحتاج وقتًا طويلاً ومجهودًا عظيمًا من أصحاب الفكرة الإسلامية لإقناع الناس بها، ودفعهم إلى المطالبة بها كحل لجميع مشاكلنا.

وإن كان يشق على نفسي وعلى نفوس بعض الإخوة ما يجدونه من هجوم إلا أنني قد وجدت سلوتي في قول الله عزَّ وجلَّ في سورة المائدة: (مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (99)) (المائدة).

فيا أصحاب الدعوة الإسلامية شبابها وشيبها رجالها ونساءها ما عليكم إلا البلاغ، بلغوا دعوة ربكم في كل ميدان وارفعوا رايتها داخل كل مضمار ولا يفتننكم قول البعض هذا دين وهذه سياسة، فنحن نتعبد إلى الله بكل عمل تستقيم به حياتنا وتنهض به أمتنا.

ويا أهلنا وأحباءنا في ربوع مصر الغالية أنقل إليكم هذه الكلمات الصادقة من الإمام الشهيد- بإذن الله تعالى- حسن البنا في رسالة دعوتنا:

"ونحب أن يعلم قومنا أنهم أحب إلينا من أنفسنا، وأنه حبيب إلى هذه النفوس أن تذهب فداءً لعزتهم إن كان فيها الفداء، وأن تزهق ثمنًا لمجدهم وكرامتهم ودينهم وآمالهم إن كان فيها الفداء، وما أوقفنا هذا الموقف منهم إلا هذه العاطفة التي استبدت بقلوبنا، وملكت علينا مشاعرنا، فأقضت مضاجعنا، وأسالت مدامعنا. وإنه لعزيز علينا جد عزيز أن نرى ما يحيط بقومنا ثم نستسلم للذل أو نرضى بالهوان أو نستكين لليأس، فنحن نعمل للناس في سبيل الله أكثر مما نعمل لأنفسنا، فنحن لكم لا لغيركم أيها الأحباب ولن نكون عليكم يومًا من الأيام".
والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل
-----------------------
* معيد بهندسة أسيوط- قسم ميكا###ا

tjkmhgu[g