النار واللاهوت في الفكر المسيحي !!

كل ما سبق يوضح لنا أهمية النار في الكتاب المقدس وتقديسها بل وعبادتها بل وصل الأمر إلى تسمية المذابح بأسماء إلهية !! وليس فقط في العهد القديم بل العهد الجديد بل وإلى كتابات الآباء بل والقساوسة المعاصرين ..

في بداية قرأتي في هذا الموضوع أستغربت كثيراً لأني لم أقرأ نصوصاً تحرم النار , من الممكن وجود بعض النصوص لكني لم أجدها ..

الإله في المسيحية نار ! وغضبه نار ورؤيته كنار ويظهر من وسط النار وعيناه نار وعندما ينزل الإله للأرض كان يملأها دخان وعندما أراد أنبياء الكتاب المقدس التقرب لله ذهبوا إلى النار !! وحتى أن القساوسة في كتاباتهم يعتبرون أن النار التي ظهرت في العليقة هي اللاهوت !! ولننظر الآن ما قالوه ..

· يقول القديس كيرلس عمود الدين [13]:

( إن " إلهنا نار آكلة " ومن جهة أخرى " الإنسان كالعشب وأيامه تفني كزهر الحقل " فكما أن العوسج بطبعه لا يتحمل النار هكذا الناسوت بطبعه لا يحتمل اللاهوت , وأما في المسيح فقد حّل كل ملء اللاهوت جسدياً بحسب قول الحكيم بولس والساكن في النور الذي لا يدني منه أتى وحل في هيكل جسده المأخوذ من العذراء .. لذلك فالنار التي رآها موسى ما كانت تحرق العوسج , بل كانت تتلاطف وتتآلف مع طبيعة الخشب الضعيفة , وهكذا اللاهوت كان يتآلف مع الناسوت ...)

· ويقول أيضاً القديس كيرلس عمود الدين :

( كما أنه ليس مستحيلاً على الله الذي يحب الإنسان أن يجعل الناسوت قادراً على أن يتحمل خصائص اللاهوت وقد سبق الله وأشار إلى هذا بشكل واضح عندما قدم هذا السر لموسى وأعطاه مثلاً على التجسد , وعندما جاء في شكل نار مشتعلة في العليقة دون أن تحترق مما جعل موسى يندهش من المنظر وكيف لم تحترق العليقة التي لا تنتمي إلى طبيعة النار وكيف إحتملت أغصان العليقة ألسنة اللهب ؟! ...)

· يقول القدِّيس غريغوريوس أسقف نيصص [14]:

(نور اللاهوت الذي أشرق منها نحو الحياة البشرية خلال ميلادها (ليسوع المسيح) لم يحرق العُلِّيقة المُتَّقدة، وذلك كما أن زهرة البتولية فيها لم تذبل بإنجابها الطفل )

· يقول القدِّيس أمبروسيوس[15]:

(لماذا نيأس، إن الله يتحدث في البشر، هذا الذي تكلم في العُلِّيقة المملوءة أشواكًا ؟! إنه لم يحتقر العُلِّيقة! إنه يضيئ في أشواكي )

· يقول القديس يوستينوس معلقاً على قصة العلقة [16]:

( وأيضاً اسمح لي أن أريك من سفر الخروج كيف خرج أن هذا الواحد بعينه الذي هو ملاك وإله , ورب وإنسان معاً, والذي ظهر لإبراهيم وإسحاق في هيئة بشرية, وظهر في لهيب نار من العليقة وتحادث مع موسى .. إن الله ذاته , الذي يتكلم عنه موسي كملاك تحدث إليه في لهيب نار ..)

· يقول القس أنطونيوس فكري أيضاً [17]:

( وبحسب الفكر اليهودي فكل ما ينزل من السماء فهو ملاك لأنه مرسل , وما يثبت أنه الأقنوم الثاني وليس ملاكاً عادياً (آية6) " قوله أنا إله أبيك .. "بلهيب نار = إلهنا نار آكلة (عب12 : 29 ) ولقد حل الروح القدس على التلاميذ على هيئة ألسنة نار . وظهر لإبراهيم على شكل مصباح نار (تكوين15) وظهر للشعب على الجبل على شكل نار. وهو نار إحراق وتطهير وهو نور ومحبة نارية ؟ ولهيب النار كان من وسط عليقة العليقة هي شجرة شوك ضعيفة ....)

هذه فقط بعض الأمثلة على تمثيل الآباء والقساوسة للاهوت بالنار . وتشبيهم لها بالنار , بل ويؤكدون بأن ظهور النار إنما هو ظهوراً حقيقياً للاهوت ..

الشموع والنار وعلاقتها بالكنيسة والعبادة

حقيقة النار في المسيحية كما رأينا سابقاً هي لاهوت وله أهميته في الفكر المسيحي , فلم تتنازل المسيحية عن النار في صلاوتها بل ظلت تمارس هذه الطقوس, في المذبح والشموع وسنتكلم عنها بإيجاز:

· يقول العلامة القبطي إبن كبر[18] :

( لأن الكنيسة كمثال للسماء والأبرار سيضيئون كالكواكب في الملكوت . وبالنور ينكشف كل مستور , والظلمة ترمز للشر , وسوف يُعذب الأشرار في النار والظلمة ... والله هو نار آكلة والرب يسوع هو نور من نور .... ودعانا يسوع لتكون سرجناً ( مصابيحنا )موقدة , ولذلك تتم القداسات على ضوء الشموع , وعند قراءة الإنجيل , لأن تعاليمه هي نور , وكلماته سراج لسبيل المؤمن في طريق العالم ...)

· ويقول القديس غريغوريوس النزيانزي (القرن الرابع) [19]:

( إن استعمال الشموع والقناديل كان من جملة الطقوس المستعملة في الكنيسة عند مباشرة الأسرار )

والشمعة في الكنيسة يعتبرها القساوسة هي عبارة عن رمز المسيح الذي صُلب فيقول الأنبا تكلا عضو في المجمع المقدس[20] :

(كما أن وضع شمعة أو ثلاث شمعات على الصليب عند مباركة الشعب إشارة إلى أن الذي علق على الصليب هو المسيح نور العالم وأنه بالصليب نقلنا من الظلمة إلى نوره العجيب (1 بط 2: 9) ...)

· وعند إنتهاء الصلاة يطفئون الشموع مباشرة وهذا يؤكده الأنبا تكلا فيقول [21]:

(والعادة أن تطفأ الشموع والقناديل عقب الانتهاء من الصلاة، ما عدا قنديل الشرق الذي يشير إلى النجم الذي أرشد المجوس، وقنديل الاسكنا أي القبة، والسبب في ذلك:

* كي لا تدخل نار غريبة إلى الكنيسة

* إطاعة لأمر الله القائل " لتكن في قبة الشهادة سرج موقدة على الدوام " ... )

حتى أن النار في الكنيسة أو الشمع هي رمز للاهوت في إعتقاد الكنائس فيقول أيضاً الدكتور ميخائيل مكسي إسكندر [22]:

( وأما جمر النار المشتعل فيشير إلى جمر اللاهوت , وبقية الفحم فيشير إلى جسد السيد المسيح , واشتعال الفحم بالنار يشير إلى إتحاد اللاهوت بالناسوت ( مع بقاء طبيعة كل منهما ) والبخور الصاعد للعلاء يشير لصلوات القديسين (رؤ8 / 3-4) أمام عرش النعمة ..)

وبهذا يتضح لنا أن النار التي كانت في العليقة ولم تحترق كما الأمر في اللاهوت عندما ظهر في الجسد وبهذا أكد مفسري وآباء الكتاب المقدس ! والعلاقة بينهما واضحة والتي وضحها كاتب الرسالة إلى العبرانيين المجهول فقال : (لان الهنا نار آكلة ) 12/29 ..

أو بمعنى أخر كما أن الله ظهر في المسيح ( كما يدعون ) كذلك الأمر النار ظهرت في العليقة وكلاهما إله كما صرح بذلك الكتاب المقدس ...

والآن قد أثبتنا أهمية النار عند اليهود والنصارى وعبادتها وقدسيتها ونلخص ما قلناه سابقاً في النقاط التالية كما يلي :

1 – الإله في المسيحية نار آكلة .

2 – الإله في المسيحية يأتي وحوله دخان وضباب .

3 – الإله في المسيحية تخرج نار من فمه ودخان من فمه كما ورد في صموئيل الثاني 22/9.

4 – صوت الإله يخرج لهيب نار , كما جاء في المزامير 29/7 .

5 – المذابح النارية التي كانت تقدم لها الذبائح كانت تسمي بـ ( إله إسرائيل ) .

6 – كان إله المسيحيين يسكن داخل المذابح , وبالطبع الذي يسكن المذبح هو النار .

7 – كان إله النصارى يظهر وحوله الدخان يملأ المكان .

8 – عندما ينزل إله النصارى كان يملأ الأرض بالنار .

9 – عندما أراد أنبياء الكتاب المقدس رؤية الله كانوا يذهبون ويدعون المذبح حتى يظهر لهم .

10 – كان الإله دائماً يظهر (وجهاً لوجه) من داخل النار وفي وسطها .!

11– الشموع داخل الكنائس في وقت الصلوات تؤكد كل ما سبق بأنهم يعبدون النار

( الموضوع منقول من موقع المرصد الاسلامى بقلم الاستاذ معاذ عليان )

http://www.tanseerel.com/main/articl...ticle_no=28387