أسلم أبو ذر من فوره ، وكان ترتيبه في المسلمين الخامس أو السادس ، فقد أسلم في الايام الاولى للاسلام وحين أسلم كان الرسول عليه الصلاة والسلام يهمس بالدعوة همسا يهمس بها الى نفسه والخمسة الذين امنوا معه وكان من ابو ذر الا ان يحمل اسلامه بين جنباته ويتسلل به مغادرا مكه وعائدا الى قومه .. ولكن أبا ذر واسمه الكامل جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حرام من غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة ان هذا الرجل خلق ليتمرد على الباطل أنى يكون . وما كان من هذا الثائر الجليل الا ان يصيح صيحة قبل ان يرحل .
لقد توجه الى الرسول عليه الصلاة والسلام فور اسلامه بهذا السؤال :
يارسول الله , بم تأمرنى ... ؟
فقال الرسول : ترجع الى قومك حتى يبلغك أمرى ..
فقال ابو ذر : والذى نفسه بيدى لا أرجع حتى أصرخ بالاسلام فى المسجد ..
الم أقل لكم تلك الطبيعه المتمرده الجياشه بعد أن ترى الحق على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ايرجع الى أهله صامتا ؟؟ هذا أمر فوق طاقته ...
هنالك دخل المسجد الحرام ونادى باعلى صوته :
" أشهد أن لا اله الا الله و أشهد أن محمدا رسول الله "
لقد كانت أول صيحة فى بالاسلام تحدت كبرياء قريش وقرعت أسماعها .. صاحها رجل غريب ليس له فى مكه حسب ولا نسب ولا حمى ولقد لقى ما لم يكن يغيب عن فطنته أنه ملاقيه فقد أحاط به المشركون وضربوه حتى صرعوه وترامى النبأ الى العباس عم النبى صلى الله عليه وسلم وما استطاع ان ينقذه من بين انيابهم الا بالحيلة الذكية قال لهم :
" يا معشر قريش أنتم تجار وطريقكم على غفار وهذا الرجل من رجالها ان يحرض قومه عليكم يقطعوا الطريق على قوافلكم " .
ولكن ابا ذر , وقد ذاق حلاوة الاذى فى سبيل الله , لا يريد ان يغادر مكه حتى يظفر بالمزيد ...
وهكذا لا يكاد اليوم التالى وربما فى نفس اليوم يلقى أمراتين تطوفان بصنمين ( أساف , واثله ) و دعوانهما حتى يقف عليهما ويسفه الصنمين تسفيها مهينا .. فتصرخ المرأتان ويهرول الرجال كالجراد ثم لا يفتون ضربه حتى يفقد وعيه .. وحين يفيق يصرخ مره أخرى بأنه " يشهد أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله "
. ويدرك الرسول عليه الصلاة والسلام طبيعة تلميذه الجديد الوافد وقدرته الباهره على مواجهة الباطل .
فيعيده مره أخرى الى قومه حتى اذا سمع بظهور الدين عاد وأدلى فى مجرى الاحداث دلوه , ويعود أبو ذر الى عشيرته فيحدثهم عن النبى الذى ظهر يدعو الى عبادة الله وحده ويهدى لمكارم الاخلاق ويدخل قومه فى الاسلام واحد تلو الاخر و لا يكتفى بقبيلته غفار بل ينتقل الى قبيله " أسلم " فيوقد فيها مصابيحه وتتابع الايام ويهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم الى المدينه ويستقر بها المسلمون وذات يوم يرى اهل المدينه على مشارفها اقدام أثارت النقع ولولا تكبيرات المشاة والركبان لحسبهم الرائى جيشا مغيرا من جيوش الشرك .
لقد كان الموكب قبيلتى غفار و أسلم جاء بهما ابو ذر مسلمين جميعا رجالا ونساءا , شيوخا وشبابا وأطفالاً
وكان من حق رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يزداد عجبا ودهشة ...
إن عمالقة السطو وحلفاء الشيطان , قد أصبحوا عمالقة فى الخير وحلفاء الحق ... أليس الله يهدى من يشاء ؟؟
لقد ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجوههم الطيبة نظرات تفيض غبطة وحنانا وودا
ونظر الى قبيلة غفار وقال :
" غفار غفر الله لها "
ثم الى قبيلة أسلم فقال :
" و أسلم سالمها الله "
وأبو ذر هذا الداعيه الرائع القوى الشكيمه العزيز المنال ألا يختصه رسول الله عليه الصلاة والسلام بتحية ؟
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه " ما أقلت الغبراء ولا أظلت الصحراء أصدق لهجة من أبى ذر "
ولكن يعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بالعوده الى قومه حتى اذا ظهر بظهور الدين عاد
**********
يتبع ان شاء الله
المفضلات