ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصيرته الثاقبه عبر الغيب القصى والمجهول البعيد كل المتاعب الى سيفيئها على أبى ذر صدقه وصلابته فكان يأمره أن يجعل الأناة والصبر نهجه وسبيله .
و ألقى الرسول صلى الله عليه وسلم هذا السؤال :
- " يا أبا ذر كيف أنت اذا أدرك أمراء يستأثرون بالفئ ؟ "
فاجاب قائلا:
- " اذن والذى بعثك بالحق لاضربن بسيفى "
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم
- " أفلا أدلك على خير من ذلك .. ؟
- اصبر حتى تلقانى
ولكن لماذا هذا السؤال ( المال ,, تولى الامار ) تلك هى قضية أبى ذر التى سيهبها حياته وتلك مشكلته مع المجتمع ومع المستقبل فان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى وقد علم بما سيحدث لابى ذر فها هى تلك النصيحه التى سيحفظها أبى ذر عن ظهر قلب ويعمل بها " أصبر حتى تلقانى "
ومضى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعده عهد أبى بكر وعمر رضى الله عنهما فى تفوق كامل على مغريات الحياة ودواعى الفتنه ...
ولقد طال عقد أمير المؤمنين عمر فارضا على ولاة المسلمين وأمرائهم وأغنيائهم فى كل مكان من الارض زهداً وتقشفا وعدلا يكاد يكون فوق طاقة البشرية ...
ان واليا من ولاته فى العراق او الشام او صنعاء او فى اى من البلاد النائيه لا يكاد يصل اليها نوعا من الحلوى لا يجد عامة الناس قدرة على شرائها حتى يكون الخبر قد وصلى الى عمر بعد أيام وحتى تكون أوامره الصارمه قد ذهبت لتستدعى ذلك الوالى الى المدينه يتلقى حسابا عسيرا ...
ليهنأ ابو ذر أذن .... وليهنأ أكثر ما دام الفاروق أميرا للمؤمنين .. وما دام لا يضايق أبا ذر فى حياته شئ مثلما يضايق استغلال السلطه واحتكار الثروة فان ابن الخطاب بمراقبته الصارمه للسلطة وتوزيعه العادل للثروة سيتيح له الطمأنينة والرضا .... وتمضى الايام والسنون بأبا ذر .. ولكن ... !!
السلطه التى هى مسؤلية ترتعد من هول حساب الله عليها أفئدة الابرار تتحول الى سبيل للسيطرة وللثراء والترف المدمر الوبيل رأى ابو ذر هذا فلم يبحث عن واجبه ولا مسؤليته بل راح يمد يمينه الى سيفه وهز به الهواء فمزقه ونهض قائما يواجه المجتمع بسيفه الذى لم تعرف له كبوة لكن سرعان ما رن فى فؤاده صدى وصية الحبيب المصطفى صلواة الله سلامه عليه فأعاد السيف الى غمده فما ينبغى أن يرفعه فى وجه مسلم .
ليس دوره اليوم أن يقتل .. بل أن يعترض وليس السيف أداة التغيير والتقويم ولكن اللسان والكلمه الصادقه هى سيفه .
لقد أخبر الرسول يوما وعلى الملأ من أصحابه أ، الارض لم تقل وأن السماء لم تظل أصدق لهجة من أبى ذر
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمت أبى ذر هى سيف الحق القاسم للظلم .
**************
يتبع ان شاء الله
المفضلات