3- تقييم المعاهدة:-
أخذ على المفاوضين المصريين ثلاثة مأخذ :-
أولاً:- التلهف الشديد للمفاوضة مع التدليل البريطانى الشديد
ثانياً:-التمسك الشديد بأن تقوم المفاوضات على اساس مشروع 1930 (مع التحرر البريطانى الشديد من ذلك المشروع).
ثالثاً:- المبالغة الشديدة فى مدح مزايا المعاهدة فى اوساطنا المصرية (وصفت المعاهدة بانها معادهة الشرف والكرامة)، بينما هى فى فى الاوساط البريطانية لا يكاد يحس بها احد.
وقد ذكر محمد محمود باشا فى تعليقه على المعاهدة فى البرلمان _ان المعاهدة لها مزايا لاسبيل لانكارها _لكنها تنطوى على قيود تتنافى مع استقلال مصرمنها:-
1- ما يجب ان تقدمه مصر فى حالتى الحرب وخطر الحرب من تسهيلات فى موانيها ومطارتها وطرق مواصلاتها للقوات البريطانية .
2- المعاهدة تفرض على مصر انشاء طرق حربية, وتبيح جو مصر كله للطيرا نالحربي وهو ما يتنافى مع معنى الاستقلال.
3- والمعاهدة تفرض على مصر اعباء مالية جسيمة.
كما اعترض محمد بهى الدين بركات بك على المواد الحاصة بالنقط العسكرية التى يُسمح لبريطانيا البقاء فيها , والنقاط المتعلقة بالسودان , والامتيازات الاجنبية والاعباء المالية , وكذلك ابدية المحالفة فى الوقت الذى تُعطى فيه بريطانيا الحرية الكاملة للدومنيون فى الانفصال ووصل الامر الى انه طالب النواب برفض المعاهدة.
كما اشار محمد حافظ رمضان بك فى تعليقه _الى ان المعاهدة تُعطى لبريطانيا حق ارتفاق حربي دائم فى بلدنا _ تُصبح مصر بموجبه بلادا محاربة فى جميع حروب بريطانيا هجومية كانت او دفاعية ,كما انه لم يعد مقبولا التسليم باتفاقيتي السودان فى وقت ظلت البلاد فى جميع اطوار جهادها تنادي ببطلانهما.
وذكر كدذلك :-
1- ان معاهدة 1936 تنهى الاحتلال غير المشروع وتستبدل به احتلالا مشروعاً
2- ان المعاهدة تُكلف البلاد اعباء ماليةلانفاذ برامج عسكرية.
3- انها تجر البلادلحروب لاشأن لها فيها ولا مغنم لها منها.
4- تحرم المعاهدة مصر لزمن غير محدود من حقها فى المعترف به دوليا فى الغاء المحاكم المختلطة وتترك الامتيازات الاجنبية معلقة بما قد تتجه المفاوضات بشأنها.
وقد نقد محمد علويه باشا المعاهدة خاصة ما يتعلق بالجلاء والسودان والنص على انهخ فى حالة خطر الحرب تقدم مصر لحليفتها مواردها وموانيها وطرقها وسككها الحديدية والتليفونات والتلغرافات .......... واشار الى ان كلمة خطر الحرب كلمة مرنة يمكن اساءة استعمالها .
وقد انتقد الدكتور محمد حسين هيكل المعاهدة وذكر ان وجهة النظر المصرية بسيطة _واضحة كل الوضوح_ فمصر تريد ان تكون دولة مستقلة استقلالا صحيحا , والا يكون لاحد سلطان عليها داخل حدودها بأية صورة من الصور, لكن انجلترا لاتكفى بصداقة مصر ولا بمعاهدة الاستيانة لسنة 1888 وهى المعاهدة التى تضمن حيدة القناة , وفى ختام كلمته خاطب الناوب قائلا:-
- ان كنتم تريدون لمصر ان تتمتع بحقوق الممتلكات البريطانية المستقلة الدومنيون فالمعاهدة لا تحقق هذه الحقوق فأرفضوها.
- وان كنتم تريدون مجرد تغيير للحالة التى سئمناها دون اهتمام بنتائج هذا التغيير _لعل فى الحركة بركة_ اذن فاقبلوا المعاهدة على ان تُعدل باسرع ما يستطاع تعديلا يزيل ما بها من مساس باستقلال مصر[1].
وقد تحدث احمد ماهر قبل التصديق على المعاهدة فى مجلس النواب وقال اذا اعتبرتم هذه المعاهدة خطوة نحو استقلالنا الوطنى , فأقبلوها , اما اذا كنتم تنتظرون تحقيق مطالبه كاملة فارفضوها[2].
هذا وقد اسفرت نتيجة اخذ الرأي على قبول مشروع المعاهدة ,بموافقة 202 عضوا ضد 11 عضوا فى مجلس النواب , وبموافقة 109 عضوا ضد 7 اعضاء فى مجلس الشيوخ.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] شوقي الجمل ،عبد الله عبد الرازق ابراهيم،المرجع السابق،ص56,55,54

[2] علاء الحديدي،المرجع السابق ،ص175