الشبهة السادسة و السبعون (76):
- إن عقوبة الزانى الْمُحصَن عندكم هى الرجم بالحجارة حتى الموت, وعقوبة غير الْمُحصَن مائة جلدة, فما هذه البشاعة رغم رضا الطرفين؟ أليس هذا إهداراً لكرامة الإنسان الذى قهرته شهوته رغماً عنه؟

الرد:
- أيهما أهدر لكرامة الإنسان.. الزنى أم عقوبته؟ إن الزنى ليس إهداراً لكرامة المرأة وحدها, بل لأهلها, ومن يهمّه أمرها, فلابد أن تكون عقوبته شديدة, حتى لا تكون أعراض الناس عُرضة للمجرمين والمستهترين. وديننا ليس هو الدين الوحيد الذى يفرض هذه العقوبة, فقد جاء فى الكتاب المقدس ما هو أشد, إذ جعل عقوبة الزنى الحرق, أو الرجم بالحجارة حتى الموت, ولو كان الزانى أو الزانية غير مُحصَنَين, بل إنه زاد على ذلك, فجعل عقوبة الرجم بالحجارة حتى الموت لمن يُظَن بها فقط أنها فعلت الفاحشة:
اذا اتخذ رجل امرأة وحين دخل عليها أبغضها ونَسَبَ إليها أسباب كلام وأشاع عنها اسماً رَدِيّاً وقال هذه المرأة اتخذتُها ولمّا دنوتُ منها لم أجد لها عُذرَة. يأخذ الفتاة أبوها وأمها ويُخرجان علامة عُذرَتها إلى شيوخ المدينة إلى الباب ويقول أبو الفتاة للشيوخ أعطيتُ هذا الرجل ابنتى زوجة فأَبغَضها. وها هو قد جعل أسباب كلام قائلاً لم أجد لبنتك عُذرَة وهذه علامة عُذرَة ابنتى ويبسطان الثوب أمام شيوخ المدينة. فيأخذ شيوخ تلك المدينة الرجل ويؤدِّبونه ويغرِّمونه بمئة من الفضة ويعطونها لأبى الفتاة لأنه أشاع اسماً ردِيّاً عن عذراء من إسرائيل. فتكون له زوجة. لا يقدر أن يطلقها كل أيامه ولكن إن كان هذا الأمر صحيحاً ولم تُوجَد عُذرَة للفتاة يُخرِجون الفتاة إلى باب بيت أبيها ويرجمها رجال مدينتها بالحجارة حتى تموت لأنها عملت قباحة فى إسرائيل بزناها فى بيت أبيها. فتنزع الشر من وسطك (تثنية22: 13-21) أليس هذا مُجرَّد ظَنّ يا عباد الله؟
ولما كان نحو ثلاثة أشهر أُخبِرَ يهوذا وقيل له قد زنت ثامار كنَّتك. وها هى حُبْلى أيضاً من الزنى. فقال يهوذا أخرجوها فتُحرَق. (تكوين38: 24) (كنَّتك) معناها زوجة ابنك.
وإذا تدنَّست ابنة كاهن بالزنى فقد دنَّست أباها. بالنار تُحْرَق (لاويين21: 9)
أما عندنا فليس هناك فرق بين ابنة العالِم أو غيرها, فلو زنت ابنة العالِم غير الْمُحصنة فحدّها كغيرها, وهو الجَلد فقط, وليس الحرق كما عندهم, أما المحصن فلابد أن تكون عقوبته أشد, لأنه ليس له أدنى عذر فى ارتكاب الفاحشة, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا رأى أحدكم المرأة التى تعجبه, فليرجع إلى أهله حتى يقع بهم, فإن ذلك معهم)) [صحيح ابن حِبّان, صحيح الجامع:552] وبفرض أن زوجته لا تلبى رغباته - بغض النظر عن السبب - فله أن يتزوج بثانية, وثالثة, ورابعة. أما لو كان الزوج غير قادر على أن يعفّ زوجته, فلها أن تنخلع منه, وتتزوج بغيره, فإن ديننا ليس كالأديان الأخرى التى تحرِّم الطلاق وتعدد الزوجات, ولكنه دين يضع الحلول لكل مشاكل البشر.
وحد الزنى لا يطبق إلا بشروط صعبة قَلَّما توجد, فلابد من شهادة أربعة رجال يرون هذا الفعل بوضوح تام, بحيث لو شك واحد منهم رُفِضَت شهادتهم جميعاً, فمن الذى يفعل هذه الفعلة النكراء على مَرْأَى من الناس؟ فلو كان متفحشاً لهذا الحد لاستحق هذه العقوبة. إن شهادة رجل, أو اثنين, أو ثلاثة, لا تصلح لإقامة الحد, بل إنهم يُجْلَدُون ثمانين جلدة لو لم يأتوا بالشاهد الرابع, ولو كانوا صادقين {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:4] ربما يقول قائل: ربما يراه الناس من حيث لا يدرى, فنقول له: إن ديننا قد نهانا عن التجسس وتتبُّع العورات, وبفرض أن أحداً رأى هذه الفاحشة حال وقوعها, فذهب ليأتى بثلاثة رجال ليشهدوا معه, فهل يسمح له الوقت بذلك؟ ولهذا فإنه لا يطبق غالباً إلا على المعترف بهذا الفعل. إن الزنى - بالإضافة إلى معصية لله ورسوله - هو السبب فى انتشار كثير من الأمراض الفتاكة, كالزهرى, والسيلان, والإيدز, وسرطان عنق الرحم, وغير ذلك, وكذلك فإنه السبب فى وجود اللقطاء الذين يُرمَون فى الشوارع للقطط والكلاب, أو يُرمَون فى الملاجئ لا يعرفون لهم أباً ولا أُمّاً, فيتعرضون لاحتقار المجتمع, مما يصيبهم بالعقد النفسية, وربما يكبرون وعندهم شهوة الانتقام من الأعراض ليذيقوا ما ذاقوه لغيرهم. وحد الزنى - سواء الجلد أو الرجم - كفارة لمرتكب هذه الفاحشة, فلا يُعذَّب بها يوم القيامة, فهل عقوبة الدنيا أشد, أم عقوبة الآخرة؟ والدليل على ذلك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال عن ماعِز الذى أمر برجمه, بعدما اعترف له بالزنى: ((استغفروا لماعِز بن مالك, لقد تاب توبة لو قُسِّمت بين أُمَّة لوسعتهم)) [صحيح مسلم] وقال عن المرأة الغامِديَّة التى أمر برجمها, بعدما اعترفت له بأنها حامل من الزنى: ((لقد تابت توبة لو قُسِّمَت بين سبعين من أهل المدينة لَوَسِعَتهُم, وهل وَجَدْتَ توبةً أفضل من أن جادت بنفسها لله)) ‌[صحيح مسلم]‌ ومن يرجع لقصتها فى (صحيح مسلم) وغيره يعلم أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يرجمها بمجرد اعترافها, ولكنه أمرها أن تأتيه بعد ولادتها, ثم أمرها أن تأتيه بعد أن تتم رَضاعة ولدها وتفطمه, وأمر وَلِيَّها بالإحسان إليها, كما أنه أمر بسترها عند رجمها, ثم صلَّى عليها ودُفِنَت, ودفع بابنها لأحد المسلمين ليقوم على رعايته.
أين هذا مما جاء فى الكتاب المقدس من ذبح أبناء الزانية, وكشف عورتها لِمُحبِّيها ومُبْغِضِيها, وتقطيعها بالسيف بعد رجمها, وحرق بيتها, حيث يقول: وأعطيتُها زماناً لكى تتوب عن زناها ولم تتب. ها أنا ألقيها والذين يزنون معها فى ضيقة عظيمة إن كانوا لا يتوبون عن أعمالهم. وأولادها أقتلهم بالموت فستعرف جميع الكنائس أنى أنا هو الفاحص الكُلَى والقلوب سأعطى كل واحد منكم بحسب أعماله. (رؤيا يوحنا2: 21-23)
هكذا دخلوا على أهولة وعلى أهوليبة المرأتين الزانيتين. والرجال الصديقون هم يحكمون عليهما حكم زانية وحكم سفّاكة الدم لأنهما زانيتان وفى أيديهما دم. لأنه هكذا قال السيد الرب. إنى أُصعِدُ عليهما جماعة وأسلِّمهما للجور والنهب. وترجمهما الجماعة بالحجارة ويقطعونهما بسيوفهم ويذبحون أبناءهما وبناتهما ويحرقون بيوتهما بالنار. فأبطل الرذيلة من الأرض فتتأدَّب جميع النساء ولا يفعلنَ مثل رذيلتكما. (حزقيال23: 44-48)
فلذلك يا زانية اسمعى كلام الرب. هكذا قال السيد الرب. من أجل أنه قد أُنفِقَ نحاسك وانكشفت عورتك بزناكِ بمحبيكِ... لذلك هَأنذا أجمعُ جميع محبِّيكِ الذين لذذتِ لهم وكل الذين أحببتِهِم مع كل الذين أبغضتِهِم فأجمعهم عليكِ من حولك وأكشفُ عورتكِ لهم لينظروا كل عورتكِ... وينزعون عنك ثيابكِ ويأخذون أدوات زينتكِ ويتركونكِ عريانة وعارية. (حزقيال16: 35-39)
لأنه هكذا قال السيد الرب هَأنذا أسلِّمكِ ليد الذين أبغضتِهِم ليد الذين جفتهُم نفسكِ. فيعاملونكِ بالبغضاء ويأخذون كل تعبكِ ويتركونكِ عريانة وعارية فتنكشف عورة زناكِِ ورذيلتكِ وزناكِ. (حزقيال23: 28-29)
حاكموا أمَّكم حاكموا لأنها ليست امرأتى وأنا لستُ رَجُلها لكى تعزل زناها عن وجهها وفسقها من بين ثدييها لئلا أجرِّدها عريانة وأوقفها كيوم ولادتها وأجعلها كقفر وأصَيِّرها كأرض يابسة وأُمِيتها بالعطش. ولا أرحمُ أولادها لأنهم أولاد زنى (هوشع2: 2-4)
إن الزانى قد تعدَّى كل الحدود, وتخطَّى كل العراقيل التى وضعها الشارع فى طريق هذه الفاحشة, فهو الذى أورد نفسه المهالك, فإن شرعنا الحنيف لم يحرم الزنى فحسب, بل حرم مقدماته, فحرم الخلوة بين الرجل والمرأة, وأمر بعدم الاختلاط بين الرجال والنساء, وأمر بغض البصر, وعدم الخضوع بالقول, حتى إنه حرم مصافحة الرجل للمرأة, وحث على الزواج المبكر لمن يملك الباءة, والباءة هى القدرة على الزواج من الناحية الجسدية والمالية, وحث على تيسير المهور حتى يتيسر الحلال, ولا يلجأ أحد إلى الحرام, ومن لم يستطع الزواج أمره الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالصوم, فإنه له وِجاء (أى وقاية).
ونريد أن نضرب مثلاً لاستحقاق عقوبة الزنى - {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} - لو أن حاكماً حذر من الدخول إلى مكان معين, وأوعد من دخله بالعقوبة, ولكن من عدل هذا الحاكم أن وضع فى الطريق إلى هذا المكان المحذور إشارات وعراقيل كثيرة تحذر من الاقتراب منه, ولكن البعض لم يهمهم هذا التحذير, فتخطّوا كل هذه العقبات, إلى أن وصلوا إلى هذا المكان, ففى هذه الحالة.. أيستحقون العقوبة أم لا؟
إن المرأة التى وقع عليها الزنى بالإكراه تحت تهديد السلاح, لا يُقام عليها الحد فى الإسلام, أما فى الكتاب المقدس فهى مُدَانَة, وتُرجَم بالحجارة حتى الموت, ولو كانت غير مُحصَنة, وإليكم الدليل على ذلك:
إذا كانت فتاة عذراء مخطوبة لرجل فوجدها رجل فى المدينة واضطجع معها فأخرِجوهما كِليهما إلى باب تلك المدينة وارجموهما بالحجارة حتى يموتا الفتاة من أجل أنها لم تصرخ فى المدينة والرجل من أجل أنه أذلَّ امرأة صاحبه. فتنزع الشر من وسطك (تثنية22: 23-24) ونحن نتساءل: ماذا يكون حالها لو أن مغتصبها هددها بالسلاح فلم تستطع الصراخ؟ أو لو فاجأها بتكميم فمها قبل أن يغتصبها لكى لا تتمكن من الصراخ؟ أيكون هذا وذاك مما تؤاخَذ عليه؟, والله أعلم.


الشبهة السابعة و السبعون (77):
- إن حد اللواط عندكم هو أن يُلقَى الفاعل والمفعول به من شاهق, مثل برج القاهرة, فهل هناك أبشع من هذه العقوبة؟

الرد:
- قبل أن نجيب على هذا السؤال نوَدُّ أن نذكِّر المسلمين بأن إطلاق كلمة (اللواط) على الشذوذ الجنسى بين الرجال غير صحيح, لأن هذه الكلمة مأخوذة من اسم سيدنا لوط - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - وهو الذى كان ينهى قومه عن هذا الفعل الشنيع, ولكن الأصح أن يُقال: فعل قوم لوط, أو: الشذوذ الجنسى بين الذكور.
نعم.. نحن نرميهم من شاهق عقوبة لهم, وليكونوا عبرة لغيرهم, لأنهم نكَّسوا فطرتهم, وخالفوا حكمة الله من التناسل لعمارة الأرض, واستخلاف بنى آدم فيها, فمن أين تأتى الذرية لو كان الرجل يتصل بالرجل, والمرأة تتصل بالمرأة؟ هذا فضلاً عمّا يتسبب فيه فعل قوم لوط من أمراض خطيرة, كان آخرها وأبشعها مرض الإيدز, الذى أجمع العالم كله على أن سببه كان هذا الفعل الشنيع. ومرض الإيدز يُعَدُّ من أخطر الأمراض, لأنه يدمر الجهاز المناعى للإنسان تدميراً كاملاً, فيصبح عُرْضة للإصابة بالأمراض الفتاكة, ولو من أضعف الميكروبات, ويكون مصيره الموت العاجل, وللأسف أنه ينتقل للأبرياء بطرق كثيرة, مثل نقل الدم, والحقن, والحلاقة, والجماع, والولادة... إلخ. فهل رَمْى اثنين من شاهق - ولو حتى برج إيفل - أبشع, أم انتشار الإيدز فى المجتمع؟ إن الإحصائيات العالمية تقول إن المصابين بمرض الإيدز حوالى 380 مليوناً, هذا فضلاً عما ذكرناه من انتكاس الفطرة, وعدم التناسل. وقد جاء فى الكتاب المقدس إن عقوبة فعل قوم لوط هى القتل, وكذلك عقوبة إتيان البهيمة:
وإذا اضطجع رجل مع ذكر اضطجاع امرأة فقد فعلا كلاهما رجساً. إنهما يُقتلان. دمهما عليهما. (لاويين20: 13)
كل من اضطجع مع بهيمة يُقتَل قتلاً. (خروج22: 19)
وإذا جعل رجل مَضْجِعهُ مع بهيمة فإنه يُقتَل والبهيمة تميتونها. وإذا اقتربت امرأة إلى بهيمة لِنِزائِها تُميتُ المرأة والبهيمة. إنهما يُقتَلان. دمهما عليهما. (لاويين20: 15-16), والله أعلم.



الشبهة الثامنة و السبعون (78):
- - يقول القرآن: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة:33] إن حد الحِرابة الذى تتكلم عنه الآية يعتبر وحشية, ومغالاة وبشاعة فى العقوبة, تقتلون, وتصلبون, وتقطعون الأيدى والأرجل, ما كل هذه المجازر البشرية؟ ألا توجد عقوبة أقل من ذلك؟ والآن توجد حدود إقليمية للبلاد, وليس بوسع أحد أن يدخلها كما يشاء, فأين يذهبون عند نفيهم؟

الرد:
- على من يُطبَّق حد الحرابة؟ يطبق على قُطّاع الطرق, لماذا؟ لأنهم {يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً} ولكن كيف يحاربون الله ورسوله؟ لأنهم يحرمون العباد مما أحله الله لهم, وما تقوم عليه معايشهم من التجارة, والتجارة ركن من أكبر أركان المعايش والاقتصاد فى العالم, فهى نقل للسلعة من المنتج إلى المستهلك, وفيها منافع للجميع. فالحِرابة هى ما يفعله قطاع الطرق من سرقة, ونهب, وقتل, وتخويف للآمنين, وهى إفساد فى الأرض, لأن السلعة إذا لم تنقل إلى المستهلك فإنها تفسد, فمثلاً: لو أن إحدى الدول تعيش على الزراعة, وتصدر محاصيلها الزراعية لدول أخرى, أو دولة منتجة للبترول, وتصدره للآخرين, فلو أن هذه التجارات تعطلت بسبب قطاع الطرق, لحدث ضرر عظيم للناس فى معايشهم, واقتصاد بلادهم.
وحد الحِرابة أنواع, ولهذا جاء بالتخيير بكلمة (أو) وليس بحرف (الواو) لأن الحرابة أنواع: فمنها ما يكون للسرقة فقط, مثل ما يفعله البعض, ويسمى (التثبيت) أى السرقة تحت تهديد السلاح, فهذا يطبق عليه حد السرقة, مع قطع الرجل من الجهة الأخرى للجسد. ومنها ما هو للسرقة والقتل, وهذا تقطع يده ورجله, ويقتل. ومنها ما هو للسرقة, والقتل, وهتك العرض, وهذا تقطع يده ورجله, ويقتل, ثم يصلب, ولا يُدفن, حتى يكون عبرة لغيره, فلا يجرؤ على مثل فعله. وفى بعض الولايات الأمريكية - التى تعيب علينا حد الحرابة - تكثر بها الجرائم, لدرجة أن الشرطة تحذر الناس من الخروج من المنازل, والمشى فى الشوارع بعد دخول أول الليل, وإلا- فإنها غير مسئولة عمّا يحدث من جرائم القتل والنهب والاغتصاب, فلو أنهم طبقوا هذا الحد لَمَا وُجِدَت هذه الجرائم. والحالة الرابعة هى التخويف فقط, بمعنى أنه يقطع الطريق على الناس, ويخوفهم فقط, ولا يسرق, ولا يقتل, ولا يهتك عِرضاً, كما يفعل من نسميهم (الفتوّات) فى زمننا هذا, لإرهاب الناس منهم, فهذا حده النفى فقط.
أما الشِّق الثانى من السؤال - وهو الخاص بالنفى - فليس شرطاً أن يُنفَى قاطع الطريق إلى دولة أخرى, ولكنه يُعتقل فى مكان بعيد فى دولته نفسها. والشاهد من واقعنا على فاعلية هذه العقوبة, ما يقوم به بعض الوزراء أو المديرين من نقل الموظفين إلى أماكن بعيدة عن محل سكنهم وأُسَرهم, كمن يُنقلون إلى سيناء, أو السلُّوم, أو منطقة البحر الأحمر, وهم من سكان القاهرة, مع أنهم غير معتقلين, فكيف لو كانوا معتقلين؟
والذين يتظاهرون بالرحمة والشفقة على المجرمين, يُنْزِلون أشد العقوبات بالمذنبين, حتى إنهم يعاقبون الْمُبتلَى على بلائِه, مع أنه لا ذنب له فيه, فيقول كتابهم المقدس:
وأجعل غيرتى عليكِ فيعاملونكِ بالسخط. يقطعون أنفكِ وأذ###ِ وبقيِّتكِ تسقط بالسيف. يأخذون ب###ِ وبناتكِ وتُؤكل بقيِّتكِ بالنار. (حزقيال23: 25)
ومن سرق إنساناً وباعه أو وُجِدَ فى يده يُقتَلُ قتلاً. (خروج21: 16)
وإذا اتخذ رجل امرأة وأمَّها فذلك رذيلة. بالنار يحرقونه وإياهما لكى لا يكون رذيلة بينكم. (لاويين20: 14)
وإذا اضطجع رجل مع امرأة طامِث وكشف عورتها عَرَّى ينبوعها وكشفت هى ينبوع دمها يُقطعان كلاهما من شعبهما. (لاويين20: 18)
وإذا كان فى رجل أو امرأة جانّ أو تابعة فإنه يُقتل. بالحجارة يرجمونه. دمه عليه (لاويين20: 27), والله أعلم.


يتبع