" من تدبر القرآن طالباً الهدى منه ، تبين له طريق الحق " [ ابن تيمية ] .
وكلمة هذا الإمام جاءت بعد سنين طويلة من الجهاد في سبيل بيان الحق الذي كان عليه سلف هذه الإمة ، والرد على أهل البدع ، فهل من معتبر ؟ .
ذكر ابن كثير أن بعض الشيوخ قال لفقيه :
أين تجد في القرآن أن الحبيب لا يعذب حبيبه ؟ فلم يجب !
فتلا الشيخ ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ) ؟
علق ابن كثير قائلاً " وهذا الذي قاله حسن "
" تفرق القلوب واختلافها من ضعف العقل ،
: ( تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى )
وعلل ذلك بقوله : ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ ) ،
و لا دواء لذلك إلا بإنارة العقل بنور الوحي ،
فنور الوحي يحيي من كان ميتا ، ويضيء الطريق للمتمسك به " .
[ الأمين الشنقيطي ] .
بعض المسلمين يعرفون القرآن للموتى ،
فهل يعرفونه للأحياء ؟ وهل يعرفونه للحياة ؟
إن القرآن للحياة والأحياء ،
إلا أن الأحياء أبقى و أولى من الأموات ،
والإهتداء بالقرآن في مسارب الحياة أحق من مقابر الأموات
( َأوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ) ؟! .
[ د . سلمان العودة ]
التأمل في الأسماء الحسنى التي تختم بها الآيات الكريمة من مفاتيح فهم القرآن وتدبره ،
ومثاله : قوله تعالى ( إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) المائدة / 118،
فلم تختم الآية بقوله ( الغفور الرحيم )
، لأن المقام مقام غضب وانتقام ممن اتخذ إلهاً مع الله ،
فناسب ذكره العزة والحكمة وصار أولى من ذكر الرحمة " .
[ ابن السعدي ]
": في قصة موسى مع السحرة :
( قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى ) طه / 65 ،
والحكمة في هذا ـ والله أعلم ـ ليرى الناس صنيعهم و يتأملوه ، فإذا فرغوا من بهرجهم ،
جاءهم الحق الواضح الجلي بعد تطلب له ، وانتظار منهم لمجيئه ، فيكون أوقع في النفوس ، وكذا كان " .
[ ابن كثير ]
قال عباس بن أحمد في قوله تعالى :
( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ... الآية ) العنكبوت/ 69
قال : الذين يعملون بما يعلمون ، نهديهم إلى ما لا يعلمون .
[ اقتضاء العلم العمل ، للخطيب البغدادي ]
" من لطائف التفسير النبوي أنه فسر آيتين من سورة الأنعام بآيتين من سورة لقمان :
ففسر آية ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ )/82
بآية : ( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ )/13 ،
وفسر آية : ( عِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ )/59
بآية ( إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )/34 ،
ولم أجد له صلى الله عليه وسلم غيرها " .
[ د . مساعد الطيار ]
تدبر قوله تعالى : ( وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ ) النساء/102
حيث قال : ( لَهُمُ ) مما يدل على أن الأمام ينبغي أن يعتني بصلاته أكثر ،
لأنه لا يصلي لنفسه ، بل يصلي لمن خلفه من المأمومين أيضاً . "
[ د . عبدالرحمن الدهش ]
في قوله تعالى : ( قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ... )
إلى قوله : ( كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً ) طه/25ــ 33 ،
وقوله تعالى : (... فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي ... ) مريم/ 5 ــ 6 ،
أدب من آداب الدعاء ، وهو نبل الغاية ، وشرف المقصد ،
و قريب منه قوله صلى الله عليه وسلم :
( اللهم اشف عبدك فلاناً ، ينكأ لك عدواً ، ويمشي لك إلى صلاة ) .
[ د . محمد الحمد ]
لو سألت أي مسلم :
أتؤمن بأن القرآن هدى ، ونور ، ورحمة ، وشفاء ، وحياة للقلب ؟
لأجابك ـ و بلا تردد ـ : نعم !
ولكنك تأسف إذا علمت أن الكثير من المسلمين لا يعرف القرآن إلا في " رمضان "!
فهو كمن يعلن استغنائه عن هدى الله ، ونوره ، ورحمته ، وشفائه ، وحياة قلبه أحد عشر شهرا ! .
[ د . عمر المقبل ]
فوالله الذي لا إله إلا هو!
ما رأيت – وأنا ذو النفس الملأى بالذنوب والعيوب –
أعظم إلانة للقلب ، واستدراراً للدمع ، وإحضاراً للخشية ، وأبعث على التوبة ،
من تلاوة القرآن ، وسماعه " .
[ عبد الحميد بن باديس ]
قال ابن مسعود رضي الله عنه :
( اقرؤوا القرآن وحركوا به القلوب ، و لايكن هم أحدكم آخر السورة ) .
فمما يعين على قراءة " التدبر " المحركة للقلوب أن يكون حزب القارىء
( وقت القراءة ) لا ( مقدار القراءة ) ،
فمثلاً : بدلاً من تحديد جزء يومياً ، يكون نصف ساعة يومياً ، لئلا يكون الهم آخر السورة .
[ عبد الكريم البرادي ]
شأن أهل الإيمان مع القرآن : " ( وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً ) الأنفال/2 ،
لأنهم يلقون السمع ، ويحضرون قلوبهم لتدبره ،
فعند ذلك يزيد إيمانهم ، لأن التدبر من أعمال القلوب ،
و لأنه لابد أن يبين لهم معنى كانوا يجهلونه ، أو يتذكرون ما كانوا نسوه ،
أو يحدث في قلوبهم رغبة في الخير ، أو وجلاً من العقوبات ، و ازدجاراً عن المعاصي .
[ ابن السعدي ]
قال قتادة ــ في قوله تعالى عن الأشهر الحرم ـ :
( فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ )
قال : إن الظلم في الشهر الحرام أعظم خطيئةً و وزراً من الظلم فيما سواه ،
و إن كان الظلم على كل حال عظيماً , و لكن الله يعظم من أمره ما شاء .
ذكر ابن مكتوم في قصته في سورة عبس بوصفه ( الأعمى ) ولم يذكر بإسمه ،
ترقيقاً لقلب النبي صلى الله عليه وسلم عليه ،
ولبيان عذره عندما قطع على النبي صلى الله عليه وسلم حديثه مع صناديد مكة ،
وتأصيلاً لرحمة المعاقين ، أو ما اصطلح عليه في عصرنا بذوي الإحتياجات الخاصة " .
[ د . محمد الخضيري ]
ما الذي جعل العلامة الشنقيطي يقول عن هذه الآية :
( يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ) الروم/7 ،
" يجب على كل مسلم أن يتدبر هذه الآية تدبراً كثيراً ، ويبين ما دلت عليه لكل من استطاع بيانه له من الناس ؟
الجواب :
في قوله - رحمه الله تعالى - :
" لأن من أعظم فتن آخر الزمان - التي ابتلي بها ضعاف العقول من المسلمين – شدة إتقان الأفرنج لأعمال الدنيا ،
مع عجز المسلمين عنها ، فظنوا أن من قدر على تلك الأعمال على الحق ، وأن العاجز عنها ليس على حق ،
وهذا جهل فاحش ، وفي هذه الآية إيضاح لهذه الفتنة ، وتخفيف لشأنها ،
فسبحان الحكيم الخبير ما أعلمه ، و أحسن تعليمه! "
تأمل قوله تعالى :
( وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ )
فإذا كان الخليل عليه الصلاة والسلام طامعاً في غفران خطيئته ، غير جازم بها على ربه ،
فمن بعده من المؤمنين أحرى أن يكون أشد خوفاً من خطاياهم "
[ الإمام القصاب ]
يتبع.............





: ( تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ) 

رد مع اقتباس
المفضلات