1. الدنيا والاخرة زائدة على مجرد عقوبة التكذيب بنبوته والدليل عليه قوله سبحانه ^ ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة واعد لهم عذابا مهينا ^ فعلق العنة في الدنيا والاخرة والعذاب المهين بنفس اذى الله ورسوله فعلم انه موجب ذلك وكذلك قوله تعالى ^ وان نكثوا ايمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا ائمة الكفر انهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون ^ وقد تقدم تقريره # يوضح ذلك ان النبي لما دخل مكة امن الناس الذين كانوا يقاتلونه قبل ذلك والذين نقضوا العهد الذي كان بينه وبينهم وخانوه الا نفرا منهم القينتان اللتان كانتا تغنيان بهجائه وساره مولاة بني عبد المطلب التي كانت تؤذيه بمكة فاذا كان قد امر بقتل التي كانت تهجوه من النساء مع ان قتل المراة لا يجوز الا اذا قاتلت وهو قد امن جميع اهل مكة من كان قد قاتل ونقض العهد من الرجال والنساء علم بذلك ان الهجاء جناية زائدة على مجرد القتال والحراب لان التفريق

بين المتامثلين لا يقع من النبي كما انه امر بقتل ابن خطل لانه كان قد قتل مسلما ولانه كان مرتدا ولانه كان يامر بهجائه وكل واحد من القتل الردة والامر بهجائة جناية زائدة على مجرد الكفر والحراب مما يبين ذلك انه قد كان امر بقتل من كان يؤذيه بعد فتح مكة مثل ابن الزبعري وكعب بن زهير والحويرث بن نقيد وابن خطل وغيرهم مع امانه لسائر اهل البلد وكذلك اهدر دم أبي سفيان بن الحارث وامتنع من ادخاله عليه وادخال عبد الله بن أبي امية لما كان يقعان في عرضه وقتل ابن أبي معيط والنضر بن الحارث دون غيرهما من الاسرى وسمى من يبذل نفسه في قتله ناصرا لله ورسوله وكان يندب إلى قتل من يؤذيه ويقول من يكفيني عدوي وكذلك اصحابه يسارعون إلى قتل من اذاه بلسانه وان كان أبا او غيره وينذرون قتل من ظفروا به من هذا الضرب وقد تقدم من بيان ذلك ما فيه بلاغ ومن المعلوم ان هؤلاء لو كانوا بنمزلة سائر الكفار الذين لاعهد لهم لم يقتلهم ولم يأمرهم
بقتلهم في مثل هذه الاوقات التي امن فيها الناس وكف عمن هو مثلهم # فعلم ان السب جناية زائدة على الكفر وقد تقدم تقرير ذلك في المسالة الاولى على وجه يقطع العاقل ان سب الرسول جناية لها موقع يزيد على عامة الجنايات بحيث يستحق صاحبها مع العقوبة ما لايستحقه غيره وان كان حافرا حربيا مبالغا في محاربة المسلمين وان وجوب الانتصار ممن كان هذه حاله كان مؤكدا في الدين والسعي في اهدار دمه من أفضل الاعمال واوجبها واحقها بالمسارعة عليه وابتغاء رضوان الله تعالى فيه وابلغ الجهاد الذي كتبه الله على عباده وفرضه عليهم ومن تامل الذين اهدر النبي دماءهم يوم الفتح واشتد غضبه عليهم حتى قتل بعضهم في نفس الحرم واعرض عن بعضهم وانتظر قتل بعضهم وجد لهم جرائم زائدة على الكفر والحراب من ردة وقتل ونحو ذلك وجرم اكثرهم انما كان من سب رسول الله واذاه بالسنتهم فاي دليل اوضح من هذا # على ان سبه وهجائه جناية زائدة على الكفر والحراب لا يدخل في ضمن الكفر كما تدخل سائر المعاصي في ضمن الكفر وعلى ان المعاهدين اذا نقضوا العهد وفيهم من سب النبي كان للسب عقوبة زائدة على عقوبة مجرد نقض العهد
ومما يدل على ان السب جناية زائدة على كونه كفرا وحرابا وان كان متضمنا لذلك ان النبي قد كان يعفوا عمن يؤذيه من المنافقين كما تقدم بيانه وقد كان له ان يقتلهم كما تقدم ذكره في حديث أبي بكر وغيره ولو كان السب مجرد ردة لوجب قتله كالمرتد يجب قتله فعلم انه قد يغلب في السب حق النبي بحيث يجوز له العفو عنه # ومما يدل على ان السب جناية مفردة ان الذمي لو سب واحدا من المسلمين او المعاهدين ونقض العهد لكان سب ذلك الرجل جناية عليه يستحق بها من العقوبة ما لايستحقه بمجرد نقض العهد فيكون سب رسول الله دون سب واحد من البشر # ومما يدل على ذلك ان ساب النبي وشاتمه يؤذيه شتمه وهجائه كما يؤذيه التعرض لدمه وماله قال الله تعالى لما ذكر الغيبة ^ ايحب احدكم ان ياكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه ^ فجعل الغيبة التي هي كلام صحيح بمنزلة اكل لحم المغتاب ميتا فكيف ببهتانه وسب النبي لا يكون قط الا بهتانا

  1. وفي الصحيحين عن النبي انه قال لعن المؤمن كقتله وكما يؤذي ذلك غيره من البشر # وايضا فان ذلك يؤذي جميع المؤمنين ويؤذي الله سبحانه وتعالى ومجرد الكفر والمحاربة لا يحصل بهما من اباه ما يحصل بالوقيعة في العرض مع المحاربة فلو قيل ان الواقع في عرضه ممن انتقض عهده بمنزله غيره ممن انتقض عهده لكانت الوقيعة في عرض رسول الله واذاه بذلك جرما لا جزاء له من حيث خصوص النبي وخصوص اذاه كما لو قتل رجل نبيا من الانبياء فان لقتله من العقوبة ما لايستحق على مجرد الكفر والمحاربة وهذا كله ظاهر لا خفاء به فان دماء الانبياء واعراضهم اجل من دماء المؤمنين واعراضهم فاذا كان دماء غيرهم واعراضهم لا تندرج عقوبتها في عقوبة مجرد نقض العهد فان لا تندرج عقوبة دمائهم واعراضهم في عقوبة نقض العهد بطريق الاولى # مما يوضح ذلك ان سب النبي تعلق به عدة حقوق حق الله سبحانه من حيث كفر برسوله وعادى أفضل اوليائه وبارزه بالمحاربة ومن حيث طعن في كتابه ودينه فان صحتهما موقوفه على صحة الرساله ومن حيث طعن في الوهيته فان الطعن في الرسول طعن

في المرسل وتكذيبه تكذيب لله تبارك وتعالى وانكار لكلامه وامره وخبره وكثير من صفاته وتعلق به حق جميع المؤمنين من هذه الامة ومن غيرها من الامم فان جميع المؤمنين مؤمنون به خصوصا امته فان قيام امر دنياهم ودينهم واخرتهم به بل عامة الخير الذي يصيبهم في الدنيا والاخرة بواسطته وسفارته فالسب له أعظم عندهم من سب انفسهم واباءهم وابناءهم وسب جميعهم كما انه احب اليهم من انفسهم واولادهم وابائهم والناس اجمعين وتعلق به حق رسول الله من حيث خصوص نفسه فان الانسان تؤذيه الوقيعة في عرضه أكثر مما يؤذيه اخذ ماله واكثر مما يؤذيه الضرب بل ربما كانت عنده أعظم من الجرح ونحوه خصوصا من يجب عليه ان يظهر للناس كمال عرضه وعلو قدره لينتفعوا بذلك في الدنيا والاخرة فان هتك عرضه قد يكون أعظم عنده من قتله فان قتله لا يقدح عند الناس في نبوته ورسالته وعلة قدره كما ان موته لا يقدح في ذلك بخلاف الوقيعة في عرضه فانها قد تؤثر في نفوس بعض الناس من النفره عنه وسوء الظن به ما يفسد عليهم ايمانهم ويوجب لهم خسارة الدنيا والاخرة فكيف يجوز ان يعتقد عاقل ان هذه الجناية بمنزلة ذمي كان في ديار المسلمين فلحق ببلاد الكفار مستوطنا لها

  1. مع ان ذلك اللحاق ليس في خصوصه حق لله ولا لرسوله ولا لاحد من المسلمين أكثر ما فيه ان الرجل كان معتصما بحبلنا فخرق تلك العصمة فانما اضر بنفسه لا باحد من المؤمنين # فعلم بذلك ان السب فيه من الاذى لله ولرسوله ولعباده المؤمنين ما ليس في الكفر والمحاربة وهذا ظاهر ان شاء الله تعالى # اذا ثبت ذلك فنقول هذه الجناية جناية السب موجبها القتل لما تقدم من قوله من لكعب بن الاشرف فانه قد ذاى الله ورسوله فعلم ان من اذى الله ورسوله كان حقه ان يقتل ولما تقدم من اهدار النبي دم المراة السابه مع انها لاتقتل لمجرد نقض العهد ولما تقدم من امره بقتل من كان يسبه مع امساكه عمن هو بمنزلته في الدين وندبه الناس إلى ذلك والثناء على من سارع في ذلك ولما تقدم من الحديث المرفوع ومن اقوال الصحابة رضي الله عنهم ان من سب نبيا قتل ومن سب غير نبي جلد # والذي يختص بهذا الموضع ان نقول هذه الجناية اما ان يكون موجبها بخصوصها القتل او الجلد او لاعقوبة لها بل تدخل عقوبتها في ضمن عقوبة الكفر والحراب


  1. وقد ابطلنا القسم الثالث والقسم الثاني باطل ايضا لوجوه # احدها انه لو كان الامر كذلك لكان الذمي اذا نقض العهد بسب النبي ينبغي ان يجلد لسب النبي لانه حق ادمي ثم يكون كالكافر الحربي يقتل للكفر ومعلوم ان هذا خلاف ما دلت عليه السنة واجماع الصحابة فانهم اتفقوا على القتل فقط فعلم ان موجب كلا الجنايتين القتل والقتل لا يمكن تعدده وكذلك كان ينبغي ان يجلد المرتد لحق النبي ثم يقتل لردته كمرتد سب بعض المسلمين فانه يستوفى منه حق الادمي ثم يقتل # الا ترى ان السارق يقطع لسرقته التي هي حق لله ويرد المال المسروق اذا كان باقيا بالاتفاق ويغرم بدله ان كان تالفا عند أكثر الفقهاء ويدخل حق الادمي في حق الله مع ايجاد السبب # الثاني انه لو لم يكن موجبه القتل وانما القتل موجب كونه ردة لم يجز للنبي العفو عنه لان اقامة الحد على المرتد واجبة بالاتفاق ولا يجوز العفو عنه فلما عفا عنه النبي في حياته دل على السب نفسه يوجب القتل حقا للنبي ويدخل فيه حق الله تعالى ويكون سابه وقاذفه بمنزلة ساب غيره وقاذفه قد اجتمع في سبه حقان حق لله وحق لادمي فلو ان المسبوب والمقذوف عفا عن حقه لم يعزر القاذف والساب على حق الله بل دخل في العفو كذلك النبي اذا عفا عمن


  1. سبه دخل في عفوه عنه حق الله فلم يقتل لكفره كما لا يعزر ساب غيره لمعصيته مع ان المعصية المجردة عن حق ادمي توجب التعزيز # يوضح ذلك انه قد ثبت كان له ان يقتل من سبه كما في حديث أبي بكر وحديث الذي امر بقتله لما كذب عليه وحديث الشعبي في قتل الخارجي وكما دلت عليه احاديث قد تقدم ذكرها وثبت ان له ان يعفو عنه كما دل عليه حديث ابن مسعود وابي سعيد وجابر وغيرهم فعلم ان سبه يوجب القتل كما ان سب غيره يوجب الجلد وان تضمن سبه الكفر بالله كما تضمن سب غيره المعصية لله ويكون الكفر والحراب نوعين # احداهما حق خالص لله تعالى والثاني ما فيه حق لله وحق لادمي كما ان المعصية فسمان أحدهما حق خالص لله


  1. والثاني حق لله ولادمي ويكون هذا النوع من الكفر والحراب بمنزلة غيره من الانواع في استحقاق فاعله القتل ويفارقه في الاستيفاء فانه إلى الادمي كما ان المعصية بسب غير النبيين بمنزلة غيرها من المعاصي في استحقاق فاعلها الجلد وتفارق غيرها في ان الاستيفاء فيها إلى الادمي # يوضح هذا ان الحق الوجب على الانسان قد يكون حقا محضا لله وهو ما اذا كفر او عصى على وجه لا يؤذي احدا من الخلق فهذا اذا وجب فيه حد لم يجز العفو عنه بحال وقد يكون حقا محضا لادمي بمنزلة الديون للانسان على غيره من ثمن مبيع او بدل قرض ونحو ذلك من الديون التي ثبتت بوجه مباح فهذا لا عقوبة فيه بوجه وانما يعاقب على الدين اذا امتنع عن وفائه والامتناع معصية وقد يكون حقا لله ولادمي مثل حد القذف والقود وعقوبة السب ونحو ذلك فهذه الامور فيها العقوبة من الحد والتعزيز والاستيفاء فيها مفوض إلى الاختيار الادمي ان احب استوفى القود وحد القذف وان شاء عفا فسب النبي لو كان من القسم الاول لم يجز العفو عنه للنبي ولو كان من القسم الثاني لم يكن فيه عقوبة بحال فتعين ان يكون من القسم الثالث وقد ثبت ان عقوبته القتل فعلم ان سب النبي من حيث هو سب له وحق لادمي عقوبته القتل كما ان سب غيره من حيث هو سب له وحق لادمي عقوبته الجلد أم حدا او تعزيرا وهذا معنى صحيح واضح


  1. وسر ذلك انه اذا اجتمع الحقان فلابد من عقوبة لان معصية الله توجب العقوبة اما في الدنيا او في الاخرة فاذا كان الاستيفاء جعل الله ذلك إلى المستحق من الادميين لان الله اغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملا اشرك فيه غيره فهو كله للذي اشرك كذلك من عمل عملا لغيره فيه عقوبه جعل عقوبتة كلها لذلك الغير وكانت عقوبته على معصية الله تمكين ذلك الانسان من عقوبته # وتمام هذا المعنى ان يقال بعد موت النبي يتعين القتل لان المستحق لا يمكن منه المطالبة والعفو كما ان من سب او شتم احدا من اموات المسلمين عزر على ذلك الفعل لكونه معصية لله وان كان في حياته لا يؤدب حتى يطلب اذا علم # الوجه الثالث ان سب النبي لا يجوز ان يكون من حيث هو سب بمنزلة سب غيره من المؤمنين لانه يباين سائر المؤمنين من امته في عامة الحقوق فرضا وخطرا وغيرهما مثل وجوب طاعته ووجوب محبته وتقديمه في المحبة على جميع الناس ووجوب تعزيره وتوقيره على


  1. وجه لا يساويه فيه أحد ووجوب الصلاة عليه والتسليم إلى غيره ذلك من الخصائص التي لا تحصى وفي سبه ايذاء لله ولرسوله ولسائر المؤمنين من عباده واقل ما في ذلك ان سبه كفر ومحاربة وسب غيره ذنب ومعصية ومعلوم ان العقوبات على قدر الجرائم فلو سوى بين سبه وسب غيره لكان تسوية بين الشيئين المتباينين وذلك لا يجوز فاذا كان سب غيره مع كونه معصية يوجب الجلد وجب ان يكون سبه مع كونه كفرا يوجب القتل ويصير ذلك نوعا من انواع الكفر من وجه ونوعا من انواع السب من وجه فمن حيث هو من جنس الكفر اوجب القتل ومن حيث هو من جنس السب كان حقا لادمي # الوجه الرابع ان النبي لم يعاقب احدا منهم الا بالقتل ولو كان هو بانفراده لا يوجب القتل وانما يوجب ما دونه وهو قد عفا عن عقوبته في ما دونه وامن من فعل ذلك ء لكان صاحب ذلك لا ينبغي قتله لان ذنبه الذي يغتصه لا يقتضي القتل # فان قيل فقتله بمجموع الامرين # قلنا وهذا المقصود لان السب حيث كان فانه مستلزم لكفر لا عهد له

الدليل التاسع أن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كونه من جنس الكفر والحراب أعظم من مجرد الردة عن الإسلام فإنه من المسلم ردة وزيادة كما تقدم تقريره فإذا كان كفر المرتد قد تغلظ لكونه قد خرج عن الدين بعد أن دخل فيه فأوجب القتل عينا فكفر الساب الذي آذى الله ورسوله وجميع المؤمنين من عباده أولى أن يتغلظ فيوجب القتل عينا لأن مفسدة السب في أنواع الكفر أعظم من مفسدة مجرد الردة # وقد اختلف الناس في قتل المرتدة وإن كان المختار قتلها ونحن قد قدمنا نصوصا عن النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه في قتل السابة الذمية وغير الذمية والمرتد يستتاب من من الردة ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قتلوا الساب ولم يستتيبوه فعلم أن كفره أغلظ فيكون تعيين قتله أولى # الدليل العاشر أن تطير الأرض من إظاهر سب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجب حسب الإمكان لأنه من تمام ظهور دين الله وعلو كلمة الله وكون الدين كله لله فحيث ما ظهر سبه ولم ينتقم ممن فعل ذلك لم يكن الدين ظاهرا ولا كلمة الله عالية وهذا كما يجب تطهيرها من الزناة والسراق وقطاع الطريق بحسب الإمكان بخلاف تطهيرها من اصل الكفر فإنه ليس بواجب لجواز إقرار أهل الكتابين على دينهم بالذمة لأن إقرارهم بالذمة ملتزمين جريان حكم الله ورسوله عليهم لا ينافي إظاهر الدين وعلو الكلمة وإنما تجوز مهادنة الكافر وأمانه عند العجز أو

  1. المصلحة المرجوة في ذلك وكل جناية وجب تطهير الارض منها بحسب القدرة يتعين عقوبة فاعلها العقوبة المحدودة في الشرع اذا لم يكن لها مستحق معين فوجب ان يتعين قتل هذا لانه ليس لهذه الجناية مستحق معين لانه تعلق بها حق الله ورسوله وجميع المؤمنين وبهذا يظهر الفرق بين الساب وبين الكافر لجواز اقرار ذلك على كفره مستخفيا به ملتزما حكم الله ورسوله بخلاف المظهر للسب # الدليل الحادي عشر ان قتل ساب النبي وان كان قتل كافر فهو حد من الحدود ليس قتلا على مجرد الكفر والحراب لما تقدم من الاحاديث الداله على انه جناية زائدة على مجرد الكفر والمحاربة ومن ان النبي واصحابه امروا فيه بالقتل عينا وليس هذا موجب الكفر والمحاربة ولما تقدم من قول الصديق رضي الله عنه في التي سبت النبي ان حد الانبياء ليس يشبه الحدود ومعلوم ان قتل الاسير الحربي ونحوه من الكفار والمحاربين لا يسمى حدا ولان ظهور سبه في ديار المسلمين فساد عظيم أعظم من جرائم كثيرة فلابد ان يشرع له حد يزجر عنه من يتعاطاه فان الشارع لا يهمل مثل هذه المفاسد ولا يخليها من الزواجر وقد ثبت ان حده القتل بالسنة والاجماع وهو حد لغير معين حي لان الحق فيه لله تعالى ولرسوله وهو ميت ولكل مؤمن وكل حد يكون بهذه المثابة فانه يتعين اقامته بالاتفاق


  1. الدليل الثاني عشر ان نصر رسول الله وتعزيره وتوقيره واجب وقتل سابه مشروع كما تقدم فلو جاز ترك قتله لم يكن ذلك نصرا له ولا تعزيرا ولا توقيرا بل ذلك اقل نصره لان الساب في ايدينا ونحن متمكنون منه فان لم نقتله مع ان قتله جائز لكان ذلك غاية في الخذلان وترك التعزير له والتوقير وهذا ظاهر # واعلم ان تقرير هذه المسالة له طرق متعددة غير ما ذكرناه ولم نطل الكلام هنا لان عامة الدلائل المذكورة في المسألة الاولى تدل على وجوب قتله لمن تأملها فاكتفينا بما ذكرناه هناك وان كان القصد في المسالة الاولى بيان جواز قتله مطلقا وهنا بيان وجوب قتله مطلقا وقد اجبنا هناك عمن ترك النبي قتله منم اهل الكتاب والمشركين السابين وبينا ان ذلك انما كان في أول الامر حين كان مأمورا بالعفو والصفح قبل ان يؤمر بقتال الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية ويجاهد الكفار والمنافقين وانه كان له ان يعفو عمن سبه لان هذه الجريمة غلب فيها حقه وبعد موته لا عافي عنها والله اعلم