1. وكذلك قول ابن عباس في الذمي يرمي امهات المؤمنين انه لا توبة له نص في هذا المعنى وهذه القضايا قد اشتهرت ولم يبلغنا ان احدا انكر شيئا من ذلك كما انكر عمر رضي الله عنه قتل المرتد الذي لم يستتب وكما انكر ابن عباس رضي الله عنه تحريق الزنادقة واخبر ان حدهم القتل فعلم انه كان مستفيضا بينهم ان حد الساب ان يقتل الا ما روي عن ابن عباس من سب نبيا من الانبياء فقد كذب برسول الله وهي ردة يستتاب فإن تاب والا قتل وهذا في سب يتضمن جحد نبوة نبي من الانبياء فإنه يتضمن تكذيب رسول الله ولا ريب ان من قال عن بعض الانبياء انه ليس بنبي وسبه بناء على انه ليس بنبي فهذه ردة محضة ويتعين حمل حديث ابن عباس على هذا او نحوه ان كان محفوظا عنه لانه اخبر ان قاذف امهات المؤمنين لاتوبة له فكيف تكون حرمتهن لاجل سب النبي أعظم من حرمه نبي معروف مذكور في القران


  1. الطريقة السادسة عشرة ان الله سبحانه وتعالى اوجب لنبينا على القلب واللسان والجوارح حقوقا زائدة على مجرد التصديق بنبوته كما اوجب سبحانه على خلقه من العبادات على القلب واللسان والجوارح امورا زائدة على مجرد التصديق به سبحانه وحرم سبحانه لحرمة رسوله مما يباح ان يفعل مع غيره امورا زائدة على مجرد التكذيب بنبوته # فمن ذلك انه امر بالصلاة عليه والتسليم بعد ان اخبر ان الله وملائكته يصلون عليه والصلاة عليه تتضمن ثناء الله عليه ودعاء الخير له وقربته منه ورحمته له والسلام عليه يتضمن سلامته من كل افة فقد جمعت الصلاة عليه والتسليم جميع الخيرات ثم انه يصلي سبحانه عشرا على من يصلي عليه مرة حضا للناس على الصلاة عليه ليسعدوا بذلك وليرحمهم الله بها


  1. ومن ذلك انه اخبر انه اولى بالمؤمنين من انفسهم فمن حقه انه يجب ان يؤثره العطشان بالماء والجائع بالطعام وانه يجب ان يوقى بالانفس والاموال كما قال سبحانه وتعالى ^ ما كان لاهل المدينة ومن حولهم من الاعراب ان يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بانفسهم عن نفسه ^ # فعلم ان رغبة الانسان بنفسه ان يصيبه ما يصيب النبي من المشقة معه حرام # و مخاطبا للمؤمنين فيما اصابهم من مشقات الحصر والجهاد ^ لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا ^ # ومن حقه ان يكون احب إلى المؤمن من نفسه وولده وجميع الخلق كما دل على ذلك قوله سبحانه ^ قل ان كان اباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم ^ إلى قوله ^ احب اليكم من الله ورسوله ^ الاية مع الاحاديث الصحيحة المشهورة كما في الصحيح من قول عمر

رضي الله عنه يارسول الله لانت احب الي من كل شئ الامن نفسي فقال لا ياعمر حتى اكون احب اليك من نفسك قال فانت والله يارسول الله احب الي من نفسي قال الان ياعمر وقال لايؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من ولد ووالده والناس اجمعين متفق عليه # ومن ذلك ان الله امر بتعزيره وتوقيره فقال ^ وتعزروه وتوقروه ^ والتعزير اسم جامع لنصره وتاييده ومنعه من كل ما يؤذيه والتوقير اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمانينة من الاجلال والاكرام وان يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار # ومن ذلك انه خصه في المخاطبة بما يليق به فقال ^ لاتجعلوا
دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا ^ فنهى ان يقولوا يا محمد او يا احمد او يا أبا القاسم ولكن يقولون يا رسول الله يا نبي الله وكيف لا يخاطبونه بذلك والله سبحانه وتعالى اكرمه في مخاطبته اياه بما لم يكرم به احدا من الانبياء فلم يدعه باسمه في القران قط ببل يقول ^ يا ايها النبي قل لازواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها ^ ^ يا ايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين ^ ^ يا ايها النبي انا احللنا لك ازواجك ^ ^ يا ايها النبي اتق الله ^ ^ يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ^ ^ يا ايها النبي اذا طلقتم النساء ^ ^ يا ايها النبي لم
تحرم ما احل الله لك ^ ^ يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك ^ ^ يا ايها المزمل قم الليل ^ ^ يا ايها المدثر قم فانذر ^ ^ يا ايها النبي حسبك الله ^ مع انه سبحانه قد قال ^ وقلنا يا ادم اسكن انت وزوجك ^ الاية ^ يا ادم انبئهم باسمائهم ^ ^ يا نوح انه ليس من اهلك ^ ^ يا إبراهيم اعرض عن هذا ^ ^ يا موسى اني اصطفيتك على الناس ^ ^ يا داود انا جعلناك خليفة في الارض ^ ^ يا يحيى خذ الكتاب بقوة ^
^ يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس ^ ^ يا عيسى بن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك ^ # ومن ذلك انه حرم التقدم بين يديه بالكلام حتى ياذن وحرم رفع الصوت فوق صوته وان يجهر له بالكلام كما يجهر الرجل للرجل واخبر ان ذلك سبب حبوط العمل فهذا يدل على انه قد يقتضي الكفر لان العمل لا يحبط الا به واخبر ان الذين يغضون اصواتهم عنده هم الذين خلصت قلوبهم للتقوى وان الله يغفر لهم ويرحمهم واخبر ان الذين ينادونه وهو في منزله لا يعقلون لكونهم رفعوا اصواتهم عليه ولكونهم لم يصبروا حتى يخرج ولكن ازعجوه إلى الخروج

  1. ومن ذلك انه حرم على الامة ان يؤذوه بما هو مباح ان يعامل به بعضهم بعضا تمييزا له مثل نكاح ازواجه من بعده ف ^ وما كان لكم ان تؤذوا رسول الله ولا ان تنكحوا ازواجه من بعده ابدا ان ذلكم كان عند الله عظيما ^ # واوجب على الامة لاجله احترام ازواجه وجعلهن امهات في التحريم والاحترام فقال سبحانه ^ النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وازواجه امهاتهم ^ # واما ما اوجبه من طاعته والانقياد لامره والتاسي بفعله فهذا باب واسع لكن ذاك قد يقال هو من لوازم الرسالة وانما الغرض هنا ان ننبه على بعض ما اوجبه الله من الحقوق الواجبة والمحرمة على الأمة مما يزيد على لوازم الرسالة بحيث يجوز ان يبعث الله رسولا ولا يوجب له هذه الحقوق # ومن كرامته المتعلقة بالقول انه فرق بين اذاه واذى المؤمنين ف ^ ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة واعد لهم عذابا مهينا والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا ^ # وقد تقدم في هذه الاية ما يدل على ان حد من سبه القتل كما ان حد من سب غيره الجلد


  1. ومن ذلك ان الله رفع له ذكره فلا يذكر الله سبحانه الا ذكر معه ولا تصح للامة خطبة ولا تشهد حتى يشهدوا انه عبده ورسوله واوجب ذكره في كل خطبة وفي الشهادتين اللتين هما اساس الإسلام وفي الاذان الذي هو شعار الإسلام وفي الصلاة التي هي عماد الدين إلى غير ذلك من المواضع # هذا إلى خصائص له اخر يطول تعدادها # واذا كان كذلك فمعلوم ان سابه ومنتقصه قد ناقض الايمان به وناقض تعزيره وتوقيره وناقض رفع ذكره وناقض الصلاة عليه والتسليم وناقض تشريفه في الدعاء والخطاب بل قابل أفضل الخلق بما لا يقابل به الا شر الخلق # يوضح ذلك ان مجرد اعراضه عن الايمان به يبيح الدم مع عدم العهد واعراضه عن هذه الحقوق الواجبة يبيح العقوبة فهذا بمجرد

سكوته عن تشريفه وتكريمه فإذا اتى بضد ذلك من الذم والسب والانتقاص والاستخفاف فلابد ان يوجب ذلك زيادة على الذم والعقاب فان مقادير العقوبات على مقادير الجرائم الاترى ان الرجل لو قتل رجلا اعتباطا لكن عقوبته القود وهو التسليم إلى ولي المقتول فان انضم إلى ذلك قتله لاخذ المال مجاهرة صارت العقوبة تحتم القتل فان انضم إلى ذلك اخذ المال عوقب مع ذلك بالصلب وعوقب عند بعض العلماء ايضا بقطع اليد والرجل حتما مع ان اخذ المال سرقة لا يوجب الا قطع اليد فقط وكذلك لو قذف عبدا او ذميا او فاجرا لم يجب عليه الا التعزير فلو قذف حرا مسلما عفيفا لوجب عليه الحد التام فلو قيل انه لايجب عليه مع ذلك الا ما يجب على من ترك الايمان به او ترك العهد الذي بيننا وبينه لسوى بين الساكت عن ذمه وسبه والمبالغ في ذلك وهذا غير جائز كما انه غير جائز التسوية بين الساكت
عن مدحه والصلاة عليه والمبالغ في ذلك ولزم من ذلك ان لا يكون لخصوص سبه وذمه واذاه عقوبة مع انه من أعظم الجرائم وهذا باطل قطعا # ومعلوم ان لا عقوبة فوق القتل لم تبق الزيادة على ذلك الا تعين قتله وتحتمه تاب او لم يتب كحد قاطع الطريق اذ لا نعلم احدا اوجب ان يجلد لخصوص السبب ثم يقتل للكفر اذا كانت العقوبة لخصوص السب كانت حدا من الحدود وهذه مناسبة ظاهرة قد دل على صحتها دلالات النصوص السالفة من كون السب موجبا للقتل والعلة اذا ثبت بالنص او بالايماء لم تحتج إلى اصل يقاس عليه الفرع وبهذا يظهر انا لم نجعل خصوص السب موجبا للقتل الا بما دل عليه من الكتاب والسنة والاثر لا لمجرد الاستحسان والاستصلاح كما زعمه من لم يحظ بماخذ الاحكام على ان الاصل الذي يقاس به هذا الفرع ثابت وهو # الطريقة السابعة عشرة وذلك انا وجدنا الاصول التي دل عليها الكتاب او السنة او إجماع الأمة حكمت في المرتد وناقض العهد حكمين فمن لم يصدر منه الا مجرد الردة او مجرد نقض العهد ثم عاد إلى الإسلام عصم دمه كما دل عليه كتاب الله وسنة رسول الله وقد تقدم ذكر بعض ما يدل على ذلك في المرتد وهو في ناقض العهد ايضا موجود
بقوله في بعض من نقض العهد ^ ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء ^ وبان النبي قبل إسلام من اسلم من بني بكر وكانوا قد نقضوا العهد وعدوا على خزاعة فقتلوهم وقبل إسلام قريش الذين اعانوهم على قتال المسلمين حتى انتقض عهدهم بذلك ودلت سنته على ان مجرد إسلامهم كان عاصما لدمائهم وكذلك في حصره لقريظة والنضير مذكر انهم لو اسلموا لكف عنهم وقد جاء نفر منهم مسلمين فعصموا دماءهم واموالهم منهم ثعلبة بن سعية واسد بن سعية واسد ابن عبيد اسلموا في الليلة التي نزل فيها بنو قريضة على حكم رسول الله وخبرهم مشهور ومن تغلظت ردته او نقضه بما يضر
المسلمين اذا عاد إلى الإسلام لم تسقط عنه العقوبة مطلقا بل يقتل اذا كان جنس ما فعله موجبا للقتل او يعاقب بما دونه ان لم يكن كذلك كما دل عليه قوله تعالى ^ انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا ^ الاية وكما دلت عليه سنته في قصة ابن أبي سرح وابن زنيم وفي قصة ابن خطل وقصة مقيص بن صبابة وقصة العرنيين وغيرهم وكما دلت عليه الاصول المقررة فان الرجل اذا اقترن بردته قطع طريق او قتل مسلم او زنى او غير ذلك ثم رجع إلى الإسلام اخذت منه الحدود وكذلك لو اقترن بنقض عهده الاضرار بالمسلمين من قطع طريق او قتل مسلم او زنى بمسلمة فان الحدود تستوفى منه بعد الإسلام اما الحد الذي يجب على المسلم لو فعل ذلك او الحد الذي كان واجبا قبل الإسلام وهذا
الرجل الساب قد وجد منه قدر زائد على مجرد نقض العهد كما قدمنا من الاضرار الذي صار به اغلظ جرما من مجرد نقض العهد او فعل ما هو أعظم من أكثر الامور المضرة كما تقدم فصار بمنزلة من قرن بنقض عهده اذى المسلمين في دم او مال او عرض واشد واذا كان كذلك فإسلامه لا يزيل عنه عقوبة هذا الاضرار كما دلت عليه الاصول في مثله وعقوبة هذا الاضرار قد ثبت انه القتل بالنص والإسلام الطارئ لا يمنع ابتداء هذه العقوبة فان المسلم لو ابتدا بمثل هذا قتل قتلا لا يسقط بالتوبة كما تقدم # واذا لم يمنع الإسلام ابتداءها فان لا يمنع بقاءها ودوامها اولى واحرى لان الدوام والبقاء اقوى من الابتداء والحدوث في الحسيات والعقليات والحكميات # الا ترى ان العدة والاحرام والردة تمنع ابتداء النكاح ولا تمنع دوامه والإسلام يمنع ابتداء الرق ولا يمنع دوامه ويمنع ابتداء وجوب القود وحد القذف على المسلم اذا قتل او قذف ذميا ولا يمنع دوامه عليه اذا اسلم بعد القتل والقذف # ولو فرض ان إسلام يمنع ابتداء قتل هذا فلا يجب ان يسقط القتل بإسلامه لان الدوام اقوى من الابتداء وجاز ان يكون في بمنزلة القود وحد القذف فان الإسلام يمنع ابتداءه دون دوامه لاسيما
والسب فيه حق لادمي ميت وفيه جناية متعلقة بعموم المسلمين فهو مثل القتل في المحاربة ليس حقا لمعين واذا كان كذلك وجب استيفاؤه كغيره من المحاربين المفسدين # يحقق ذلك ان الذمي اذا قطع الطريق وقتل مسلما فهو يعتقد في دينه جواز قتل المسلم واخذ ماله وانما حرمه عليه العهد الذي بيننا وبينه كما انه يعتقد جواز السب في دينه وانما حرمه عليه العهد وقطع الطريق قد يفعل استحلالا وقد يفعل استخفافا بالحرمة لغرض كما ان سب الرسول قد يفعل استحلالا وقد يفعل استخفافا بالحرمة لغرض فهو مثله من كل وجه الا ان مفسدة ذلك في الدنيا ومفسدة هذا في الدين ومفسدة الدين أعظم من مفسدة الدنيا عند المؤمنين بالله العالمين به وبامره فاذا اسلم قاطع الطريق فقد تجدد منه اظهارا اعتقاد تحريم دم المسلم وماله مع جواز ان لايفي بموجب هذا الاعتقاد وكذلك اذا اسلم الساب فقد تجدد اظهار اعتقاد تحريم عرض الرسول مع جواز ان لايفي بموجب هذا الاعتقاد فاذا كان هناك يجب قتله بعد إسلامه فكذلك يجب قتله هنا بعد إسلامه ويجب ان يقال اذا كان ذلك لايسقط حده بالتوبة بعد القدرة فكذلك هذا لا يسقط حده بالتوبة بعد القدرة # ومن انعم النظر لم يسترب في ان هذا محارب مفسد كما ان قاطع الطريق محارب مفسد

  1. ولا يرد على هذا سب الله تعالى لان احدا من البشر لا يسبه اعتقادا الا بما يراه تعظيما واجلالا كزعم اهل التثليث ان له صاحبة وولدا فانهم يعتقدون ان هذا من تعظيمه والتقرب اليه ومن سبه لا على هذا الوجه فالقول فيه كالقول فيمن سب الرسول على أحد القولين وهو المختار كما سنقرره ومن فرق قال انه تعالى لا تلحقه غضاضة ولا انتقاص بذلك ولا يكاد أحد يفعل ذلك اصلا الا ان يكون وقت غضب ونحو ذلك بخلاف سب الرسول فانه يسبه انتقاصا له واستخفافا به سبا يصدر عن اعتقاد وقصد اهانة وهو من جنس تلحقه الغضاضة ويقصد بذلك وقد يسب تشفيا وغيظا وربما حل منه في النفوس حبائل ونفر عنه بذلك خلائق ولاتزول نفرتهم عنه باظهار التوبة كما لا تزول مفسدة الزنى وقطع الطريق ونحو ذلك باظهار التوبة وكما لا يزول العار الذي يلحق بالمقذوف باظهار القاذف التوبة فكانت عقوبة الكفر يندرج فيها ما يتبعه من سب الله سبحانه بخلاف سب الرسول


  1. فان قيل قد تكون زيادة العقوبة على عقوبة مجرد الناقض للعهد تحتم قتله ما دام كافرا بخلاف غيره من الكافرين فان عقد الامان والهدنة والذمة واسترقاقهم والمن عليهم والمفاداة بهم جائز في الجملة فاذا اتى مع حل دمه لنقض العهد او لعدمه بالسب تعين قتله كما قررتموه وهكذا الجواب عن المواضع التي قتل النبي فيها من سبه او امر بقتله او امر اصحابه بذلك فانها تدل على ان الساب يقتل وان لم يقتل من هو مثله من الكافرين # وكذلك قال النبي ليهود في قصة ابن الاشرف انه لو قر كما قر غيره ممن هو على مثل رايه ما اغتيل ولكنه نال منا وهجانا بالشعر ولم يفعل هذا احدا منكم الا كان السيف # واذا كان كذلك فيكون القتل وجب لامرين للكفر ولتغلظه بالسب كما يجب قتل المرتد للكفر ولتغلظه بترك الدين الحق والخروج منه فمتى زال الكفر زال الموجب للدم فلم يستقل بقاء اثر السب باحلال الدم وتبع الكفر في الزوال كما تبعه في الحصول فانه فرع للكفر ونوع منه فاذا زال الاصل زالت جميع فروعه وانواعه


  1. وهذا السؤال قد يمكن تقريره في سب من يدعي الإسلام بناء على ان السب فرع للردة ونوع منها وقد لايمكن لانه لم يتجدد من هذا بعد السب ما لم يكن موجودا حال السب بخلاف الكافر # قلنا وهذا ايضا دليل على ان قتل الساب حد من الحدود فانه قد تقدم انه يجب قتله ان كان معاهدا ولا يجوز استبقاؤه بعد السب بامان ولا استرقاق ولو كان انما يقتل لكونه كافرا محاربا لجاز امانه واسترقاقه والمفاداة به فلما كان جزاؤه القتل عينا علم ان قتله حد من الحدود ليس بمنزلة قتل سائر الكفار # ومن تامل الادلة الشرعية نصوصها ومقاييسها مما ذكرناه ومما لم نذكره ثم ظن بعد هذا ان قتل الساب لمجرد كونه كافرا غير معاهد كقتل الاسير فليس على بصيرة من امره ولا ثقة من رايه # وليس هذا من المسالك المحتملة بل من مسالك القطع فان من تامل دلالات الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الامة وما توجبه الاصول الشرعية علم قطعا ان للسب تاثيرا في سفح الدم زائدا على تاثير مجرد الكفر الخالي عن عهد # نعم قد يقال هو مقتول بمجموع الامرين بناء على ان كفر الساب نوع مغلظ لايحتمل الاستبقاء ككفر المرتد فيكون مقتولا لكفره وسبه ويكون القتل حدا بمعنى انه يجب اقامته ثم يزول موجبه

بالتوبة كقتل المرتد فهذا له مساغ فيما تقدم ما يضعف هذا الوجه ومع هذا فانه لايقدح في كون قتل الساب حدا من الحدود وجب لما فيه خصوص ظهور سب الرسول من المفسدة # وانما يبقى ان يقال هذا الحد هل يسقط بالإسلام أم لا # فنقول جميع ما ذكرناه من الدلالات وان دلت على وجوب قتله بعد اظهار التوبة فهي دالة على ان قتله حد من الحدود وليس لمجرد الكفر وهي دالة على هذا بطريق القطع لما ذكرناه من تفريق الكتاب والسنة والاجماع بين من اقتصر على الكفر الأصلي أو الطارىء أو نقض العهد وبين من سب الرسول من هؤلاء واذا لم يكن القتل لمجرد الكفر لم يبق الا ان يكون حدا واذا ثبت انه يقتل لخصوص السب لكونه حدا من الحدود لا لعموم كونه كافرا غير ذي عهد او لعموم كونه مرتدا فيجب ان لا يسقط بالتوبة والإسلام لان الإسلام والتوبة لا يسقط شيئا من الحدود الواجبة قبل ذلك اذا كانت التوبة بعد الثبوت والرفع إلى الإمام بالاتفاق # وقد دل القران ان حد قاطع الطريق والزاني
والسارق والقاذف لا يسقط بالتوبة بعد التمكن من اقامة الحد # ودلت السنة على مثل ذلك في الزاني وغيره ولم يختلف المسلمون فيما علمناه ان المسلم اذا زنى او سرق او قطع الطريق او شرب الخمر فرفع إلى السلطان وثبت عليه الحد ببينة ثم تاب من ذلك انه تجب اقامة الحد عليه الا ان يظن أحد في ذلك خلافا شاذا لا يعتد به فهذه حدود الله
تعالى وكذلك لو وجب عليه قصاص او حد قذف او عقوبة سب لمسلم او معاهد ثم تاب من ذلك لم تسقط عنه العقوبة وكذلك ايضا لم يختلفوا فيما علمناه ان الذمي لو وجب عليه حد قطع الطريق او حد السرقة او قصاص او حد قذف او تعزير ثم اسلم وتاب من ذلك لم تسقط عنه عقوبة ذلك وكذلك ايضا لو زنى فانه اذا وجب عليه حد الزنى ثم اسلم لم يسقط عنه بل يقام عليه حد الزنى عند من يقول بوجوبه قبل الإسلام ويقتل حتما عند الإمام احمد ان كان زنى انتقض به عهده