الاجابة
سؤال الشيطان وما فيه من مغالطات قائمة على التسوية بين أمرين متباينين تبايناً كلياً، لا يصحّ التسوية بينهما في الحكم الخالق والمخلوق. واستجابة الانسان لهذه الوساوس والاسترسال معها ووضعه هذا السؤال موضع البحث والتفكير , فالإنسان قبل أن يتسلط عليه الشيطان بوساوسه المعهودة والتي ما تتكرر بنفس المنهج مع اختلاف الزمان والمكان والأشخاص يكون متقينا تماما من وجود الله و هذا اليقين الفطرى لم يتولد من فراغ كما قلنا فالبعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير كما قال الأعرابي عندما سُئل عن دليل وجود الله ؟ , فاليقين ليس وليد تكيف او تقليد والايمان لا يحتاج الى بحث ليخرج من التقليد الى الاكتساب لكونه فطرى وتلقائى و الشذوذ لدي الإنسان يتمثل فى الشك والإنكار مما يجعله يسأل نفسه ... كيف ينكر إنسان وجود الله او يشك فى وجوده ؟
وسوف يستمر الإنسان هكذا ما دام معرضا عن وساوس الشيطان , لايحتاج لدليل على وجود الله , لان هذا الدليل مركب داخل حواشيه , ولن يغير هذه الحقيقة الا القياس الذى يستدرجه اليه الشيطان ويجعله يساوى بين الخالق والمخلوق "(لاحظ ان سؤال الشيطان مبنى على وهم و افتراض .. هذا الافتراض مبنى على حقيقة فطرية مغروسة فى النفس الانسانية ولا يمكن مجابهة الافتراض بالحقيقة او الوهم بالواقع) , ويترتب عليه قوله : "إن كان لا بد أن يكون للكون بداية فلا بد أيضا أن يكون لله بداية ؟ " , فهل يصح قياس المدرك على المتعالى عن الادراك ؟ هل يصح قياس المخلوق بالخالق ؟ هل يغير الحقيقة الفطرية الظاهرة الجلية وهم يلقيه الشيطان مبنى على هذه الحقيقة ؟ لو علم الانسان ذلك , لوفر على نفسه الجهد والتعب والعناء ولن يفعل سوى الاخذ بالحقيقة الفطرية وغلق جميع الابواب على الظنون والاوهام , بعد علمه بانه و الكون شىء (تخبر الفطرة بان له خالق وهذا الاخبار مبنى على اشياء تدرك فى الكون ولا يمكن ان تدرك فى الخالق فانا ارى الكون ولا ارى خالقه) و الله وصفاته شىء اخر (فوق العقل والادراك فلا يستطيع العقل الا ان يدل عليه تحت حدوده اما البحث فى ذاته او صفاته فهو فوق طاقته فلا مجال للقياس او حيثيات للحكم) . وبالتالى فلن يكون له علاج افضل من الاعراض والاستعاذة .
وعلى العكس من ذلك هناك أشياء لا تحتاج إلى التفكير أو المراجعة لرفضها لكونها قد بلغت الحد في المخالفة والتناقض كالعقيدة المسيحية وما شاكلها ولكن للأسف يأتي التكيف مدعوما بالتقليد ليلعب الدور الذي لعبه الشيطان بالنسبة للفطرة و للإيمان , فكما عبث الشيطان بفطرة الإنسان وجعله يبحث في وجود الله مع عدم وجود داعى لذلك فان التكيف والتقليد سوف يجعلانه يهضم العقائد المشوهة و يثبت عليها مع عدم وجود اى حافز للاستحسان اوالقبول فلا يجد اى مشكلة معهما في عبادة البقر أو السجود للنار والشمس.
وبإيجاز إذا طرحت التأثير الشيطاني من الجزئية الأولى فلن تحتاج إلى بحث في وجود الله لان الفطرة سوف تقودك اليه اما إذا طرحت التكيف والتقليد من الثانية فلن تتردد في رفض كل مشوه أو فاسد.
هل هناك من يشهد بصحة ذلك ؟
يتبع بعون الله تعالى
المفضلات