وعلى خطوات الدولة الطولونية نفسها سارت الدولة الإخشيدية (323-358هـ) في معاملة النصارى؛ فكان أمراؤها يحرصون على معاملتهم معاملة طيبة، وقد استعانوا بهم في كافة الوظائف، وبخاصة الشئون المالية، وقد كان عامل الخراج الذي تولَّى خراج مصر للأمراء الإخشيديين في هذه الفترة ابن عيسى بقطر بن شفا.

ويلاحظ في هذا العصر استخدام الإخشيديين لليهود بجوار النصارى في شئون الإدارة وأعمال الحكومة، وكان من الشخصيات اليهودية البارزة في هذا المجال يعقوب بن كلّس اليهودي، من مستشاري كافور، ومن أقرب الناس إليه، ومن شدَّة إعجاب كافور الإخشيدي بابن كلّس أنه أمر جميع رؤساء الدواوين بألاّ يُصرَف درهمٌ أو دينارٌ إلا بتوقيع ابن كلّس، وذلك في سنة 356هـ(6).

ولم يكن يوجد في المدن الإسلامية أحياء مختصَّة باليهود والنصارى بحيث لا يتعدونها، وإنْ آَثَر أهل كل دين أن يعيشوا متقاربين، وكانت الأديرة المسيحية منتشرة في كل أجزاء بغداد، حتى كادت لا تخلو منها ناحية(7).

ويُذكَر أنه كان للخليفة الطائع (363-381هـ) كاتب نصراني، وفي النصف الثاني من القرن الرابع اتخذ كلٌّ من عَضُدِ الدولة المتوفى عام (372هـ) في بغداد، والخليفة العزيز في القاهرة - وزيرًا نصرانيًّا، وقد استأذن نصر بن هارون وزير عضد الدولة سيده في عمارة البِيَعِ والأديرة، وفي إطلاق المال لفقراء النصارى، فأَذِن له.

المصدر: كتاب (مستقبل النصارى في الدولة الإسلامية).