المسلمون في ميانمار( بورما سابقًا)


تقع دولة بورما (ميانمار حاليًا) في الجنوب الشرقي لقارة آسيا، ويحدّها من الشمال الصين، ومن الجنوب خليج البنغال وتايلاند، ومن الشرق الصين وجمهورية لاووس وتايلاند، ومن الغرب خليج البنغال وبنجلاديش، ويسكن أغلبية المسلمين في إقليم أراكان الجنوب الغربي لبورما، ويفصله عن باقي أجزاء بورما حد طبيعي هو سلسلة جبال (أراكان يوما) الممتدة من جبال الهملايا.
تشير الإحصائيات الرسمية في ميانمار (بورما) إلى أن عدد السكان فى بورما أو ميانمار حاليَا حوالي 42 مليون نسمة، وتبلغ نسبة المسلمين في ميانمار حوالي 15%، حيث يتراوح عدد المسلمين ما بين (5 -8) ملايين نسمة.
ويُعدّ المسلمون من أفقر الجاليات في ميانمار، وأقلها تعليمًا، ومعلوماتهم عن الإسلام محدودة.
ويصل عدد المساجد في العاصمة (رانجون) نحو (32) مسجدًا.
ويتركز المسلمون في ولاية أراكان المتاخمة لدولة بنجلاديش، وينتمون إلى شعب روهينجا. ويقول زعماء الجالية المسلمة في العاصمة (رانجون): إن الإسلام دخل بورما منذ القرن الأول الهجري على أيدي التجار العرب، في حين تقول السلطات: إنه دخل قبيل الاحتلال البريطاني للبلاد عام 1824م، ومن هذا المنطلق يتم حرمان كل مسلم لا يستطيع إثبات جذوره في البلاد قبل هذا العام من الجنسية.



ميانمار والإسلام





يذكر المؤرخون أن الإسلام وصل إلى ميانمار في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد في القرن السابع الميلادي عن طريق التجار العرب، وتمركز المسلمون في إقليم أراكان الذي حكمه ما يقرب من 48 ملكاً مسلماً على التوالي، وذلك لأكثر من ثلاثة قرون ونصف القرن، أي ما بين عامي 1430م - 1784م (833 -1198هـ)، وقد شُكّلت أول دولة إسلامية في عام 1430م بقيادة الملك سليمان شاه، وقد تركوا آثاراً إسلامية من مساجد ومدارس وأربطة مثل: مسجد بدر المقام في أراكان، ومسجد سندي خان الذي بني في عام 1430م وغيرهما.
ويتركز المسلمون في ولاية أراكان المتاخمة لدولة بنجلاديش، وينتمون إلى شعب روهينغا، ويقول زعماء الجالية المسلمة في العاصمة رانجون: إن الإسلام دخل بورما منذ القرن الأول الهجري على أيدي التجار العرب، في حين تقول السلطات إنه دخل مع الاحتلال البريطاني للبلاد عام 1824م، ومن هذا المنطلق يتم حرمان كل مسلم لا يستطيع إثبات جذوره في البلاد قبل هذا العام من الجنسية.
وكانت أوضاع المسلمين في البلاد قد تدهورت منذ الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال (ني وين) عام 1962م؛ إذ اتجهت الدولة منذ ذلك الحين إلى طرد المسلمين من الوظائف الحكومية والجيش.
وتتحدث منظمات حقوق الإنسان الدولية عن انتهاكات صارخة يتعرض لها مسلمو الروهينجا بولاية أراكان؛ إذ يتعرضون للمضايقات وتقييد حرية الحركة، وتُفرض عليهم الأحكام العرفية، وتُدمّر منازلهم، فضلاً عن تقييد حرية العبادة.
وقد قامت السلطات في ميانمار خلال السبعينيات والثمانينيات بطرد مئات الآلاف من مسلمي الروهينجا إلى بنجلاديش المجاورة.
يقيم في بنغلاديش عند الحدود مع ميانمار مئات الآلاف من أقلية مسلمة تعرف بالروهينغا، هجروا من وطنهم الأصلي ميانمار لاختلافهم دينيا وعرقيا عن الغالبية البوذية. بدأت القصة عام 1978 مع النظام العسكري الذي اضطهد كل من اختلف عن البوذيين من المسلمين والهندوس. وتوالت مراحل التهجير للروهينغا إلى أن بلغت أشدها عام 2001 عندما دمرت المساجد الكبرى في ميانمار وهجر أكثر المسلمين كرد على تدمير طالبان لتماثيل بوذا.

التاريخ الحديث لبورما
في 1 أبريل 1937م انفصلت بورما عن الهند نتيجة اقتراع بشأن بقائها مع مستعمرة الهند أو استقلالها لتكون مستعمرة بريطانية منفصلة, حيث كانت إحدى ولايات الهند المتحدة تتألف من اتحاد ولايات هي: بورما وكارن وكابا وشان وكاشين وشن, في 1940م قامت ميليشيا "الرفاق الثلاثين" جيش الاستقلال البورمي وهو قوة مسلحة معنيّة بطرد الاحتلال البريطاني, وقد تلقى قادته "الرفاق الثلاثون" التدريب العسكري في اليابان, وعادوا مع الغزو الياباني في العام 1941م مما جعل "ميانمار" نقطة مواجهة خلال الحرب العالمية الثانية بين بريطانيا واليابان، وفي يوليو 1945م, عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية لصالح الحلفاء أعادت بريطانيا ضم بورما كمستعمرة, حتى أنّ الصراع الداخلي بين البورميين أنفسهم كان ينقسم بين موالٍ لبريطانيا أو لليابان ومعارض لكلا التدخُّلين, ثم نالت بورما استقلالها سنة 1948 م وانفصلت عن الاستعمار البريطاني.

الروهينغا مسلمو أراكان


تقع منطقة "أراكان" إلى الغرب من "برمانيا"، وقد كانت بين 1430و1783م مملكة مستقلة تحت حكم السلاطين المسلمين، قبل أن تحتلها الإمبراطورية البرمانية في عملية غزو واسعة. ومنذ 1825م خضعت للسيطرة البريطانية التي انتهت ببسط هيمنتها على كامل "برمانيا" الحالية. وبدافع سياسة فرق تسد، عمل الاستعمار البريطاني على ربط جميع المناطق المحتلة حديثا بالإمبراطورية الهندية ( وبقي ذلك الوضع إلى عام 1937م)، وخلق تناقضات بين الأقليات وأتباع الديانات المختلفة. وخلال هذه الفترة استقر بعض البرمانيين والمسلمين في مختلف المناطق الخاضعة للسيطرة البريطانية، إما للعمل في التجارة، أو في وظائف تابعة للحكم البريطاني، وقد ساعدت هذه الهجرات القوميين البرمان للإدعاء بأن أولئك المسلمين في غالبيتهم هم من أتباع الاستعمار البريطاني، من هنا جاء اعتبارهم " غرباء " متهمين بخيانة القومية البرمانية، وهكذا لم تبق هناك سوى خطوة واحدة، لم يتردد البرمانيون بمن فيهم المعروفون بالديمقراطيين، من اجتيازها.
إن إقليم أراكان الحالي لكونه يضم جزء من البوذيين الذين تطلق عليهم تسمية " الراخين "، فإن محاولة الطعن في شرعية وأصالة المواطنين المسلمين ما لبثت أن لاحت بصورة واضحة، بالرغم من أن المسلمين لم يكفوا حتى العام 2000م من المطالبة ـ ليس بالانفصال ـ ولكن باستقلال ذاتي في ظل فيدرالية برمانية تحترم خصوصياتهم الدينية والثقافية بشكل ديمقراطي. هذه التركة الثقيلة من الصراعات التاريخية هي التي تفسر اليوم شعور الارتياب الذي يشكل مسلمو أراكان ضحيته. وفي اللغة السائرة، ينعت المسلمون بكلمة " كالا "، التي تعني في اللغة المحلية الغريب جغرافيا، وهكذا يظهر لنا أن النخبة الحاكمة في رانغون لم تكرس للممارسات المعادية للمسلمين والمليئة بالترسبات والخلفيات من لا شيء. ومع ذلك فبعد أن أقصتها صناديق الاقتراع في سنة 1990م وتشبتت بالسلطة بالقوة لمواصلة النهب، جعلت النخبة المتسلطة من الأقلية المسلمة في البلاد كبش الفداء المناسب لتوجيه الشعور بالقهر والغضب لدى شعب غارق في البؤس إليها . اضطهاد وتهجير للمسلمين من هنا انطلقت منذ بداية عقد التسعينيات بعد إلغاء نتائج الانتخابات موجة من الاضطهاد أخذت شكلا كسياسة التطهير العرقي إزاء مسلمي أراكان المتمركزين خاصة في القسم الشمالي من البلاد، ونتج عن ذلك تهجير ما بين 250 إلى 280 ألفا منهم نحو بنجلاديش، التي رفضت استقبالهم إلا بعد عدة جهود ليعيشوا في شروط قاسية داخل مخيمات تفتقد أدنى مقومات الحياة.



مآس المسلمين في بورما لا تنتهي







من هؤلاء المطالبين بحقوق المسلمين الشيخ "سليم الله حسين عبد الرحمن" رئيس منظمة تضامن الروهنجيا، الذي قال: بعد وصول الحكم العسكري عام 1962م، ففي عام 1978م شردت بورما أكثر من ثلاثمائة ألف مسلم إلى بنغلاديش، وفي عام 1982م ألغت جنسية المسلمين بدعوى أنهم متوطنون في بورما بعد عام 1824م وهو عام دخول الاستعمار البريطاني إلى بورما، رغم أن الواقع والتاريخ يكذّبان ذلك، وفي عام 1992م شردت بورما حوالي ثلاثمائة ألف مسلم إلى بنجلاديش مرة أخرى، ومن تبقّى من المسلمين يتم إتباع سياسة الاستئصال معهم عن طريق برامج إبادة الجنس وتحديد النسل بين المسلمين، فالمسلمة ممنوع أن تتزوج قبل سن الـ 25 عاما أما الرجل فلا يسمح له بالزواج قبل سن الـ 30 من عمره.
ويضيف الشيخ سليم الله قائلا: "إذ حملت الزوجة لابد من ذهابها طبقاً لقرار السلطات الحاكمة إلى إدارة قوّات الأمن الحدودية "ناساكا" لأخذ صورتها الملوّنة كاشفة بطنها بعد مرور كلّ شهر حتّى تضع حملها، وفي كلّ مرّة لا بدّ من دفع الرسوم بمبلغ كبير، وذلك للتأكّد ـ كما تدعي السلطة ـ من سلامة الجنين، ولتسهيل إحصاء المولود بعد الولادة. ولكنّ لسان الواقع يُلوِّح بأنّ الهدف من إصدار هذا القرار المرير هو الاستهتار بمشاعر المسلمين، وتأكيدهم على أنّه ليس لهم أيّ حقّ للعيش في "أراكان" بأمن وسلام!!، مضيفا أن هناك عمليات اغتصاب وهتك للعرض في صفوف المسلمات اللواتي يموت بعضهن بسببه، والجنود الذين يقومون بكل تلك الأعمال والقمع والإذلال ضد المسلمين تدربوا على يد يهود حاقدين.

أهم مآسي المسلمين في ميانمار
1- التطهير العرقي، منذ أن استولى العسكريون على الحكم في بورما بعد الانقلاب العسكري بواسطة الجنرال (نيوين) المتعصب عام 1962م تعرض المسلمون في أراكان لكل أنواع الظلم والاضطهاد من القتل والتهجير والتشريد والتضييق الاقتصادي والثقافي ومصادرة أراضيهم، بل مصادرة مواطنتهم بزعم مشابهتهم للبنغاليين في الدين واللغة والشكل.
2- طمس الهوية والآثار الإسلامية، وذلك بتدمير الآثار الإسلامية من مساجد ومدارس تاريخية، ومنع المدارس الإسلامية من التطوير أو الاعتراف الحكومي والمصادقة على شهاداتها أو خريجيها.
3- المحاولات المستميتة لـ «برمنة» الثقافة الإسلامية وتذويب المسلمين في المجتمع البوذي البورمي قسراً.
4 - التهجير الجماعي من قرى المسلمين وأراضيهم الزراعية، وتوطين البوذيين فيها داخل قرى نموذجية تبنى بأموال وأيدي المسلمين جبراً، أو شق طرق كبيرة أو ثكنات عسكرية دون أي تعويض، ومن يرفض فمصيره الموت في المعتقلات الفاشية التي لا تعرف الرحمة.
5-الطرد الجماعي المتكرر خارج الوطن مثلما حصل في عام 1962م عقب الانقلاب العسكري الفاشي حيث طرد أكثر من 300.000 مسلم إلى بنغلاديش.
وفي عام 1978م طرد أكثر من500.000 (نصف مليون) مسلم، في أوضاع قاسية جداً، مات منهم قرابة 40.000 من الشيوخ والنساء والأطفال- حسب إحصائية وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة-، وفي عام 1988م تم طرد أكثر من 150.000 مسلم، وفي عام 1991م تم طرد قرابة 500.000 مسلم.
6- حرمان أبناء المسلمين من مواصلة التعليم في الكليات والجامعات، ومن يذهب للخارج يُطوى قيده من سجلات القرية، ومن ثم يعتقل عند عودته، ويرمى به في غياهب السجون.
7- فرض الضرائب الباهظة عليهم في كل شيء، والغرامات المالية، ومنع بيع المحاصيل إلا للعسكر أو من يمثلهم بسعر زهيد لإبقائهم فقراء، أو لإجبارهم على ترك الديار.
وإزاء هذه الأوضاع المأساوية التي تتم في غفلة من العالم الإسلامي الذي اكتفى- حتى الآن- ببعض المساعدات المادية (كمشروع إفطار الصائم ولحوم الأضاحي الذي تنفذه الندوة العالمية للشباب الإسلامي وهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية والجمعيات الإسلامية في البحرين وجمعية الشارقة الخيرية وغيرهم) لم ييأس مسلمو أراكان، ونجحوا في صياغة موقف دولي داعم لهم في إطار رفض المجتمع الدولي لسياسات النظام العسكري المستبد في بورما، ويطالبها بالانتقال إلى الحكم المدني.
كما أنهم أنشأوا منظمة سميت «تضامن الروهنجيا» عام 1982م، وهي المنظمة الرئيسية التي تدافع عن حقوق أبناء أراكان، وقبلها كانت توجد منظمة أربيف (جبهة الشعب الروهنجي) التي ضعفت وتضاءل دورها.


جمع واعداد/ عبدالعزيز بن عبدالرحمن السعيد

المصدر : منتدى الجالية الأركانية البرماوية بالمملكة السعودية
http://www.burma-ksa.com/vb/showthread.php?t=30339