الأقليات ودورها في الحملة الفرنسية على مصر
وفي مصر كان للأقليات جولة وجولات تطفح بمدى الشعور بالانعزال والانقطاع عن المجتمعات المسلمة التي ظلوا في حمايتها قرونًا عديدة، ولكن أبرز هذه الخيانات وأخس هذه الأدوار ما كان منهم عندما احتل الفرنسيون مصر سنة 1213هـ، بدافع صليبي مغلف بدوافع اقتصادية وتجارية وسياسية، ووجدوا أمامهم معارضة شعبية إسلامية قوية وصامدة من مسلمي مصر، فقرروا الاستفادة من وجود (الأقليات) بالديار المصرية، ولعبوا على وتر العقيدة الصليبية عندهم، ونجح الفرنسيون في استثارة (الأقليات) وجندوا العناصر النصرانية المصرية التي طالما عاشت وترعرعت آمنة مطمئنة بأرض مصر، وكان رمز الخيانة وقتها ممثلاً في شخصية المعلم (يعقوب حنا)، الذي يعدُّ أبرز من خانوا بلادهم في المجتمع الحديث، حيث قام هذا الصليبي الخائن بتكوين فرق عسكرية من النصارى المصريين، وقام الضباط الفرنسيون بتدريبهم على نظم أوربا العسكرية وتزويدهم بالأسلحة الحديثة لمساعدتهم في قمع الثورات الشعبية، وقد منحه الفرنسيون رتبة (جنرال)، ولقب القائد العام للفيالق القبطية بالجيش الفرنسي.وقد استطاعت القوات الفرنسية بمعاونة ميليشيات يعقوب القبطي أن تقمع ثورة القاهرة الأولى سنة 1213هـ، وثورة القاهرة الثانية سنة 1214هـ، وقد أباح الكلب (كليبر) للمعلم يعقوب القبطي أن يفعل بأهل القاهرة ما يشاء بعد أن قمع ثورة القاهرة الثانية، فقام بإحراق الدور ونهب الأموال وتهديم المساجد وانتهك الأعراض، ووقع منه من المنكرات والأحقاد ما يعجز القلم عن وصفه، وكانت يعقوب بن حنا القبطي وفرقته القبطية العسكرية بداية لما عرف في التاريخ المصري باسم (الفتنة الطائفية). والعجيب أنه صار بعد ذلك قديسًا يقام له بأرض مصر مولدٌ واحتفال بذكراه في الجهاد ضد المسلمين، ولكن العجيب من ذلك موقف المؤرخين النصارى المعاصرين حيث يثنون على ما قام به هذا الخائن الصليبي.فهذا هو الكاتب الصليبي الشهير د. لويس عوض المعروف بكراهيته الشديدة للإسلام يقول: "إن الدور الذي قام به المعلم يعقوب حنا مع الفرنسيين ضد العثمانيين، يعتبر تعاونًا يستحق بموجبه أن يقام له تمثال من ذهب في أكبر ميادين القاهرة، ويكتب عليه أنه أول من نادى باستقلال مصر في العصر الحديث".وما زال الجدل محتدمًا حتى الآن في مصر حول دور يعقوب حنا في الحملة الفرنسية، على الرغم من أن المؤرخين المعاصرين للحملة مثل الجبرتي قد وصفه بما يليق به من خيانة ونذالة وحقد على الإسلام والمسلمين.الأقليات ودورها في سقوط الدولة العثمانية
ونحن هنا قد وصلنا للدور الأروع والأفظع والجريمة الأشنع التي قامت بها (الأقليات) في حق مجتمعاتها المسلمة ودولتها التي عاشت فيها ونمت وازدهرت، وهو ما قام به اليهود والنصارى من رعايا الدولة العثمانية، حيث كانت أوربا الصليبية في حربها ضد الدولة العثمانية حريصة على تمزيق الدولة بإثارة الفتن وتفجير الثورات الدينية الداخلية، وكانت أدواتهم في ذلك وسلاحهم الشرير في تنفيذ مخططهم الآثم هو اليهود والنصارى، رغم ما كانوا يلقونه من عناية ورعاية وعطف من سلاطين الدولة العثمانية، حتى إن كثيرًا من هؤلاء السلاطين قد تزوجوا من نساء (الأقليات).ولربما يضطلع اليهود بالدور الأكبر في هدم الخلافة العثمانية، ولكن هذا لا يقلل دور النصارى في إثارة الفتن والقلاقل، وكان القساوسة ورجال الدين على صلات وثيقة بزعماء الدول الأوربية، وخصوصًا روسيا، وهذا يتضح من نص الوثيقة التاريخية المهمة التي أرسلها بها البطريرك (جريجوريوس) إلى قيصر روسيا يبين له فيها كيفية هدم الدولة العثمانية من الداخل، التي يركز فيها على كيفية تحطيم الروح الإيمانية والمعنوية للمسلمين، وتمزيق الروابط التي تجمعهم نحو النصر (عقيدة الولاء والبراء).ولنعرض لدور طرفي (الأقليات) في سقوط الدولة العثمانية:
أولاً: دور النصارى في سقوط الدولة العثمانية:
كانت الدولة العثمانية تنظر إلى رعاياها النصارى على أنهم جزء من نسيج هذه الدولة يتولون المناصب ويشتركون في المعارك وينعمون بالأمن والأمان، والرفاهية التامة، وازداد نفوذهم مع تدهور الدولة العثمانية، وانتشار الأفكار التغريبية، خاصة من بداية عهد السلطان محمود الثاني المتوفى سنة 1839م/1255هـ، والذي فتح المجال على مصراعيه للنصارى، ومسخ عقيدة الولاء والبراء تمامًا، فها هو يقول في إحدى خطبه: "إني لا أريد ابتداءً من الآن أن يميز المسلمون إلا في المسجد، والمسيحيون إلا في الكنيسة، واليهود في المعبد، إني أريد ما دام يتوجه الجميع نحوي بالتحية أن يتمتع الجميع بالمساواة في الحقوق".لذلك نعمت النصرانية في عهد بحرية تامة جدًّا، ثم جاء من بعد السلطان عبد المجيد الأول المتوفى عام 1860م/ 1277هـ، وكان شابًّا في السادسة عشرة، فعبث برأسه المفتونون بالغرب، وعلى رأسهم "مصطفى باشا رشيد" الذي أصدر (خط شريف جلخانة) الذي ينص على المساواة في الحقوق والواجبات بين المسلم وغير المسلم، ثم أتبعه بالخط الهمايوني الأكثر انحلالاً، والذي ينص على 8 نقاط ترشح وتؤكد على المساواة بين المسلم وغير المسلم في كافة الحقوق والواجبات، وتكتب شهادة بوفاة عقيدة الولاء والبراء عند هؤلاء القوم. ورغم كل هذه الحريات التي تصل لمرحلة التمييع الشديد والطمس الكامل لعقيدة الولاء والبراء، كيف جاء رد فعل الآخر على هذه التنازلات؟ وهل شعر أنه جزء من هذا الوطن الذي لا يفرق بينه وبين غيره؟الجواب: لا؛ فالنصارى دأبوا على التحريض والثورات، ويتضح ذلك جليًّا في ثورة اليونان الكبيرة سنة 1821م/1237هـ.وفي عهد مَن؟ في عهد محمود الثاني الذي فتح الباب للنصارى على مصراعيه، وفي هذه الثورة كان النصارى يهاجرون من بلادهم إلى اليونان للاشتراك في ثورتها ضد الدولة العثمانية، وتسببت تلك الثورة في إضعاف الدولة العثمانية وتنازلها لروسيا عن الكثير من الموانئ والبلاد، وانفصال الشام ومصر تحت حكم العميل محمد علي باشا.ويتضح أيضًا هذا الدور من ثورات النصارى الدائمة بأرمينيا وجورجيا الذين كانوا يرون دائمًا في الدولة العثمانية عدوًّا أبديًّا يجب التخلص منه.ويتضح أيضًا هذا الدور في المحافل الماسونية التي دخلت بلاد الإسلام مع الحملة الفرنسية على مصر 1213هـ، حيث كانت معظم هذه المحافل مكوَّنة من النصارى، ومنها خرجت الأفكار العلمانية والقومية، فنجد أن فكرة القومية العربية التي وضعت أصلاً لضرب الولاء والبراء بين المسلمين نشأت ببيروت على يد رجال أمثال بطرس البستاني، وإبراهيم اليازجي، وغيرهم من رجال (النصارى) المشهورين.دور اليهود في سقوط الدولة العثمانية:
إن كان للنصارى دور كبير في سقوط الدولة العثمانية، فإن اليهود هم أصحاب الدور الأكبر والأخبث في تلك المهمة القذرة؛ ذلك لأن النصارى كانوا يعتمدون سياسة الثورة والقوة التي تهدف لتحطيم الدولة عسكريًّا، أما اليهود فقد كانوا يعملون في الخفاء وينخرون في جسد الأمة كالسوس، يقفون بالمرصاد أمام محاولات الإحياء والصحوة، ويروجون لكل المنظمات والأفكار الهدَّامة التي من شأنها على المدى البعيد أن تقوض هذا الملك الكبير، هذا مع كبير الجميل الذي قام به العثمانيون تجاه اليهود؛ ذلك لأنه في عهد سليمان القانوني المتوفى سنة 974هـ/1566م، وقعت محنة محاكم التفتيشبالأندلس للمسلمين واليهود..وتشرد من اليهود مئات الألوف، وهاموا على وجوههم، ورفضت كل البلاد استقبالهم لسابق سوء صنيعهم وسمعتهم الشهيرة في الفساد والشر، وكان سليمان متوجًا من امرأة يهودية كالأفعى اسمها (روكسلان) ظلت تستعطف سليمان ليتقبل اليهود ببلاده، حتى وافق وأذن لهم بالاستيطان بالبلاد الثمانية فاستوطنوا الأناضول خاصة (إزمير، سلا###، أدرنة) وتمتعوا بقدر كبير من الاستقلال الذاتي، وتولوا المناصب واقتنوا الثروات وعاشوا في حرية ورفاهية تامة، فماذا كان رد فعلهم؟ وكيف تعاملوا مع دولتهم ومجتمعهم؟أخذ اليهود في إنشاء جماعة خاصة بهم غرضها إفساد عقائد المسمين والدعوة لتجميع اليهود من شتى أنحاء العالم لاتخاذ القدس مقرًّا لهم، وهؤلاء معروفون بـ (يهود الدونمة)، وداعيتهم (شتباي زيفي) الذي ادعى النبوة وذاع أمره بأوربا والشام ومصر، وجاءته وفود اليهود لتبايعه، ولما أخذته الدولة العثمانية لتعاقبه، ادعى الإسلام وأظهر أنه مسلم وسمى نفسه (محمد البواب)، وطلب من الدولة أن تأذن له في الدعوة للإسلام بين اليهود، وظل (شتباي زيفي) على يهوديته في الباطن يمارس العمل للصهيونية في الخفاء، ويظهر الإخلاص للإسلام في العلن. وتعتبر حركته (يهود الدونمة) حركة سياسية موجهة ضد الدولة العثمانية، أكبر من كونها حركة دينية، وكان لها إسهامات عديدة في هدم الخلافة عن طريق:أ- هدم القيم الإسلامية في المجمع العثماني المسلم، والعمل على نشر الإلحاد والأفكار الغربية، والدعوة للعري والاختلاط بين الرجال والنساء، خاصة في المدارس والجامعات.ب- قام يهود الدونمة بدور فعّال في نصرة القوى المعادية للسلطان عبد الحميد، والتي تحركت من (سلا###) لعزله، وهم الذين سمموا أفكار الضباط للشباب وتغلغلوا داخل صفوف الجيش.ج- قام اليهود بالتأثير في جمعية الاتحاد والترقي، تحكموا فيهم وحركوهم كالدمى؛ حتى ينفذوا مخططهم الشرير في عزل عبد الحميد وتطبيق الدستور العلماني.د- أسسوا المحافل الماسونية داخل الدولة العثمانية، واستخدموا شعارات خادعة مثل الحرية ومكافحة الاستبداد ونشر الديمقراطية؛ لاجتذاب البسطاء وترويح الأفكار الهدامة.ويعتبر (شتباي زيفي) والذي هلك سنة 1678م/1067هـ، أول من نادى باتخاذ فلسطين وطن قومي لليهود، ويعتبر المؤسس الحقيقي للصهيونية العالمية، وذلك قبل (تيودور هرتزل) بثلاثة قرون، ويكفي أن نعرف أن (مصطفى كمال) ينتسب إلى هذه الطائفة اليهودية الخبيثة؛ لندرك مدى دورها في تحطيم الخلافة العثمانية.ويعتبر اليهودي (موئيز كوهين) مؤسس الفكر القومي الطوراني، وكتابه في القومية الطورانية هو الكتاب المقدس للسياسة الطورانية التي قوضت الخلافة العثمانية، وأحبطت فكرة الجامعة الإسلامية، واليهود ويؤكدون على دورهم في تحطيم الخلافة العثمانية بإرسال أحد كبار اليهود، وهو (إيمانويل قراصو) وهو من قادة الاتحاد والترقي ليسلم السلطان عبد الحميد قرار عزله كنوع من التشفي والانتقام، وإظهار عاقبة رفض عبد الحميد لطلبهم باستيطان فلسطين.هذه كانت جولة سريعة في أحداث التاريخ السابقة التي ربما تكون غائبة عن ذهن المسلمين الآن كعادتهم مع تاريخهم التليد، وضحنا فيها موقف (الآخر) من قضية "الولاء والبراء"، أما واقعنا الحاضر وتاريخنا القريب فهو مليء أيضًا بالمواقف التي تبرهن لنا على حقيقة موقف الآخر في مجتمعه المسلم، نذكر منها رءوس أقلام للتذكرة والتنبيه:- ما جرى من الآخر في بلاد البوسنة والهرسك والمجازر البشعة التي ارتكبت في حق المسلمين، لا لشيء إلا لأنهم أرادوا أن يكون لهم دولة خاصة تحمل شعار الإسلام.- ما جرى من الآخر في بلاد كوسوفا ومقدونيا.- ما جرى من الآخر في الشيشان.- ما جرى من الآخر في جنوب السودان وجنوب نيجيريا وساحل العاج وإثيوبيا وإريتريا.- ما جرى من الآخر في لبنان، وخيانة الآخر الكبيرة بتكوين جيش صليبي بقيادة أنطوان لحد.وما زالت دماء المسلمين تُراق كل يوم وليلة في شتى بقاع الأرض على يد (الأقليات)، والتي نعمت مئات السنين تحت حكم الإسلام.مما سبق عرضه من هذه الدراسة التاريخية الموجزة، والعرض السريع لأحداث التاريخ القديم والمعاصر يتضح لنا عدة أمور مهمة في قضية الأقليات، وموقفهم تجاه المجتمعات التي يحيون فيها، ومنها:أولاً: أن الأقليات قد نعمت في ظل حكم الدولة الإسلامية بكل أنواع الأمان والرفاهية والمساواة التي لم يكن يخطر لهم بمثلها على بال لو حكم بعضهم بعضًا (مثلما حدث من الأسبان عندما حكموا الأندلس طردوا كل اليهود منها)، ولم يعلم من أحداث التاريخ شيئًا يدان به المسلمون في معاملتهم للأقليات، بل إن حسن المعاملة كانت سببًا لإسلام الكثير منهم، كما حدث مع نصارى حمص أيام ولاية أبي عبيدة بن الجراحسنة 15هـ.ثانيًا: أن الأقليات رغم كل هذه المعاملة الحسنة والتسامح الكبير الذي يصل إلى حد التساهل، لم يشعروا أنهم جزء من المجتمع المسلم، بل دائمًا وأبدًا يشعرون أنهم نسيج بمفرده، مثلما حدث مع نصارى مدينة طرابلس الشامية الذين رحلوا بعيالهم ونسائهم مع الصليبيين عندما خرجوا من هذه المدينة مع نهاية الحروب الصليبية سنة 680هـ، ونجد أيضًا أن الإنجليز عندما احتلوا العراق سنة 1917م/1335هـ، دخلوا بغداد في استقبال رائع وكبير من اليهود والنصارى الذين أعلنوا أنهم في خدمة الإنجليز وتحت تصرفهم، وعندما طالب المسلمون بالعراق تكوين دولة مستقلة لهم من شمال الموصل إلى الخليج العربي سنة 1338هـ، رفض اليهود والنصارى ذلك، وطلبوا أن يكونوا رعايا بريطانيين.ثالثًا: أن (الأقليات) لم تكتف بانعزالهم شعوريًّا ووجدانيًّا عن المجتمعات المسلمة التي يحيون فيها، بل تمادوا في ذلك، وأصبح بمنزلة (الطابور الخامس) لأعداء الأمة المسلمة، يحيكون الدسائس وينقلون الأخبار ويتجسسون لصالح الأعداء، فهم مع كل عدو وحاقد على الإسلام، حتى ولو لم يطلب الأعداء منه العمل؛ فالأقليات دائمًا تحت أمر وخدمة وتصرف أعداء الإسلام، ولم نجد منهم موقفًا واحدًا في نصرة الدين أو الدفاع عن مجتمعه المسلم الذي يحيى فيه، إلا ما كان اضطراريًّا أو دفاعًا عن النفس.رابعًا: أن (الأقليات) لم تنشط أو ترفع رأسًا أو تحيك المؤامرات أو تتعاون مع أعداء الإسلام إلا في الفترات التي تضعف فيها عقيدة الولاء والبراء عند المسلمين أنفسهم، ويتساهلون مع (الأقليات) ويرفعونهم إلى درجة المساواة مع المسلمين، كما حدث عند إطلاق الخط الهمايوني في عهد السلطان (محمود الثاني)، حيث شهد هذا العصر إطلاق المحافل الماسونية والمدارس التبشيرية والإرساليات النصرانية، وظهور الأفكار التحررية والعلمانية، ومن قبل نشطت الأقليات في الأندلس في عهد ملوك الطوائف المشهورين؛ لتمييعهم الشديد في أمر الإسلام، وضعف عقيدتهم الإسلامية؛ مما أتاح الفرصة أمام (الأقليات) لئن تتآمر مع إسبانيا الصليبية، وتضيع حواضر الإسلام التليدة؛ قرطبة، طليطلة، إشبيلية.وعلى المقابل، ففي الفترات التي كانت الدولة المسلمة تطبق شرع الله بصورة تامة وكاملة، خاصة عقيدة الولاء والبراء، وكانت شروط أهل الذمة تطبق على الأقليات، كانت هذه الفترات هي فترات القوة والعظمة، والفترات التي لم يستطع فيها أهل الذمة أن يتحركوا أو يُخرِجوا مكنون صدورهم، أو حتى يفكروا في التآمر على المجتمع؛ لأنهم يعلمون علم اليقين أن يد الشرع ستطولهم، وعندها يكون العقاب الأليم والحد الفاصل.خامسًا: أن المتاعب والفتن التي تسببت فيها (الأقليات) لمجتمعاتهم المسلمة لم يكن لها أن تحدث لو أن المجتمع المسلم كان ملتزمًا بشرعه، متمسكًا بعقيدته النقية، وهذا يقودنا إلى حقيقة مهمة قررها القرآن الكريم منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمان، عندما قال رب العزة: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: 120].فمهما فعل المسلمون، ومهما قدموا من تنازلات للأقليات، ومهما تساهلوا وتهاونوا معهم إلى حد التمييع فلن يرضوا أبدًا عن كل هذا، ولن يشعروا بأنهم جزء من هذا المجتمع، ولن ترضيهم قصائد المدح وشعارات الوحدة الوطنية الجوفاء، وإفطارات الكنائس والإجازات الرسمية والكنائس الجديدة... إلى غير ذلك، فكل ذلك لن يُرضيهم أبدًا؛ لأنهم أولاً وأخيرًا أعداء لله ولرسوله، وصدق الشاعر عندما قال:كل العداوات تُرجى مودتها *** إلا عداوة من عاداك في الدينالمصدر: موقع الألوكة، نقلاً عن مفكرة الإسلام.
المفضلات