بارك الله في سيلنا المتدفق على التوضيح
أخي أبو فارس بدايةً يجب أن نتعلم قاعدة مهمة في باب أسماء و صفات الله تعالى و هي أن نصف الله تعالى من الأسماء و الصفات بما وصف به نفسه و وصفه رسوله صلى الله عليه و سلم مثل وصفه تعالى بالسمع و البصر و الغضب و الحب و العلو و غيرها من الصفات التي دلت عليها النصوص .
إذا علمت هذا فعليك إذن النظر بأي لفظ يتم اطلاقه هل يندرج تحت هذه النصوص التي من خلالها بإمكاننا وصف الله تعالى بها أم لا . فإن كانت هذه الألفاظ التي يتم اطلاقها لا تندرج تحت هذه النصوص فلا يتم الجواب حتى يتم الاستفصال من السائل عن مقصوده فهذه الألفاظ تعتبر من الألفاظ المجملة غير الموضحة و حتى يتم الجواب بصورة صحيحة يجب الاستفصال .
من درج على استخدام هذه الألفاظ المجملة غير الموضحة هم أهل البدع و ذلك ليقوموا بنفي الصفات الثابتة لله تعالى من خلال النصوص الشرعية و هذا أسلوبهم يستخدمون ألفاظ يسارع العامي إلى نفيها فيقع في المحذور و هو نفي صفة ثابتة لله تعالى .
خذ مثلاً قولهم هل الله جسم أم لا ؟؟؟؟
العامي البسيط سيسارع إلى نفي الجسمية عن ذاته سبحانه و تعالى و ما علم أن مقصود هذا المبتدع هو الوصول إلى نفي الصفات الثابتة له تعالى فالجسم عند هذا المبتدع هو اثبات صفة اليد و الوجه لله تعالى فيتوصل من خلال هذا الجواب إلى نفي الصفة الثابتة و لهذا وجب الاستفصال من هذا المبتدع عن مقصوده . و قد وضح هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في شرحه لحديث النزول و قد قرأته قبل سنوات و سأنقل لك ما يفيد في هذا المقام
(( والمقصود هنا : أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم لا يدفع بالألفاظ المجملة كلفظ التجسيم وغيره مما قد يتضمن معنى باطلا والنافي له ينفي الحق والباطل . فإذا ذكرت المعاني الباطلة نفرت القلوب . وإذا ألزموه ما يلزمونه من التجسيم - الذي يدعونه نفر إذا قالوا له : هذا يستلزم التجسيم ; لأن هذا لا يعقل إلا في جسم - لم يحسن نقض ما قالوه ولم يحسن حله وكلهم متناقضون . ))
فإذا علمت هذا تبين لك أن السؤال عن محدودية الله تعالى تندرج تحت هذا اللفظ المجمل الذي يقوم المبتدع من خلالها إلى نفي صفة العلو و مباينته تعالى لخلقه فالعامي يسارع إلى القول الله غير محدود فيقوم المبتدع بعد هذا بإلزامه بلوازمه الباطلة فينفي أن الله تعالى على العرش كما كانت تفعل الجهمية في زمن الإمام أحمد و الذين كانوا يقولون الله في كل مكان و كما فعلته الأشعرية بعدها بالقول أن الله تعالى لا داخل العالم و لا خارجه .
الخلاصة أن الله تعالى عالٍ على عرشه بائن من خلقه لا يحل بهم و لا يحلون به فاثبات هذه الصفات لا يعني أنه تعالى محدود لأننا ننازع المبتدعة في الألفاظ و ما أحسن ما قال ابن القيم في الصواعق المرسلة و هو كتاب قيم
فإن كان تجسيما ثبوت استوائه على عرشه إني إذا لمجسم
وإن كان تشبيها ثبوت صفاته فمن ذلك التشبيه لا أتكتم
وإن كان تنزيها جحود استوائه وأوصافه أو كونه يتكلم
فعن ذلك التنزيه نزهت ربنا بتوفيقه والله أعلى وأعظم
أتمنى أن تكون توضحت لديك الصورة




رد مع اقتباس
المفضلات