وأول المؤيدات لهذا التقرير:
بيان أن الجمعة والعيد كانا إذا اجتمعا في يوم واحد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاتين كليهما ولم يترك واحدة منهما بفعل الأخرى
قال الإمام مسلم في «كتاب الجمعة» من «صحيحه» (ح1452): حدثنا يحيى بن يحيى، وأبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق جميعا عن جرير عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم مولى النعمان بن بشير عن النعمان بن بشير قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين، وفي الجمعة بـ {سبح اسم ربك الأعلى} و {هل أتاك حديث الغاشية}، قال: وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد يقرأ بهما أيضا في الصلاتين.

قلت: وهذا الحديث مبسوط في أمهات كتب الحديث، والفقه. وتخريج الإمام مسلم له في «صحيحه» كالبرهان في ثبوت حجيته والاحتجاج بدلالته.

وللحديث طرق كثيرة، وروايات مشهورة. فقد رواه عن الثقة الصدوق الصالح إبراهيم بن محمد بن المنتشر الهمداني الكوفي جمع من الثقات الأثبات: جرير، والسفيانان الثوري، وابن عيينة، وشعبة، وغيلان بن جامع، والقاسم بن معن المسعودي، ومسعر بن كدام، وأبو حنيفة النعمان بن ثابت، وأبو عوانة.

فقد أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 141، 176، 187/ 5494، 5776، 5890 و14/ 264/37627)، والحميدي (967)، ومسلم (62)، والنسائي «الكبرى» (1/ 547/1575) و «المجتبى» (3/ 194)، والطحاوي «شرح معاني الآثار» (1/ 413)، وابن حبان (2822)، والطبراني «الكبير» (21/ 135/169)، وأبو نعيم «المسند المستخرج» (1973)، والبيهقي «الكبرى» (3/ 201) و «الصغرى» (637)، وابن عبد البر «التمهيد» (16/ 325) من طرق عن جرير عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر بإسناده مثله.وأخرجه الطيالسي (795)، وأحمد، ومسلم (62، 878)، وأبو داود (1122)، والترمذي (533)، والنسائي «الكبرى» (1738، 11665) و «المجتبى» (3/ 184)، وابن المنذر «الأوسط»، وابن حبان (2821)، والطبراني «الكبير» (21/ 134/166)، والبيهقي «السنن الكبرى» (3/ 294)، والبغوي «شرح السنة» (1091)

من طرق عن أبي عوانة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر بإسناده مثله، إلا أنه قال: وربما اجتمعا في يوم واحد، فيقرأ بهما.وتخريج بقية المتابعات بالمطولات أليق، إذ لا يسعه هذا المختصر، وقد أجتزأت بأصح طرقه.

قلت: فهذا حديث صحيح، بين الدلالة أن الجمعة والعيد كانا إذا اجتمعا في يوم واحد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلى الصلاتين كليهما، كل واحدة منهما في وقتها، ولم يترك واحدة منهما بفعله الأخرى.