اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيل الحق المتدفق مشاهدة المشاركة
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في "الجواب الصحيح" ج 3 ، ص 276 و 277 :

فصل: بيان معنى قوله : (فنفخنا فيه من روحنا) :

قالوا: وقال أيضا في سورة التحريم:{ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين} [التحريم: 12] .
فيقال: أما قوله تعالى:{فنفخنا فيه من روحنا} [التحريم: 12] .وقوله: في سورة الأنبياء:{والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين} [الأنبياء: 91] .
فهذا قد فسره قوله تعالى:{فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا} [مريم: 17] (17) {قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} [مريم: 18] (18) {قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} [مريم: 19] .وفي القراءة الأخرى: (ليهب لك غلاما زكيا) .

فأخبر أنه رسوله وروحه، وأنه تمثل لها بشرا، وأنه ذكر أنه رسول الله إليها، فعلم أن روحه مخلوق مملوك له، ليس المراد حياته التي هي صفته سبحانه وتعالى:وكذلك قوله:{فنفخنا فيها من روحنا} [الأنبياء: 91] .

وهو مثل قوله في آدم عليه السلام:{فإذا سويته ونفخت فيه من روحي} [الحجر: 29] .وقد شبه المسيح بآدم في قوله:{إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون} [آل عمران: 59] .

والشبهة في هذا نشأت عند بعض الجهال من أن الإنسان إذا قال: روحي، فروحه في هذا الباب هي الروح التي في البدن، وهي عين قائمة بنفسها، وإن كان من الناس من يعني بها الحياة، والإنسان مؤلف من بدن وروح، وهي عين قائمة بنفسها عند سلف المسلمين وأئمتهم وجماهير الأمم.

والرب تعالى منزه عن هذا، وأنه ليس مركبا من بدن وروح، ولا يجوز أن يراد بروحه ما يريد الإنسان بقوله: روحي، بل تضاف إليه ملائكته وما ينزله على أنبيائه من الوحي والهدى والتأييد ، ونحو ذلك.
جزاكم الله خيراً شيخنا الحبيب ...