21) تساعد على تقويم الذات والقدرات وكسب الوقت و الجهد :

نجد اليوم كثيراً من الناس يتنقلون من مشروع إلى مشروع ومن علم إلى علم أو نحو ذلك ، ثم يتبين لأحدهم أنها لا تناسبه بعد أن أهدر كثيراً من الوقت والجهد والمال ثم ينعكس ذلك سلباً على المجتمع ، ولو أنه استخار الله في كل ذلك لأعانه الله على معرفة قدراته في وقت مبكر ، لأنه إن تيسر له أمر؛ فسوف يبارك الله له فيه ، وإن تعسر فلاشك سيجد ما هو ميسر له في بديل آخر ، فكل إنسان ميسر لما خلق له ولكن عليه أن يبحث ذلك من خلال الأخذ بالأسباب الشرعية ومنها الاستخارة .


22) التحرر من الخوف وخوف الفشل :

الخوف أكبر عـــــدو للإنسان ، فهو يؤدي إلى عبادة ما دون الله بعلم أو بغير علم ، ومنه ما هو جبلي ومشروع وهذا من سعة رحمة أرحم الراحمين لخلقه ، ولكن إتقان الاستخارة والإكثار منها تساعد العبد على التحرر من كلا النوعين - بإذن الله- لأنك ستستحضر( ) أنك متوكل على الله في هذا الأمر وما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها .


وقد ينشأ المرء في بيئة - أو لأي سبب- تؤدي به إلى أن يصبح أسيراً أو حيرانَ أو يشكو الخــوف من الفشل ، فالاستخارة هي أحسن وسيلة للوقاية والعلاج .


23) التحرر من الجمود والقيود:

هناك مثل شائع فاسد يقول: (الإنسان أسير بيئته)، وهذا الأمر ترفضه الشريعة جملةً وتفصيلاً، فالمستخير بتوكله على الله سبحانه سيتحرر من الجمود والقيود والضغوط التي تفرضها المجتمعات
الجاهلية اليوم أو العرف أو المناهج التعليمية( ) أو ظروف الزمان والمكان وغيرها من الأمور المعوقة، وبالتالي سيساعده ذلك على زيادة خبراته وقدراته وثقته بنفسه.


24) تعليم العبد ما لم يعلم :

    :  وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ  [البقرة : 255] ، وفي دعائها ((أستخيرك بعلمك)) وهذا التعليم يتضح للمستخير عندما تظهر له حكمة الصرف أو التيسير ،ومثاله قد يستخير العبد في شراء شيء فيصرفه الله عنه ، ثم يجد شيئا آخرا يؤدي نفس الغرض بمواصفات وسعر أفضل ، وما كان ليعلم ذلك لولا أن وفقه الله للاستخارة بعلمه وكذلك إذا استخار في علم أو غيره ويسره له فسيعلّمه منه مالا يحاط به، إذا كان يرجح بالاستخارة، كل فكرة تخطر على باله، ثم اجتهد وصبر.
قال شيخ الإسلام : ( مجموع الفتاوى / 8/ 330))
((وكذا دعاء الاستخارة فإنه طلب تعليم العبد ما لم يعلمه وتيسيره له)).
وقال : ((مجموع الفتاوى / 4/ 142)).
(( فعلمنا  أن نستخير الله بعلمه ما نعلم به الخير ونستقدره بقدرته)) .

25) الإتقان والإبداع:

من نِعم المولى سبحانه وتعالى على المؤمنين أن حبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم ، والإتقان والإبداع إذا كان بضوابطه الشرعية، فهو مطلب شرعي ومن الإيمان ، وقد تقدم أن الاستخارة تساعد على وضوح الرؤية وتوجيه وتصحيح المسار وتقويم الذات وكشف القدرات وزيادة الخبرة والثقــة
بالنفس والتحرر من خوف الفشل والتحرر من الجمود والقيود والضغوط، وكل ذلك يساعد فيما بعد على ملك العناصر العامة( ) للإتقان والإبداع ومن ثم القدرة على الاستفادة من المعطيات المتوفرة

من خلال الفهم الدقيق في تفصيل وتحليل الأمور وربط الأسباب بالنتائج، فكيف إذا كان مع ذلك تسديد من الله وتوفيقه ؟


26) منع المجتهد من الاستبداد بالرأي :

الاستبداد بالرأي قد يكون علامة على العجب ، وقد يكون على شكل هــضــم النفس كقول بعضهم ((لست لها)) وقد لا يشعر بذلك إذا كان ناتجاً عن اجتهاد وتأول ، وقد قال الإمام أحمد: ((أكثر ما يخطئ الناس من جهة التأويل والقياس)) ، فلهذا تعتبر الاستخارة وسيلة مفيدة للوقاية والعلاج منه إذا كان ناتجاً عن اجتهاد أو عن أمر لا يعلم سببه إما إذا كان ناتجاً عن محرم فيجب تركه وقد قيل:(( الأحمق من قطعه العجب بنفسه عن الاستشارة والاستبداد عن الاستخارة)) ( ) .


27) إن كيد الله متين وهو خير الماكرين:

المكر والكيد إيصال الشيء إلى الغير بطريق خفي( )، ومكر وكيد الخالق سبحانه ليس كمكر وكيد المخلوق، وليس كمثله شيء، ومنه سبحانه ما هو استدراج للانتقام والعقوبة ومنه ما هو إلهام للتوفيق إلى نعمة، قال شيخ الإسلام( ):
((وكيد الله سبحانه وتعالى لا يخرج عن نوعين:
أحدهما:

وهو الأغلب أن يفعل سبحانه فعلاً خارجاً عن قدرة العبد الذي كاد له، فيكون الفعل قدراً محضاً ليس من باب الشرع ؛ كما كاد الذين كفروا بأن انتقم منهم بأنواع من العقوبات، وكذلك قصة يوسف.... ثم قال: فإذا كان المراد بالكيد فعلاً من الله سبحانه بأن ييسر لعبده المؤمن المظلوم المتوكل أموراً يحصل بها مقصوده بالانتقام من الظالم وغير ذلك، فإن هذا خارج عن الحيل الفقهية، فإنما تكلمنا في حيل يفعلها العبد لا فيما يفعلها سبحانه، بل في قصة يوسف تنبيه على من كاد كيداً حراماً؛ فإن الله يكيده، وهذه سنة الله في مرتكب الحيل المحرمة، فإنه لا يبارك له في هذه الحيل كما هو الواقع، وفيها تنبيه على أن المؤمن المتوكل على الله إذا كاده الخلق؛ فإن الله يكيد له وينتصر له بغير حول منه ولا قوة...

النوع الثاني:

من كيده لعبده هو أن يلهمه سبحانه أمراً مباحاً أو مستحباً أو واجباً يوصله به إلى المقصود الحسن ، فيكون هذا على إلهامه ليوسف أن يفعل ما فعل هو من كيده سبحانه أيضاً ، وقد


دل على قوله :  نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ  [الأنعام:83]؛ فإن فيه تنبيهاً على أن العلم الدقيق الموصل إلى المقصود الشرعي صفة مدح كما أن العلم الذي يخصم به المبطل صفة مدح)) أ.هـ.

وعلاقة ذلك بالاستخارة أن النتائج مرتبطة بالأسباب، والأخذ بالأسباب الشرعية مطلب شرعي، فالمستخير إنما يأخذ بأعلـــــــــــى الأسباب وهو التوكل على الله سبحانه وفيها من العلم الدقيق الموصل إلى المقصود الشرعي لأنها بعلمه وقدرته سبحانه ومن يتأمل كلام شيخ الإسلام يجده حريصاً على بيان هذه المسألة لما لها من أثر عظيم فلهذا أحببت أن أنقله بنصه.

ويمكن القول أن الاستخارة من مكر الله اللطيف لإلهام هذه الأمة إلى التوفيق والسداد من حيث العموم، وللمستخير من حيث الخصوص؛ لأنها عبادة سهلة عظيمة الثمار وتجدد الإيمان بصورة قد لا يشعر معها العبد بتكلف أو بمتانة هذا الدين، بل هي من الوغول في هذا الدين برفق، وهذا لا يعني أنها لا تحتاج إلى إتقان فهي مثل القرآن .

دعـــوة:
أخي المسلم : ، الدال على الخير كفاعله فما هــي اليوم إلا ضغطة زر أو نسخها.


ولا تــــنســــــــــوا إخوانكم من صالح الدعـــــــــــــــــاء
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
[/size]