والقرآن يجب أن يفهم مقرونا بالسنة لأن من أخطاء من وقع في كتاب ربنا جل وعلا أنهم فهموا

القرآن مجزءا ولم ينظروا إلى سيرته صلى الله عليه وسلم وسنته حتى يُفهم القرآن ومن أراد أن

يفهم القرآن من غير السنة ومن غير سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فلن يفهم شيئا وهذا هو

الذي وقع فيه الخوارج الأولون لما حاربوا حتى الصحابة لأنهم لم يفهموا مراد الله على ما أراده

الله من رسوله صلى الله عليه وسلم فالله يقول :{لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ

حَوْلَهَا} لكن لا يقصد الله بهذا نهاية النذارة وإنما التهيئة تدريجيا ثم أمره الله بأن ينذر العرب قاطبة

ثم لما مكن الله له في الأرض صلوات الله وسلامه عليه وعقد صلح الحديبية مع أهل مكة واطمأن

من مقاومتهم أخذ صلى الله عليه وسلم يأتي بعالمية الدعوة ويراسل الملوك والزعماء آنذاك ليحقق

قول الله جل وعلا : {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً}
وقوله

جل وعلا : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} .في ظل هذا

المفهوم يفهم الإنسان المقصود من سورة التوبة هذه السورة قلنا إنها من آخر ما نزل في عام

تسع من الهجرة .

في شهر رجب من سنة تسع من الهجرة خرج النبي صلى الله عليه وسلم بجيش العسرة إلى تبوك

وقد قلنا في أكثر من درس إن هذه الغزوة سميت في القرآن بغزوة العسرة قال الله جل وعلا : {لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ

الْعُسْرَةِ } .


وسماها النبي صلى الله عليه وسلم في السنة : غزوة

تبوك ولذلك الإمام البخاري رحمه الله لما تكلم عنها قال " باب غزوة تبوك وهي غزوة العسرة "

حتى يجمع ما بين تسمية السنة وتسمية القرآن.


المقصود في عام تسع من الهجرة خرج صلى الله عليه وسلم في جيش العسرة إلى تبوك هذا

الظرف الذي كان في جيش العسرة، كان فيه شح في المال وظهور في الثمار وحر في المناخ أصاب

الناس فتن فانقلبت الناس، كانوا أقسام في إتباعهم النبي صلى الله عليه وسلم . منهم المثبطون،

المحبطون، الناصرون، البكاؤون , فرق شتى فنزلت هذه السورة تبين حال المجتمع المدني وقت

أن دعا النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة واستنفر الناس إلى غزوة العسرة بينتهم بجلاء وكشفت

الكثير من الأسرار كما سيأتي .

ثم بعد ذلك بعد عودته صلى الله عليه وسلم من تبوك لما عاد من تخوم البلغاء وأذعن له الروم

عامة بمعنى أنه لم يحصل حرب لكن اطمأن صلى الله عليه وسلم أن الروم لن تغزوه فرجع من

تبوك لما لم يجد قتالا رجع إلى المدينة أراد صلى الله عليه وسلم أن يحج في العام التاسع ثم قال : ( إ

إن العرب تحج وهي عراة وأنا لا أريد أن أحج على هذا الوضع فأمر أبا بكر أن يخرج بالناس

حاجا ) . أمير على الحج لأن مكة كانت قد فتحت في العام الثامن ونحن نتحدث في العام التاسع

فبعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر أميرا على الحج ثم بعد ذلك اتبعه بعلي بن أبي طالب ليظهر

في الناس مقدمة سورة براءة فمقدمة سورة براءة الآيات الأول من سورة براءة الخمس الأول أو

الست الأول من سورة براءة وإن كانت في مقدمة السورة إلا أنها من آخر ما نزل في نفس السورة

لأن السورة تكلمت عن المنافقين وعن حالهم مع النبي صلى الله عليه وسلم ما بين رجب إلى ذي

الحجة ثم جاءت مقدمة السورة فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يجعلوها في المقدمة

فالقرآن ترتيبه الآن الذي نقرأه ليس على ترتيب نزوله .


يتبع بإذنه تعالى