.
أثار المستشرقين لعنهم الله إشكالات ليسيئوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا :
إن الزواج كان مطلقاً عند العرب ، ثم حدد الله عدد الزوجات بأربع ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم الذين كانوا قد تزوجوا بأكثر من أربع زوجات أن يمسك الواحد منهم أربعاً ويفارق الباقيات ، وأضاف المستشرقين تساؤلاً : إذا كان الرسول قد شرع للناس ، فلماذا لم يطبق هذا الأمر على نفسه ، ولماذا اتخذ تسع زوجات ؟
ونقول : إننا إذا قمنا بعملية حسابية منصفة ، لوجدنا أنها ليست توسعية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هي تضييق عليه ، فأنت حين تأخذ من ناحية العدد فقط تقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ تسع زوجات وأمته أخذت أربعاً ، ولكنك لم تلاحظ مع العدد المعدود ، أي أنه إذا ماتت زوجاتك الأربع ؛ أحلت لك أربع أخريات ، وإن ماتت واحدة أحلت لك أخرى ، إذن فأنت كمسلم عندك عدد لا معدود ، بحيث إذا طلقت واحدة أو اثنتين حلت لك زوجة أو زوجتان أخريان ، فأنت مُقيد بالعدد ، ولكن المعدود أنت حـُر فيه .
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد نزلت فيه هذه الآية الكريمة :
{{ لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبتك حُسنهُن .... }}
وهكذا نجد أن التشريع ضيق على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المعدود . وكان استثناؤه عليه الصلاة والسلام في العدد للتشريع ، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزوج بإرادة التشريع التي يشاؤها الله .
خصوصية الرسول صلى الله عليه وسلم في الإبقاء على زوجاته ومنعه من الزيجة حتى لو توفت له زوجه لأن هذا سيوقع ظلماً على زوجاته لأن الرسول صلى الله عليه وسلم خير الزوجات بين الحياة الدنيا أو الله ورسوله ... فاختاروا الله ورسوله .. وعلموا بأن اي إمرأة منهم لا ولن تتزوج برجل اخر حتى ولو طُلقت أو ترملت .
وبذلك إن طلق الرسول زوجاته وأبقى على أربعة فقط فقد ظلم الملطقات لأنه لن يُسمح لهم بالزواج برجل لأخر لأن زوجة الرسول هي أم المؤمنين شرعاً فلا يجوز أن يتزوج الرجل بامه .... فزوجاته صلى الله عليه وسلم يُعْتبرن أمهات للمؤمنين به؛ لأن الله تعالى قال مخاطباً المؤمنين:
{ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوۤاْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً... } .
فالرجل يُطلِّق زوجته ويكون كارهاً لها، لكن حين يتزوجها آخر تحلو في عينه مرة أخرى، فيكره مَنْ يتزوجها، وهذه كلها أمور لا تنبغي مع شخص رسول الله، ولا يصح لمن كانت زوجة لرسول الله أن تكون فراشاً لغيره أبداً؛ لذلك جعلهن الله أمهات للمؤمنين جميعاً.
ومن ناحية أخرى: حين يمسك الرجل أربعاً، ويفارق الباقين من زوجاته لهن أنْ يتزوجن بغيره، لكن كيف بزوجاته صلى الله عليه وسلم إنْ طلق خمساً منهن، وهُنَّ أمهات المؤمنين، ولا يحل لأحد من أمته الزواج منهن؟ إذن: الخير والصلاح في أنْ تبقى زوجات الرسول في عصمته.
ومن فروع هذه الأمومة الروحية للمؤمنين أن الله حرم عليهن الزواج بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا) ومعنى هذا أن التي طلقها النبي صلى الله عليه وسلم ستظل محرومة طول حياتها من الزواج بغيره، مع حرمانها من الانتساب إلى بيت النبوة .
وهذا يعتبر عقوبة لها على ذنب لم تجنه يداها.
ثم لو تصورنا أنه أمر باختيار أربع من نسائه التسع، وتطليق الباقي، لكان اختيار الأربع منهن لأمومة المؤمنين، وحرمت الخمس الأخريات من هذا الشرف، أمرًا في غاية الصعوبة والحرج . فمن من هؤلاء الفضليات يحكم عليها بالإبعاد من الأسرة النبوية، ويسحب منها هذا الشرف الذي اكتسبته ؟
فهل زوجات الرسول يُعاقبن أم يُكرمن؟
.
المفضلات