عندما سأل أخونا صقر قريش محاوره النصراني :
(( من الذي مات على الصليب ... هل هو الناسوت أم اللاهوت ))
أجاب النصراني ماران ثا :
(( سيدى الفاضل
برجاء قراة ردى السابق جيدا
أتخذ جسداً قابلاً للموت
المسيح بلاهوته لم يمت لأنه كلمة الله، الله الكلمة، والله لا يموت، فهو الحى القيوم الذى لا يموت والسرمدى الذى لا بداية له ولا نهاية، القدير، والذى لا يتغير ))
أقول : ويلزم من هذا الجواب (موت الناسوت دون اللاهوت)
1) أن الإله لم يفدنا بموته على الصليب ولم يبذل نفسه من أجل خطاياناكما تقولون لأن الذي صلب هو جسد بشري مخلوق فهو ليس أكثر من جسد مخلوق كسائر الأجساد.
2) بما أن المسيح (اللاهوت والناسوت) -حسب اعتقاد الأقباط الأرثوذكس - ذو طبيعة واحدة بعد الإتحاد (راجع تاريخ انشقاق الكنيسة للقمص زكريا بطرس صفحة 8) فإنه لا يجوز أن ننسب بعض الأقوال والأفعال للناسوت وأن ننسب بعض الأقوال والأفغال لللاهوت -كما فعل ماران ثا هنا- لأن هذا عين القول بطبيعتين بعد الإتحاد و الذي تنكره الكنيسة القبطية.
والقول بتفريق أقوال وأفعال الناسوت عن اللاهوت هو قول مبتدع ومن قال به حرمه آباء الكنيسة.
فلقد كتب القديس كيرلس اثني عشر بندا ً فصل فيها العقيدة المسيحية الصحيحة وختم كل منها بحرم من لا يؤمن بها ، فلقد جاء في البند الرابع ما يلي:
من فرق بين أقوال المسيح المذكورة في الأناجيل وفي رسائل الرسل أو نطق بها الآباء القديسون أم قالها المسيح عن ذاته ونسبها إلى أقنومين أو إلى اثنين كل قائم بذاته ويفهم أن البعض منها لائق بالإنسان وحده كأنه غريب عن كلمة الله وأن البعض الآخر ملائم لله فيخصه وينسبه إلى كلمة الآب وحده..... فليكن محروما ً.
(عصر المجامع صفحة 135 القمص كيرلس الأنطوني).
3) وأقول أيضا ً إذا كانت القديسة مريم العذراء والدة الإله على الحقيقة (راجع كتاب تاريخ إنشقاق الكنيسة للقمص زكريا بطرس ) والولادة للكلمة المتجسد الجامع بين الناسوت واللاهوت عندكم فمتى جاز أن يولد اللاهوت كما صرحوا بأن مريم والدة الإله ردا ً على هرطقة نسطوريوس جاز أن يصلب ويموت ولا يجوز أن نقول هذا كان بالناسوت دون اللاهوت عند الموت لأن هذا لازما ً لهم أيضا ً عند الولادة ، فإن قالوا بهذا دون هذا وقعوا بالتناقض وإن قالوا بوقوع الولادة والموت على اللاهوت أبطلوا كلامهم السابق ، وأي إله هذا الذي يموت ، وإن قلتم أن الولادة وقعت على الناسوت والموت وقع على الناسوت أيضا ً فقد وافقتم نسطوريوس المبتدع والذي حرمه آباء الكنيسة
4) جاء في كتاب عصر المجامع صفحة 176 للقمص كيرلس الأنطوني (( أولا ً: أننا لو فرقنا بين ما لللاهوت وما للناسوت لانهارت نظرية الكفارة والفداء التي تعتبر أساس المسيحية ))
ولكن المؤلف عاد وتناقض قال ( نحن نعلم أن اللاهوت لم يمت ولم يسفك دما ً....... أما الذي مات هو الناسوت .
ولكن لأن الناسوت كان متحدا ً مع اللاهوت إتحادا ً تاما ً فعليا ً اعـتبر الموت موتا ً إلهيا والدم إلهيا ومن ثم اعتبرت الكفارة إلهية أيضا ً).
والخلاصة أن هذا الإعتبار اعتبار مجازي (أي موت مجازي لللاهوت) وبالتالي رجع وفرق بين اللاهوت والناسوت ووقع بالذي حذر منه
أما قول المحاور النصراني عن اتحاد اللاهوت بالناسوت و علاقتهما مع بعضهما :
(( شبه آباء الكنيسة – فى القرون الأولى – آلام الناسوت دون اللاهوت بالحديد الذى إذا وضع فى النار يمتلئ بقوة النار التى تتخلل ذراته ومع ذلك عندما يطرق الحديد المحمى يؤثر الطرق على الحديد ولا تتأثر النار بهذا الطرق. ))
اعلم أن الإتحاد أن يصير الإثنان واحدا ً ، فيقال قبل الإتحاد كان اللاهوت جوهرا ً والناسوت جوهرا ً آخر ، فبعد الإتحاد إما أن يكونا اثنين كما كانا ، أو صار الإثنان واحدا ً ، فإن كانا اثنين كما كانا فلا اتحاد ، وإن كانا صارا شيئا ً واحدا ً كان هذا الواحد هو أحدهما فالآخر قد عُدم ، وهذا عدمٌ لأحدهما لا اتحاده ، وإن كان الذي صار واحدا ً ليس هو أحدهما فلا بد من تغيرهما واستحالتهما ، وإلا فلو كانا بعد الإتحاد اثنين باقيين بصفاتهما لم يكن هناك اتحاد .
والقول أن المسيح بعد الإتحاد هو إله تام وإنسان تام في نفس الوقت هو قول متناقض ، لأن هذا لا يسمى اتحادا ً كما بيَّنا آنفا ً ، ولهذا فمثال الحديد و النار و القول أن الحديد يبقى كما هو والنار تبقى كما هي للتدليل على أن المسيح إله تام يبقى كما هو وإنسان تام يبقى كما هو بعد الإتحاد مثال خاطئ ، لأن النار التي تتصل بالحديد تغير ذلك الحديد وتبدل صفاته فتحرقه أو تذيبه أو تلينه فلا يبقى حديدا ً محضا ً ، والنار الملامسة له لا تبقى نارا ً محضة بل تستحيل وتتغير أيضا ً وبالتالي القول أن المسيح بعد الإتحاد إله تام وإنسان تام كلام باطل بصريح العقل ، فلا يكون إنسانا ً تاما ً محضا ً ولا إلها ً تاما ً محضا ً ولكنه شيء ثالث مركب من إنسان استحال وتغير وإله استحال وتغير .
ومعلوم أيضا ً أن الجمرة الناتجة من اتحاد الحديد والنار إذا ضربت بالمطرقة أو وضعت في الماء أو مدت وتصورت بشكل معين فإن هذه الأفعال تقع بمجموع الجمرة لا تقع على حديد بلا نار ولا نار بلا حديد وإنما هذه الأفعال تقع على الجمرة المستحيلة والمتغيرة من حديد ونار والتي هي ليست حديدا ً محضا ً ولا نارا ً محضة ولا مجموع حديد محض ولا نارا ً محضة بل جوهر ثالث مستحيل ومتغير بعد الإتحاد من حديد ونار كسائر ما يستحيل بالإتحاد إلى حقيقة ثالثة.
فيلزم من ذلك أن يكون ما حل بالمسيح من ضرب وأكل وشرب وموت حلّ بالمسيح الذي هو عندهم إله تام وإنسان تام من غير فرق بين لاهوته ولا ناسوته فيكون الإله على هذا المثال وقع عليه الموت وهذا عكس ما صرح به ماران ثا من وقوع الموت على الناسوت فقط.
وبما أن النصارى الأقباط يقولون أن للمسيح طبيعة واحدة بعد الإتحاد ، فيَـلزمهم القول بموت اللاهوت لأنه والناسوت طبيعة واحدة لا تنفصلان فلا يجوز أن يقال أن الموت وقع على الناسوت دون اللاهوت لأن هذا القول هو ذات القول بوجود طبيعتين بعد الإتحاد.
ويلزم أيضا ً على هذا القول - أي موت الناسوت فقط - أن الإله لم يصلب ولم يبذل نفسه عن خطايانا ، وبالتفريق بين الأفعال والأقوال التي تنسب إلى اللاهوت والأفعال والأقوال التي تنسب إلى الناسوت تنهار نظرية الكفارة والفداء والتي تعتبر أساس المسيحية لقولها أن الإله هو الذي فدى البشر لا جسدا ً كسائر الأجساد
المفضلات