جزاك الله خيرا يا دكتور ...

بفضل الله لا يوجد إشكال اذا علمت أن المراد من السياق هو الجنس البشري الذي هو الذكر والأنثى
بل والمقصود بعض هذا الجنس الذين يكفرون بنعمة الله بعد إنعامه والذي يدل على أن الشرك في الآية شرك كفري قول الله عز وجل بعد هذه الآية :
{ أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ (192) وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ (193) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (194) }

فلا يمكن إخراج الشرك عن مدلوله من هذا السياق وفي قراءة جعلالله شِركا بكسر الشين ..
فلا يمكن أن يعود ذلك على نبي الله آدم .. فالآية يقصد بها قريقا من الجنس البشري المتكون من ذكر وأنثى ..

وهناك قول وسط بين نفي أن يكون المراد آدم وحواء وبين نفي هذا المراد بالكلية وهو :
كما قال بعض المفسرون : أن صدر الآية قصد به آدم وحواء من قوله { من نفس واحدة } وبعدذلك حدث فصل ..

كما وضح ذلك الطبراني في تفسير القرآن العظيم صاجب المعاجم ( وهو غير ابن جرير الطبري ) قال :
قال الحسنُ: (انْقَضَتْ قِصَّةُ آدَمَ عِنْدَ قَوْلِهِ { لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } ثُمَّ أخْبَرَ اللهُ عَنْ بَعْضِ خَلْقِهِ أنَّهُ تَغَشَّى زَوْجَتَهُ فَحَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بهِ، فَلَمَّا أثْقَلَهَا مَا فِي بَطْنِهَا دَعَوا اللهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَشْكُرَنَّكَ، فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاءَ بعَمَلِهِمَا الَّذِي عَمِلاَهُ بأَنْ هَوَّدَاهُ أوْ نَصَّرَاهُ أوْ مَجَّسَاهُ؛ أي عَلَّمَاهُ شَيْئاً مِنَ الأَدْيَانِ الْخَبيثَةِ الَّتِي يَدْعُو إلَيْهَا إبْلِيسُ، وَلِهَذا أعْظَمَ اللهُ شَأْنَهُ فِي آخِرِ الآيَةِ فَقَالَ (فَتَعَالَى الله عَمَّا يُشْرِكُونَوَلَوْ كَانَ الْمُرَاد بالآيَةِ آدَمَ وحَوَّاءَ لَقَالَ: عَمَّا يُشْرِكَانِ).

وقال قبلها ما أضيفه مع ما ذهب إليه ابن كثير رحمه الله
قل الطبراني رحمه الله :

قَوْلُهُ تَعَالَى: { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ }؛ أي نفس آدمَ، { وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا }؛ أي خَلَقَ حَوَّاءَ من ضِلْعٍ من أضلاعهِ، { لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا }؛ أي ليطمئِنَّ إليها ويستأنسَ بها ويأوِي إليها لقضاءِ حاجته منها، { فَلَماَّ تَغَشَّاهَا }؛ أي جَامَعَها، { حَمَلَتْ }؛ ماءَهُ، { حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ }؛ فاستمرَّت بذلكَ الماءِ؛ أي قامت وقعَدَتْ كما كانت تفعلُ قبلُ وهي لا تدري أنه حَبَلٌ أم لا، ولم تَكْتَرِثْ بحملِها، يدلُّ عليه قراءةُ ابنِ عبَّاس: (فَاسْتَمَرَّتْ بهِ). وقال قتادةُ: (مَعْنَى { فَمَرَّتْ بِهِ } مخفَّفاً من الْمِرْيَةِ؛ أي شكَّتْ أحمَلتْ أم لا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَلَمَّآ أَثْقَلَتْ دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا }؛ أي لَمَّا كَبرَ الولدُ في بطنِها وتحرَّكَ وصارت ذاتَ ثُقْلٍ بحملِها وشقَّ عليها القيامُ، أتَاها إبليسُ في صورةِ رجُل، فقالَ: يا حوَّاء ما هذا في بطنِكِ؟ قالت: ما أدري، قال: إنِّي أخافُ أن يكون بَهِيمةً، وذلك أوَّلَ ما حَملت، فقالت ذلك لآدمَ عليه السلام، فلَم يزَالاَ في هَمٍّ من ذلك.

ثُم عادَ إبليسُ إليها فقالَ: يا حوَّاء أنَا مِن الله بمَنْزِلَةٍ! فإن دعوتُ اللهَ ربي إنساناً تُسَمِّيهِ بي؟ قالت: نَعَمْ، قال: فإنِّي أدعُو اللهَ، وكانت هي وآدمُ يدعُوَان اللهَ، { لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً }؛ ولداً حَسَنَ الْخُلْقِ صحيحَ الجوارحِ مثلَنا، { لَّنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ }؛ لكَ في هذه النعمةِ، { فَلَمَّآ آتَاهُمَا صَالِحاً }؛ سَوِيّاً صحيحاً أتَاها إبليسُ فقال لها: عهدي! قالت: ما اسمك؟ قالَ: الحرثُ ولو سَمَّى نفسَهُ فقال عزرائيلَ لعرفتهُ، ولكنه تسمَّى بغيرِ اسمه فسمته: عبدُ الحرثِ، ورَضِيَ آدمُ فعاشَ الولدُ أيَّاماً حتى ماتَ.

وهذا لا يصحُّ؛ لأنَّ حَوْاء وإن لم تكن نَبيَّةً فهي زوجةُ نَبيٍّ، وفي الآيةِ ما يدلُّ على ذلك؛ لأن الله تعالى قال: { جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ فِيمَآ آتَاهُمَا ومثلُ هذه القبائحِ لا يصحُّ إضافتُها إلى الأنبياءِ، ولأنَّ الله تعالى قالَ: { فَتَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }؛ ولأن الواحدَ مِنَّا لو أتاهُ مَنْ يعبثهُ على أن يُسَمِّي ولدَهُ عبدَ شمسٍ أو عبدَ العُزَّى أو نحوَ هذا، لَم يَقْبَلْ ذلك، ولو أمكنَهُ أن يعاقبَهُ على ذلك فعلَ، فكيف يجوزُ مثل هذا على آدمَ؟ وقد رفعَ الله قَدْرَهُ بالنبوَّة.

وقال الحسنُ: (معناهُ: إنَّ اللهَ خَلَقَ حَوَّاءَ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ وجَعَلَهَا سَكَناً لَهُ، وَكَذلِكَ حَالُ الْخَلْقِ مَعَ أزْوَاجِهِمْ، كَأنَّهُ قَالَ: وَجَعَلَ مِنْ كُلِّ نَفْسٍ زَوْجَهَا، كَمَا قَالَ فِي آيَةٍ أخْرَى
{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً }
[الروم: 21].

والحمد لله رب العالمين ..

لو لا يزال شيء لم يتضح أرجوا أن تخبرني .. نسأل الله التوفيق للجميع ..