دراسة الأستاذ الدكتور غانم قدوري الحمد

أحد رواد الدراسات القرآنية واللغوية في هذا العصر

الأستاذ بكلية التربية بجامعة تكريت

والمنشور بملتقى أهل التفسير


حفص بن سليمان الأسدي راوي قراءة عاصم بين الجرح والتعديل


بسم الله الرحمن الرحيم


مقدمة

شهرة عاصم بن أبي النجود وتلميذه حفص بن سليمان الأسدي تملأ الآفاق اليوم ، فعاصم صاحب القراءة التي يقرأ بها المسلمون القرآن في معظم البلدان اليوم ، وحفص هو صاحب الرواية عنه، لكن المرء يعجب مما ورد في كتب رجال الحديث من وصف حفص بن سليمان بأنه ضعيف، متروك الحديث ، وصار ذلك الوصف من المسلمات لدى معظم من كتب عن حفص، وحاول بعض العلماء التخفيف من أثر ذلك الوصف بالقول: " إن العالم قد يكون إماماً في فن مقصراً في فنون " ، ولا عجب بناء على ذلك أن يتقن حفص القرآن ويُجَوِّدَهُ ، ولا يتقن الحديث. (1) ولو أن الأمر توقف عند وصف حفص بعدم إتقان الحديث لكان مقبولاً ، لكنه تجاوز ذلك إلى الطعن في عدالته ، واتهامه بالكذب عند بعض العلماء.

وكيف يكون المرء مؤتمناً على القرآن، متهماً في الحديث ؟ إنه أمر أشبه بالجمع بين النقيضين !

وكنت أتتبع الروايات المتعلقة بهذه القضية وأقاويل العلماء فيها ، في محاولة لتفسيرها على نحو يخفف من أثرها (2) ، حتى لا تكون وسيلة للطعن في قراءة القرآن الكريم، وقد انكشفت لي جوانب جديدة حول هذه القضية جعلتني أعود إلى دراستها وعرض نتيجة ما توصلت إليه حولها على المهتمين بالموضوع ، وهي نتيجة أحسب أنها تَسُرُّ حملة القرآن ، والمهتمين بدراسة القراءات، إن شاء الله تعالى، وأرجو أن تبعث السرور في نفوس المتخصصين بدراسة الحديث أيضاً ، والحق أحق أن يتبع ، والحكمة ضالة المؤمن . وتتلخص تلك النتيجة في أن تضعيف حفص بن سليمان القارئ في الحديث انبنى على وَهْمٍ وقع فيه بعض كبار علماء الحديث الأوائل، وانتشر عند مَن جاء بعدهم ، وأُضيف إليه ، حتى صار كأنه حقيقة مسلمة لا تقبل النقاش .

وسوف أعرض عناصر الموضوع الأساسية على نحو مختصر من خلال بحث الفقرات الآتية :

(1) ترجمة حفص بن سليمان القارئ .

(2) أشهر أقاويل المُجَرِّحِين .

(3) أقوال المُوَثِّقِين .

(4) مناقشة واستنتاج