شرح اسم الله المؤمن


مقدمة
ما أسباب الاهتمام بدراسة أسماء الله عزّ وجلّ وصفاته؟
سنذكر بعض هذه الأسباب عبر ثلاثة محاور:
الأول: من قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}
والثاني: من قوله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}
والثالث: من قوله تعالى: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
فالسبب الأول:
تحقيق الغرض من وجود العباد.
وجه ذلك:
أن الغرض من وجود العباد العبادة، وأصل معنى العبادة هو الذلّ والانكسار


يجمع ذلك قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}

المؤمن
المؤمن

السبب الثاني:
أن نذكّر، فإن الذكرى تنفع المؤمنين
المؤمن    : {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}. فالذكرى لا تنفع إلا المؤمنين، وكذلك القرآن فإنه لا ينفع غير المتقين، كما قال عزّ وجلّ في كتابه:{الم % ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}
كيف نجمع بين كون القرآن لا ينفع إلا المتقين وبين قوله تعالى في آية أخرى: { هُدًى لِلنَّاس}؟
قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير قوله تعالى : { ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}
"وقال في موضع آخر: {هُدًى لِلنَّاسِ} فعمّم. وفي هذا الموضع وغيره: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} لأنه في نفسه هدى لجميع الخلق، فالأشقياء لم يرفعوا به رأسًا، ولم يقبلوا هدى الله, فقامت عليهم به الحجة, ولم ينتفعوا به لشقائهم
وأما المتقون الذين أتوا بالسبب الأكبر, لحصول الهداية, وهو التقوى التي حقيقتُها: اتخاذ ما يقي سخط الله وعذابه, بامتثال أوامره, واجتناب النواهي, فاهتدوا به, وانتفعوا غاية الانتفاع. المؤمن    : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} فالمتقون هم المنتفعون بالآيات القرآنية, والآيات الكونية.
ولأن الهداية نوعان: هداية البيان, وهداية التوفيق. فالمتقون حصلت لهم الهدايتان, وغيرهم لم تحصل لهم هداية التوفيق. وهداية البيان بدون توفيق للعمل بها؛ ليست هداية حقيقية [تامة]
ما علاقة {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}, بأسماء الله وصفاته؟
أن الأَولى بالتذكير: التذكير بالاعتقاد الصالح.
ما سبب تقديم التذكير بالاعتقاد الصالح على التذكير بالعمل الصالح؟
1- لأنه من خلال التذكير بالاعتقاد الصالح يأتي التذكير بالعمل الصالح.
2- أن العمل من أجل أن يكون صالحًا لا بدّ أن يُبنى على اعتقاد صالح.
3- أن المعتقد الواحد الصحيح ينتج أعمالاً صالحة كثيرة.
مثال: اعتقاد أن الملك ملك الله, وأن العطاء عطاء الله, وأن الرزق رزق الله, هذا الاعتقاد يولد أن أكون من الشاكرين, أن أكون من الذاكرين, يولد دفع الغيرة والحسد, يولد التوكل, أعمال كثيرة يولّدها اعتقاد واحد.
السبب الثالث:
كي تكون حامدًا شاكرًا، ضدّ أن تكون كفورًا؛ تعلّم عن ربّك لترى آثار تربيته لك.
ما علاقة {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} بباب الأسماء والصفات؟
العلاقة تظهر من وجهين:
الوجه الأول:
لن يصل العبد إلى أن يقول: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} إلا بعد أن يفهم أنه تعالى {رَبِّ الْعَالَمِينَ}. أنه رباه وربّى جميع الخلق بنعمه، وهو معبوده ليس له معبود سواه، ولكي يفهم العبد ذلك يلزمه أن يتعلم عن صفات ربّه، ولهذا؛ أهل العلم يقولون في قوله تعالى: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ % الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
"أن ربوبية الله عز وجل مبنية على الرحمة الواسعة للخلق الواصلة؛ لأنه تعالى لما قال: {رَبِّ الْعَالَمِينَ}
كأن سائلاً يسأل: ما نوع هذه الربوبية؟ هل هي ربوبية أخذ، وانتقام؟ أو ربوبية رحمة، وإنعام؟
المؤمن    : {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}"، فهو سبحانه يربي عباده برحمته الواسعة الواصلة، وسعت كل شيء، ووصلت لكلّ أحد.
الوجه الثاني:
الحمد عبارة عن: الثناء على الله بكمال الصفات وجميل الإنعام،فالله عزّ وجلّ يعامل عباده بعدله أو فضله.
فيحمده أهلُ الجنة على أنْ عاملهم بفضله، ويحمده أهلُ النار على أن عاملهم بعدله، ولهذا المؤمن    في سورة سبأ: {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ}.
قال الشيخ السعدي - رحمه الله - في هذه الآية: "حتى أهل العقاب ما دخلوا النار, إلا وقلوبهم ممتلئة من حمده, وأن هذا من جراء أعمالهم, وأنه عادل في حكمه بعقابهم".


اسم (المؤمن).
وجه عدم ظهور معنى اسم (المؤمن):
أن اسم (المؤمن) صفة لأهل الإيمان، فكأن ذلك سوف يشكل على الناس
- ما معنى أن يوصف العبد بأنه مؤمن؟
-وما معنى أن يوصف الربّ بأنه مؤمن؟
المعنى اللغوي لاسم (المؤمن):
له معنيان:
1) التصديق، كما في قوله تعالى: {وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ}, أي: ما أنت بمصدّق لنا.
2) الأمان الذي هو ضد الإخافة, كما في قوله: {وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}.
ورود هذا الاسم في النصوص:
ذُكر مرة واحدة في سورة الحشر، المؤمن    : {السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ}[الحشر : 23]
مقارنة بين كلمة (المؤمن) مضافة للناس، وبين كونها وصفًا لله تعالى:
الناتج من هذه المقارنة: الفهم الدقيق لمعنى اسم الله "المؤمن"

للداعية أناهيد السميري حفظها الله

avp hsl hglclk