الفاضلة أيام, ملأ الله أيامك بالخيرات, وختمها بالمسرات, وخللها بحب الله I ورسول الله e والطاعات. اللهم آمين.
الحمد لله ذي الفضل: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾, (الأعراف: 43). الحمد لله ذي القول الفصل: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾, (آل عمران: 8).
الفاضلة أيام, لقد كنت على نور من ربِّك أيام شرح الله صدرك للإسلام العظيم: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ﴾, (الزمر: 22). ثمَّ نكصت على عقبيك عندما خُضْتِ غمار الشبه من دون علم راسخ في الإسلام العظيم, أو على الأقل في الجزيئيات التي تثار الشبه من حولها, ووقعتْ في قلبك الرِيَبُ والشكوك إلى حدٍّ بغلتِ فيه مبلغًا عظيمًا, فدفعتك دفعًا إلى القول ببطلان الإسلام العظيم. الراسخ في العلم, لو وردت عليه من الشبه عدد ذرات الرمال, لما نالت من يقينه نقيرًا, ولما خدشت إيمانه فتيلا.
ولا جرم أن الشبهة إذا زارت القلب تحول بينه وبين تبين النور والهدى, بل تلقيه إلى الزيغ والضلال؛ فمتى باشر القلب حقيقة العلم لم تؤثر تلك الشبهة فيه, بل يقوى علمه ويقينه بردها ومعرفة بطلانها. والقلب يغزوه مهلكتان: شهوات الغي, وشبهات الباطل؛ فأيما قلب صغا إليها تشربها؛ فينضح لسانه وجوارحه بموجبها. فلا عجب_ إذن _ أن تتفجر على لسانه الشكوك والشبهات, ويحسب الجاهل أنَّما هذا نتيجة لسعة ذهنه, وعلوِّ كعبه, ورفعة شأنه في العلم, وغاب عنه أنَّ ذلك شوك من قلة علمه, وتزعزع يقينه. وإنا سميت الشبهة شبهة لاشتباه الحق بالباطل فيها, فإنها تلبس ثوب الحق على جسم الباطل, و صاحب العلم واليقين لا يغتر بذلك, بل يجاوز نظره إلى ماتحت لباسها فينكشف له حقيقتها.
الفاضلة أيام, لا تجعلي قلبك اسفنجةً يتشرب الشبهات, وينمو عليها, بل اجعليه زجاجةً مصمتةً؛ لتمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيه, فترينها بصفائه, وتدفعينها بصلابته. واعملي بهذه النصيحة: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ﴾, (الأنعام: 125).
الفاضلة أيام, المداخلة التالية هي عن الآيات المتشابهات.




رد مع اقتباس
المفضلات