بسم الله الرحمن الرحيم


جزاكِ الله خيراً أختنا الكريمة على التوضيح فهناك معلومات لم أسمعها من قبل .

ولكن لىّ تعقيب بسيط على الحديث المذكور وهو :

فعدى عن الوضوء يقول لنا صلى الله عليه وسلم " بركةُ الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده ......."


"بركة الطعام الوضوء قبله و بعده " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 309 ) :
$ ضعيف .
أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 655 ) : حدثنا قيس عن أبي هاشم عن زاذان عن
# سلمان # قال : في التوراة أن بركة الطعام الوضوء قبله , فذكرت ذلك للنبي
صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
و أخرجه أبو داود ( 3761 ) و الترمذي ( 1 / 329 ) و عنه البغوي في " شرح
السنة " ( 3 / 187 / 1 ) و الحاكم ( 4 / 106 - 107 ) و أحمد ( 5 / 441 ) من طرق


عن قيس بن الربيع به , و قال أبو داود : و هو ضعيف , و قال الترمذي : لا نعرف
هذا الحديث إلا من حديث قيس بن الربيع , و قيس يضعف في الحديث .
و قال الحاكم : تفرد به قيس بن الربيع عن أبي هاشم , و انفراده على علو محله
أكثر من أن يمكن تركه في هذا الكتاب
, و تعقبه الذهبي بقوله : قلت : مع ضعف قيس فيه إرسال .

قلت : و لم يتبين لي الإرسال الذي أشار إليه , فإن قيسا قد صرح بالتحديث عن
أبي هاشم , و هذا من الرواة عن زاذان , و قيل لابن معين : ما تقول في زاذان ?
روى عن سلمان ? قال : نعم روى عن سلمان و غيره , و هو ثبت في سلمان .
فعلة الحديث قيس هذا و به أعله كل من ذكرنا و غيرهم , ففي " تهذيب السنن " لابن
القيم ( 5 / 297 / 298 ) أن مهنا سأل الإمام أحمد عن هذا الحديث فقال : هو منكر
ما حدث به إلا قيس بن الربيع .
و الحديث أورده ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 10 ) فقال : سألت أبي عنه ?
فقال : هذا حديث منكر , لو كان هذا الحديث صحيحا , كان حديثا و يشبه هذا الحديث
أحاديث أبي خالد الواسطي عمرو بن خالد , عنده من هذا النحو أحاديث موضوعة عن
أبي هاشم .
قلت : و عمرو بن خالد هذا كذاب فإن كان الحديث حديثه فهو موضوع , والله أعلم .
و أما قول المنذري في " الترغيب " ( 3 / 129 ) بعد أن ساق كلام الترمذي في قيس
ابن الربيع : قيس بن الربيع صدوق و فيه كلام لسوء حفظه لا يخرج الإسناد عن حد
الحسن .
قلت : و هذا كلام مردود بشهادة أولئك الفحول من الأئمة الذين خرجوه و ضعفوه فهم
أدري بالحديث و أعلم من المنذري , و المنذري يميل إلى التساهل في التصحيح
و التحسين , و هو يشبه في هذا ابن حبان و الحاكم من القدامى , و السيوطي و نحوه
من المتأخرين , و في الباب حديث آخر و لكنه منكر , تقدم برقم ( 117 ) , ثم قال
المنذري : و قد كان سفيان يكره الوضوء قبل الطعام , قال البيهقي : و كذلك مالك
ابن أنس كرهه , و كذلك صاحبنا الشافعي استحب تركه , و احتج بالحديث , يعني حديث
ابن عباس قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتى الخلاء ثم إنه رجع فأتي
بالطعام , فقيل : ألا تتوضأ ? قال : " لم أصل فأتوضأ " .
رواه مسلم و أبو داود و الترمذي بنحوه إلا أنهما قالا : " إنما أمرت بالوضوء
إذا قمت إلى الصلاة
" .
قلت : فهذا دليل آخر على ضعف الحديث و هو ذهاب هؤلاء الأئمة الفقهاء إلى خلافه
و معهم ظاهر هذا الحديث الصحيح .
و قد تأول بعضهم الوضوء في هذا الحديث بمعنى غسل اليدين فقط , و هو معنى غير
معروف في كلام النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في
" الفتاوى " ( 1 / 56 ) فلو صح هذا الحديث لكان دليلا ظاهرا على استحباب الوضوء
قبل الطعام و بعده و لما جاز تأويله .
هذا , و اختلف العلماء في مشروعية غسل اليدين قبل الطعام على قولين , منهم من
استحبه , و منهم من لم يستحبه , و من هؤلاء سفيان الثوري فقد ذكر أبو داود عنه
أنه كان يكره الوضوء قبل الطعام , قال ابن القيم : و القولان هما في مذهب أحمد
و غيره , و الصحيح أنه لا يستحب .
قلت : و ينبغي تقييد هذا بما إذا لم يكن على اليدين من الأوساخ ما يستدعي
غسلهما , و إلا فالغسل و الحالة هذه لا مسوغ للتوقف عن القول بمشروعيته ,
و عليه يحمل ما رواه الخلال عن أبي بكر المروذي قال : رأيت أبا عبد الله يعني
الإمام أحمد يغسل يديه قبل الطعام و بعده , و إن كان على وضوء .
و الخلاصة أن الغسل المذكور ليس من الأمور التعبدية , لعدم صحة الحديث به , بل
هو معقول المعنى , فحيث وجد المعنى شرع و إلا فلا
.

ونسأل الله العفو والعافية .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .