الداعي
مواطن حرّ
تاريخ التسجيل بالموقع: December, 2008
المداخلات: 101
أحكام الإسلام هي أحكام رأفة ورحمة, كيف لا والله Y يقول: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾, (الأنبياء: 107). فاتباع هدي محمد, رسول الله e فيه الخير كلُّ الخير, وصدق الله Y إذ يقول: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾, (طه: 124). وكما قلنا آنفًا, فأحكام الإسلام منبثقة عن مبدأ الإسلام العظيم, وثمَّة قواعد لا بدَّ من الإيماءة إليها قبل الولوج في درء الشبه الوهمية الواهية التي تثار حول أحكام الإسلام وصلاحيتها, ولا جرم أنَّ شبه القوم ناتجة عن أمرين: الجهل, والحقد. وتتمثل القواعد التي ينظر للفقه الإسلامي بحسبها بالآتي:
1. الحكم الشرعي ينزل على الواقع, والواقع هو مناط الحكم, أي إنَّ الحكم الشرعي مرتبط ارتباطًا ذا عروة وثقى بالواقع الذي أتى ليعالجه. إذن, لا بدَّ من إدراك حقيقة الواقع قبل تبيان الحكم الشرعي الذي يتعلق به.
2. أحكام الإسلام هي للتطبيق, فلا ينبغي لأحد أن يأتي بافتراضات؛ لمعرفة الحكم الشرعي بها, فالإسلام قبل أن يصبح الاستنساخ أمرًا واقعًا لا يلتفت إليه, ولا يلجأ لتبيان الحكم الشرعي به, ولكنَّه عندما أصبح حقيقة واقعةً رأينا أحد علماء المسلمين يجتهد في مسألة الاستنساخ, ويبين الحكم الشرعي بها, وهو العلامة عبد القديم زلوم. وهكذا هلمَّ جرًّا.
3. الحكم الشرعي إمَّا أن يأتي صريحًا في نصِّ القرآن والسنة, أو أن يوجد أمارة في الكتاب والسنة تدل عليه, وتنبه. فتأمَّل.
4. ثمَّة قاعدة عريضة في الفقه الإسلامي, ألا وهي: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾. ويقول الله Y: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾, (البقرة: 185). ويقول Y: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾, (التغابن: 16). و ومما رواه أبو هريرة t: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ e فَقَالَ:« أَيُّهَا النَّاسُ, قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا». فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلاَثًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e:« لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ, لَوَجَبَتْ, وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ- ثُمَّ قَالَ -ذَرُونِى مَا تَرَكْتُكُمْ؛ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ, فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَىْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَىْءٍ فَدَعُوهُ», رواه بخاري ومسلم. فالمطلوب من المرء المسلم أن يتقي الله بقدر ما يستطيع للتقوى سبيلا. والله الموفق.
والآن نستعرض ما جاء من شبه, ألا وهي:
· كيف يصلي المسلم في القطب الشمالي, مع ملاحظ أن الليل يدوم ستة أشهر؟
الجواب:
هذه سؤال مبني على طبيعة الصلاة المرتبطة بحركة الشمس, وعدد صلوات المسلمين هي خمس مرات في اليوم والليلة, وقد عين الشرع لكل صلاة من هذه الصلوات الخمس ميقاتاً، فقد روى جابر بن عبد t «أن النبي e جاءه جبريل فقال: قم فَصَلِّه، فصلى الظهر حين زالت الشمس، ثم جاءه العصر فقال: قم فَصَلِّه ، فصلى العصر حين صار ظل كل شئ مثله، ثم جاءه المغرب فقال: قم فَصَلِّه، فصلى حين وجبت الشمس، ثم جاءه العشاء فقال: قم فَصَلِّه، فصلى حين غاب الشفق، ثم جاءه الفجر فقال: قم فَصَلِّه، فصلى حين برق الفجر، أو قال حين سطع الفجر، ثم جاءه من الغد للظهر فقال: قم فَصَلِّه ، فصلى الظهر حين صار ظل كل شئ مثلَه، ثم جاءه للعصر فقال: قم فصَلِّه، فصلى العصر حين صار ظل كل شئ مِثْليه، ثم جاءه للمغرب حين غابت الشمس وقتاً واحداً لم يزل عنه، ثم جاءه للعشاء حين ذهب نصف الليل، أو قال ثُلُث الليل، فصلى العشاء، ثم جاءه للفجر حين أسفر جداً فقال: قم فصَلِّه، فصلى الفجر، ثم قال: ما بين هذين وقت», رواه أحمد والنَّسائي. وقال البخاري: (هو أصح شيء في المواقيت). وعن عبد الله بن عمرو t, عن النبي e قال:« وقت الظهر ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفرَّ الشمس، ووقت المغرب ما لم يَسقط ثَوْرُ الشَّفَق، ووقت العشاء إلى نصف الليل، ووقت الفجر ما لم تطلع الشمس», رواه مسلم وأحمد والنَّسائي.
إذن, السؤال منطقي جدًّا, وهذا جوابه:
الدائرة القطبية هي دائرة وهمية تحيط بالقطب الشمالي تشكّل حدّاً فاصلاً بين البلدان التي يتشكل الليل والنهار فيها كل أربع وعشرين ساعة، وبين البلدان التي يمتد فيها النهار وحده أكثر من أربع وعشرين ساعة والليل وحده أكثر من أربع وعشرين ساعة تزاد كلما اتجهنا نحو الشمال حتى يغدو نهار القطب وحده ستة أشهر وليلة ستة أشهر كاملة. ومن البلدان الواقعة في الدائرة القطبية شمال فنلنده وشمال النرويج وشمال السويد في شبه الجزيرة الاسكندنافية وأصقاع سيبيريا الشمالية في روسيا، ومعظم جزيرة غرينلند والأرخبيل في شمالي كندا وغيرها، فهذه البلدان يزيد النهار فيها عن أربع وعشرين ساعة، والليل كذلك.
وهنا لن أذكر لكم أمورًا في أصول الفقه لتبيين كيفية الاستنباط, بل سأكتفي بوضع ما من شأنه أن يكون سهل الفهم. والحكم الشرعي في هذه المسألة هو ما قرره الفقهاء, استنادًا إلى الحديث الذي رواه مسلم وأبو داود والترمذي وأحمد من حديث طويل, وفيه:« قلنا: يا رسول الله, وما لَبْثُه_ أي الدجال _في الأرض؟ قال: أربعون يوماً: يومٌ كسنة, ويوم كشهر, ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم. قلنا: يا رسول الله, فذلك اليوم الذي كسنة, أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره». وقد أفتى الفقهاء بناءً على قول النبي e: (اقدروا له قدره) إلى تعيين وقت الصلاة من دون الالتفات إلى حركة الشمس في بلاد القطبين, قياسًا على ما قرره النبي e في شأن اليوم الذي يساوي سنة من أيامنا. والله الموفق.
· كيف يصوم المسلم في القطب الشمالي, مع ملاحظة أن النهار يدوم ستة أشهر؟
الجواب:
قد أفتى أهل العلم بتقدير الوقت تقديرًا قياسًا على الصلاة في ما ذكر آنفًا.
المفضلات