يقول السنوسي في شرح الكبرى (885هـ)


"وأما من زعم أن الطريق بدأ إلى معرفة الحقالكتاب والسنة ويحرم ما سواهما فالرد عليه أن حجتيهما لا تعرف إلا بالنظر العقلي ،وأيضاً فقد وقعت فيهما ظواهر من اعتقدها على ظاهرها كفر عند جماعة وابتدع
ويقول :"أصول الكفر ستة "......

ذكر خمسة ثم قال :
"سادساً : التمسك في أصول العقائد بمجرد ظواهرالكتاب والسنة من غير عرضها على البراهين العقلية والقواطع الشرعية" .
أبدعة وكفر وضلال هو التمسك بكتاب الله وسنة رسوله.؟؟!!!






و لأجيب على سؤالك أولا :



لا بل الكفر و الضلال كما قال السنوسي التمسك ببعض ظواهر الأدلة النقلية دون عرضها على القطعيات العقلية و الشرعية " يقصد النقلية "



حيث لا يمكن يا أخي العزيز تعطيل المحكم من النقل و تعطيل العقل و اتباع بعض الظواهر النقل



هذا يمكن في دين النصارى



أما في الإسلام فلا .......



ألم يقل الله سبحانه و تعالى :



{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ} (190) سورة آل عمران

{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (18) سورة الزمر


و الله سبحانه و تعالى يقول :


{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} (82) سورة النساء


*** بعض الظواهر الكفرية في القرآن و السنة :


1- وصف الله سبحانه و تعالى بآفة النسيان :

{فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} (51) سورة الأعراف

{نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ} (67) سورة التوبة


فهذا المتشابه يرد إلى المحكم النقلي و العقلي :


{قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى} (52) سورة طـه

و العقل السليم يأبى أن يصف الإله المنعوت بصفات الكمال بصفات النقص و بالآفات كالنسيان و النوم و المرض و غيرها


2- نسبة المرض إلى الله سبحانه و تعالى :


جاء في صحيح الإمام مسلم :
عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله عز وجل يقول يوم القيامة : يا ابن آدم مرضت فلم تعدني ، قال : يا رب كيف أعودك ؟ وأنت رب العالمين ، قال : أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده ، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده ؟ يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني ، قال : يا رب وكيف أطعمك ؟ وأنت رب العالمين ، قال : أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان ، فلم تطعمه ؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ، يا ابن آدم استسقيتك ، فلم تسقني ، قال : يا رب كيف أسقيك ؟ وأنت رب العالمين ، قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه ، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي " *

و في هذا الحديث يعلمنا الله سبحانه و تعالى التأويل

بصرف كلمة " مرضت " ب " مرض عبدي "

كما لا بد من تأويل قوله تعالى " لوجدتني عنده " أي
لوجدت ثوابي و من اعتقد أن ذات الله تكون مع المريض
فهو كافر


3- الله في جهة القبلة :

جاء في صحيح الإمام البخاري :

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ

أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي الْقِبْلَةِ فَشَقَّ
ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ فَقَالَ إِنَّ
أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَلَا يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ
تَحْتَ قَدَمَيْهِ ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ فَبَصَقَ فِيهِ ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ
عَلَى بَعْضٍ فَقَالَ أَوْ يَفْعَلُ هَكَذَا.



قال شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر عند شرحه لهذا
الحديث :
وَقَدْ نَزَعَ بِهِ بَعْض الْمُعْتَزِلَة الْقَائِلِينَ بِأَنَّ اللَّه فِي كُلّ مَكَان
، وَهُوَ جَهْل وَاضِح ؛ لِأَنَّ فِي الْحَدِيث أَنَّهُ يَبْزُق تَحْت قَدَمه
، وَفِيهِ نَقْضُ مَا أَصَّلُوهُ ، وَفِيهِ الرَّدّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ
عَلَى الْعَرْش بِذَاتِهِ وَمَهْمَا تُؤُوِّلَ بِهِ هَذَا جَازَ أَنْ يُتَأَوَّلَ بِهِ
ذَاكَ وَاَللَّهُ أَعْلَم . اهـ فتح الباري

فكما ترى هذا النقل لا يؤخذ أبدا على ظاهره
و من اعتقد أن الله موجود بذاته " أي أخذ بظاهر النص "
في جهة القبلة بين المصلين و القبلة فقد كفر كما أن فيه
على من زعم أن الله موجود في كل مكان مستدلا ببعض
ظواهر الكتاب و السنة بعد أن عطل النقل المحكم و
أعمل بعض المتشابه و حيث إن المتشابه إذا أخذ كله
على ظاهره فهو متناقض فيعمل إلى بعض المتشابه
فيؤول و إلى الآخر فيؤخذ على ظاهره !!!


4- {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ} (31) سورة الرحمن

الفراغ بعد الشغل محال في حقه تعالى و من اعتقد به
فهو كافر أيضا

و انظر إلى تفسير ابن كثير رحمه الله :

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله:
{ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ } ، قال: وعيد من الله للعباد،
وليس بالله شغل وهو فارغ. وكذا قال الضحاك: هذا وعيد.
وقال قتادة: قد دنا من الله فراغ لخلقه. وقال ابن جريج:
{ سَنَفْرُغُ لَكُمْ } أي: سنقضي لكم.

وقال البخاري: سنحاسبكم ، لا يشغله شيء عن شيء،
وهو معروف في كلام العرب، يقال لأتفرغن لك" وما به
شغل، يقول: "لآخذنك على غِرَّتك ".


يتبع