قالوا : أرجى الأعمال للقبول ما لا تراه عينك ، ولا تحدث به نفسك ، وتحتقره في جنب فيض نعم ربك الكريم .فالعمل المقبول مرفوع " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " فلا تراه العين
فلكل من عبد الله و شعر بلذة العبادة, لكل من سجد فى قيام الليل و بكت عيناة من خشية الله, لكل من ترك معصيه و تاب عنها و بُدلت سيئاتة حسنات, ماذا ستفعل بعد رمضان؟؟؟؟؟
تعلمت في مدرسة الصوم أنه جُنّة لك، جنة ووقاية وحماية لك من أي شيء, من الأعداء من شياطين الإنس والجن، بل هو جنة لك ووقاية لك, وحماية لك من نفسك التي بين جنبيك، من نفسك الأمارة بالسوء، فهل تأمن إذا غادرت هذا الحصن بعد رمضان أن تسلم من هؤلاء الأعداء؟ فالزم الحصن الذي استفدت منه في رمضان.
يقول الحافظ بن كثير: لقد أجرى الكريم عادتَه بكرمه أن من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بُعِثَ عليه، فلا يزال المؤمن يجاهد نفسه على طاعة الله حتى يختم له بحسن الخاتمة،: ﴿وَالَّذِيْنَ جَاهَدُوا فِيْنَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِيْنَ﴾ (العنكبوت: 69)،
هل تعلم ان المداومة على العمل الصالح سبب محو الخطايا والذنوب، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمساً، هل يبقى من درنه شيء؟!)) قالوا: لا، قال: ((فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا)) رواه البخاري ومسلم
المداومة على العمل الصالح)؛ شعار المؤمنين وديدن المخلصين، ولنا من سلف الأمة الذين ضربوا أروع الأمثلة في المداومة على الأعمال الصالحة خير قدوة وأسوة.
العمل الصالح لا يقتصر على عبادات معينة ومجالات محددة، بل هو ميدان واسع ومفهوم شامل، فمن بنى مسجدا أو أنشأ مدرسة أو أقام مستشفى أو أشاد مصنعاً ليسدّ حاجة الأمة فإنه يكون بذلك قد عمل صالحا، وله بذلك أجر. من واسى فقيراً وكفل يتيماً من عاد مريضاً وأنقذ غريقاً وساعد بائساً وأنظر معسراً وأرشد ضالاً فقد عمل صالحاَ، قال عليه الصلاة والسلام: ((كل معروف صدقة)) أخرجه البخاري
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملاً أثبته) أي: داوم وواظب عليه،
ان من أعظم ثمار المداومة على العمل الصالح: أنها سبب لمحبة الله للعبد،
قول الله جل وعلا في الحديث القدسي الجليل: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه).
المداومة على العمل الصالح سبب للنجاة من الشدائد، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت رديف النبي فقال: ((يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة)) أخرجه الإمام أحمد
أخي الكريم : تعلمت في مدرسة الصوم, المحافظة على الصلاة في وقتها بل حتى الاهتمام بخشوعها وركوعها وسجودها إن شاء الله، وهذا أمر ليس موقوفاً على هذا الشهر بل في كل وقت، فاثبت عليه، ثبتني الله وإياك.
ابدأ ختمــــــــــة جديدة للقرآن الكريم بعد رمضان
هذه خطوة مهمة جداً تدحر الشيطان الرجيم وتكون سببا في هزيمته بإذن الله , فعليك أن تبدأ ختمة جديدة لكتاب الله تعالى بداية من أول يوم في العيد , حتى إذا قرأت كل يوم 10 آيات فحسب , أو صفحة من كتاب الله.
فعلى كل مسلم ان يقف بعد رمضان وقفة لمحاسبة نفسه ،وقفة من أجل اصلاح القلوب ،وقفة للمدوامة على الأعمال التى كنا ندوام عليها في رمضان ،من صيام وقيام وقرءاة قرآن ، فيجب أن يكون العبد مستمراً على طاعة الله ، ثابتاً على شرعه ، يعبد الله في جميع الشهور وليس شهرا دون شهر أو في مكان دون آخر أو مع قوم دون آخرين .
اسال الله إن يثبتنا واياكم على الطاعة وعلى الطريق المستقيم فقد أثنى الله على دعاء الراغبين فى الثبات بعد الهداية " رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ
أخي الكريم: صيامك لشهر كامل صياماً متواصلاً, دليل على قدرتك على مواصلة الصوم بالنوافل، بل والإكثار منها فيه, أي النوافل مكملة لما يطرأ من نقص على الفرائض, لذا فتعلم من مدرسة الصوم أنك صاحب قدرة، فلا تستهن بهذه القدرة.
أخي الحبيب..
إن كنت ممن استفاد من رمضان.. وحققت فيه صفات المتقين، فصمته حقاً، وقمته صدقاً، واجتهدت في مجاهدة نفسك فيه؛ فاحمد الله واشكره واسأله الثبات على ذلك حتى الممات.
وإياك ثم إياك من نقض الغزل بعد غزله، أرأيت لو أن إمرأةً غزلت غزلاً، فصنعت بذلك الغزل قميصاً أو ثوباً، فلما نظرت إليه وأعجبها، جعلت تقطع الخيوط وتنقضها خيطاً خيطاً بدون سبب.
إذا استنار القلب بنور الإيمان أقبلت وفودُ الخيرات إليه من كل جانب، فينتقل صاحبه من طاعة إلى طاعة، ومن أعظم علامات صحة القلب وطهارته مداومة صاحبه على العمل الصالح مع شعوره بالتقصير وخوفه ألا يتقبَّل الله منه، كما: ﴿وَالَّذِيْنَ يُؤتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوْبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾ (المؤمنون: 60).
تمرست في هذا الشهر, على القيام في الصلاة خلف الإمام، وهذا دليل على قدرتك على نيل هذا الشرف, يعني القيام بين يدي الله عز وجل ليس في الفرض فحسب بل حتى النفل، لا تبخل على نفسك بهذا الشر
ان من علامات قبول العمل المداومة عليه، ومن علامات قبول الطاعة بعدها.. ومن أعظم علامات قبول رمضان ألا تنقطع أعمالك فيه بمجرد ظهور هلال شوال..
إذا كان الله قد حباك بشجرة الإيمان ، فيلزمك أيها الموحد معها وتحت ظلها أن تستقيم وأن تعتصم بالسير على الطريق ، وأن لا تحيد عنه والاستقامة هي السبيل ، كما قال الله تعالى :
} إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا { (سورة فصلت : الآية 30) .
قال أبو بكر : استقاموا فعلاً كما استقاموا قولاً .
منقول للفائدة
أسأل الله أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام وسائر الأعمال.. وأن يجعل عيدنا سعيداً.. وأن يعيد علينا رمضان أعواماً عديدة.. ونحن في حال أحسن من حالنا وقد صلحت أحوالنا، وعزّت أمتنا، وعادت إلى ربها عودة صادقة.. اللهم آمين.
المفضلات