قداسة البابا* ... ‬الزعامة قدر*! 1 - 2

كتب كمال زاخر

مشوار قداسة البابا معينا لا ينضب شأنه شأن رموز جيله ومنه نستخرج دروساً* ‬في المثابرة ووضوح الهدف والتضحية في سبيله،* ‬وهو ما تحتاجه أجيالنا الصاعدة والواعدة التي كادت تتوه مع اللامعني واللاهدف،* ‬فقداسة البابا شخصية متفردة من جيل عصامي،* ‬كان شاباً* ‬موهوباً* ‬يملك مكونات الزعامة،* ‬منذ أن تبع الزعيم مكرم عبيد وكان بعد شاباً* ‬يافعاً* ‬والزعيم في أوج توهجه،* ‬واستشعر الأخير أن امارات زعامة الشاب تسبق انتمائه الحزبي،* ‬فاستبعده،* ‬فحاول الشاب أن يحاكي زعيمه فجمع بعضًا من الشباب في محاولة لتكوين حزب قبطي،* ‬كانت الفكرة اكبر من امكاناته ولم ترتب بشكل منهجي بل كانت نزوعاً* ‬فطرياً،* ‬وفشلت المحاولة*!!‬

يلتحق بعدها الشاب بالجامعة،* ‬وتخيم اجواء دولية ملتبسة تمخضت عن الصراعات العسكرية العالمية وقتها،* ‬ويقرر الملك والحكومة تدريب طلبة الجامعات تدريبا عسكرياً،* ‬ويأتي التدريب بشكل فلكلوري كعادتنا،* ‬فيلحقون الطلبة لمدة شهر بالكلية العسكرية ويعاملون فيها كضباط احتياط،* ‬وهو اللقب الذي يضعه في سلسلة ألقابه التي يعتز بها،* ‬فهو لم يلتحق بالجيش بعد تخرجه*.‬

في اثناء هذا يتعرف علي شاب من كنيسة الانبا انطونيوس بشبرا كان يزامله في تدريب العسكرية،* ‬بدأ الخادم يحدثه عن الكنيسة،* ‬بهره الحديث،* ‬وبدأ مشواره في درب الكنيسة يستكشفه ويجوسه بثقة،* ‬فقد كانت اهتماماته في اتجاه آخر،* ‬دعاه الخادم للكنيسة،* ‬وهناك اكتشف مجالاً* ‬بكراً* ‬يمكنه فيه تحقيق ذاته،* ‬وسط شباب يحلم بالأبدية ويتبني انكار الذات نسقاً* ‬للحياة،* ‬وخلال شهور قليلة وظف فيها الشاب امكاناته في الحفظ وجسارته التي استقاها من تجاربه السابقة،* ‬ومواهبه في قرض الشعر أو قل للدقة النثر المقفي يتقدم الصفوف لتصل اخباره للمعلم والرائد حبيب جرجس مؤسس مدارس الأحد فيقربه إليه،* ‬ويقترب الشاب من بلورة طريقه،* ‬ليجد له مكانا في اللجنة العليا لمدارس،* ‬ويحفز أقرانه علي اصدار مجلة الأحد،* ‬التي تقود منذ عددها الأول معركة شرسة مع قيادة الكنيسة،* ‬وما هي إلا شهور حتي يصبح مديرا لتحرير المجلة،* ‬كان حاجز عدم عضويته في نقابة الصحفيين هو الذي حال بينه وبين موقع رئيس التحرير،* ‬بينما كان واقعياً* ‬هو المهيمن علي المجلة وخطها الفكري والتحريري* .‬

تقوم ثورة يوليو* ‬52،* ‬وتبدأ بعد أن دان لها الحكم في تصفية من تري فيهم مناوئين لها خاصة في الصحافة،* ‬وقتها كان الاستاذ الصحفي مسعد صادق يعلن معارضته لبعض قرارات الثورة فيتم اعتقاله وعزله من وظائفه ومنها رئاسته لمجلة مدارس الأحد،* ‬وتطلب الجهات المختصة من المجلة ترشيح أحد محرريها ليصبح رئيساً* ‬لتحرير المجلة حتي لو لم يكن عضوا في النقابة،* ‬فيقع الإختيار علي الشاب نفسه وتقوم السلطات بمنحه عضوية نقابة الصحفيين،* ‬ويرتقي الشاب درجة جديدة علي سلم الزعامة،* ‬كان مؤمناً* ‬بأن الفرصة لا تأتي إلا لمن يستحقها*..‬


في توقيت معركة المجلة مع الكنيسة كانت هناك جبهات أخري تري حاجة الكنيسة للإصلاح،* ‬وكان لكل منها مسلكه،* ‬فبجوار سعي الإصلاح عبر مقالات المجلة النارية،* ‬كان تحرك مجموعة شباب مدارس الأحد علي الأرض،* ‬عندما رحل مطران الجيزة سارع الشباب بترشيح زعيمهم الاستاذ حبيب جرجس للرسامة،* ‬وخلال هذا تقوم المجلة بتغطية وثائقية تؤكد حق العلماني في الرسامة من خلال القوانين الكنسية والتقليد الكنسي،* ‬لكن المقاومة الكنسية من الحرس القديم كانت عنيفة،* ‬ويفشل سعي شباب مدارس الأحد*.‬

في نفس التوقيت كان تحرك مجموعة اخري من الشباب عرفوا باسم* "‬جماعة الأمة القبطية*" ‬ترجموا معارضتهم الي تحرك فشاركوا في حوارات تعديل الدستور بمذكرة كانت السبب الرئيسي في تصفيتهم ومحاكمتهم،* ‬وقبلها اجبروا البابا البطريرك يوساب الثاني علي التنازل عن ادارة الكنيسة واعتكافه بدير للراهبات بمصر القديمة،* ‬وتشكيل* ‬لجنة من المطارنة ومعهم قائمقام لادارة الكنيسة،* ‬لكن السلطة المدنية تتدخل وتعيد البابا وتعتقل زعماء جماعة الامة*.

‬ وجد الشاب نفسه بحاجة الي اعادة ترتيب اوراقه ؛ بعد فشل المحاولتين،* ‬رسامة علماني كأسقف،* ‬والتدخل المادي لتغيير ادارة الكنيسة،* ‬وراح يبحث عن مدخل اكثر تناسقاً* ‬مع وضعية الكنيسة بعد ان اصبح حلم الاصلاح مهدداًً*.‬

ونواصل في المقال القادم إبحارنا في بقية القصة فإلي لقاء*.‬


http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=20275