- ثُم كُلِي مِن كُلّ الثمَرَاتِ ، حرف الجر "ثم " يفيد الترتيب والتعقيب مع التراخي في تسلسل الاحداث ، ما سبق " ثم " هو أتخاذ السكن وما تلاها هو النشاط وأكل الثمار ، وهذا ما يحدث تماماً فبعد أستقرار مجموعة النحل في المسكن الجديد يمكث النحل مدة قد تطول أو تقصر لا يزاول فيها نشاطه المعتاد حتى يتأكد من أمان مكان السكن ثم يبدأ في مزاولة حياته طبيعياً من جمع للرحيق وصناعة العسل.
- لفظ " كُلِي " يبدو غريباً ، لأن الحاضر في الذهن عند ذكر النحل هو العسل ، والعسل يُشرَب ، وتصنعه النحلة من الرحيق وهو سائل ؟؟!!
ولكن المعنى ليس لذلك ، بل المعنى لما أثبته العلم الحديث ، أن النحل يأكل ويشرب ( ذو أجزاء فم قارض ماص ) والاكل يكون لحبوب اللقاح ( المصدر البروتيني للنحل ) التي يجمعها من الازهار ، والشرب يكون للرحيق ( المصدر الكربوهيدراتي ) ولهذا أقترنت كلمة ( كُلي) بكلمة الثمرات والثمرة أصلها حبة اللقاح وهو ما يأكله النحل !!!!!!
-وقوله تعالى ( كُلّ الثمَرَاتِ ) أفاد عموم الثمر دون استثناء ، وما من ثمرة إلا وكانت حبة لقاح ، وما من حبة لقاح إلا ويأكلها النحل ، ولو كان القرأن من عند غير الله لقيل الثمرات الحلوة مثلا أو لم تُذكر كلمة الثمرات أصلا ، لأنها حقيقة مكتشفة حديثاً بعد تطور المايكروسكوبات وأجهزة الرؤية الدقيقة......ولكنه هو الخالق وهو القائل ، وجاءت شبه الجملة " مِن كُلّ " للتبعيض على مستوى النوع الواحد ( نوع الثمرة ) لإن النحل لا يأكل كل الثمرة ، بل جزءا من أصل الثمرة ، في حين انه يأكل جميع أنواع الثمار وليست الثمار الحلوة فقط .
- " فَاسلُكي سُبُلَ " هذه الجملة تدل على أن النحل له مسالك محددة في الهواء كتلك الخاصة بالطائرات ، وهذا ما دل عليه العلم الحديث ، أن النحل قد يبعد عن خليته مسافات طويلة تصل الى ثلاث كيلو مترات وحتى لا يتوه في العودة ( لأن صغر حجم النحلة ، مع كبر حجم النباتات ، وطول المسافة ، قد يزيد فرص توهان النحل عن مقصده ) ولذلك يستخدم الشمس ( علامات جوية ) في تحديد اتجاهاته بالإضافة لأنواع معينة من الروائح يفرزها على النباتات ( علامات أرضية ) وبذلك تكون عنده طرق ومسالك خاصة به ، بين الخلية وموقع النشاط فلا يخطىء مقصده أبداً.
- "يَخرُجُ مِن بُطُونِها شَرَابٌ مُختلِفُ ألوَانُه فِيهِ شِفاءٌ لِلناس " ، هذه الاية لا تشير إلى العسل فقط كما يعتقد البعض ، بل لكل منتجات النحل النافعة الشافية بإذن الله وكل هذه المنتجات سائلة (شراب ) كما عبرت عنه الآية الكريمة ، فمثلا العسل سائل ، وسم النحل سائل ، والغذاء الملكي ( الرويال جيلي ) سائل ، وشمع النحل أصله عند الخروج من الحلقات البطنية لشغالات النحل سائلا ، ثم يتصلب عند ملامسة الهواء ، وكلها سوائل ذات منافع طبية منها ما عُرِفت فائدته منذ القدم ( مثل العسل ) ومنها ما هو عُرِف حديثا ( مثل الغذاء الملكي ) ومنها ما عُرِفت فائدته قديما وازدادت المعرفة بقيمته الطبية حديثاً مثل سم النحل وكلمة ألوانه تصف الشراب فكل هذه الأشربة ( السوائل ) في مجملها مختلفة في الألوان ( بمعنى الأنواع ، فهي عسل وغذاء ملكات وسم نحل .....) وكل نوع منها مختلف في الألوان ( بمعنى الشكل ، فهو فاتح ، أو قاتم ، أو أبيض ، عديم اللون .....) على حسب مصدر الرحيق وسلالة النحل ، فجملة " شَرَابٌ مُختلِفٌ ألوَانُه " شملت ما هو معروف قديما وحديثا، فالمعنى مستقيم على مر العصور .





رد مع اقتباس
المفضلات