يقول الراوي : فوالله .. لقد أفاقت وبلغت من عبادة ربها ما أنها كانت يوم ماتت
كأنها جذع محترق أرأيتم أيها الأحبة أن نور التقوى لم يفقد بل أعطاه الربيع لتلك المرأة التي كانت تعيش في الظلمات فعاشت بذلك النور إلى أن ماتت على العبادة يرحمها الله..

ومن ثمرات وأنوار المتقين في الدنيا ،أن الله يمد المتقين بمدد من السماء
بأنهم أولياء الله تعالى ،فولي الله مستجاب الدعوة..
فلماذا مستجاب الدعوة ؟؟

لأنه متق لله ،يمشي بنور الله ،فنور الله يهديه في الظلمات ،ويصرف عنه المكر
والكيد في الأزمات ..تأملوا أيها الأحباب حال نبيكم صلى الله عليه وسلم في
غزوة بدر ومعه نفر قليل ،عددهم قليل بالنسبة لعدد المشركين ولكن الله
نصر نبيه وصحابته الكرام على أعدائهم ،وما ذلك أيها الأحباب إلا بنور التقوى

واليقين والصدق مع الله ف    : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) (آل عمران \123)
تأملوا هذه الآية بقلوبكم، تجدون أن الذي نصر القوم هو نور التقوى كما هو
واضح في الآية، ومن ثمرات أنوار المتقين في الدنيا ،أن التقوى تحجب
وتمنع صاحبها من الزيغ والضلال بعد الهداية ..نعم أيها الأحبة ،التقوى
تكون حجاباً لصاحبها في الدنيا من الانحراف والانتكاس بعد ما من الله عليه
بالالتزام والهداية، والذي يدل لذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث

عرض الفتن عن القلوب فقال : (فمن القلوب من ينكر الفتن ويبتعد عنها )
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (يكون متق لله )لذلك فلا تضره فتنة مادامت

السماوات والأرض وهذا وعد من الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم
الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ،     (
وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدّ تَثْبِيتًاوَإِذاً لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّـا أَجْراً عَظِيماً
وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً
)

اسمع لهذه القصة ،قصة ذاك الشاب المتقي لله ،الذي حماه الله من الزيغ و
الضلال والولوع في أوحال الظلمات ،ظلمات الكفر والموبقات والمعاصي
قيل لأبي بكر المسكي إنا نشم منك رائحة المسك مع الدوام ،فما سببه
يرحمك الله ؟ فقال والله لي سنين عديدة لم أستعمل المسك ولكن سبب ذلك
أن امرأة احتالت علي حتى أدخلتني دارها وأغلقت دوني الأبواب وراودتني
عن نفسي ،فتحيرت في أمري فضاقت بي الحيل،فقلت لها إن لي حاجة إلى
الطهارة.فأمرت جارية لها أن تمضي بي إلى بيت الراحة ..ففعلت،فلما دخلت بيت
الراحة أخذت العذرة –أكرمكم الله- وألقيتها على جميع جسمي ثم رجعت إليها وأنا على تلك الحالة فلما رأتني دهشت ثم أمرت بإخراجي فمضيت واغتسلت فلما كانت تلك الليلة رأيت في المنام قائلاً يقول : ( فعلت ما لم يفعله أحد غيرك لأطيبن ريحك في الدنيا والآخرة ) فأصبحت والمسك يفوح مني واستمر ذلك إلى الآن.

أرأيتم الرجال أيها الأحباب ،وحياتهم ،وكراماتهم بسبب تقواهم وإخلاصهم لله
إنهم رجال ركبوا تلك السلامة وجروا بريح التقوى والاستقامة ،فقطعوا بحار
العقب والندامة ،ونجوا من الأهوال يوم القيامة فقال فيهم الشاعر

لله قـوم لـدار الخلـد أخلصهـم ..وخصهم لجزيـل الملـك مولانـا
فلو تراهم غداً فـي دار ملكهـم ..قد توجوا من حلي الكون تيجانـا
وقد دعاهم إلى الفردوس سيدهـم ..إلي الزيـارة والتسليـم ركبانـا
قد جاوزوا دار السلام وقـد ..أبدي لهم وجهه الرحمن سبحانـا
خـروا سجوداً فناداهـم بعزتـه ..إني رضيت بكـم قربـاً وجيرانـاً
إني خلقت لكـم دار النعيـم فـلا.. ترون بؤساً ولا تخشون أحزانـا
وهو الجزاء مني لكم على عمـل.. أخلصتموه وكنتـم فـي إخوانـا


أيها الأحباب..ومن ثمرات وأنوار المتقين في الدنيا ..أن التقوى تفتح لأصحابها
البركات من السماء والأرض ،فينال المتقي لله البركة في رزقه وماله وأولاده
ووقته وجميع ما يملك ،وجميع أفعاله وحياته،فهو رجل مبارك لأنه متقي لله

بأقواله وأفعاله ،    : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)

لكنهم لم يؤمنوا حقيقة الإيمان ،لكنهم لم يتقوا الله حقيقة التقوى ،فكانت
العقوبات كما ترون وكانت نزع البركات وكثرة الآفات ،فالجزاء والله يا أيها
الأحباب من جنس العمل .. ومن ثمرات وأنوار المتقين في الدنيا ،أن التقوى
تجعل صاحبها يفرق بين الحق والباطل ،وينال العبد بعدها الفضل العظيم
من الله تعالى بتكفير السيئات وتبديلها حسنات من الله، ثم ينال العبد بعدها
مغفرة الله ورحمته ورضوانه إلى يوم القيامة ،    مبيناً ذلك :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)