بسم الله الرحمن الرحيم
الفقيه الدستوري والبائل على الدستور " بين الدكتور يحيى الجمل وبابا الأرثوذكس "
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه الأخيار الطيبين .
مفردات العلاقة بين العلمانيين والنصارى في مصر حيرة ما بعدها حيرة ، آخر هذه المفردات حديث الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء في برنامج حكومي " مصر النهاردة " يملكه كل المصريين ، فإن الدكتور الذي افتتح قاموس البذاءة على الإسلاميين بالعقول الضلمة العفنة وانتهى بالتكفير ، قد تجاوز الكرم الحاتمي في عبارات الثناء والقداسة على بابا الكنيسة ، فإن تعجب فاعجب من فقيه دستوري يذوب حباً وهياماً في أكبر البائلين على دستوره .
نعم هذا وصف شنيع ، لكنه الوصف المكافئ لما ألحقه شنودة بدستور الدكتور يحيى من الإهانة والاحتقار ، وإلا فليتفضل الدكتور يحيى بوصف أنسب لأفعال صاحبه ، وللدكتور بلا شك قاموسه الدبلوماسي العامر ، فستة عقود في خدمة دولة بوليسية رأس مال كبار موظفيها اختيار ألطف الألفاظ لأشنع المعاني والأفعال خبرة لا يستهان بها .
فليتفضل الدكتور مشكوراً فيحد لنا وصفاً دستورياً مناسباً لاستقلال رأس الكنيسة بمحابس كنسية يصادر فيها حرية مواطنات مستضعفات بعد أن يتسلمهن من سلطة مجرمة قوضت بهذا السلوك الفاجر مفهوم الدولة وحولتها إلى عصابة ، ولا يخفى على سعادة الدكتور أن هذه جريمة لا تسقط بالتقادم وتُخضِع فاعلها للمحكمة الجنائية الدولية .
ومادام الدكتور من رواد الدولة المدنية فليتكرم سعادته بوصف مدني مناسب للسلوك الامبراطوري لرأس الكنيسة في الاحتقار والتحدي السافر لأعلى الهيئات القضائية .
وليتفضل كذلك برأي الدولة المدنية في الاستقلال الإداري والمالي والسياسي للكنيسة ، وفي خروج قساوسة الكنيسة بالرشاشات الآلية لضم مزيد من أراضي الدولة لأديرة الكنيسة المترامية الأطراف .
إن الفقيه الدستوري لم يغضب يوماً ولم يتمعر وجهه من هذا وأضعافه ، بل ووجد في قاموسه الدبلوماسي العامر ما يعبر عن حالة من الحب والوله بصاحبه رأس الكنيسة .
فإن تعجب فعجب هيام فقيه دستوري مدني بامبراطور كنسي له عناية وغرام شديد بالبول على الدستور ، والناس فيما يعشقون مذاهب .
وفي نفس اللقاء " مصر النهاردة " يحذر الدكتور يحيى وبقوة من الدولة الدينية ، وهو بالطبع يقصد الدولة الإسلامية ، فيقول " ولا تجد أسوء من الدولة البوليسية إلا الدولة الدينية " .
ثم علل ذلك بقوله " لأنك تقدر تقول لجمال أنت دكتاتور ، وتقول لسادات أنت دكتاتور ، وتقول لمبارك أنت دكتاتور ، ولكن ما تقدرش تقول لربنا أنت دكتاتور " اهـ.
سبحان الله العظيم الدكتور يحيى الذي لم يقل يوماً لأحد من هؤلاء الثلاثة أنه دكتاتور يتحسر مقدماً على عجزه عن وصف الله عز وجل بالدكتاتورية لو حكمته الشريعة الإسلامية .
فعلاً شيء مستفز أن يتكلم رجل جاوز الثمانين عن رأس الكنيسة بكل حرص وتبجيل ، ثم لما يتكلم عن الله عز وجل في نفس المجلس لا يجد إلا كلاماً كهذا أكبر بكثير من الطيش والتهور ، مع أن القشرة الرقيقة التي تلقاها عن الإسلام وشريعته في كلية الحقوق جديرةٌ بأن تعصمه من هذه الفاجعة ، لكن المعصوم من عصمه الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
لكن خلنا نحمل هذه الفاجعة على جناح التأويل بعيداً عن النفاق الصريح إلى الجهل المزري بالإسلام وشريعته ، ولنعد صياغة ما عجز عنه القاموس الدبلوماسي للدكتور يحيى ، ولنقل بأن الدكتور يخشى من ربط الاعتراض على انفراد الحاكم بتفسير النص الديني بالتكفير .
لكن هذه يا دكتور ليست دولة الإسلام ، هذه دولة النصارى الدينية الثيوقراطية القائمة على نظرية الحكم الإلهي ، بربط إرادة الحاكم بإرادة الله عز وجل .
فهل أراد الدكتور أن يفتري على الإسلام ودولته أم لم تسعفه القشرة الرقيقة التي تلقاها عن الإسلام وشريعته في كلية الحقوق بمعرفة الفرق بين الدولة الدينية في كل من الإسلام والنصرانية !؟.
الله تعالى أعلم ، لكن الله أمرنا بحسن الظن لذلك نحن سنساعد الدكتور وندله على الدولة الدينية التي يحذر فيما حوله من الشواهد حتى يطمئن ، فسل صاحبك صاحب القداسة عن الحرمان الكنسي والطرد من الأبدية ، سل تعرف حقيقة الدولة الدينية التي تخشاها وأين هي !؟ .
ويمكنك أن تسأل أرملة القس عبد السيد التي دارت بجنازة زوجها على كل الكنائس ، فما جرؤ قس أن يصلي على زميل له في الكهنوت ليخلص روحه ـ بحسب معقتدهم ـ بعد أن طرده صاحبك من رحمة الله عز وجل ، وسل أيضاً أرملة الدكتور نظمي لوقا ، فقد دارت بجنازة صاحبها دورة أرملة عبد السيد بعد أن قرر صاحبك أن يسجنه في الهاوية .
سل تعرف يا دكتور ، نسأل الله أن يحسن لنا ولك الخاتمة .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
كتبه
مجد الدين بن أحمد الآبار
أضف الى مفضلتك





رد مع اقتباس
المفضلات