كما تظهر جيتوية المصطلح أيضاً في ترجمة أسماء الأعلام (وللأسماء دلالة خاصة في الدين اليهودي)، فالمصطلح الصهيوني نابع من الإيمان بأناليهودية هي انتماء قومي، ولذا يجب عبرنة كل الأسماء، فيصبح «موسى هس» هو «موشيه» بغض النظر عن انتمائه القومي الحقيقي ويصبح «سعيد» هو «سعديا»، ويصبح «إسحق» هو «يتسحاق» كما لو كان الأمر المنطقي هو أن تُنْطَق هذه الأسماء بالعبرية، مع أن بعضحملة هذه الأسماء لا يعرفوا العبرية ولم يُنادَوا بهذه الأسماء مرة واحدة طيلةحياتهم.
ويظهر الانغلاق الجيتوي التام في اصطلاحات مثل «الهولوكوست» و «العالياه» وهي اصطلاحات وجدت طريقها أيضاً إلى اللغة العربية. والعالياه اصطلاحديني يعني العلو والصعود إلى أرض الميعاد ولا علاقة له بأية ظاهرة اجتماعية، ومعهذا يستخدم الصهاينة الكلمة للإشارة للهجرة الاستيطانية، أي أن الظاهرة التي لهاسبب ونتيجة أصبحت شيئاً فريداً، وظاهرة ذاتية لا تخضع للتقنين والمناقشة. و«الهولوكوست» هو تقديم قربان للرب في الهيكل يُحرَق كله ولا يبقى منه شيء للكهنة،ومع هذا يستخدم الصهاينة هذه الكلمة للإشارة إلى الإبادة النازية لليهود. والغرض مناستخدام كل هذه المصطلحات الدينية العبرية هو إزالة الحدود والفوارق بين الظواهرالمختلفة، بحيث تصبح «عالياه» هي «الهجرة الصهيونية الاستيطانية»، وتصبح الهجرةالصهيونية هي العلو والصعود إلى أرض الميعاد، أما الهجرة منها فهي «يريداه» هبوطونكوص وردة. ولعل مما له دلالته أن العبرية توجد فيها كلمة محايدة تصف الهجرة وحسب،ولكن الصهاينة استبعدوها، وهو ما يؤكد المضمون الأيديولوجي لهذا المصطلح.
ويُقسَّم علماء اليهود إلى «جاؤونيم» و«صابورائيم» و«تنائيم» وهكذا، وتشيرلهم كثير من المراجع بهذه الكلمات. وهذا يعني أن القارئ الذي لا يعرف العبرية يقفمدهوشاً أمام هذه الأسماء والظواهر وكأنه أمام شيء عجائبي غير إنساني (فالشيءالفريد الذي يتأيقن يضع نفسه خارج حدود ما هو إنساني). وقد اختار الصهاينة عدةمصطلحات دينية مختلفة ليطلقوها على كيانهم الاستيطاني فسموه «كنيست يسرائيل» ثم «يشوف» ثم سُمِّي أخيراً «إسرائيل» وكلها مصطلحات تحمل دلالات دينية لا علاقة لهابأية ظواهر سياسية أو اجتماعية. ولكن الغرض من استخدام المصطلح الديني للإشارةلظاهرة سياسية هو الخلط بين الحدود، ونقع نحن في المأزق ونجد أنفسنا نناقش ما إذاكانت حدود إرتس يسرائيل كما وردت في العهد القديم مطابقة لحدود إسرائيل كما فرضتنفسها على الوطن الفلسطيني، وننسى أن ما حدد هذه الحدود هو العنف الذاتي الصهيونيوالدعم الغربي من الخارج.
المفضلات