صفحة 6 من 7 الأولىالأولى ... 234567 الأخيرةالأخيرة
النتائج 51 إلى 60 من 62
 
  1. #51
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي




    البابالتاسع: الاشتراكية والجماعات اليهودية


    الفكر الاشتراكي الغربي وموقفه من الجماعات اليهودية
    Western Socialist Thought: Its Attitude toward the Jewish Communities
    تتسم النظرة الاشتراكيةإلى أعضاء الجماعات اليهودية بالإبهام نفسه الذي تتسم به رؤية عصر الاستنارة إليهم. فقد دعا مفكرو عصر الاستنارة إلى المساواة بين كل البشر، وبالتالي إلى إعتاق اليهودوإعطائهم حقوقهم السياسية والاقتصادية كاملة. وهذا تيار أساسي في الفكر الاشتراكييُوجَد في كثير من كلاسيكيات هذا الفكر.

    لكن إعتاق اليهود، بل الإنسانعموماً، يتم في إطار مفاهيم علمانية مادية مثل مفهوم الإنسان الطبيعي أو المادي أوالعالمي أو الأممي. فهو مفهوم مادي اختزالي يُسقط أية خصوصية أو هوية، ويرى الإنسانباعتباره جزءاً من الطبيعة/المادة. ويترتب على هذه المقدمات عدة نتائج أهمها رفضخصوصية اليهود العرْقية، ثم يُنظَر إليهم باعتبارهم مواطنين عاديين وحسب يمكن دمجهمفي المجتمع وإعطاؤهم حقوقهم كافة. ومن ثم نجد أن كثيراً من كلاسيكيات الفكرالاشتراكي ترفض الفكرة الصهيونية التي ترى أن اليهود أمة عرْقية مستقلة.

    ولكن، كما أن هناك تياراً داخل فكر حركة الاستنارة يرى أن اليهود عنصر لهخصوصيته، وأن تخلُّصه من هذه الخصوصية أمر صعب بل مستحيل أحياناً، فإن الفكرالاشتراكي قد اشتمل على مثل هذا التيار. وهو يترجم نفسه أيضاً إلى اتجاه معادلليهود ومتحيِّز للصهيونية في آن واحد. ويطرح أتباع هذا التيار فكرة هوية يهوديةمستقلة عضوية يُفترَض فيها عادة أنها ذات طابع شرقي أو آسيوي أو سامي. وقد ازدادالاهتمام بهذا الجانب مع تزايُد الاهتمام بالعنصر الهيليني (الآري فيما بعد) فيالهوية الغربية. وهو اهتمام صار محورياً في الخطاب السياسي الغربي في النصـف الثانيمن القرن التاسـع عشر. وقد أكد هيجل على ما أسماه «الطابع الشرقي» للروح القوميةاليهودية التي لم تدرك المثل العليا (الهيلينية) للحرية والعقل، فظلت اليهودية لذلكمرتبطة بشعائر بدائية لاعقلانية أو طقوس لا روح فيها تسبَّبت في نهاية الأمر فيإدخال العنصر العبراني السلبي على الحضارة الغربية.

    وكجزء من هجومهم علىالمؤسسات القائمة في المجتمع، قام المفكرون الاشتراكيون بالهجوم الضاري علىالمسيحية وعلى كل الأفكار الدينية، فوجَّهوا النقد إلى اليهودية باعتبارها أساسالمسيحية، بل باعتبارها شكلاً متخلفاً منها. واتهموا اليهودية أيضاً بأنهـا تتضمنعناصر نفعية أنانية تشجع اليهود على الاهتمام بأنفسهم وعلى كُره البشر. كما أناليهودية تشجع اليهود على ضرب العزلة حول أنفسهم وعلى البقاء سجناء شعائرهمالبدائية المتخلفة مثل قوانين الطعام التي تجعل اندماجهم مع بقية الجنس البشريمستحيلاً. بل إن بعضهم ذهب إلى حد القول بأن اليهودية تتضمن عناصر هضمية أو معوية،وأن كل إشارة إلى الإله في العهد القديم مرتبطة بالطعام، وأن تقديم القرابينالبشرية كان أحد العناصر المكوِّنة للعبادة اليسرائيلية القديمة.

    وللقضيةأيضاً جانب اقتصادي، فكثير من المفكرين الاشتراكيين ينظر إلى اليهود بوصفهم عنصراًهامشياً غير منتج يتركز في التجارة والأعمال المالية ولا يتجه إلى الصناعة أوالزراعة أبداً (أي أنهم جماعة وظيفية وسيطة). كما أن بعض الاشتراكيين يرون أن ثمةعلاقة عضوية بين اليهود والرأسمالية، خصوصاً في شكلها التجاري المتمثل في الأعمالالمالية والبورصة.

    لكل ما تقدَّم، ذهب بعض المفكرين الاشتراكيين إلى أناليهود يشكلون جماعة بشرية غير سوية وغير طبيعية. وكان الحل الذي يطرحونه هو ضرورةتخليص اليهود من هويتهم المتخلفة أو الخسيسة أو الأنانية (البورجوازية أوالرأسمالية) وتحويلهم إلى عناصر منتجة ودمجهم في المجتمع أو تأكيد هويتهم وتوطينهمفي فلسطين داخل مجتمع تعاوني اشتراكي. وقد ساوى كارل ماركس بين " برجزة " المجتمع (أي سيادة العلاقات التعاقدية البورجوازية فيه) من جهة، وبين تهويده من جهة أخرى.

    ومن أوائل الدعاة إلى الاشتراكية المفكر كونت دي سان سيمون (1780 ـ 1825)،وهو ممن يسمون «الاشتراكيين الطوباويين»، أي المثاليين. ويبدو أنه يوجد تيار يهوديمشيحاني في فكره، إذ طالب بتأسيس مجتمع صناعي يحكمه نخبة من العلماء وأصحاب الأعمالوالمصرفيين الذين يهتدون بهدي «المسيحية الجديدة» ـ وهي مسيحية علمانية (أولادينية) لا تستند إلى الإيمان بالإله أو باليوم الآخر أو الزهد في الدنيا ـ وهيتشبه في ذلك اليهودية الإثنية. وثمة إشارة في كتابات سان سيمون إلى الماشيَّح الأم،وهي أنثى يهودية من الشرق ستصوغ الأخلاق الجديدة. وبطبيعة الحال، سيتمتع اليهودبالمساواة الكاملة في هذا المجتمع الجديد. وقد كان الكثير من تلاميذ سان سيمونوحوارييه من اليهود.

    وأدَّى هذا العنصر اليهودي اللاديني الفاقع فياشتراكية سان سيمون إلى رد فعل عنيف من الكنيسة ومن شارل فورييه (1772 ـ 1837) أحدأهم المفكرين الاشتراكيين وأحد أهم النقاد الاشتراكيين لليهود. ويذهب فورييه إلى أنالتجارة هي مصدر كل الشرور، وأن اليهود هم تجسيد لها، كما أنهم المستغلونالاقتصاديون الرئيسيون في أوربا. واليهود (في تصوُّره) ليسوا جماعة دينية، وإنما همجماعة قومية غير متحضرة وبدائية ومعادية للحقيقة، ولابد للمجتمع من التخلص منهابالدمج أو الطرد. ومعنى ذلك أنه يتحرك في إطار فكرة الشعب العضوي المنبوذ.

    وقد أشار فورييه إلى قوانين الطعام اليهودية كقرينة على صدْق كل الشائعاتالتي أطلقها أعداء اليهود عنهم مثل اتهامهم بأنهم يعتبرون سرقة المسيحي أمراًمباحاً لهم شرعاً. ولذا، يرى فورييه أن لفظتي «يهودي» و«لص» مترادفتان، وأن الإنسانعند التعامل معهم لا يتوقع سوى أكاذيب ولا شيء سوى الأكاذيب التي يشجعهم عليهادينهم. بل يرى فورييه أن اليهـود عنصر تجاري لا ارتبـاط ولا انتماء له بوطن. ولذا،فهم لا يتورعون عن ارتكاب أعمال الخيانة العظمى ويعملون جواسيس لكل الأمم وجلادينلها. وهم كذلك غير مبدعين في الفنون والآداب ولا يتميَّزون إلا بسجل طويل منالجريمة والقسوة. ونشاطات اليهود الاقتصادية كلها هامشية وشرهة وغير منتجة، فهم لايعملون أبداً بالزراعة ويشتغلون بالتجارة والأعمال المالية. وهم إلى جانب هذامتمرسون في التهرب من دفع الضرائب ولايستثمرون رأسمالهم في الصناعة أبداً حتى لايرتبط مصيرهم بمصير الدولة التي يعيشون فيها. ويقتصر نشاطهم التجاري على الاستيرادوالتصدير حتى يحرموا تجار البلاد المضيفة من الاحتكاك بالبلاد الأخرى. وهم يحققونالثروات الهائلة على حساب المواطنين، خصوصاً أنهم بخلاء إلى درجة أن بإمكانهمالعيـش على أقل القليل وهو ما يسـاعدهم على مراكمة الثروة بسـرعة. ومن الواضح أنفورييه يتحـدث عن الجمـاعة الوظيفيـة الوسيطة، ولكنه نظراً لجهله بهذه الظاهرةوتواتُرها في المجتمعات الأخرى تصوَّر أنها ظاهرة يهودية وحسب، وأن خصائص أعضاءالجماعة الوظيفية هي خصائص لصيقة بطبيعة اليهود، أينما كانوا وعَبْرالتاريخ.

    وقد طرح فورييه برنامجاً لحل المسألة اليهودية، وذلك عن طريقدمج اليهود بالقوة اقتصادياً وروحياً. وهذا لن يتأتى إلا بالقضاء على خصوصيتهماليهودية القومية الاقتصادية عن طريق تطبيق قوانين قاسية عليهم، ومنعهم من الاشتغالبالأعمال التجارية، وإبعادهم عن الحدود والسواحل والأماكن التي يمكنهم أن يمارسوافيها التهريب والتجارة، وكذلك عن طريق توطينهم بالقوة في القرى. ويجب أن يواكبعملية الدمج الاقتصادي عملية دمج روحي عن طريق التعليم حتى يتخلى اليهود عن مبادئهمالشريرة.

    والحل الثاني للمسألة اليهودية الذي يطرحه فورييه قد يبدو وكأنهنقيض الأول، ولكنه في الواقع امتداد له. فإذا كان الحل الأول يفترض إمكانية التخلصمن الشعب العضوي المنبوذ عن طريق تخليصه من هويته الكريهة ودمجه، فإن الحل الثانيالذي ورد في كتاب الصناعة الزائفة (1835 ـ 1836) إذ يرى أنه يمكن التخلص منهم عنطريق توطينهم في فلسطين وسوريا ولبنان ليصبحوا أمة معترفاً بها لها ملك وعلم وقناصلوعملة! ويتوجه فورييه بالنصح إلى اليهود، فبدلاً من مضاربات البورصة يمكنهم تحويلفلسطين وما حولها في المنطقة الممتدة من لبنان إلى سيناء إلى أرض صالحة للسكنى عنطريق توفير منافذ لنهر الأردن والبحر الميت على موانئ البحر الأحمر، وأن يتم ريالصحراء وزراعة الغابات الخضراء فيها بواسطة الجيوش الصناعية والمزارع التعاونيةوذلك بتمويل روتشيلد وبدعم أوربا، وهذا أدق وصف لعملية الاستيطان الصهيوني وللزراعةالصهيونية التعاونية المسلحة ولكل من الصهيونية التوطينية والاستيطانية (وقد قضتالحركة الصهيونية بين اليهود نحو سبعين عاماً لتكتشف هذه الصيغة البسيطة). ويجب أننشير إلى أن تاريخ نشر الكتاب هو أيضاً الوقت الذي طُرحت فيه المسـألة الشـرقيةوبحدة بسـبب ثـورة محمد علي على السلطان العثماني.

    وقد ترك فورييه أعمقالأثر في الفكر الاشتراكي بعده. فنجد أن تلميذه ألفونس توسينيل (1803 ـ 1885) يؤلفكتابه اليهود ملوك العصر: تاريخ الإقطاع المالي (1845) حيث يمثل الإقطاع الماليالبنوك في أوربا وفرنسا. والكتاب ليس هجوماً عنصرياً تقليدياً على اليهود إذيُحذِّر الكاتب في البداية من أنه سيستخدم كلمة «يهودي» لا بمعناها المحدد الذييشير إلى جماعة إثنية أو دينية، وإنما يستخدمها بالمعنى الشائع لها، أي «مصرفي» أو «مراب» أو «تاجر». ولذا، فإنه يستخدم هذه الكلمة للإشارة إلى كل من يشتغل في الأمورالمالية، كل الطفيليين غير المنتجين الذين يعيشون على وجود الآخرين وجهدهم. وقد ربطتوسينيل بين القدس اليهودية وجنيف البروتستانتية الكالفنية، فكأن من يقول « يهودي» يقول «بروتستانتي، أي تجار وطيور جارحة». وقد وصل توسينيل إلى أن اليهود، أي كبارالمموِّلين، هيمنوا على أوربا في القرن التاسع عشر.

    وقد ظهر هذا الاتجاهأيضاً في كتابات أدولف ألايزا الذي ترأَّس مجلة لا رينوفاسيون الناطقة باسم الحركةالاشتراكية من أتباع فورييه وأعطاها اتجاهاً معادياً لليهود. ويرى ألايزا أن اليهودمثل البكتيريا القذرة (وهذه صورة مجازية استخدمها الزعيم الصهيوني نوردو ثم الزعيمالنازي هتلر من بعده) تؤدي إلى عفن المكان الذي تصل إليه. فاليهودي يتآمر ضد الأمنالوطني مثل دريفوس. وربطت مدرسة فورييه أيضاً بين ماركس والبلشفية من جهة، وبينماركس واليهودية من جهة أخرى.

    وتُعبِّر آراء ميخائيل باكونين (1814 ـ 1876)، المنظِّر والمفكِّر الفوضوي الروسي، عن كُره عميق لليهود. ففي كتابهالاعتراف الذي ألفه في السجن عام 1851، انتقد قادة الاستقلال في بولندا لاتخاذهمموقفاً إيجابياً تجاه اليهود. وقد نُشر عام 1869 رداً على خطاب من موسى هس أشار فيهإلى اليهود باعتبارهم أمة من المُستغلِّين تقف على الطرف النقيض تماماً من مصالحالبروليتاريا. ويمكن فَهْم موقفه هذا من اليهود من خلال حقيقتين، أولاهما: خلافهالفكري الحاد مع الاشـتراكيين وبالذات اليهـود، منهم كارل ماركـس وموسى هسوأمثالهما. وثانيتهما: الدور البارز لأعضاء الجماعة اليهودية في التجارة والمال فيأوربا، وهو ما كان نتاجاً لميراثهم التاريخي كجماعات وظيفية هامشية. وقد ذهبباكونين إلى أن اليهود يشكلون خطراً أكبر من اليسوعيين، وأنهم القوة الحقيقية فيأوربا، إذ يسيطرون بشكل مطلق على التجارة والبنوك وعلى ثلاثة أرباع الصحافةالألمانية وعلى جزء كبير من صحافة الدول الأخرى. ووصف باكونين الفوضوي ظهور ماركسوأعماله بأنها ظهور جديد للنبي موسى، وأنه يعتبر نموذجاً يمثل الشعب اليهودي.

    وقد كان عداء الاشتراكيين والثوريين لليهود يستند إلى تحليل طبقي يفترض فيهأصحابه علميته وموضوعيته. ولكن مع العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر، وظهورالخطاب العرْقي واكتساحه الفكر الأوربي، نجد أن أتباع فورييه أيضاً يتبنون التفسيرالعرْقي. فالعرْق اليهودي، بحسب تصوُّرهم، قبيح من الناحية الجسدية، فوجوههم تخرققواعد الجماليات تماماً كما تخرق روحهم الروح الآرية (الهيلينية من قبل) التي تتسمبالجمال. والعرْق اليهودي لا يمكن دمجه ولا هضمه، وهو عرْق طفيلي كليةً، فاليهوديفي كل مكان وزمان كان طفيلياً يصيب المجتمعات بالتحلل. وهم طفيليون لأسباب عرْقيةولا يمكنهم أن يغيِّروا دورهم، تماماً كما لا يمكن للمخلوقات الطفيلية التي تقتلالأجساد الحية أن تتوقف عن وظيفتها. وهم معروفون بشكل خاص بمقدرتهم على تخريبقوانين البلاد التي ينتمون إليها.

    ويُلاحَظ أن كل هذه الأوصاف هي أوصافالشعب العضوي المنبـوذ ، فما الحــل إذن؟ طرحت المجلة، الناطقة بلسان أتباع فورييه،حلاًّ صهيونياً حيث طلبت من اليهود الجلاء عن فرنسا طواعية. ولذا، توجهت بنداء إلىاليهود: "أيها اليهود! إلى أعالي سيناء، حيث أرسل الإله بالوصايا العشر التيتخرقونها دائماً، إلى موسـى والإلـه الذي تركتمـوه بسـبب حبكم الشديد للذهب... اعبروا البحر الأحمر مرة أخرى، ولتنزلوا إلى الصحراء مرة أخرى، إلى أرض الميعادالتي تنتظركم، الأرض الوحيدة التي تناسبكم، أيها الشعب الشرير الوقح الخائن، اذهبواإلى هناك". وهذا هو الحل الاستعماري الصهيوني، إرسال كل مشاكل أوربا إلى الشرق.

    ومن الطريف أنه برغم صهيونية مثل هذه الحلول التي طُرحت عام 1899 بعد عقدالمؤتمر الصهيوني الأول، فإن المجلة لم تُعط أية أهمية للحركة الصهيونية أو المنظمةالصهيونية. بل إنه حينما نشر أحد أتباع فورييه ويُدعى فيرييه كتيبه المسألةاليهودية (1902)، فإنه يقدِّم رؤية إيجابية للحركة الصهيونية ويفرق بين يهود الغربالمندمجين الذين سيبقون في أوطانهم ويهود شرق أوربا (أي يهود اليديشية) الذين يجبتهجيرهم إلى وطن قومي خارج فلسطين لأنها ـ حسب تصوُّره ـ غير مناسبة. ورد عليهألايزا قائلاً إنه يؤيد الحل الصهيوني الذي طرحه تيودور هرتزل من ناحية المبدأ،ويحب أن يرى اليهود في وطنهم وأن هذا سيحقق مصلحتهم، وأكثر من هذا فإنه سيحقق مصلحةفرنسا ذاتها! ولكنه عبَّر عن شكه في إمكانية تحقُّق هذا الحلم بسبب طبيعة اليهودالهامشية.

    وقد أصبح ارتباط اليهود بالرأسمالية وكبار المموِّلين موضوعاًأساسياً متواتراً في الفكر الغربي امتزج بالأطروحة العرْقية التي تنظر إلى اليهودبوصفهم ساميين (مقابل الآريين). ويُلاحَظ أن مقولة «الآريين» انفصلت بالتدريج عنمقولة «الهيلينيين»، وبالتالي فقدت بعدها الثقافي واكتسبت بعداً عرْقياً فاقعاً. ولذا، نجد أن بعض الكتاب يقرنون بين التاجر اليهودي والتاجر اليوناني باعتبارهما منالتجار الوسطاء.

    وتبلور كتابات يوجين دوهرنج ( 1833 ـ 1921) هذه الاتجاهاتكافة، فكتابه الحالة اليهودية كمسألة عرْقية وأخلاقية وحضارية ينسب النزعةالليبرالية في الاقتصاد السياسي (أي الرأسمالية والديموقراطية) إلى اليهود الذينيتهمهم باستغلال مبدأ الاقتصاد الحر وتسخيره في خدمة الاحتكار اليهودي الذي يحاولاستعباد كل الناس. ورغم أن اليهود يلعبون دوراً طبقياً، فإنهم يُشكِّلون عرْقاًوضيعاً لا مثيل له. واتجاه اليهود نحو التجارة يعود إلى أن جمجمة الإنسان اليهوديليست جمجمة إنسان مفكر فهي ملأى على الدوام بالربا والشئون التجارية. فاليهود، إذن،فئة تجارية نظراً لأن خصائصهم العرْقية تجعلهم ينزعون نحو التجارة، وهم يحققونترابُطاً غير عادي بسبب شعائرهم القديمة التي لم يطرحوها جانباً تماماً. وتهمةالدم، بحسب رأي دوهرنج، ذات أساس علمي، فهي تعود إلى التضحيات البشرية التي كاناليهود يقدمونها. وقد استمرت هذه التضحيات بسبب رغبة قيادات اليهود في أن تجعل كلفرد في الجماعة اليهودية متورطاً في جريمة قتل الأطفال المسيحيين.

    وحلالمسألة اليهودية بالنسبة لدوهرنج هو أيضاً خليط عرْقي اشتراكي علمي، فهو يناديباعتماد سياسة الاكتفاء الذاتي وبالاقتصاد الموجَّه وبنوع من الاشتراكية المقيدةوبالحفاظ على الشرف العرْقي الذي يستدعي إنقاذ جميع الدوائر العامة وعالم المالوالأعمال من تسلُّط اليهود وسيطرتهم. وبهذا، فإن دوهرنج قد وحَّد بين الرأسماليينبوصفهم تشكيلاً اقتصادياً واليهود بوصفهم عرْقاً وقرن بينهم. ولهذا، فهو يرفض الحلالصهيوني لأن الصهيونية ستدعم قوة اليهود العالمية، ويجد أن الحل الأسمى للمسألةاليهودية هو القتل والطرد. ومن هذا المنظور، فإن مفكراً اشتراكياً مثل ماركس، فيرأي دوهرنج، هو الشر المجسد بسبب نظرياته الشيوعية وعرْقه اليهودي، فقد استقى كلنسقه الفكري من القانون الموسوي رغم أنه قد تم تعميده. وقد ظهرت الأطروحة مرة أخرىفي كتابات ورنر سومبارت عن علاقة الرأسمالية باليهودية ووصلت إلى ذروتها في الفكرالنازي.

    وينبغي ألا نتصوَّر أن هذه الرؤية المعادية لليهود مقصورة علىالمفكرين غير اليهود وحدهم، ففرديناند لاسال (1825 ـ 1864) المفكر الألمانيالاشتراكي اليهودي كانت له آراء شبيهة. فقد أكد تنصُّله من اليهودية لأنه يبغضاليهود، إذ لا يرى فيهم سوى سلالة منحلة لماض عظيم ولَّى. وبعد قرون طويلة منالعبودية، اكتسب هؤلاء الرجال سمات العبيد. ويجب ذكر أنه كان يوجد عديد منالمفكرين، من الاشتراكيين اليهود، لم يهتموا باليهود واليهودية، وإنما افترضوا أنالمساواة داخل المجتمع الاشتراكي ستحل المشاكل كافة.

    وقد يكون من المفيدذكر أن ماكس فيبر يستخدم أيضاً منظوراً دينياً لتحليل إشكالية ظهور الرأسمالية فيالحضارة الغربية، ولكنه طرح فكرة الرأسمالية الرشيدة مقابل الرأسمالية المنبوذة. وقد وجد أن الرأسمالية الرشيدة مرتبطة بالكالفنية في حين ترتبط الرأسمالية المنبوذةباليهود، وبالتالي فإن اليهود من هذا المنظور غير مسئولين عن ظهور الرأسمالية. (انظر الباب المعنون «الرأسمالية والجماعات اليهودية»).







  2. #52
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي




    البلاشفةوالجماعات اليهودية
    The Bolsheviks and the Jewish Communities
    تنطلق رؤيةالمفكرين الاشتراكيين، ماركس وغيره، من تجربتهم التاريخية في فرنسا وألمانياوالنمسا أساساً. وهي دول لم تكن فيها تجمعات يهودية كبيرة، كما أن اليهود كانوامُركَّزين في الأعمال التجـارية والمالية، وزاد ارتباطهم بالنظام الرأسـمالي معتطـوُّر المجتمعات. أما في شرق أوربا وروسيا على وجه الخصوص، فكان الوضع مغايراًتماماً إذ كانت تُوجَد أكبر كتلة بشرية يهودية ذات صفات شبه قومية واضحة تميِّزهااللغة اليديشية، كما أن ظروف التحديث أدَّت إلى تحوُّل قطاعات كبيرة من اليهود إلىبروليتاريا. ولذا، تجاهَل البلاشفة كلاسيكية ماركس عندما كان عليهم أن يتعاملوا معجزء كبير من هذه الكتلة التي ورثوها ضمن ما ورثوا من روسيا القيصرية. ولم يكن منالصعب عليهم تجاهل كتيب ماركس، لأنه كان من أعماله الأولى ولم تكن أفكاره قد تبلورتبعد. مع هذا، يبدو أن البلاشفة، مثل ماركس من قبلهم، قد خلطوا بين مفهومين مختلفينتمام الاختلاف في منطلقاتهما وفي نتائجهما، وظنوا أنهما شيء واحد. أما المفهومالأول فهو مفهوم الأمة اليهودية العالمية، وهو مفهوم صهيوني مطلق يفترض وجود وحدةيهودية عالمية ويهدف إلى تأسيس دولة يهودية لجمع الشعب اليهودي. أما المفهومالثاني، فهو مفهوم اليهود بوصفهم أقلية قومية شرق أوربية لها خصوصيتها التي لاتختلف عن خصوصيات القوميات أو الأقليات الأخرى الموجودة في روسيا القيصرية. وهيخصوصية قد تفصل أعضاء الجماعة اليهودية عن محيطهم الثقافي الروسي أو البولندي،ولكنهـا لا تربطهم بالضـرورة بالجماعات الأخري في بقية العالم، وهذا هو طرح البوند. ولعل هذا الخلط هو نتيجة محاولة البلاشفة والماركسيين عموماً الوصول إلى مستوىتعميم، مرتفع وعلمي، يتجاهل كل الخصوصيات أو يوحِّد بينها بحيث لا يراها، وهذا هوميراث عصر الاستنارة والنموذج المادي الذي يصر على مستوى عال من البساطة والوضوحوالتعميم لا يتفق مع تركيبية الظاهرة الإنسانية. وهذا هو الذي أدَّى إلى تخبُّطالسياسة السوفيتية بعض الوقت، وإلى عدم حسم المسألة اليهودية في الاتحاد السوفيتيإلا من خلال التطورات الاقتصادية للمجتمع الاشتراكي (ككل) خارج إطار الحلول النظريةالمطروحة وبدون هدي كبير منها.

    وقد انطلق لينين من تعريف محدد للأمة استقاهمن كارل كاوتسكي، وهو أن الأمة جماعة لابد أن تكون لها أرض تتطوَّر عليها، الأمرالذي لم يكن متوافراً لليهود، ولابد أن تكون لها لغة مشتركة، وهو الأمر الذي توافرليهود شرق أوربا وحدهم. ولكن لينين، مع هذا، لم ينظر إلى يهود شرق أوربا بوصفهموحدة مستقلة داخل التشكيل السياسي الروسي والتشكيل الحضاري لشرق أوربا منفصلة عنيهود العالم. ولذا، فقد ناقش القضية من منظور أعلى نقطة تعميم فتساءل: هل اليهود،بشكل عام ومجرد، وفي كل زمان ومكان، يُشكِّلون قومية أم لا؟ وهل هناك وحدة عالميةتنتظم كل اليهود؟ وهل هناك خصوصية مقصورة عليهم أو لا؟ والإجابة على مثل هذا السؤالالبسيط بسيطة للغاية، وهي أن كل اليهود بطبيعة الحال لا يشكلون قومية، وأنه لا وجودلأية وحدة بين يهود ألمانيا وبولندا وفرنسا وإنجلترا. فيهود فرنسا يتحدثونالفرنسية، ويهود إنجلترا يتحدثون الإنجليزية، ويهود ألمانيا يتحدثون الألمانية،ويهود شرق أوربا كانوا يتحدثون اليديشية، ويتحدث يهود القوقاز عدة لغات، ولكل جماعةيهودية موروثها الثقافي ووضعها الاقتصادي المتميِّز الذي تحدِّده حركيات المجتمعاتالتي يعيش في كنفها أعضاء الجمـاعات اليهودية. والخلل يكمن في درجة التعـميم التيينطوي عليها السؤال، فهو لا يتفق مع طبيعة الظاهرة وتنوُّعها وعدم تجانسها.

    وفي تصوُّرنا أن موقف لينين كان سيختلف تماماً لو أنه لم يطرح السؤال بهذهالطريقة، وتخلَّى عن مفهوم « اليهود ككل » و« في كل زمان ومكان »، وخفَّض من مستوىالتعميم قليلاً ونظر إلى يهود شرق أوربا داخل الإطار الوحيد الممكن وهو التشكيلالحضاري الشرق أوربي، وطرح حلاًّ لمشاكلهم داخل هذا الإطار باعتبارهم أقلية قوميةشرق أوربية.

    ولأن اليهود، من وجهة نظر لينين، لا يشكلون أمة، فإن القضيةتصبح هي مشكلة اندماجهم أو انعزالهم. ومن ثم، فإن حل المسألة اليهودية هو ببساطةدمجهم، وهي عملية يمكن أن تتم بأن ينخرط اليهود في النضال الثوري إلى جانبالمُضطهَدين من الطبقة العاملة وغيرها من الطبقات على أن يذوب أعضاء الجماعةاليهودية في المجتمع الاشتراكي الكبير، أي أن الخاص (يهود شرق أوربا) لابد أن يذوبفي العام (المجتمع الثوري الجديد). وهذا هو النمط الكامن في فكر حركة الاستنارة وفيكل الحلول الماركسية.

    ولهذا، وقف لينين موقف المعارضة الكاملة لا من فكرةالقومية اليهودية العامة العالمية الوهمية (أي الصهيونية)، وإنما أيضاً من فكرةالخصوصية اليديشية المحدودة والمقصورة على يهود شرق أوربا، وهي الفكرة التي طرحهاحزب البوند الذي طالب بقدر من الاستقلال الثقافي للعمال اليهود يتناسب مع هويتهمالثقافية المحددة وخصوصيتهم، ولا يختلف عن استقلال الأقليات والطوائف الأخرى،ويترجم نفسه إلى استقلال تنظيمي. كما رفض لينين بالتالي أي استقلال تنظيمي لحزبالبوند أو ما سُمِّي «الوحدة الفيدرالية»، ورأى أن مبدأ الاستقلال الذاتي يفي بكلاحتياجات اليهود من أعضاء الطبقة العاملة، ويكفل لها أن تقوم بالدعاية لبرنامجالحزب باليديشية، وأن تعقد مؤتمراتها الخاصة، وأن تقدِّم مطالب مستقلة تدخل فيبرنامج واحد يُعبِّر عن الاحتياجات المحلية وخصوصية الحياة اليهودية. ذلك لأن الهدفالنهائي هو اندماج أعضاء الطبقة العاملة من اليهود اندماجاً كاملاً في الطبقةالعاملة الروسية. وثمة نظرية تذهب إلى أن معارضة لينين للبوند كانت في واقع الأمرنابعة من اعتبارات عملية سياسية غير نظرية،وأن كل تحليلاته هي عبارة عن مسوغاتوديباجات لتبرير رغبته في تصفية البوند.

    وكان تروتسكي الزعيم الماركسياليهودي هو الآخر ضد فكرة القومية اليهودية، ولذا فقد عارض الصهاينة، وكان يرى أنحل المسألة اليهودية لا يكون عن طريق تأسيس دولة يهودية بين دول أخرى غير يهودية،وإنما يكمن في إعادة تركيب المجتمع تركيباً أممياً متماسكاً.إلا أنه عارض أيضاًمفهوم الأقلية اليهودية باعتبارها أقلية قومية شرق أوربية، ولذا عارض البوند.

    ولا يخرج موقف ستالين عن موقف الزعماء الماركسيين السابقين، فقـد بيَّن أناليهـود ككل لا يجمعـهم إلا الدين، وقد يكون لهم طابع قومي، ولكنهم لا يكوِّنون أمةواحدة عالمية، ذلك لأنهم متفرقون اقتصادياً، ويعيشون على أراض مختلفة، ويتكلمونلغات متعددة وليس لهم ثقافة مشتركة. وهذا، مرة أخرى، أمر بدهي واضح. ولكن ستالينارتكب الخلل التحليلي نفسه الذي ارتكبه كل من لينين وماركس وإنجلز من قبله وهوالتعامل مع الظاهرة على مستوى تعميم وتخصيص لا يتفق مع طبيعتها، وقد رفض، بطبيعةالحال، فكرة القومية اليهودية العالمية التي تنتظم كل يهود العالم. ولأن مثل هذهالقومية غير موجودة، يتم الانتقال إلى الحد الأدنى، أي افتراض عدم وجود أية وحدةعلى الإطلاق، دون البحث عن مستوى وسيط من الخصوصية يتمثل في قومية يهودية يديشيةمقصورة على يهود شرق أوربا وحدهم دون سواهم.

    وقد تبنَّى خروشوف نفس الموقفالمطلق الكلي، في تعليق له بجريدة الفيجارو في 9 أبريل 1959، إذ تحدَّث عن اليهودبشكل عام ومجرد، وبيَّن أن اليهود هم المـسئولون عن فشل تجربـة بيروبيجان « فاليهودمنذ أقدم الأزمنة فضلوا الحرف الفردية، وهم لا يحبون العمل الجماعي ولا الانضباطالجماعي، كما أنهم في جميع الأوقات فضلوا أن يكونوا مُشتَّتين. وهم في الواقعفرديون، ومنذ قرون لا تُحصَى، لم يستطيعوا أن يعيشوا مجتمعين، أو أن يستمدوا وجودهموتوازنهم من أنفسهم ». وهذا حديث لا يختلف عن نقد فولتير أو ماركس لليهود بشكل عام. ولو تخلَّى خروشوف عن مقولة اليهود، وتحدَّث بدلاً من ذلك عن الجماعات اليهوديةالمختلفة، فربما استطاع أنيُفسِّر الواقع اليهودي في الاتحاد السوفيتي، وأن يبينسبب رفض اليهود الاستيطان في بيروبيجان. ولأن السوفييت يرفضون فكرة أن اليهوديكوِّنون شعباً، فإنهم يرفضون الصهيونية ويعتبرونها حركة رجعية، بل استغلالية.

    ومن الواضح أن موقف البلاشفة من المسألة اليهودية، رغم معاداته الضاريةللصهيونية ومعاداة اليهود، ورغم اعترافه من البداية باليديشية لغة قومية ورفضالاعتراف باللغة العبرية باعتبارها لغة قومية وهمية، خضع لبعض الوقت للصياغاتالعامة والمقولات المجردة، مثل مقولة « اليهود ككل ». ولكن هذا الوضع تم تصحيحهفيما بعد بتأسيس منطقة بيروبيجان، إذ كانت هذه الخطوة تعني ضمناً قبول ما رفضهلينين، وهو أنه إذا كان اليهود لا يشكلون أمة بالمعنى المطلق، فيهود روسيا يشكلونأقلية قومية روسية لها وضعها الثقافي المتميِّز ولها خصوصيتها التي لا تستمدها منجوهر يهودي عام، وإنما من تجربتها تحت ظروف اجتماعية وحضارية معينة في شرق أوربا،ولم يبق سوى توفير الأرض لها لتصبح أقلية قومية مثل مئات الأقليات الأخرى فيالاتحاد السوفيتي.

    وقد حُسمت مسـألة الاندماج والعزلة اليهـودية، فيثلاثينيـات القرن، لا من خلال الأطروحات الماركسية أو البلشفية وإنما من خلالتغيُّرات بنيوية في المجتمع. فمع تصاعد حركة التصنيع داخل الاتحاد السوفيتي، تمتَّعأعضاء الجماعة اليهودية بحراك اجتماعي غير عادي، ونتج عن فرص الترقي أمام اليهودتفتُّت التجمعات اليهودية فزادت معدلات الاندماج واختفت اليديشية تقريباً، ولمتهاجر أعداد كبيرة إلى بيروبيجان. ومما ساعد على الاندماج، الهجرة اليهودية إلىالولايات المتحدة التي كانت تضم كثيراً من العناصر اليهودية الشابة والعناصر ذاتالتوجه الصهيوني التي كان يمكنها أن تحافظ على عزلة اليهود. ولم تكن عملية الدمجوالاندماج سهلة أو بسيطة، فتقاليد معاداة اليهود في الاتحاد السوفيتي قديمة وراسخةوكثيراً ما انعكست من خلال البيروقراطية السوفيتية ذاتها.

    وإذا انتقلنا مناستعراض موقف الفكر البلشفي إلى تأمُّل موقف الاتحاد السـوفيتي من المسـألةاليهـودية، فإننا نجد الأمر لا يختلف كثيراً. فالقانون السوفيتي يجعل من الصهيونيةومعاداة اليهود جريمتين يعاقب عليهما القانون. وقد أُلغيت جميع التنظيمات الصهيونيةوأصبح نشاطها غير شرعي، مع أن روسيا كانت مركز النشاط الصهيوني في العالم. ووقفالمندوبون السوفييت، في المنظمات والمؤتمرات الشيوعية، ضد السماح للأحزاب الصهيونيةذات الديباجات الماركسية البوروخوفية بالانضمام إليها حتى لا تكتسب أيةشرعية.












  3. #53
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    البلاشفـــــة والصهيونيـــة
    The Bolsheviks and Zionism
    أيَّد الاتحاد السوفيتي قيام الدولة الصهيونية، واعترف بها فور قيامها. ولقدتحدَّث المندوب السوفيتي في هيئة الأمم عن الشعب اليهودي الذي لاقى الاضطهاد، أيأنه كان يتحرك داخل الإطار المجرد والعام لمقولة اليهود التي رفضها البلاشفة منقبل، وليس داخل إطار يهود شرق أوربا بوصفهم أقلية قومية.

    ونود هنا أن نطرحعدة تساؤلات هي: هل كان الموقف البلشفي والسوفيتي المبدئي ينبع من اعتبارات عقائديةأم أنه كان وليد الاعتبارات العملية وحدها؟ وهل يُعتبَر إصرار السوفييت على أنه لايُوجَد شعب يهودي، ثم إصرارهم أيضاً على أن يهود اليديشية لا يُشكِّلون قوميةسلافية وكذلك طرحهم الاندماج كنوع من الحل، إصراراً نابعاً من النسق الماركسي أو هوحل نابع من الواقع العملي الروسي السوفيتي؟ نحن نميل إلى الاعتقاد بأن التطوراتاللاحقة ترجح أن كلاًّ من الاعتبارات العملية والتقاليد السياسية الروسية القيصريةهي التي قررت مسار القضية، كما نرى أن سياسة البلاشفة تجاه يهود الاتحاد السوفيتيامتداد للسياسة القيصرية الشمولية التي كانت تهدف إلى دمج وتذويب أعضاء الجماعةاليهودية باعتبارهم عنصراً غريباً ثقافته ألمانية وولاؤه مشكوك فيه، فألمانيا هيعدو روسيا الأكبر. وهناك من القرائن ما يشير إلى أن مشروع توطين اليهود في شبهجزيرة القرم قد استُبعد بعد البدء فيه نظراً لقرب القرم من ألمانيا، وأنه نُقل إلىبيروبيجان بعيداً عن أي مركز جذب أوربي. ولكن، مع بداية الأربعينيات، وتصاعُدالنفوذ النازي الذي كان يشكل تهديداً قوياً للدولة السوفيتية، بدأت الاتصالات بينالسوفييت والصهاينة، وشُكِّلت في بداية الأمر لجان يهودية لمناصرة السوفييتولمناهضة الفاشية. وفي عام 1943، وضمن إطار الاستعدادات للتسوية النهائية لعالم مابعد الحرب، بدأ السوفييت يتحدثون في إطار أن المشكلة اليهودية ستصبح مشكلة عالميةملحة مع نهاية الحرب، لا مجرد مشكلة ألمانية أو حتى مشكلة غربية. ومن ثم، فلابد أنيحددوا موقفهم منها بوضوح وفي إطار عالمي.

    وفي أكتوبر 1943، قام إيفانمايسكي، نائب وزير الخارجية السوفيتي، بزيارة إلى فلسطين قام خلالها بزيارةالكيبوتسات ومناقشة مشاكل الاستيطان مع بن جوريون وجولدا مائير، ولم يتصل بالجانبالعربي قط. ويبدو أن مايسكي بدأ سياسة مراجعة موقف السوفييت من الاستيطان الصهيوني،إذ كان يرى أن « من الواضح أن اليهود الاشتراكيين والتقدميين في فلسطين سيكونونأكثر فائدة لنا من العرب المتخلفين الذين تسيطر عليهم مجموعات إقطاعية من الباشواتوالأفندية ». وقد استمرت هذه النغمة طيلة الحرب وبعدها وأصبحت لبنة أساسية فيالديباجات الاشتراكية الصهيونية. وأخذ السوفييت يتحدثون عن الدولة الصهيونيةباعتبارها الدولة الديموقراطية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما أنها كانتتسمح للحزب الشيوعي بممارسة نشاطاته بشكل قانوني. كما أن الأحزاب الصهيونية ذاتالديباجات الاشتراكية المتطرفة كانت تُشكِّل من وجهة نظرهم نواة للاشتراكية فيالمنطقة!

    ويبدو أن هذا هو المنطق الذي ساد، إذ أن مستشاري ستالين، كمايُقال، قد نصحوه بأن إقامة الدولة الصهيونية في الشرق الأوسط المتخلف ستُدخل عنصراًمن عدم الاتزان والصراع في المنطقة وهو ما سيؤدي إلى تثويرها، حتى ولو كانت هذهالدولة نفسها دولة رجعية واستعمارية! وهذا يعني أنه نسب للدولة الصهيونية نفس الدورأو الوظيفة التي نسبها الفكر الماركسي لليهود بوصفهم جماعة وظيفية وسيطة تقوِّضدعائم المجتمع دون أن تقوم هي ببناء المجتمع الجديد. بل كان هناك رأي يذهب إلى أنالدولة الصهيونية ستؤدي إلى نوع من أنواع الاستقطاب الطبقي بحيث تتحالف الرجعيةالغربية مع الرجعية اليهودية ويتحالف أعضاء الطبقة العاملة من العرب واليهود ضدأعدائهم الطبقيين، أي أن المنطقة بهذه الطريقة يتم إدخالها في العملية التاريخيةالكبرى، عملية استقطاب الرأسماليين والعمال، بحيث يتم استقطاب كل التفاعلاتوالتناقضات في عملية واحدة ذات قطبين متعارضين. ولكن مهما كانت الأسباب والدوافع،فإن التطورات اللاحقة بينت خلل المقدمات.

    ويرى بعض المحللين العسكريين أناندفاع موسكو وانضمامها إلى الولايات المتحدة في تأييد قيام دولة يهودية يُعتبَرخطوة ذكية لإحداث شرخ دائم في العلاقات الأمريكية العربية حول فلسطين. فقد كانالسوفييت يدركون أنهم لن يخسروا شيئاً في المنطقة لأنهم لا يملكون شيئاً فيها، علىعكس وضع الولايات المتحدة الأمريكية التي ستخسر الكثير من جراء هذا الموقف.

    ومهما كانت الديباجات، قومية أو طبقية، بيروقراطية أو ثورية، فإن من الواضحأنه قد تقرَّر توظيف فلسطين وشعبها في خدمة المصالح الإستراتيجية للاتحاد السوفيتي،وكان يُفترَض أن انتشار الاشتراكية يخدم هذه المصالح. وقد تكون هذه الديباجاتالاشتراكية زائفة أو حقيقية، ولكن ما يهم هو أن الدولة السوفيتية بدأت تدرك دورهاباعتبارها قوة عظمى وأن من الضروري أن يكون لها دور تلعبه في الصراع.

    وقدظهر هذا الاهتمام العملي بفلسطين، بوصفها عنصراً يُوظَّف في خدمة المصالح، في صورةتحوُّل كامل على المستوى العقائدي وعلى مستوى الخطاب السياسي. ويُلاحَظ أنه، فيأعقاب الحرب العالمية الثانية، بدأ تأييد الاتحاد السوفيتي لفكرة الدولة اليهوديةفي فلسطين يتخذ صوراً واضحة. ففي فبراير عام 1945، عُقد مؤتمر نقابات العمالالعالمي في لندن وصوَّت الوفد السوفيتي إلى جانب قرار يؤيد إقامة وطن قومي لليهودفي فلسطين. ونص القرار أيضاً على ضرورة إيجاد علاج أساسي عن طريق عمل دولي لإصلاحالخطأ الذي وقع على الشعب اليهودي، وأن تكون حماية اليهود من الاضطهاد والتمييز فيأي بلد من بلدان العالم من واجب السلطات الدولية الجديدة. وأن يُعطَى اليهود الفرصةفي الاستمرار لبناء فلسطين كوطن قومي عن طريق الهجرة والاستيطان الزراعي والإنماءالصناعي، على أن يكون ذلك مقروناً بتأمين المصالح الشرعية لكل السكان في فلسطين،وتأمين المساواة في الحقوق والفرص كذلك. وهذا جزء لا يتجزأ من الخطاب السياسيالغربي العلماني النفعي الذي لا تثقله أية مثاليات أو مطلقات.

    كما اتفقستالين مع كل من روزفلت وتشرشل في مؤتمر يالطا في فبراير عام 1945 على ضرورة إنشاءوطن قومي يهودي في فلسطين، وعلى وجوب إزالة كل معوقات الهجرة اليهودية إلى فلسطينفوراً مقابل السماح للسوفييت بإقامة مناطق نفوذهم في أوربا الشرقية. وبادر الاتحادالسوفيتي في يوليو من العام نفسه إلى الاعتراف بالوكالة اليهودية وسمح بفتح مكتبلها في موسكو. ثم قام جروميكو بتأييد قرار التقسيم حتى يتم التعايش بين الشعبينالعربي واليهودي في أبريل 1947. وتحدث جروميكو في 13 أكتوبر 1947 من العام نفسه عنارتباط الشعب اليهودي (التاريخي) بفلسطين، وأشار إلى الظروف التي وجد الشعب اليهودينفسه فيها نتيجةً للحرب. وهنا لا نجد مجرد منطق ذرائعي، وإنما نجد كلمكوناتالخطاب الغربي العنصري تجاه اليهود باعتبارهم شعباً ومادةاستيطانية متحركة لها ارتباط أزلي بفلسطين، الأمر الذي يعطيها حقوقاً أزلية في هذهالأرض، خصوصاً أن ما يعانيه اليهود في الغرب لابد من تعويضهم عنه في الشرق، وهذا هومنطق الإمبريالية. كما يمكن استخدام هذا الوضع لخدمة الحضارة الغربية متمثلة هذهالمرة في الاتحاد السوفيتي والاشتراكية العالمية والعلمية. وهذا هو الموقف الغربيالتقليدي من الجماعة الوظيفية الوسيطة التي تُستخدَم كأداة. ولذا، ليس من المدهشمعرفة أن الاتحاد السوفيتي هو أول دولة منحت إسرائيل اعترافاً قانونياً، وبذلكأعطتها مصداقية كانت في أمس الحاجة إليها. ومما يجدر ذكره أن من مجموع إحدى عشرةدولة اعترفت بإسرائيل خلال شهر واحد من إقامتها كان من بينها ستٌ من دول الكتلةالاشتراكية.

    ولم تكن علاقة الاتحاد السوفيتي بالصهيونية على مستوى العقيدةالنظرية أو على مستوى الاعتراف القانوني وحسب، وإنما امتدت لتشمل الدعم البشريوالعسكري، إذ سهَّل السوفييت عملية الهجرة للعديد من يهود بولندا إلى مناطق احتلالالحلفاء في النمسا وألمانيا مدركين أن هؤلاء المهاجرين سيتوجهون في النهاية إلىفلسطين. كما أن تشيكوسلوفاكيا زودت المستوطنين بالأسلحة التي لعبت دوراً أساسياً. ويبدو أن السوفييت في الخمسينيات، حينما اكتشفوا عدم جدوى الدولة اليهودية وعدمنفعها، قطعوا العلاقات السياسية معها ودخلوا في تحالف مع العرب. ولكن، مع تغيُّرسياسة الدولة السوفيتية باتجاه الانفتاح، شهدت العلاقات مع إسرائيل تحسُّناً مرةأخرى، إلى أن فُتحت بوابات الهجرة على مصاريعها أمام من يريد أن يهاجر من أعضاءالجماعات اليهودية.






  4. #54
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    الطبقة العاملة اليهودية أو البروليتاريااليهودية
    Jewish Working Class or Proletariat
    مصطلح «الطبقة العاملةاليهودية» أو «البروليتاريا اليهودية» مصطلح يشبه مصطلحات أخرى مثل «الرأسماليةاليهودية» أو «البورجوازية اليهودية». ويتمثَّل وجه الشبه في افتراض أن ثمةاستقلالاً يهودياً، وأن اليهود يشكلون طبقات خاصة مستقلة عن طبقات المجتمع. ونحننفضل استخدام مصطلحات مثل: «العمال من أعضاء الجماعات اليهودية» أو «العمالالأمريكيون اليهود» وذلك باعتبار أن اليهود يشكلون جزءاً من كل، ويخضعون إلى حدٍّكبير لحركيات هذا الكل وآلياته وقوانينه.

    العمـال من أعضــاءالجماعـات اليهوديـة
    Jewish Members of the Working Class
    يستخدم كثير منالدارسين مصطلحات مثل «البروليتاريا اليهودية» و«الطبقة العاملة اليهودية». وتشيركلمة «البروليتاريا» في اللغات الأوربية إلى طبقة من السكان لا تملك شيئاً بما فيذلك وسائل الإنتاج التي تستخدمها، وتكسب رزقها من عمل يدها، وتُستخدَم هذه الكلمةمرادفة لكلمة «طبقة عاملة». والبروليتاري هو العامل (مقابل الرأسمالي الذي يمتلكوسائل الإنتاج والفلاح الذي يعمل في الزراعة). ويشكل مفهوم البروليتاريا اليهوديةأو الطبقة العاملة اليهودية إشكالية أساسية في الأدبيات التي تتناول وضع الجماعاتاليهودية في أوربا. وقد عبَّر عن هذه القضية المفكر الصهيوني بوروخوف في فكرة الهرمالإنتاجي المقلوب، والتي تتلخص في أن اليهود يتركزون في المهن والحرف ويندُر وجودهمفي صفوف الفلاحين والعمال على عكس معظم الشعوب الأخرى. وهو بطبيعة الحال مفهومقيمته التفسيرية والتصنيفية ضعيفة إلى أقصى حد. فاليهود ليسوا شعباً، وإنما جماعاتيهودية تضطلع بدور الجماعات الوظيفية وتعيش بين مختلف الشعوب، وتتحدَّد طبيعةوظيفتها ووجودها في الهرم الإنتاجي بين المهنيين وبالقرب من أعضاء الطبقة الحاكمةباعتبارهم أداة في يدها لامتصاص فائض القيمة من المجتمع ولإنجاز أغراض أخرى. وقدتحوَّل بعض أعضاء هذه الجماعات إلى عمال انخرطوا في صفوف الطبقات العاملة المختلفة. ولكل هذا، فإننا نفضل استخدام مصطلحات مثل «العمال من أعضاء الجماعات اليهودية» أو «العمال الأمريكيون اليهود» أو أية صيغة أخرى تؤكد أن العمال من أعضاء الجماعاتاليهودية ليس لهم وجود يهودي مستقل وأنهم جزء من كل، وذلك لأن القيمة التفسيريةوالتصنيفية لمثل هذه المصطلحات أعلى بكثير من مصطلح «البروليتاريا اليهودية».

    وقد انخرطت أعداد كبيرة من يهود اليديشية في شرق أوربا في صفوف الطبقةالعاملة ابتداءً من منتصف القرن التاسع عشر، مع تزايُد معدلات تحديث اقتصادالإمبراطورية الروسية التي كانت تضم أكبر كتلة بشرية يهودية في العالم. كما انخرطتأعداد من أعضاء الجماعات اليهودية بنسبة أصغر في الطبقة العاملة في الإمبراطوريةالنمساوية.

    أما في البلاد الأخرى، مثل الولايات المتحدة وإنجلترا وإلى حدٍّما فرنسا، فإن تاريخ العمال من أعضاء الجماعات اليهودية مرتبط بالهجرة من شرق أورباولا علاقة له بالحركيات الداخلية للمجتمع في أيٍّ من هذه البلاد.

    وقد تركتالتحولات الاجتماعية الضخمة في روسيا والنمسا أثرها في أعضاء الجماعات اليهودية، إذفقد كثير من الحرفيين اليهود وظائفهم بظهور الصناعة الحديثة، وكذا التجار والمرابوناليهود الذين كانوا مرتبطين بالاقتصاد الزراعي. كما أن البورجوازيات الصاعدةوالدولة القومية المطلقة التي كانت تريد السيطرة على كل جوانب الإنتاج، حرَّمت علىاليهود العمل في بعض الوظائف التي كانوا يضطلعون بها كجماعة وظيفية، مثل صناعةالكحول والاتجار فيها. وأدَّى هذا الوضع إلى وجود عمالة يهودية ضخمة لا تمتلك وسائلالإنتاج وليس لديها رأس مال كاف الأمر الذي جعلها تنخرط في صفوف الطبقات العاملة،وكانت هذه العملية صعبة بعض الشيء في أوربا الشرقية بسبب الميراث الاقتصاديوالتقاليد السائدة. أما العناصر المهاجرة، وهي عناصر أكثر حركية في العادة، فلم تجدصعوبة شديدة في التحول إلى عمال بسبب عدم وجود عوائق نفسية أو حضارية أو قانونية،وإن كان الميراث الاقتصادي ووضعهم كمهاجرين قد وجههم نحو قطاعات معينة دون غيرها. ومن الأمور التي تستحق التسجيل أن الصناعات التي كان يملكها يهود داخل منطقةالاستيطان استفادت في بداية الأمر من العمالة اليهودية. أما في الولايات المتحدة،فقد نجح أصحاب مصانع النسيج من اليهود من أصل ألماني في أن يستفيدوا من العمالةاليهودية الوافدة واستغلوها استغلالاً كاملاً فيما يُسمَّى «ورش العَرَق». وقد بلغعدد العمال من أعضاء الجماعات اليهودية في أوربا، قبل الحرب العالمية الثانية،مليوناً ونصف المليون من مجموع يهود العالم البالغ عددهم نحو ستة عشر مليوناً،منهم: 400 ألف في الولايات المتحدة، و300 ألف في الاتحاد السوفيتي، و300 ألف فيبولندا، و100 ألف في فلسطين، و400 ألف في البلاد الأخرى مثل إنجلترا وفرنساوألمانيا والمجر ورومانيا وبلدان أمريكا اللاتينية. ويُلاحَظ أن هذه الأرقام تشيرإلى العمال وحسب، ولا تشير إلى كل العاملين في الصناعة من موظفين إداريين.

    وقد ترك الميراث الاقتصادي لليهود أثره في العمال من أعضاء الجماعاتاليهودية. فيُلاحَظ تركُّزهم في صناعات بعينها دون غيرها مثل صناعة الملابسوالخياطة. وهذا يعود في الواقع إلى اشتغال اليهود بالربا وأعمال الرهونات. وكان منأكثر أعمال الرهونات الملابس المستعملة التي كان اليهودي يُعيد ترقيعها وبيعها. كماأن عدم كفاءة العمال اليهود، بسبب انخراطهم المتأخر في سلك الطبقة العاملة، ساهم فيتوجيههم نحو صناعات بعينها دون غيرها. وتتسم الصناعات التي تركَّز فيها اليهود بصغرحجمها وقربها من المراحل النهائية للإنتاج مثل إنتاج السلع المُصنَّعة أو نصفالمُصنَّعة مقابل إنتاج وسائل الإنتاج، وهي صناعات لا تتطلب كفاءات عالية، بل تستندأحياناً إلى الصناعات المنزلية.

    وتدل إحصاءات عام 1897 في روسيا على صدقهذا القول، إذ بلغ عدد العمال اليهود الذين تركزوا في النشاطات الصناعية الأساسيةأو الأولية، مثل سبك المعادن، نحو 7.7%. أما في صناعات المرحلة الوسطى أو المرحلةالثانية، مثل صناعات المعادن والنسيج والبناء، فقد بلغت نسبتهم 19,7%، وبلغت نسبةالعاملين في صناعات المرحلة النهائية أو صناعات المرحلة الثالثة، مثل الأطعمةوالمشروبات والتبغ والملابس، نحو 45,5%.

    أما في جاليشيا، ففي المجموعةالأولى الأساسية نجد 9و5%، وفي المجموعة الوسيطة الثانية 14,5%، وفي المجموعةالنهائية الثالثة 47,7%. والنمط نفسه يوجد في بولندا، ففي إحصاء عام 1921 نجد أن 1,5% من العمال اليهود يُوجَد في المناجم، و3,4% في صناعة المعـادن، و0,8% فيصـناعات الآلات، و2,9% في الصـناعات الكيميائية، و2,9% في صناعة البناء، و5,9% فيصناعة الأخشاب، و13,7% في صناعة النسيج، و43,6% في صناعة الملابس، و12,5% في صناعةالأغذية. وقد وُزِّعت البقية على كل الفروع الأخرى. ومعنى ذلك أن العمال اليهوديوجدون أساساً في الصناعات الاستهلاكية. وربما كان الاستثناء الوحيد للقاعدة هوفلسطين، حيث كان العمــال من المسـتوطنين الصهــاينة يعملــون في الصـناعات كافة،وكان هذا جزءاً من المخطط الإحلالي الذي أخذ شكل اقتصاد صهيوني منفصل يكتفيبالعمالة اليهودية. كما يُلاحَظ أنه في الاتحاد السوفيتي، بعد عام 1928، بدأ يتواجدالعمال اليهود في جميع الصناعات بما في ذلك الصناعات الثقيلة. ولكن، مع هذا، ظلالنمط الأساسي الذي أشرنا إليه سائداً.

    وحيث إن العمال من أعضاء الجماعاتاليهودية كانوا يتركزون في صناعات خفيفة، لذا نجد أن هذا انعكس على نفوذهم وثقلهمالذي ظل ضئيلاً، فمارسوا ضغطهم من خلال الاتحادات والأحزاب العمالية المختلفةالقائمة، أي أنهم لم يشكلوا حركة عمالية يهودية مستقلة. ومع هذا، ظهر حزب البوندالذي حاول تنظيم العمال اليهود من المتحدثين باليديشية. ويُلاحَظ أن حزب البوند لميكن يتحدث عن طبقة عاملة يهودية عالمية، وإنما كان يتحدث عن عمال يهود في شرق أوربالهم ظروفهم الثقافية (وربما الاقتصادية) الخاصة، وهو الرأي الذي رفضه البلاشفة. ومعاختفاء الثقافة اليديشية، اختفى تماماً أي أساس لوجود تنظيم عمالي يهودي (يديشي) مستقل. وعلى كلٍّ لم يَعُد هناك عمال يهود في الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي،أي أن أحفاد العمال من أعضاء الجماعات اليهودية دخلوا الجامعات وانخرطوا في صفوفالمهنيين والطبقة الوسطى وحققوا حراكاً اجتماعياً ابتعد بهم عن إطار العمال والعملاليدوي.






  5. #55
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    الحركة الشعبوية الروسية (نارودنكي(
    Narodnichestvo (Narodniki)
    «الحركة الشعبوية الروسية» حركة ظهرت بين فئة المثقفين الروس فيالستينيات من القرن التاسع عشر وعُرفت باسم «نارود نيشيتفو»، وعُرف أتباعها باسم «النارودنيك» نسبة إلى «النارود» أو «الشعب العضـوي» (فولك) وسـنشير إليهم بمصطلح «الشعبويون الروس». وقد اشتد نشاط هذه الجماعة خلال السبعينيات ووصلت إلى ذروتهاحينما قام جناحها الإرهابي باغتيال ألكسندر الثاني، قيصر روسيا، عام 1881. وعبَّرتهذه الحركة عن نفسها بالدعوة إلى « العودة إلى الشعب » حيث كان الشعبويون يسعون إلىالاختلاط والاندماج مع الشعب الكادح والعمل على تثويره وخدمة الفلاحين في مطالبهمومصالحهم اليومية. وجمعت هذه الحركة بين الفكر الاشتراكي الغربي والفكر الماركسيومفاهيمه حول فائض القيمة ورفض الملكية الخاصة لأدوات الإنتاج من جهة، ومن جهة أخرىالنزعة السلافية المشيحانية وإيمانها بالشعب الروسي، وخصوصاً جماهير الفلاحين،وبالفضائل الكامنة فيه. وفي حين كانت النزعة السلافية ترى أن سرَّ الحياة والحقيقةالدينية مستترة وكامنة في هذا الشعب، كان الشعبويون يؤمنون بأن الحقيقة الاجتماعيةكامنة فيه، وأن هذه الحقيقة محجوبة عن الطبقات الحـاكمة المثقـفة التي تقـومحيـاتها وثقافتها على استغلال عمل الشعب، وبالتالي فيجب على فئة الإنتليجنسيا (المثقفين) التي انفصلت عن الشعب، الذي يعيش ملتصقاً بالأرض، أن تعود إلى الشعبوإلى الأرض. كما آمن الشعبويون بطريق خاص لتطوُّر روسيا وأن بإمكانها الإفلات منمرحلة الرأسمالية البورجوازية وفظائعها والانتقال مباشرة إلى الاشتراكية الحديثة،خصوصاً أن حياة الفلاح تدور حول «الكوميون» أو القرية المشاعية التي مجَّدهاالشعبويون مثلما مجَّدها قبلهم أنصار النزعة السلافية واعتبروها نتاجاً أصيلاًللتاريخ الروسي، والنمط المثالي أو الأعلى الذي يجب أن يحتذيه المجتمع بأسره فيعمليات الإنتاج والتوزيع.

    وانضم كثير من أعضاء الجماعات اليهودية منالمثقفين إلى هذه الحركة، وكانوا من دعاة الاندماج الذين يؤمنون بأن حل المسألةاليهودية يأتي من خلال تحرير الجماهير الروسية أولاً، وبالتالي أعطوا أولوية للعملالثوري داخل الإطار الروسي على العمل من أجل حل مشاكل اليهود. كذلك اعتبروا أنالجماعة اليهودية في روسيا في أغلبها طبقة بورجوازية من التجار والحرفيينالمستغلين. وأكد بانيل أكسيلرود (1850 ـ 1928) ـ وهو من أهم المثقفين الروس اليهودمن الشعبويين، إيمانه بأن المسألة اليهودية لن تُحَل إلا بتحرير الجماهير الروسية. ومن هذا المنطلق، شارك الثوريون اليهود الشباب الروسي في حركة «الذهاب إلى الشعبالروسي» والعمل الدعائي والتنويري بين جماهير الفلاحين. وكما قال أحد الثورييناليهود آنذاك: « نحن شعبويون روس، والفلاحون هم إخواننا الطبيعيون ». ولكي يكسبواثقة الفلاحين، قام الشعبويون من اليهود وغير اليهود بتعلُّم الزراعة والحرف والتعرفعلى التقاليد الشعبية للفلاحين وأسلوب حديثهم وارتدوا ملابسهم. بل ذهب بعض اليهودإلى أبعد من ذلك حيث اعتنق بعضهم المسيحية الأرثوذكسية (وذلك رغم أن فلسفة الحركةالشعبوية كانت فلسفة إلحادية ووضعية) حتى يوجدوا رابطة روحية بينهم وبين الفلاحينالمتدينين، فالمسيحية الأرثوذكسية بالنسبة للشعبويين الروس كانت جزءاً من الفلكلورأو الميراث الثقافي الشعبي الروسي. ومن أبرز الشعبويين الروس اليهود جوزيف أبتكمانالذي اعتنق المسيحية، وكذلك ليف ديتش اليهودي المتروِّس الذي ارتدى ثياب الفلاحينوعمل بينهم في القرى الروسية.

    ولكن جهود الشعبويين لم تنجح في نهاية الأمر،فهم من ناحية تعرضوا للمطاردة والاعتقال والمحاكمات السياسية من قبَل السلطات. ومنناحية أخرى، لم تتجاوب معهم جماهير الفلاحين التي وجدت أفكار المثقفين القادمين منالمدن غريبة عليهم، كما كان افتقار الشعبويين إلى الدين من دواعي نفور الشعب الروسيالمتدين منهم، والذي قام أفراده أنفسهم بتسليمهم إلى أيدي السلطات.

    وتُعَدُّ سيرة حياة أكسيلرود وتأرجُحه بين الحلول الشعبوية والثورية من جهةوالحل الصهيوني من جهة أخرى نمطاً متكرراً بين كثير من المثقفين الروس اليهودالثوريين. وأكسيلرود هو أحد مؤسسي الحزب الاشتراكي الروسي، وُلد في إقليم شيرنيجونوعاش طفولته في فقر شديد. وقد بدأ أكسيلرود نشاطه الثوري عام 1872 حينما كان طالباًفي كييف، وانضم للحركة الشعبوية الروسية. ولكنه اضطر تحت وطأة الاضطهاد القيصري إلىالفرار عام 1874 إلى الخارج حيث عاش لفترة في برلين درس خلالها الحركة الاشتراكيةالألمانية، ثم استقر في جنيف حيث واصل نشاطه الثوري. وكان على اتصال وثيق بمنظمة «الأرض والحرية» وقام بتحرير جريدتها. وقد تكونت هذه المنظمة السرية عام 1876 كردفعل للمطاردة الحكومية.

    وعلى صعيد العمل السياسي، اختلف الشعبويون فيمابينهم، إذ اجتمعت آراء الجناح المعتدل على أهمية العمل التنويري والدعائي بينجماهير الفلاحين من أجل تقويض النظام القيصري وفرض نظام ديموقراطي. ولكنهم اختلفواحول كيفية تنفيذ ذلك المخطط، فآمن الفوضوي باكونين بأنه يكفي تحريض الشعب علىالثورة دون أن تسبق ذلك مرحلة تعليم للشعب، وأن قوة الانتفاضات الفلاحية ستنتج عنهاتحولات سياسية. أما لافروف، فكان يرى ضرورة تنوير الشعب وتعليم جماهير الفلاحينأولاً على أن تَعقُب ذلك الإصلاحات السياسية والثورة.

    أما الجناحالراديكالي، فدعا إلى الإطاحة بالنظام القيصري بالقوة واستيلاء أقلية ثورية علىالسلطة تفرض سلطانها على جماهير الشعب وتقوم بتعليمه وتنويره إلى أن يصل إلى مرحلةكافية من الثقافة والتعليم تسمح له بالمشاركة في الحكم.

    وبعد أن أخفقت حركةالمثقفين المتجهة صوب الشعب وتبددت أوهام الشعبويين الروس في الفلاحين، بدأت عودتهمإلى المدن. ومن هنا، بدأ التحول من النشاط السلمي إلى العنف والإرهاب. وقد عمَّقهذا التطور الخلافات بين الجناح المعتدل والجناح الراديكالي داخل الحركة وانتهىبانشقاقها عام 1879 حيث اتجه المعتدلون بقيادة أكسيلرود (الذي عارض اللجوء إلىالعنف) وبليخانوف إلى تأسيس منظمة كانت تهـدف إلى توزيع أراضـي النبلاء علىالفلاحـين. أما الجنـاح الراديكالي، فاتجه إلى تأسيس منظمة «إرادة الشعب» التي كانتتهدف إلى حل المشكلة السياسية بالقضاء على الملكية المطلقة والاستيلاء على السلطةبأقلية ثورية (عن طريق الإرهاب)، وقامت بتنفيذ سلسلة من الاغتيالات السياسية انتهتباغتيال ألكسندر الثاني في مارس 1881.
    ولعب الشعبويون اليهود دوراً نشيطاًفي هذه المرحلة أيضاً، خصوصاً في المجال التنظيمي والإداري، حيث ساهموا في تأسيسالحلقات الثورية وتوزيع المنشورات والمطبوعات السرية وتنفيذ عمليات الاغتيال. وكانمن بينهم أعرون جوبيت الذي أُعدم عام 1879 بتهمة محاولة اغتيال ألكسندر الثاني،ومارك نيثانسون وأهارون زوندبليفيتش اللذان شاركا في تأسيس منظمة «الأرض والحرية»،وقد كان زوندبليفيتش عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة «إرادة الشعب». وكان من بينطلبة المعهد الحاخامي في فيلنو أولئك الذين انضموا إلى الحركة مثل أهرون ليبرمانوفلاديمير أيوخيلسون (وكان من دعاة استخدام الإرهاب كسلاح سياسي، وشارك في تنفيذعمليتين إرهابيتين). كذلك شارك جريجوري جولدنبرج الذي كان عضواً في «إرادة الشعب» في العمليات الإرهابية ومات منتحراً عام 1880 بعد اعتقاله وبعد أن اعترف على رفاقه. أما هيسي هيلفمان، فأُدينت بالاشتراك في اغتيال ألكسندر الثاني عام 1881 وتوفيت فيالسجن.

    وأعقب اغتيال ألكسندر الثاني عملية قمع واسعة للحركة أسرعت بأفولهاوتمزُّقها. ومع ذلك، نجد أن كثيراً من ملامح الحركة الشعبوية الروسية وجدت طريقهاإلى المنظمات اليهودية ذات النزعة القومية أو الصهيونية والتي بدأت تتشكل في تلكالفترة، وذلك في أعقاب ما شهدته أعوام 1881 - 1883 من تزايُد الاضطهاد والهجمات ضدالجماعات اليهودية نتيجة تعثُّر التحديث في روسيا (وهو ما أصاب جميع الأقلياتأيضاً)، وقد آمنت هذه المنظمات ومن أهمها جمعيات أحباء صهيون بالنارود، أى الشعبالعضوي الكادح، ولكنه في هذه الحالة، في تصوُّرهم، هو « الشعب اليهودي » فدعت إلىضرورة الذهاب إلى هذا الشعب اليهودي، كما نادت بالعودة إلى الأرض (أي فلسطين) والعمل الزراعي والمشاعية.

    ويُعتبَر الحزب الاشتراكي الثوري، الذي تأسَّسعام 1901، وريث الحركة الشعبوية وحزب «إرادة الشعب» الذي ساهم في تأسيسه حاييمجيتلويسكي. وقد حدثت تطورات في فكر أكسيلرود حيث وجد نفسه منجذباً نحو أفكار حركةأحباء صهيون ونحو ضرورة دعوة الشباب والمثقفين اليهود إلى " الذهاب إلى الشعبالعضوي " (اليهودي) والعمل بين الجماهير اليهودية. وفي أوائل عام 1882، بدأ فيتحضير منشور حمل عنوان "حول مهام الشباب اليهودي الاشتراكي" أعرب فيه عن تبدُّدأوهام الشباب الثوري اليهودي تجاه موقف الحركة الثورية الروسية بالنسبة لمشاكلالجماعة اليهودية في روسيا (وكان بعض زعماء الحركة قد أيَّدوا الهجمات ضد اليهود)،وأكد أن هذه الجماعة تشكل «أمة» وأنها تواجه كراهية قطاع واسع من الجماهير المسيحيةبغض النظر عن الانتماءات الطبقية لأعضاء الجماعة. ولكنه فسَّر هذه الكراهية في ضوءالوضع الاجتماعي والاقتصادي الخاص بالجماعة اليهودية في روسيا والذي تكَّون داخلسياق تاريخي معيَّن، حيث يشتغل قطاع واسع من أعضاء الجماعة في الأعمال الوسيطة غيرالمنتجة التي تنطوي على قدر كبير من استغلال الجماهير الروسية. وقد رأى أكسيلرودصعوبة تحـولهم إلى قطاعات منتجـة في ظل الأوضاع التي كانت قائمةً في روسيا، كذلكرأى صعوبة اندماجهم بين الجماهير الروسية الريفية أو العمالية التي اعتبرها أكثرتخلُّفاً من الناحية الثقافية بالمقارنة باليهود. ومن ثم، شجَّع فكرة الهجرة إلىالخارج سواء إلى الولايات المتحدة حيث يمكنهم التحول إلى طبقة منتجة، أو الانصهارمع السكان المحليين، أو الهجرة إلى فلسطين التي يمكن أن تكون « بفضل الميراثالتاريخي، وطن اليهود الحقيقي ودولتهم الصغيرة الخاصة بهم ». وهنا نلاحظ ميلادالصهيونية الاشتراكية (على طريقة بوروخوف) من رحم الأفكار الشعبوية والثوريةالروسية، تماماً كما وُلدت الصهيونية التنقيحية من رحم الفاشية الأوربية،والصهيونية الدبلوماسية من رحم الليبرالية الغربية، وكما وُلدت مدارس الصهيونيةكلها من رحم الإمبريالية الغربية والاستعمار الاستيطاني الغربي. وواجهت آراءأكسيلرود هذه معارضة شديدة من رفاقه ومن بينهم رفاقه اليهود، وخصوصاً ليف رايتشالذي أكد أولوية العمل الثوري الاشتراكي على أية اعتبارات إثنية أو قومية أخرى،ونجح في إقناع أكسيلرود بالعدول عن موقفه، والذي حسم أمره في نهاية الأمر لصالحالاتجاه الثوري الاندماجي وتحوَّل تماماً إلى الماركسية وأصبح من المعارضين لكل منحزب البوند والصهيونية.

    وفي عام 1883، شارك أكسيلرود في تأسيس حركة تحريرالعمل التي تحوَّلت بعد ذلك إلى الحزب الاشتراكي الديموقراطي الروسي، وشارك فيتحرير جريدة الحزب (إيسكرا). وبعد انشقاق الحزب عام 1903، انضم أكسيلرود إلىالمناشفة وأصبح أحد زعمائهم، وعاد إلى روسيا عقب ثورة فبراير عام 1917. وبعد قيامالثورة البلشفية، اعتزل أكسيلرود العمل السياسي واستقر في برلين حيث ظل معارضاًللنظام البلشفي واتهمه بأن «ديكتاتورية البروليتاريا» التي زعم أنه أقامها ما هيإلا ديكتاتورية مفروضة على البروليتاريا. وقد أصدر عدداً من الأعمال حول الفكرالاشتراكي الديموقراطي إلى جانب مذكراته التي صدرت عام 1922 تحت عنوان حياتيوأفكاري.







  6. #56
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    البوند (حزب(
    The Bund
    «بوند» كلمة يديشية معناها«الاتحاد»، وهي الكلمة الأولى في عبارة « الاتحاد العام للعمال اليهود في روسياوبولندا وليتوانيا ». وهو أهم التنظيمات الاشتراكية اليهودية في شرق أوربا. وقدتأسَّس الحزب داخل منطقة الاستيطان في مقاطعات ليتوانيا وروسيا البيضاء التي كانتتتميَّز بوجود عمال يهود متركزين بأعداد كبيرة نسبياً في الصناعات. كما أن الكثافةالسكانية اليهودية ككل كانت عالية إلى حدٍّ ما، الأمر الذي كان يعني عزلة اليهود عنبقية السكان. وعُقد الاجتماع التأسيسي للحزب سراً في فلنا في أكتوبر عام 1897، أيبعد مرور أقل من شهرين على انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول. وحضر الاجتماع ثلاثة عشرمندوباً كان من بينهم ثمانية عمال. وكان الحزب يُعَدُّ أكبر الأحزاب اليهوديةوأكثرها جماهيرية، فكان يضم في صفوفه جماهير يهودية يفوق عددها عدد أعضاء المنظمةالصهيونية في شرق أوربا بل في العالم كله. فقد كان عدد أعضاء حزب البوند في الفترة 1903 ـ 1905 ما بين 25 و35 ألفاً، وقيل إن العدد قد وصل إلى 40 ألفاً عام 1905.

    ويُقسَّم تاريخ حزب البوند في العادة إلى مرحلتين. ويمكن تقسيم المرحلةالأولى بدورها إلى فترتين، وقد سيطرت في الفترة الأولى من المرحلة الأولى عناصرثورية من المثقفين على قيادات الحزب. ويُلاحَظ أن برنامج الحزب في سنواته الأولى لميكن له توجُّه محلي أو يهودي واضح، فكانت قيادته ترى أنه حزب اشتراكي روسي يضطلعبمهمة التجنيد الثوري في القطاع اليهودي للطبقة العاملة. وتقبَّل الحزب يهوديةالعمال اليهود ولغتهم اليديشية بوصفها مجرد حقائق تؤخذ في الاعتبار. ولذا، أكدالحزب في برنامجه أهمية اللغة اليديشية باعتبارها إحدى الوسائل العملية للوصول إلىالجماهير اليهودية. ولكنه رفض من البداية أية تصورات صهيونية لقومية يهودية عالمية،وطرح بدلاً من ذلك مفهوماً كان يُشار إليه بكلمة «دوإكييت» اليديشية والتي تعني «هنا»، أي الاهتمام بأوضاع أعضاء الجماعة اليهودية (هنا) في شرق أوربا خارج أي إطاريهودي عالمي وهمي. ولذا، كان البوند يعارض التعاون مع الحركات العمالية اليهودية فيالبلاد الأخرى (وقد ظل الالتزام بهذا المفهوم أحد ثوابت النظرية البوندية). بل إنحزب البوند كان يرى أن وجود حركة عمالية يهودية مستقلة هو مرحلة مؤقتة انتقالية،وأن الهدف النهائي هو الاندماج في الشعب الروسي (أو البولندي).

    وفي هذاالإطار، أكد الحزب التزامه بالماركسية واهتمامه بالمصالح العامة للطبقة العاملة ككلبصفة أساسية وبالمصالح الخاصة بالعمال اليهود بالدرجة الثانية، وانضم إلى الحزبالعمالي الديموقراطي الاشتراكي الروسي عام 1898، وكان البوند أحد مؤسسي هذا الحزب. وقد كان عدد المندوبين في اللجنة التأسيسية للحزب تسعة من بينهم ثلاثة من أعضاءالبوند. وقام الحزب بنشاطات واسعة ذات طابع سياسي في صفوف العمال من أعضاء الجماعاتاليهودية الذين كانت تتزايد أعدادهم بسبب تزايُد معدلات التحديث الاقتصاديةوالتصنيع في روسيا وتعثُّرها من الناحية الاجتماعية مع نهاية القرن. وأدَّى نجاحهفي نشاطه إلى تأليب النظام الروسي القيصري ضده.

    وفي هذه الآونة، كانالمفكران الروسيان اليهوديان سيمون دبنوف وحاييم جيتلوسكي قد صاغا نظريتهما عنقومية الدياسبورا (أو بتعبير أدق قوميات الجماعة اليهودية، وربما أيضاً: القوميةاليديشية). وتذهب هذه النظرية إلى أن ثمة ثقافات يهودية مستقلة عن بعضها البعض وعنالحضارات التي يتواجد داخلها اليهود، وأن استقلال اليهود الثقافي النسبي عن محيطهمالحضاري لا يعني ارتباطهم جميعاً على مستوى يهودي عالمي. وأكد دبنوف أن الجماعةاليهودية في شرق أوربا (أي يهود اليديشية) لها هوية ثقافية مختلفة عن الهوياتاليهودية الأخرى التي نشأت في أماكن وأزمنة أخرى، وأن هذه الهوية تستحق الحفاظعليها وتطويرها على أرض شرق أوربا ذاتها دون الحاجة إلى الهجرة إلى فلسطين، وهيالهجرة التي كانت تتم في إطار تصوُّر وجود هوية يهودية عالمية واحدة.

    ووجدتهذه النظرية صدى لدى قيادات البوند، خصوصاً أن التأكيد على الخصوصية اكتسب شيئاً منالشرعية الماركسية من القرار الذي اتخذه الحزب الديموقراطي الاشتراكي في النمسا،والذي بمقتضاه غيَّر الحزب بنيته من حزب مركزي إلى حزب فيدرالي قومي يتفق بناؤه معالتعددية القومية التي كانت تسم النمسا آنذاك. كما أن الواقع الفعلي لكثير من أعضاءالحزب كان يؤكد أنهم أقلية قومية شرق أوربية (يديشية) لها لغتها وهويتها الثقافيةالخاصة. وقد ساهم التحديث المتعثر في روسيا القيصرية في هذه الآونة في دعم هذهالهوية وفي تعميق كثير من أبعادها، ولعل هذا يُفسِّر سبب تَرعرُع الثقافة اليديشيةوازدهارها. وقد أعلن البوند في مؤتمره الرابع عام 1901 أن اليهود يشكلون أقليةإثنية لا دينية وأن مصطلح أمة (كما هو مستخدم في روسيا) ينطبق عليهم. وهنا تبدأالفترة الثانية من المرحلة الأولى، حيث دعا الحزب إلى إعادة تأسيس روسيا كاتحادفيدرالي من القوميات مع إدارة ذاتية قومية كاملة لكل أمة دون إشارة إلى الإقليمالذي تسكنه. ومع هذا، تقرر ألا يقوم البوند بحملة من أجل الإدارة الذاتية اليهوديةحتى لا يتضخم الشعور القومي لدى أعضــاء الجـماعة اليهودية، الأمر الذي قد يمُـيِّعالوعي الطبـقي للعمـال. ولكن هـذا التحفظ الأخير لم يُطبَّق، وأُلغي رسمياً فيالمؤتمر السادس (عام 1905). وكان البوند قد أكد في مؤتمره الخامس (عام 1903) حقهكممثل للعمال اليهود في أن يضيف إلى برنامج الحزب الاشتراكي الديموقراطي العام موادلا تتعارض مع ذلك البرنامج، وتتوجه في الوقت نفسه إلى مشاكل العمال اليهود الخاصة. واقترح البوند على مؤتمر الحزب الاشتراكي عام 1903 الاعتراف بأعضاء الجماعة كأقليةقومية روسية لها حق الإدارة الذاتية مثل بقية الأقليات. لكن الطلب رُفض، فانسحبممثلو البوند.
    ويُلاحَظ تذبذب البونديين بين نظرتين إلى أعضاء الطبقةالعاملة من اليهود، إحداهما ترى أنهم يشكلون طبقة عاملة يهودية ذات هوية يهودية شرقأوربية محلية أي يديشية، ولذا لا يمكن دمجها بشكل كامل في الطبقة العاملة الروسية. ويرى الموقف الآخر (البلشفي) أن ثمة طبقة عاملة روسية، وأن العمال اليهود هم جزء لايتجزأ منها، ومن ثم يكون حل مشكلة اليهود القومية والطبقية هو الاندماج. ويدل تذبذبقيادة البوند على مدى ذكائهم الحضاري ومدى التصاقهم بجماهيرهم التي كانت لها هويةمستقلة آخذة في التبلور. فهذه الجماهير كانت كتلة بشرية كبيرة تَصلُح أساساً لتطويرشخصية قومية شرق أوربية يديشية مستقلة. ولكن، لأن هذه الهوية ليست متبلورة وإنماآخذة في التبلور، طرح فلاديمـير ميـديم (1879ـ 1923)، أحـد منظـري الحزب، فكـرة" الحياد " التي تذهب إلى أنه لا يمكن تحديد الشكل الذي سيحقق من خلاله أعضاء الجماعةاليهودية في شرق أوربا بقاءهم، فهم قد يحتفظون بهويتهم وقد يندمجون في محيطهمالثقافي. وتصبح مهمة البوند بالتالي هي أن يحارب من أجل التوصل إلى إطار سياسي يضمنحرية التطور لكل من الاتجاهين، وألا يتخذ أية خطوات من شأنها أن تساعد علىالاستمرارية الإثنية أوعلى عمليات التذويب. ولذا، لم تستمر القطيعة طويلاً مع الحزبالديموقراطي الاشتراكي وعاد البوند إلى التحالف معه عام 1906. وبعد أن مارس الحزبنشاطه بشكل علني بعد ثورة 1905، وسَّع نشاطاته ووصل إلى قطاعات كبيرة من أعضاءالطبقة العاملة من اليهود. ولكنه بدأ ينتكس بعد عام 1908 (وهي الفترة التي شـهدتالمـد الرجعي في روسـيا) حيث قُبض على رؤسـاء الحزب وتم نفيهم، وانحصر اهتمام الحزبلبعض الوقت في الأمور الثقافية مثل اليديشية، واشترك في عدة مؤتمرات ومؤسسات ثقافيةذات طابع يهودي روسي عام مثل جمعية تنمية الثقافة بين يهود روسيا.

    ورغمتأكيد البوند الهوية اليديشية، وربما بسبب هذا، نجده يقف في حزم ضد الرؤيةالصهيونية للقومية اليهودية العالمية التي تضم اليهود في كل زمان ومكان. وقد بيَّنالبوند أن المشروع الصهيوني لن يؤدي إلى حل المسألة اليهودية لأن الدولة الصهيونيةلن تستوعب كل يهود العالم، كما أنها تُفقد يهود العالم حقهم في المطالبة بحقوقهمالاقتصادية والاجتماعية والمدنية حيثما وجدوا. ذلك بالإضافة إلى أن إنشاء هذهالدولة يجعل الصراع بين اليهود والعرب أبدياً، كما أن بقاءها يعتمد على رضا يهودالغرب. وقد بيَّن البوند أن الافتراض الصهيوني بأزلية معاداة اليهود بين الأغياريهدف إلى تمييع الصراع الطبقي وإعاقة تطوُّر شعور المواطنة لدى اليهود وإلى تقويةعقلية الجيتو.

    وتبدأ المرحلة الثانية في تاريخ الحزب بحدوث تغيير أساسي فيصفوف الحزب في تلك الآونة، إذ انسحب المثقفون من قيادته، وأصبحت أغلبية أعضائهوقياداته من العمال. وزاد التركيز على خصوصية العمال اليهود وعلى خصوصية وضعهم. ولذا، كانت لغة المؤتمر العاشر للحزب (عام 1910) هي اليديشية، كما اتُخذت قراراتتدعو إلى استخدام هذه اللغة في المدارس والمؤسسات وإلى اشتراك الحزب في انتخاباتالدوما (البرلمان) لعام 1912. وحينما حدث الانشقاق بين البولشفيك والمنشفيك، انضمالبوند إلى المنشفيك لقبولهم مبدأ الإدارة الذاتية، ولأن لينين والبلاشفة بشكل عامرفضوا فهم البوند للمسألة اليهودية (أو المسألة اليديشية) ولخصوصية وضع العمال منيهود اليديشية.

    وبعد اندلاع الثورة عام 1917، زادت عضوية البوند بسرعةووصلت إلى خمسة وأربعين ألف عضو. ولكن أعداداً كبيرة منهم انضمت إلى الحزب الشيوعي،وكوَّن بعض أعضاء الحزب في أوكرانيا حزباً بوندياً شيوعياً، ولكن أعضاءه انضمواأيضاً إلى الحزب الشيوعي بعد تصاعُد الهجمات ضد أعضاء الجماعة اليهودية. وتم القضاءعلى ما تبقى من البوند عام 1919.

    وهاجرت شرذمة صغيرة من البوند إلى برلينبعد الثورة، واستمرت في نشاطها الحزبي وأصدرت مجلة.ولم يبق من الحزب سوى أرشيفهالذي نُقل إلى جنيف عام 1927 ثم إلى باريس عام 1933.

    وكانت هناك أحزاب بوندفي أماكن أخرى من بينها جاليشيا ورومانيا، ولكن أهم هذه الأحزاب هو حزب البوند فيبولندا الذي استقل في نشاطاته حين عُزل عن روسيا نتيجة اندلاع الحرب العالميةالأولى. وقد ازداد الحزب راديكالية في بولندا، وانضم إلى الحزب الاشتراكي اليهوديفي جاليشيا عام 1919. ثم انضم الحزبان إلى الكومنترن، الأمر الذي تسبَّب في قمعالحكومة لهما. واختفى حزب البوند بين عامي 1920 و1924،ولكنه حينما عاود الظهور فيعام 1924 أصبح أكبر حزب عمالي يهودي في بولندا، فأصدر مجلة أسبوعية وأخرى شهريةوجريدة يومية وبلغت عضويته سبعة آلاف (ويُقال 12 ألفاً) إلى جانب منظمة شبابية كانتتضم عشرة آلاف عضو.

    ولعب حزب البوند دوراً مؤثراً في الحياة السياسية فيبولندا. فاستمر في حربه ضد الصهيونية واليهودية الأرثوذكسية، وكان يحصل على أغلبيةالأصوات في انتخابات اتحادات نقابات العمال اليهـود التي كانت تضـم نحـو تسـعةوتسـعين ألف عامل في عام 1939. وساهم الحزب في تأسـيـس منظـمة المدارس اليديشيةالمركزية، كما كان يسيطر على نحو 80% من كل المؤسسات التعليمية اليديشية. واستمرالبوند في معارضته للعبرية.

    ووصل البوند في بولندا إلى قمة نفوذه السياسيبين عامي 1936 و1939، حين حصل على أغلبية أصوات اليهود في انتخابات البلديات، نظراًلأنه كان ينظم الجماهير اليهودية وغير اليهودية في الحرب ضد معاداة اليهود. وبعدالاحتلال النازي، اشترك البوند في المقاومة ضده. وقد تم القضاء على البوند مع تصفيةمعظم أعضاء الجماعة اليهودية في بولندا على يد النازيين.

    ويُلاحَظ أن حزبالبوند لايزال له فروع في الولايات المتحدة وبريطانيا تضم كبار السن من نشطاء الحزبالسابقين في بولندا وروسيا. وقد كوَّنت البقية الباقية من أعضائه وفروعه اتحاداًعالمياً له هيئة تنفيذية مقرها نيويورك، وقد عقدت هذه الهيئة مؤتمراً عاماً فيأبريل عام 1965، والمنظمة عضو في الاشتراكية الدولية. ولا يزال الحزب يرفض الفكرالصهيوني ويحاول أن يأخذ موقفاً محايداً من الصراع العربي الإسرائيلي.

    ورغمالجماهيرية الواضحة للبوند أثناء فترة نشاطه، سواء في روسيا أو في بولندا، فإن أثرهفي تواريخ أعضاء الجماعات كان محدداً. ولعل هذا يعود إلى عدة أسباب:

    1
    ـارتبط البوند من البداية بثقافة اليديشـية التي ازدهـرت لفترة محدَّدة، بسبب تعثُّرالتحديث في شرق أوربا بعد عام 1880، وحتى في هذه الفترة كان عدد المتحدثينباليديشية آخذاً في التناقص.

    2
    ـ يحوي برنامج حزب البوند جوانب اندماجيةعديدة، ولذا فإن الاختفاء هو في واقع الأمر جزء من البرنامج وتحقق له.

    3
    ـأدَّت عملية التصنيع والتحديث، بعد الثورة البلشفية، إلى تصفية التجمعات اليهوديةالكثيفة وإلى انتشار أعضاء الجماعات في روسيا، كما أدَّت الإبادة النازية إلى الشيءنفسه بالنسبة لبولندا، الأمر الذي أدَّى إلى تصفية القاعدة الجماهيرية للحزب فيالبلدين.

    4
    ـ تولت الدولة السوفيتية، بنفسها، تنفيذ الجانب الثقافي لبرنامجالبوند. فاعترفت باللغة اليديشية بوصفها إحدى اللغات الرسمية، وشجعت دراستها،وأنشأت العديد من المؤسسات الثقافية اليديشية، ثم أنشأت أخيراً مقاطعة بيروبيجانوهي التنفيذ العملي للبرنامج البوندي. وإذا كانت اليديشية آخذة في الاختفاء وإذاكان مشروع بيروبيجان لم ينجح، فإن هذا يعود إلى الطبيعة المؤقتة للنهضة الثقافيةاليديشية وإلى أن أعضاء الجماعة آثروا الاندماج وما يتبعه من حراك اجتماعي سريع علىالاحتفاظ بخصوصيتهم اليديشية. وعلى كلٍّ، فقد كان منظرو البوند غير متأكدين منذالبداية من أن الهوية اليديشية ستنمو وتزدهر، ولذا طالبوا بإطار منفتح يسمح بتطوُّرهوية أعضاء الجماعة إما نحو مزيد من الاندماج أو نحو مزيد من الضمور ثم الاختفاء،وتركوا النتيجة ليحددها مسار التاريخ نفسه. ويبدو أن البديل الثاني هو الذي كتب لهأن يتحقق.







  7. #57
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي




    فلاديمــير ميــديم (1879-1923(
    Vladimir Medem
    أحد قادة حزب البوند البارزين في روسيا وبولندا. وُلد في منطقة الاستيطان لأبيعمل كضابط طبيب في الجيش. وكان والده من اليهود المندمجين تماماً في المجتمعالروسي، كما قام بتعميد ابنه في الكنيسة الأرثوذكسية. وقد درس ميديم القانون فيكييف. وخلال فترة دراسته، اعتنق الماركسية ثم طُرد من الجامعة عقب اشتراكه في إضرابللطلبة عام 1899، وأمضى فترة قصيرة في السجن عاد بعدها إلى منسك. وكان ميديم يعتبرنفسه روسياً، ولكنه بدأ يوجه اهتمامه نحو الجماهير اليهودية. ودفعه ذلك إلىالانضمام إلى حزب البوند، فأصبح عضواً في لجنة الحزب في منسك وكتب في جريدته. وبعدأن سُجن لفترة أخرى، هرب إلى سويسرا حيث انضم إلى دوائر الطلاب الروس، وانتُخب عام 1901 أول سكرتير لحزب البوند في الخارج. وقام ميديم بتمثيل الحزب في المؤتمر الثانيللحزب الاشتراكي الديموقراطي الروسي المنعقد في لندن عام 1903. وعُيِّن عقب المؤتمرعضواً في اللجنة الخارجية لحزب البوند ثم عضواً في لجنته المركزية عام 1906.

    وكان ميديم شديد الاهتمام بالمسألة القومية، فبلور عام 1904 سياسة الحيادالتي تبناها حزب البوند كسياسة رسمية له بشأن مستقبل الجماعة اليهودية في روسيا،وهي سياسة تدعو إلى تبنِّي موقف محايد تجاه قضية الاندماج باعتبار أن العواملالاجتماعية والاقتصادية ستحسم هذه المسألة في نهاية الأمر. ولكن ميديم بدأ عام 1910في الابتعاد عن هـذه السـياسة والمطـالبـة بضـرورة اتخـاذ موقف أكثر إيجابية تجاهالمسـألة القوميـة، وفي تأكيد أن الجماعة اليهـودية جماعة قومية شرق أوربية (يديشية) لها الحق في التعبير عن هوـيتها القومية والثقافيـة مثل سائر القومياتداخل روسيا.

    وقد كان ميديم أول من دعا إلى ضرورة أن يتبنى حزب البوند دوراًنشيطاً داخل الإطار التنظيـمي للجمـاعة اليهودية (القهال)، كما طـالب بتأسيـسالمدـارس اليديشية وبحق التوقف عن العمل يوم السبت والدفاع عن حقوق العمـال اليهود،ولعب دوراً نشطاً في إحيـاء الصحـافة البونديـة في الفتــرة ما بين عامي 1912و1913.

    سُجن ميديم في وارسو خلال الحرب العالمية الأولى ثم أُفرج عنه عام 1915 بعد انسحاب القوات الروسية. وخلال الاحتلال الألماني لبولندا، أصبح ميديمالزعيم الفكري لحزب البوند بها. وقد عمل على تشجيع اللغة اليديشية، وبدأ يتحدثويكتب بها ويهاجم الصهيونية بشدة.

    ومع قيام الثورة البلشفية وصعود العناصرالمؤيدة للشيوعية داخل حزب البوند، وجد ميديم نفسه منعزلاً داخله بسبب هجومه الشديدعلى البلاشفة وسياستهم، فهاجر إلى الولايات المتحدة عام 1921 واستقر فيها.

    انخراط أعضاء الجماعات اليهودية في الحركات الاشـتراكية والثورية
    Participation of Members of Jewish Communities in Socialist and Revolutionary Movements
    يُلاحَظ وجود كثير من أعضاء الجماعات اليهودية فيالحركات الثورية الاشتراكية في كثير من بلاد العالم بنسبة تفوق نسبة انخراط السكانالأصليين في هذه الحركات. وهذه ظاهرة كانت ملحوظة في العالم العربي الإسلامي، إذيُلاحَظ أن كثيراً من قيادات ومؤسسي الحركات الشيوعية كانوا من اليهود. وليس هذابمستغرب، فكثير من أعضاء الأقليات ينجذبون إلى الحركات الثورية العلمانية على أملأن يحقـق لهم المجتمع الثوري العلماني الجديد الحرية الكاملة والمسـاواة التامة. ولكن ذلك، على كل حال، كان ظاهرة عابرة نظراً لأن كثيراً من العناصر اليهودية فيالحركة الاشتراكية كانت أجنبية أو من أصل أجنبي ورحلت عن العالم العربي بعد تأسيسالدولة الصهيونية وبعد اتضاح معالم حركة القومية العربية. كما أن هذه العناصر كانتضمن القيادات وحسب ولم يكن هـناك قط جماهير يهودية بهذا المعنى. ومع الخمسينيات،كانت معظم الحركات الاشتراكية يقودها عناصر عربية محلية. ومع هذا، يذهب بعضالباحثين إلى أن القيادات الشيوعية العربية من أصل يهودي (مثل هنري كورييل) ظلتمسيطرة على الحركات الشيوعية.

    أما في العالم الغربي، فيمكن القول بأن غربأوربا في القرن التاسع عشر (إنجلترا وهولندا وفرنسا وغيرها) لم يكن فيه كتلة بشريةيهودية كبيرة كما أنها كانت مندمجة، وبالتالي لم يكن هناك وجود يهودي ملحوظ لا علىمستوى القيادات الاشتراكية ولا على مستوى الجماهير. ولكن من المُلاحَظ أن بعضالعناصر الثورية كانت تُجَنَّد من بين المهاجرين من شرق أوربا مع يهود اليديشية. كما أن تمثيل اليهود في الأحزاب الثورية، سواء على مستوى القيادة أو على مستوىالجماهير، كان أعلى من نسبتهم القومية.

    أما في وسط أوربا (ألمانياوالنمسا)، فقد كانت أعداد اليهود صغيرة، كما كانت تنتمي أساساً لكبار المموِّلينوالطبقات الوسطى، ولذا ارتبط اليهودي في الأذهان بكبار المموِّلين وبالدعاوىالليبرالية. ولم تكن الأحزاب الثورية تضم في صفوفهـا أعـداداً كـبيرة من اليهودبشـكل مطلق. ومع هذا، كان هناك عدد ملحوظ من قيادات الحركات الثورية الاشتراكيةوالشيوعية، ومن المفكرين الثوريين، من أعضاء الجماعات اليهودية، يمكننا أن نذكر منبينهم كارل ماركس وفرديناند لاسال وكارل كاوتسكي وروزا لوكسمبرج. ولعل هذا الوضع هوالذي أضفى مصداقية سطحية على الادعاءات النازية بشأن المؤامرة اليهودية الكبرىومحاولة اليهود تحطيم ألمانيا بتطويقها من اليمين واليسار.

    أما في شرقأوربا، فكان وجود اليهود في الحركات الثورية على مستوى القيادات والجماهير وجوداًملحوظاً لا شك فيه. فكان عدد كبير من البلاشفة الروس، مثل زينوفييف وكامينيفوليتفينوف، من أعضاء الجماعات اليهودية، وعلى رأسهم تروتسكي مهندس الثورة البلشفيةوقائد الجيش الأحمر. أما على مستوى المشاركة الجماهيرية، فكان حزب البوند الروسيالبولندي اليهودي هو أكبر حزب ثوري اشتراكي في العالم عند تأسيسه. وكان الشباباليهودي ينخرط في سلك الثوار بدرجات متزايدة، فقد كان 30% من المقبوض عليهم فيجرائم سياسية عام 1900 (في روسيا) من أعضاء الجماعات اليهودية.

    ويمكن تفسيرانخراط أعضاء الجماعات اليهودية في الحركات الثورية بشكل ملحوظ على الأساس التالي:

    1
    ـ كان اليهود يشكلون نسبة كبيرة من القطاع المتعلم في المدن، وهو القطـاعالذي يسـاهم في الحركات الثورية أكثر من القطاعات الأخرى.

    2
    ـ كان كثير منالشـباب اليهـودي محـروماً من دخول الجامعات الروسية، فالتحقوا بالجامعات في أورباحيث تم تسييسهم وتثويرهم بدرجة أعلى من أقرانهم.

    3
    ـ كان اليهود أقليةمُضطهَدة محرومة من حقوقها المدنية. ولذا، نجد أن المثقفين اليهود الذين كان منالممكن في ظروف عادية أن يتحولوا إلى مهنيين عاديين (وهو الأمر الذي حدث فيما بعد) وقد انخرطوا، بدلاً من ذلك، في صفوف القواعد الثورية، كما يحدث في كثير من الحركاتالثورية في العالم، حيث نجد أن أعضاء الأقليات المضطهدة يشكلون نسبة عالية فيها.

    واستفادت الصهيونية من ظاهرة انخراط أعضاء الجماعات اليهودية بشكل ملحوظ فيالحركات الثورية ووظفته لصالحها، إذ أن أحـد الموضوعات الأسـاسـية التي كان يطـرحهاتيودور هرتزل في كتاباته، وأثناء مفاوضاته، أن الحل الصهيوني هو الطريقة الوحيدةلتحويل الشباب اليهودي عن الثورة. وقد تم تطوير الصيغة الصهيونية العمالية كمحاولةلاستيعاب الديباجة الثورية الاشتراكية داخل الصهيونية. ومن الأسباب التي أدَّت إلىصدور وعد بلفور، محاولة تجنيد الكتلة اليهودية الضخمة في شرق أوربا ضد الثورةالبلشفية.

    وبعد الحرب العالمية الأولى، يُلاحَظ تركُّز اليهود في التنظيماتالاشتراكية التي بدأت تتبلور في تنظيمات شيوعية وتنظيمات اشتراكية ديموقراطية. وكانت التنظيمات الشيوعية الدولية معادية للصهيونية ولمعاداة اليهود، ورفضت السماحللأحزاب الصهيونية ذات الديباجات الاشتراكية بالانضمام إليها. وحيث إن الأحزابالشيوعية كانت تتبع تعليمات الاتحاد السوفيتي في هذا المجال، وفي عدة مجالات أخرى،فإن هذه الأحزاب ناصبت الصهيونية وأحزابها العداء. ولكن هذه الأحزاب ذاتها أيَّدتقيام الدولة الصهيونية حينما فعل الاتحاد السوفيتي ذلك، ثم ناصبت الصهيونية العداءمرة أخرى حينما غيَّر الاتحاد السوفيتي سياسته وأعلن عداءه للصهيونية ودولتها. أماالأحزاب الاشتراكية الديموقراطية، فقد تقبلت الظاهرة الاستعمارية وبالتاليالصهيونية، وأيَّدت المشروع الصهيوني ثم الدولة الصهيونية، وتعاونت مع الأحزابالصهيونية ذات الديباجة الاشتراكية ومنحتها حق العضوية في الأممية الثانية. وفيالستينيات، ظهرت حركة اليسار الجديد، وكان كثير من زعمائها في الولايات المتحدةوأوربا من أعضاء الجماعات اليهودية، وكان هربرت ماركوز، مُنظِّرها الأساسي،يهودياً. وأخذت هذه الحركة موقفاً معادياً لإسرائيل ومؤيداً للعرب، خصوصاً بعد حرب 1967، وهو ما أدَّى إلى ابتعاد بعض الشباب اليهودي عنها. ولكن، مع هذا، ظلت نسبةعالية من أعضائها من اليهود.

    ولا تزال كثير من حركات الرفض الثورية تضمعدداً كبيراً من أعضاء الجماعات اليهودية. وهذه أيضاً ظاهرة ليست مقصورة علىهموإنما هو أمر شائع بين أعضاء الأقليات.

    ويُلاحَظ أننا لا نستخدم اصطلاحاتمثل «الاشتراكية اليهودية» أو «الاشتراكيين اليهود» لأن مثل هذه الاصطلاحات تفترضوجود اشتراكية يهودية لا يمكن تفسيرها إلا بالعودة إلى حركيِّات يهودية مستقلة، وأنيهودية الاشتراكي اليهودي هي أهم العناصر التي تفسر سلوكه. وهو ما نجد أن من الصعبقبوله. وفي المداخل الخاصة بالاشتراكيين من أعضاء الجماعات اليهودية وجدنا أنه لايوجد نموذج تفسيري واحد ينطبق عليهم جميعاً. فبعضهم لعب انتماؤه اليهودي، الدينيوالإثني، دوراً في انخراطه في الحركة الاشتراكية، والبعض الآخر لم تلعب معهاليهودية أي دور على الإطلاق. وأحياناً نجد أن يهودية الاشتراكي من أعضاء الجماعاتاليهودية قد لعبت دوراً سلبياً وجعلته يتخذ موقفاً معادياً لليهود واليهودية،وكثيرون منهم «يهود غير يهود» (على حد تعبير إسحق دويتشر) لا يكترثون باليهود أواليهودية، وكل ما بقي من يهوديتهم هـو الاسـم، ومـع هـذا صُنِّف كل هـؤلاءباعتـبارهم يهوداً.

    وثمة وجود ملحوظ لأعضاء الجماعات اليهودية في قيادةالأحزاب الشيوعية، وخصوصاً في شرق أوربا، بنسبة تفوق كثيراً نسبتهم إلى عدد السكان. كما يُلاحَظ وقوفهم إلى جوار الستالينية، ويجب أن نرى الستالينية هنا باعتبارها «النفوذ الروسي». فرغم الإدعاءات الأممية للنظرية الشيوعية إلا أنه، في مجالالتطبيق، ظهرت التوترات العرْقية والإثنية والقومية التقليدية وظهر مرة أخرى خوفالشعوب المحيطة بروسيا (بولندا - المجر - تشيكوسلوفاكيا - رومانيا) من الدب القيصريالذي ارتدى رداءً أممياً شيوعياً. وقد وقف كثير من أعضاء الجماعات اليهودية إلىجانب روسيا، وهو ما جعل منهم ما يشبه الجماعة الوظيفية التي تمثل المصالح الروسيةباعتبارها القوة الإمبريالية الحاكمة. وفي هذا استمرار لميراث الجماعة اليهودية فيشرق أوربا كجماعة وظيفية استخدمتها الطبقات الحاكمة لضرب الفلاحين وأحياناًالنبلاء، الأمر الذي دعم الصورة الإدراكية السلبية لليهود عند شعوب شرق أوربا. ولعلهذا يُفسِّر سخط كثير من شعوب شرق أوربا على «اليهود» رغم اختفاء الجماعات اليهوديةتقريباً، إذ لا تزال صورة اليهودي كسوط عذاب في يد الحاكم حية في الأذهان.






  8. #58
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    الثـــــورة اليهوديــــة
    The Jewish Revolution
    «الثورةاليهودية» مصطلح أطلقه البعض على الثورة البلشفية عند نشوبها، وهو يفترض أن الثورةالبلشفية نظمها اليهود وخططوا لها وعملوا على نجاحها واستفادوا منها. بل يذهب البعضإلى أن الثورة البلشفية، كثورة يهودية، هي إحدى تطبيقات بروتوكولات حكماء صهيون أوالمؤامرة اليهودية العالمية الكبرى ضد الجنس البشري. والمدافعون عن هذا التصوريشيرون إلى أن كلاً من كارل ماركس ولينين يهود (وهو أمر مناف للواقع، فأبو ماركس قدتنصَّر، أما لينين فمن المعروف أن خلفيته ليست يهودية)، كما يشيرون إلى وجود عددكبير من اليهود في صفوف البلاشفة على مستوى الكوادر السياسية العادية والقيادات مثلتروتسكي وكامينيف وزينوفييف.

    ولكن الدارس لسير هؤلاء البلاشفة اليهود،ولغيرهم، سيجد أنهم كلهم رفضوا اليهودية بل ساهموا في صياغة السياسة البلشفية تجاهالجماعات اليهودية وفي تطبيقها، وهي السياسة التي أدَّت في نهاية الأمر إلى تصفيةالتجمعات السكانية اليهودية في روسيا وأوكرانيا (وكانت من أكبر التجمعات في العالم) وإلى تصاعد معدلات الاندماج والعلمنة بينهم. ومن المعروف أن صعود وهبوط القياداتالبلشفية اليهودية في ميزان القوى، داخل الحزب وخارجه، لم يكن نتيجة يهوديتهم،وإنما كان بسبب الظروف العامة للصراع داخل الحزب الشيوعي والمجتمع السوفيتي. وقدتحالف كامينيف وزينوفييف مع ستالين ضد تروتسكي، ومن ثم نجح ستالين في إقصائه ونفيهرغم أنه كان ثاني أهم شخص في الحزب. ثم تحالفا معاً ضد ستالين الذي نجح في نهايةالأمر، في القبض عليهما وإعدامهما، وهي أمور تحدث في كل الثورات.

    ولا شك فيأن عدد أعضاء الجماعة اليهودية المشتركين في الثورة البلشفية والمناصرين لها كانأكبر من نسبتهم إلى عدد السكان. كما أن الجماعة اليهودية استفادت ولا شك من الثورة،ولكن هذا أمر مُتوقَّع من أقلية عانى أعضاؤها من الحكم القيصري في الوقت الذي كانوايتمتعون فيه بمستوى تعليمي عال.

    ولا شك في أن الميراث اليهودي للبلاشفةاليهود قد ترك أثراً في فكرهم وسلوكهم. ولعل تطرُّف تروتسكي كان نتيجةً لهذاالميراث. ولكن تفسير موقفهم بأكمله على أساس من انتمائهم اليهودي أمر غير ممكن، إذظل اشتراكهم في الثورة أو انخراطهم في صفوفها خاضعاً لآليات وحركيات المجتمع الروسيإبان الثورة. ومن ثم، فإن مصطلح «الثورة اليهودية» ليست له قيمة تفسيرية عالية، فهوقد يفسر بعض التفاصيل ولكنه يعجز عن تفسيرها جميعاً بكل تركيبيتها.

    كما أنمصطلحاً مثل مصطلح «الثورة اليهودية» له مضمون عنصري، إذ يفترض أن اليهودي يظليهودياً مهما غيَّر آراءه ومهما اتخذ من مواقف، فثمة حتمية ما تفرض نفسها عليه، أيأنه مصطلح ينكر عليه حرية الاختيار. ومن ثم، فهو أيضاً مصطلح صهيوني، فالصهاينةيفترضون أيضاً وجود هوية يهودية ثابتة، لا تتحوَّل ولا تتغيَّر بتغيُّر الزمانوالمكان.

    وقد عاد مصطلح «الثورة اليهودية» إلى الظهور، إذ بدأ أعداءالشيوعية في الاتحاد السوفيتي يلقون باللوم على اليهود وعلى الثورة اليهودية (أيالبلشفية) التي ألحقت الكوارث بمجتمعهم، وأوصلته إلى ما وصل إليه من تفكُّك ودمار.

    ماكسيم ليتفينوف (1867-1951(
    Maxim Litvinov
    اسمه الأصليمائير مويسيفيتش والسن. ثوري روسي ودبلوماسي سوفيتي، وُلد في بياليستوك في بولنداالروسية لعائلة يهودية من الطبقة المتوسطة. وانضم عام 1899 إلى الحزب الاشتراكيالديموقراطي الروسي المحظور، واعتُقل ونُفي عام 1901، إلا أنه نجح في الفرار إلىسويسرا عام 1902. وفي عام 1903، بعد انقسام الحزب الاشتراكي الديموقراطي، انضمليتفينوف إلى الجناح البلشفي وعاد سراً إلى روسيا حيث اشترك في ثورة 1905. تعاون معماكسيم جوركي في إصدار جريدة الحياة الجديدة، وهي أول جريدة بلشفية رسمية في روسيا. وبعد فشل الثورة، فرَّ مرة أخرى إلى فرنسا ثم إلى إنجلترا بشكل شبه دائم حتى عام 1918. وهناك توطدت علاقته بلينين وتعاون معه بشكل وثيق في نشاط البلاشفة خارجروسيا. وبعد قيام الثورة البلشفية عام 1917، عيَّنته الحكومة السوفيتية الجديدةممثلاً دبلوماسياً لها لدى الحكومة البريطانية رغم عدم اعتراف هذه الأخيرة بالنظامالسوفيتي الجديد. وقد اعتقلته السلطات البريطانية عام 1918 بدعوى قيامه بأنشطةدعائية، ولكنها أفرجت عنه في مطلع عام 1919 مقابل الإفراج عن الممثل الدبلوماسيالبريطاني في الاتحاد السوفيتي وبعض الرعايا البريطانيين. ظل ليتفينوف، لمدة عشرينعاماً، يحتل مكانة مهمة في السياسة الخارجية السوفيتية ومثَّل بلاده في العديد منالمؤتمرات والمفاوضات المهمة. وعُيِّن عام 1921 في منصب نائب مفوض أو قوميسارالدولة للشئون الخارجية، ثم تولَّى عام 1930 (وحتى عام 1939) منصب مفوض الدولةللشئون الخارجية. ولعب ليتفينوف دوراً مهماً على الجبهة الدبلوماسية لكسب اعترافالعالم بالنظام السوفيتي الجديد، ومثَّل بلاده في المفاوضات مع الولايات المتحدةالخاصة بإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين (عام 1933). وقد لفت انتباه العالم منخلال مقترحاته الراديكالية التي قدمها في مؤتمر نزع السلاح الذي نظمته عصبة الأممعام 1927. وفي الفترة بين 1934 و1939، وهي الفترة التي تبنت فيها موسكو سياسةمعادية لألمانيا النازية، عمل ليتفينوف على تنمية علاقة الاتحاد السوفيتي بالدولالغربية وأكد ضرورة مواجهة النازية، كما دعا إلى إقامة نظام أمني دولي جماعي يستندإلى شبكة من الاتفاقات الإقليمية والثنائية للمعونة المتبادلة، وكان أول من أطلقعبارة «السلام لا يتجزأ ». ولكن مع التحول الذي طرأ على السياسة السوفيتية وإبرامهامعاهدة عدم الاعتداء مع ألمانيا النازية عام 1939 تم إقصاء ليتفينوف من منصبه ومناللجنة المركزية للحزب الشيوعي، وذلك نظراً لموقفه المعادي لألمانيا، وكذلك لأصولهاليهودية، مع أنه لم يسجل نفسه يهودياً. أما بعد الغزو الألماني للاتحاد السوفيتيعام 1941، فقد عاد ليتفينوف للحياة السياسية مرة أخرى وعُيِّن سفيراً لبلاده لدىالولايات المتحدة الأمريكية عام 1942 وحتى عام 1943. وعاد للاتحاد السوفيتي بعد ذلكوظل يلعب دوراً مهماً في السياسة الخارجية السوفيتية، خصوصاً فيما يخص علاقاتهابالدول الغربية الكبرى حتى اعتزاله عام 1946.

    أدولففارسكي/فارشافسكي (1868-1937(
    Adolf Warski-Warszawski
    زعيم شيوعي بولندييهودي، وأحد مؤسسي الحزب الشيوعي البولندي. وُلد في كراكوف لعائلة يهودية مندمجةومتعاطفة مع الحركة القومية البولندية المطالبة بالاستقلال التي ارتبط بها منذشبابه. قام بتنظيم الحزب الاشتراكي الديموقراطي في بولندا وشارك في الثورة الروسيةلعام 1905، وأُلقي القبض عليه عدة مرات من قبل السلطات القيصرية. وخلال الحربالعالمية الأولى، مثَّل الديموقراطيين البولنديين في المؤتمرات المناهضة للحرب. ومعانتهاء الحرب، شارك في تأسيس الحزب الشيوعي البولندي وكان عضواً في لجنته المركزيةومكتبه السياسي كما انتُخب عن الحزب عضواً في البرلمان البولندي. وبعد أن حُظر نشاطالحزب عام 1930، هاجر إلى الاتحاد السوفيتي واحتل مكانة مهمة داخل القسم البولنديللدولية الشيوعية. وفي أعقاب حملات التطهير الواسعة التي جرت في الاتحاد السوفيتيعام 1937، وُجهت إليه اتهامات بالخيانة والمشاركة في الثورة المضادة وسُجن ثم أُعدمفي العام نفسه.

    إمـــا جـولدمــان (1869-1940(
    Emma Goldman
    أمريكية يهودية وكاتبة سياسية فوضوية، وُلدت في ليتوانيا وتعرَّفت إلى الأفكارالثورية أثناء وجودها في سـانت بطرسـبرج. وفي عام 1886، هاجرت إلى الولايات المتحدةالأمريكية واشتغلت في بعض مصانع الملابس. وفي أواخر الثمانينيات، انضمت إلى الحركةالفوضوية بعد أن أثارتها قضية أربعة من الفوضويين حُكم عليهم بالإعدام عام 1887 بعدإدانتهم، دون أي دليل قاطع، بتهمة تدبير انفجار تسبَّب في مصرع سبعة من رجال الشرطةفي شيكاغو. وفي عام 1889، تعرَّفت إلى ألكسندر بيركمان الذي أصبح عشيقها ورفيقدربها. ويُقال إنها دبرت معه محاولة اغتيال رئيس شركة للحديد تسبَّب في مقتل عدد منالعمال المضربين عام 1892. وبعد أن باءت هذه المحاولة بالفشل حُكم على بيركمانبالسجن مدة أربعة عشر عاماً. وخلال هذه الفترة، عملت إما جولدمان جاهدة من أجل دفعالقضية الفوضوية إلى الأمام. ولم يقتصر نشاطها على جماعات المهاجرين من الألمان أواليهود ولكنه امتد إلى قطاع واسع من العمال الأمريكيين. وكانت إما جولدمان تتمتعبقدرات خطابية فائقة وألقت العديد من الخطب باللغات الألمانية والروسية واليديشيةوالإنجليزية. وفي عام 1901، اتُهمت إما جولدمان بالتورط في اغتيال الرئيس الأمريكيآنذاك وليام ماكينلي، ومن خلال المحاكمة اتضح أنها بريئة إلا أن الشبهات التي أحاطتبها أثارت قضية الدور اليهودي في عملية الاغتيال. وفي عام 1906، أسست إما جولدمانمجلة موذر إيرث (أي أمنا الأرض)، وقامت بتحريرها بالتعاون مع بيركمان الذي كان قدأنهى عقوبته في السجن. وهاجمت على صفحات المجلة ظُلم المجتمع الأمريكي ولاأخلاقيته، كما دافعت عن حقوق المرأة وضرورة مساواتها بالرجل، واعتبرت أن كل ما يهفوبداخل المرأة « يجب أن يجد مجالاً للتعبير عن نفسه بشكل كامل ». كما كانت إماجولدمان من أوائل من دافعوا عن تحديد النسل في الولايات المتحدة، وسُجنت عام 1916بسبب انتهاكها القوانين التي تمنع نشر أية معلومات خاصة بتحديد النسل. كما عارضتالحرب العالمية الأولى وهاجمت الجانبين المتحاربين، ونشطت ضد اشتراك الولاياتالمتحدة في الحرب وضد التجنيد الإجباري، وهو ما دفع الحكومة الأمريكية عام 1917 إلىإلقائها في السجن لمدة عامين وإغلاق مجلتها.

    وفي عام 1919، تم ترحيلها إلىالاتحاد السوفيتي بعد أن تسبَّب قيام الثورة البلشفية في خلق حالة من الذعر فيالولايات المتحدة من الشيوعية. ولم تقض إما جولدمان في الاتحاد السوفيتي سوى عامينحيث تركته بعد أن خاب ظنها في النظام الجديد. وقد هاجمت لينين وتروتسكي واعتبرتهماخائنين للاشتراكية لأنهما أسسا شكلاً جديداً من الحكم المطلق والطغيان. واعتبرت أنتجربتها في روسيا أكدت إيمانها بأن الدولة، مهما كانت طبيعتها، تشكل في النهايةسلطة قهرية تمحو خصوصية الإنسان وحريته.

    وقد سجلت إما جولدمان تجربتها فيروسيا في كتابها خيبة أملي في روسيا (1924). وعاشت لفترة تنتقل من دولة إلى أخرى ثمحصلت على الجنسية البريطانية وتزوجت فوضوياً من ويلز واستقرت في جنوب فرنسا حيثكتبت سيرتها الذاتية عام 1931. وظلت على إيمانها بأهمية حرية الفرد الذي يعمل وفقاًلمعاييره وقيمه، واعتبرت أن الرأسمالية تحكم على الإنسان بحياة من الشقاء والعبوديةوأن التعاون الحر بين الجماهير هو السبيل الوحيد نحو خلق مجتمع شيوعي جديد. وقدتُوفيت إما جولدمان في كندا عام 1940 ودُفنت في شيكاغو.






  9. #59
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    روزالوكسـمبـورج (1871-1919(
    Rosa Luxemburg
    ثورية واقتصادية من يهود اليديشية،وإحدى أهم الشخصيات النسائية في تاريخ الاشتراكية الدولية. وُلدت لعائلة يهوديةتجارية في مدينة زاموست في بولندا الروسية، وانضمت في شبابها إلى الحزب الاشتراكيالثوري البولندي (البروليتاريا). ثم درست التاريخ الاقتصادي السياسي في جامعة زيورخحيث حصلت على درجة الدكتوراه عام 1897. وتناولت رسالتها التطور الصناعي في روسياوبولندا. وشاركت روزا أثناء فترة دراستها في الحركة الاشتراكية السرية للمهاجرينالبولنديين في سويسرا. وفي أوائل التسعينيات من القرن الثامن عشر، ساعدت في تأسيسالحزب الاشتراكي الديموقراطي في بولندا وليتوانيا. وعلى خلاف توجُّه الاشتراكيينالبولنديين، رفضت روزا فكرة إقامة دولة قومية بولندية مستقلة، واعتبرت أن هدفالطبقة العاملة البولندية يجب ألا يكون تحرير بولندا من روسيا، ولكن التخلص منالحكم القيصري المستبد باعتباره المهمة الاشتراكية الأسمى. ويُعتبر هذا الموقفمقدمة لخلاف روزا اللاحق مع لينين حول مبدأ حق تقرير المصير الوطني والذي اعتبرتهمتناقضاً مع الاشتراكية. إذ اعتبرت روزا أن انتماءها الحقيقي هو للطبقات العاملة فيالعالم أجمع، وأن نضالها هو من أجل تحقيق الثورة الاشتراكية ومن أجل إيجاد حلولعالمية كبديل للحلول القومية، وانطلاقاً من هذا الموقف الأممي لم تُبد روزالوكسمبورج أي اهتمام بإقامة حركة عمالية يهودية.

    وقد لعبت روزا لوكسمبورجدوراً مهماً في الحركة الاشتراكية العمالية الألمانية. وهاجرت إلى ألمانيا عام 1898حيث اكتسبت الجنسية الألمانية من خلال زواج صوري، ثم اتجهت للعمل مع الحزبالاشتراكي الديموقراطي الألماني الذي كان يُعتبَر آنذاك أقوى وأكبر أحزاب الدوليةالاشتراكية على الإطلاق. كما عملت في الصحافة واكتسبت من خلال مناقشتها الحيويةونشاطها ضد عناصر المراجعة داخل الحزب، مكانة بارزة داخل الجناح اليساري الثوريللحركة الاشتراكية الألمانية. واهتمت روزا لوكسمبورج بالإضراب العام كأداة مهمةللعمل الثوري وبلورت مفهوم الحركة العفوية أو التلقائية للجماهير كشرط أساسيللإضراب العام، مختلفةً في ذلك مع لينين والبلاشفة الذين اعتبروا الحزب الأداةالرئيسية لذلك. وقد اختلفت مع لينين أيضاً حول مفهوم ديموقراطية البروليتاريا،وأدانت مركزية البلاشفة بعد انقسام الحزب الاشتراكي الروسي عام 1903، كما انتقدتفترة الإرهاب والقمع التي أعقبت ثورة 1917 البلشفية. واشتركت روزا لوكسمبورج فيثورة 1905 ـ 1906 في بولندا وسُجنت إثرها عدة أشهر عادت بعدها إلى برلين لتقومبالتدريس في الكلية الاشتراكية بها. وقد تعرضت للسجن مرة أخرى بسبب معارضتها الحربالعالمية الأولى التي اعتبرتها حرباً بين قوى إمبريالية. وقد كان لروزا لوكسمبورجمساهمة مهمة في بلورة نظرية الإمبريالية التي اعتبرتها امتداداً للنظام الرأسماليالمتعطش للأسواق. وفي عام 1916، أسَّست بالتعاون مع فرانز مهرنج وكارل لايبنختالمنظمة الثورية (عصبة سبارتاكوس) التي جسدت انفصال الجناح اليساري الثوري عن الحزبالاشتراكي الألماني. وتحوَّلت هذه المنظمة في نهاية عام 1918 إلى الحزب الشيوعيالألماني. وفي يناير عام 1919، وبعد أسبوعين فقط من تأسيس الحزب الشيوعي، تم إلقاءالقبض عليها وعلى لايبنخت في برلين، واغتيلا على أيدي حراسهما من ضباط الجيش وهمافي طريقهما إلى السجن.

    جوليوس مارتوف (1873-1923(
    Julius Martov
    ثوري روسي يهودي وزعيم المناشفة. وُلد في إستنبول. وكان جده كاتباًومحرراً لأول جريدة يومية تَصدُر بالعبرية في روسيا، أما والده فكان من دعاةالاندماج. انخرط مارتوف في النشاط الثوري عام 1891 ونُفي إلى فلنا حيث نشط فيالحركة العمالية اليهودية. ودعا مارتوف إلى إيجاد تنظيم عمالي خاص باليهود تكونلغته اليديشية، وهو ما تحقَّق فيما بعد في حزب البوند. وفي عام 1895، انضم إلىلينين لتأسيس اتحاد النضال من أجل تحرير الطبقة العاملة، ثم اشترك معه عام 1901 فيتأسيس جريدة إيسكرا لسان حال الحزب الاشتراكي الديموقراطي الروسي. وتخلَّى مارتوفعن موقفه السابق الخاص بالمسألة اليهودية حيث هاجم بشدة التوجه القومي والانفصاليلحزب البوند.

    وفي عام 1903، انشق مارتوف عن لينين خلال المؤتمر الثانيللحزب الاشتراكي الديموقراطي وتزَّعم المعارضة المنشفية المطالبة بحزب جماهيري ذيقاعدة واسـعة والرافضة لمبدأ لينين القائل بحزب يستند إلى صفوة صغيرة من المحترفينالثوريين. وشارك مارتوف في ثورة عام 1905، وبعد فشلها نُفي خارج روسيا حيث حرَّرالجريدة المنشفية في باريس. وخلال الحرب العالمية الأولى، كان مارتوف من أقطاب حركةالسلام المناهضة للحرب. وفي عام 1917، عاد مارتوف إلى روسيا حيث كان من دعاةالديموقراطية وهاجم الجانب القمعي للنظام البلشـفي الجديد، ولكنه أيَّد نضـاله ضـدالتـدخل الأجنبي والثورة المضادة. وبعد حظر نشاط الحزب المنشفي عام 1920، استقرمارتوف في برلين ليتزعم المناشفة المنفيين خارج الاتحاد السوفيتي، وقام بتحريرجريدتهم حتى وفاته. وكان لمارتوف عدد من المؤلفات المهمة من بينها الشعب الروسيواليهود (عام 1908) والذي أكد فيه إيمانه بأن الاشتراكية هي الحل الوحيد للمسألةاليهودية.

    ليون تروتسكي (1879-1940(
    Leon Trotsky
    اسمهالأصلي ليف ديفيدوفيتش برونستاين. ثوري وماركسي وزعيم سوفيتي، وُلد لعائلة يهوديةميسورة الحال في أوكرانيا. درس في جامعة أوديسا، ولكنه ترك دراسته وانخرط في النشاطالثوري، وانضم عام 1896 إلى حزب العمال الاشتراكي الديموقراطي الروسي المحظور. وقدألقت السلطات القيصرية القبض عليه عام 1898 وأُرسل إلى سيبريا، إلا أنه نجح فيالهروب إلى إنجلترا عام 1902 حيث عمل مع لينين في تحرير جريدة إيسكرا لسان حالالحزب الاشتراكي الديموقراطي الروسي، وكان يُدعَى «سوط لينين». وخلال المؤتمرالثاني للحزب عام 1903، الذي شهد انقسام الحزب إلى جناحين، أوضح تروتسكي اختلافه معلينين وهاجم ما اعتبره النزعات الديكتاتورية للبلاشفة واتخذ موقفاً وسطياً بينالمناشفة والبلاشفة، وبلور حينذاك نظرية « الثورة الدائمة» التي اعتبرت أن الثورةالبورجوازية في روسيا ستؤدي، من خلال حركياتها وقوة دفعها الذاتية، إلى سرعة مجيءالمرحلة الاشتراكية حتى قبل قيام الثورة الاشتراكية في الغرب، أو ما دعاه فكرةاختصار المراحل مقابل فكرة مراحل الثورة الثابتة.

    واستمر تروتسكي في نشاطهوكتاباته الثورية سواء في داخل روسيا أو في أوربا أو الولايات المتحدة، حيث لعبدوراً مهماً في ثورة 1905 في روسيا، وكان رئيساً لسوفييت بتروجراد، حيث برزت موهبتهالتنظيمية والقيادية الفذة. وتعرَّض تروتسكي للسجن في روسيا مرة أخرى عام 1905،وللطرد من فرنسا عام 1916. وقد اتخذ موقفاً معادياً للحرب العالمية الأولى استناداًإلى رؤيته الأممية. ومع اندلاع ثورة فبراير 1917، عاد إلى روسيا وبدأ التعاون معلينين. وقد ألقت حكومة كرنسكي الانتقالية القبض عليه، ولكن تم الإفراج عنه بعد فترةوجيزة. وأثناء سجنه، انتُخب عضواً في اللجنة المركزية للبلاشفة ورئيساً لسوفييتبتروجراد ولجنتها العسكرية. ونظَّم تروتسكي وقاد الانتفاضة المسلحة التي جاءتبالبلاشفة إلى الحكم في أكتوبر من العام نفسه.

    وفي أول حكومة شكلهاالبلاشفة عام 1917، تولَّى تروتسكي منصب مفوض أو قوميسار الشعب للشئون الخارجية،وترأَّس وفد بلاده لمحادثات السلام في برست ليتوفسك. وقد اختلف تروتسكي مع لينينحول مسألة السلام مع ألمانيا، حيث رفض فكرة السلام بأي ثمن وتبنَّى فكرة إنهاءالقتال مع عدم إنهاء الحرب على أمل أن تقوم البروليتاريا الألمانية بثورتها.

    وفي عام 1918، تولَّى منصب مفوض الشعب للشئون العسكرية والبحرية حيث عملعلى بناء وتنظيم الجيش الأحمر. وإليه يعود الفضل في انتصار البلاشفة في الحربالأهلية التي أعقبت الثورة. قاد تروتسكي الحملة على بولندا التي انتهت بكارثة رغممعارضته لها في البداية. وكان مسئولاً عن ضرب المعارضة الفوضوية واليسارية فيماعُرف بعدئذ باسم « الإرهاب الأحمر »، كما كان صاحب فكرة كتائب العمل الإجباري. ومعوفاة لينين عام 1924، نشب صراع على السلطة بين تروتسكي وستالين انتصر فيه الأخيربفضل تحالفه مع زينوفييف وكامينيف (وهما من البلاشفة اليهود). وقد اختلف تروتسكي معستالين حول سياسة بناء الاشتراكية في بلد واحد، فلم يكن تروتسكي يقبل فكرةالاشتراكية داخل حدود دولة واحدة، بل اعتبر أن ذلك لن يتحقق إلا من خلال ثورةاشتراكية على نطاق العالم أجمع. وتزَّعم تروتسكي المعارضة اليسارية الراديكالية شبهالشرعية داخل الحزب، وانضم إليه زينوفييف وكامينيف بعد أن تحـوَّل سـتالين ضـدهما. إلا أن سـتالين نجح، في نهاية الأمر، في إقصاء تروتسكي من المكتب السياسي، وفي طردهمن الحزب الشيوعي عام 1927، ثم نفيه إلى تركستان عام 1928 بتهمة التورط في نشاطمعاد للثورة. ثم طرده ستالين من الاتحاد السوفيتي نهائياً عام 1929 وجرَّده منالجنسية السوفيتية عام 1932. وقد استمر تروتسكي في الهجوم على ستالين واتهمه بأنهمُمثِّل البيروقراطية البونابارتية. وتنقَّل تروتسكي بين عدة دول واستقر أخيراً فيالمكسيك عام 1937. وحاول مؤيدو تروتسكي عام 1938 تأسيس دولية شيوعية مستقلة عنموسكو، إلا أنهم فشلوا في تعبئة حركة جماهيرية واسعة مؤيدة له. واتُهم تروتسكي،أثناء المحاكمات التي تمت في موسكو في أواسط وأواخر الثلاثينيات ضد بعض القياداتالبلشفية (وكان من بين المتهمين زينوفييف وكامينيف)، بتورُّطه، بالاتفاق مع حكومتيألمانيا واليابان وبعض العناصر المؤيدة له في الاتحاد السوفيتي، في مؤامرة للإطاحةبنظام ستالين. وقد قامت السلطات السوفيتية بشطب أية إشارة إلى دور تروتسكي فيالثورة أو في السنوات الأولى للنظام السوفيتي من السجلات التاريخية الرسمية. واغتيلتروتسكي عام 1940 في المكسيك، ويسود الاعتقاد بأنه اُغتيل بأوامر مباشرة من ستالين.

    وقد تأثر تروتسكي، مثله مثل غيره من القادة الاشتراكيين، برؤية ماركسللمسألة اليهودية، والتي ترى أن ثمة ظاهرة يهودية عالمية واحدة وأن ثمة حلاًّواحداً وهو الثورة الاجتماعية ودمج اليهود. فرفض تروتسكي فكرة القومية اليهودية،كما عارض استقلال اليهود ثقافياً الذي كان يطالب به حزب البوند عام 1903، وأكد وحدةأهداف ومصالح اليهود وغير اليهود داخل المعسكر الاشتراكي. كما رفض الصهيونيةباعتبار أن حل مشاكل العصر لا يكون في إقامة دول قومية ولكن بالتطلع إلى مجتمعأممي. ورغم أن تروتسكي أعرب عام 1937 في حديث له لمجلة أمريكية يهودية عن أن تزايُدمعاداة اليهود في ألمانيا والاتحاد السوفيتي قد دفعه للاعتقاد بأن المشكلة اليهوديةتحتاج إلى حل إقليمي، إلا أنه رفض أن تكون فلسطين هي الحل. وقد تنبأ بأن الطبيعةالاسـتيطانية الإحلالية سـتحوّل فلسـطين إلى بقعـة صراع ساحقة، وأن الصراع بيناليهود والعرب في فلسطين سيكتسب طابعاً مأساوياً بشكل متزايد وأن "تطوُّر الأحداثالعسكرية في المستقبل قد يحوِّل فلسطين إلى فخ دموي لعدد من مئات الآلاف مناليهود". ولذا استمر تروتسكي في تأكيد أن الحل النهائي للمسألة اليهودية لن يتحققإلا مع تحرُّر الإنسانية من خلال الاشتراكية العالمية. ومع هذا اتجه تروتسكي فينهاية حياته إلى قبول المشروع الصهيوني.

    لقد كان تروتسكي من جيل الثوريينالرومانسيين أو على حد تعبير هربرت ريد « كان تروتسكي يوحِّد التاريخ مع ذاته » (فبدلاً من حلول الإله في التاريخ نجد هنا توحُّد الزعيم به بحيث يصبح هو المطلق،أو اللوجوس الذي يضفي عليه معنى، فهو بمثابة الماشيَّح العلماني). ومنذ بداية نشاطهالثوري، اهتم تروتسكي كثيراً بإيجاد دور لنفسه يجعله في صدارة الأحداث. ومع هذا،تُشكِّل نظريته في « الثورة الدائمة » ذروة الحلولية الثورية في الماركسية، فبإمكانالحزب الطليعي أن يقود الطبقة الطليعية إلى الجنة الدائمة رغماً عن حركة التاريخ! ونلاحظ أن قبول تروتسكي فيما بعد فكرة « المركزية الديموقراطية » اللينينية هو أمرطبيعي، حيث ينتهي الأمر إلى أن تقود اللجنة المركزية الحزب الطليعي ويقود الأمينالثوري الذي يمثل التجسيد النقي للفكر البروليتاري اللجنة المركزية.







  10. #60
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    جريجوري زينوفييف (1883-1936(
    Grigori Zinoviev
    ثوري روسي،والمؤسس الرئيسي للدولية الشيوعية وأول رئيس للجنتها التنفيذية. وُلد في أوكرانيالعائلة يهودية بورجوازية، واندمج تماماً في المجتمع الروسـي والحياة الروسية،وتبنَّى الماركسـية منـذ شبابه، وانضم عام 1901 إلى الحزب الاشتراكي الديموقراطيالروسي ثم إلى الجناح البلشفي بعد انقسام الحزب عام 1903. اشترك في ثورة 1905، وبعدفشلها انضم إلى لينين في منفاه وأصبح من المقربين إليه، وكتب العديد من المقالاتوالمطبوعات والمنشورات التي جسدت فكر لينين، كما شارك في تحرير عدة صحف ومجلاتاشتراكية وبلشفية. وخلال الحرب العالمية الأولى، أصدر زينوفييف، بالاشتراك معلينين، كتابهما المهم ضد التيار الذي هاجما فيه الحرب والقيادات الاشتراكيةالمنشقة. وصاحب لينين في رحلة القطار الذي أقله إلى روسيا في أبريل من عام 1917. إلا أن زينوفييف اختلف مع لينين عشية الثورة البلشفية حيث عارض فكرة الانتفاضةالمسلحة والاستيلاء على السلطة بالقوة خوفاً من التدخل الأجنبي. ورغم هذا الاختلاف،أصبح زينوفييف عام 1922 عضواً في المكتب السياسي ورئيس سوفييت بتروجراد. إلا أن أهممنصب احتله كان رئاسة الكومنترن (أو الدولية الشيوعية) حيث عمل على تشكيل بنيتهاوبناء إستراتيجيتها، وعمل من خلالها على دعم حركة الثورة العالمية. ولكن تراجع هذهالحركة في العشرينيات، وفشل الثورة في ألمانيا، أضعفا مركزه العالمي. ولكنه، معذلك، ظل داخل دائرة السلطة في الاتحاد السوفيتي. ومع وفاة لينين عام 1924، انضم إلىالترويكا (اللجنة الثلاثية) التي ضمت إلى جانبه ستالين وكامينيف والتي أقصت تروتسكيمن السلطة السياسية. إلا أن تبنِّي ستالين سياسة بناء الاشتراكية في بلد واحدواتجاهه نحو الانفراد بزعامة الحزب، دفعت زينوفييف إلى الانضمام عام 1926 إلى جبهةالمعارضة التي تزعمها تروتسكي داخل الحزب. وانتهى هذا الصراع على السلطة بهزيمةزينوفييف وخروجه من الحزب عام 1927. وفي عام 1936، وبعد حادثة اغتيال سكرتير الحزبفي لينينجراد عام 1934، وُجِّه الاتهام إلى زينوفييف وخمسة عشر آخرين من زملائهبالتورط في مؤامرة ضد نظام ستالين والحزب الشيوعي السوفيتي بالتعاون مع تروتسكي. وقد اعترف المتهمون (ومن بينهم زينوفييف) علناً بالتورط في المؤامرة، وصدر حكمبإعدامه نُفِّذ فوراً في عام 1936. ولم يهتم زينوفييف بالموضوع اليهودي ولم تلعبأصوله اليهودية دوراً واضحاً أو كامناً في تحديد سلوكه أو رؤيته، فقد كان يهودياًمندمجاً تماماً أو يهودياً غير يهودي.

    ليو كامينيـف (1883-1936(
    Leo Kamenev
    اسمه الأصلي ليف بوريسوفيتش روزنولد. ثوري روسي يهودي ورجلدولة سوفيتي، وُلد في موسكو وانضم عام 1901 إلى الحزب الاشتراكي الديموقراطيالمحظور ثم إلى جناحه البلشفي عام 1903 بعد انقسام الحزب، وكان من كبار قادة هذاالجناح ومن أقرب المتعاونين مع لينين. وسُجن عام 1902، ثم سُجن مرة أخرى عام 1908بسبب نشاطه الثوري، وهرب إلى سويسرا حيث تعاون مع لينين في تحرير جريدتي الحزب. وفيعام 1904، أرسله لينين إلى بطرسبورج كممثل شخصي له لتحرير جريدة برافدا والإشرافعلى نشاط الحزب في روسيا. ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى، تم إلقاء القبض عليهونفيه إلى سيبريا. إلا أنه عاد إلى بتروجراد بعد قيام ثورة فبراير 1917. وقد اختلفكامينيف، ومعه زينوفييف، مع لينين حول فكرة الانتفاضة المسلحة والاستيلاء علىالسلطة بالقوة، حيث فضل قيام جبهة حكومية تضم جميع الأحزاب الاشتراكية. ورغم ذلكالاختلاف، أصبح كامينيف (بعد قيام الثورة البلشفية) واحداً من أكثر الشخصيات قوةوسلطة في الاتحاد السوفيتي، حيث احتل منصب رئيس سوفييت موسكو، كما كان عضواً فيالمكتب السياسي للحزب. وبعد وفاة لينين عام 1924، قام كامينيف مع ستالين وزينوفييفبتشكيل الترويكا (اللجنة الثلاثية) التي نجحت في إقصاء تروتسكي من السلطة السياسيةوانفردت بالسيطرة على الحزب وحكم البلاد.

    ولكن، ومع محاولة ستالين الانفرادبالسلطة، انضم كامينيف في الفترة ما بين عامي 1925 و1927 إلى المعارضة التي تزعمهاتروتسكي. وبانتهاء هذا الصراع على السلطة بنجاح ستالين، تم طرد كامينيف من الحزبعام 1927 ونفيه إلى منطقة الأورال. وقد عاد كامينيف إلى صفـوف الحزب مرتين، مـرة فيعام 1927 ثم مـرة أخرى في عام 1932، وذلك بعد أن اعترف في كل مرة بشكل علني بسلامةالخط الذي ينتهجه الحزب. وبرغم ذلك، وُجِّه الاتهام لكامينيف عام 1936 وإلى كثيرينغيره من القادة البلاشفة بالتورط في مؤامرة ضد نظام ستالين والحزب الشيوعي، وذلكعقب حادثة اغتيال سكرتير الحزب في لينينجراد عام 1934. وكان كامينيف من أبرزالشخصيات أثناء محاكمات موسكو، التي اعترف فيها جميع المتهمين بالتهم الموجهةإليهم. وقد حُكم عليه بالإعدام في أغسـطس عام 1936 ونُفِّذ فيه الحكم فـوراً. ولمتلعب أصـول كامينيف اليهودية دوراً في تحديد رؤيته أو سلوكه.

    ميخائيلوفيتش سفيردلوف (1885-1919(
    Mikhailovich Sverdlov
    ثوري روسي يهودي، وواحد من أهم مؤسسي الحزب الشيوعي السوفيتي، وأول رئيسللاتحاد السوفيتي. وُلد في مدينة نيزني ـ نوفجورود (التي أصبحت مدينة جوركي فيمابعد). انخرط في شبابه في النشاط الثوري وأسس عام 1901 اللجنة الثورية لمدينة نيزنيـ نوفجورود. وفي عام 1909، أسندت إليه اللجنة المركزية للحزب مهمة إعادة بناءتنظيمات الحزب في موسكو. وفي عام 1912، شارك أيضاً في تنظيم وبناء جناح الحزب داخلالبرلمان الروسي. وتميَّز سفيردلوف بقدراته التنظيمية في هذا المجال. وقد سُجنمرتين (1902، 1905) ونُفي إلى سيبريا مرتين أيضاً (1910، 1913). وبعد ثورة فبرايرعام 1917، أصبح من أهم منظمي الحزب. أما بعد الثورة البلشفية، فقد عُيِّن رئيساًللجنة المركزية التنفيذية الروسية وكأول سكرتير للجنة المركزية للحزب ومن ثم أولرئيس للدولة السوفيتية. وقد عمل عن كثب مع لينين وشاركه في اتخاذ كثير من القراراتالخاصة بسياسات الدولة. وقد سُمِّيت إحدى المدن السوفيتية باسمه بعد وفاته تقديراًلدوره الحزبي والثوري المهم.

    كارل راديك (1885-1939(Karl Radek
    اسمه الأصلي سوبيلسون. ثوري روسي يهودي وكاتب صحفي، وُلد في جاليشيا،وانضم إلى الحزب الاشتراكي الديموقراطي البولندي فكان مُمثِّلاً صحفياً للجناحاليساري للحزب الاشتراكي الديموقراطي الألماني. وكان كارل ممن صاحبوا لينين عام 1917 في رحلة القطار الذي أقله من سويسرا عبر ألمانيا إلى السويد، وظل في السويدمُمثِّلاً للحزب البلشفي إلى أن اندلعت الثورة البلشفية فعاد بعدها إلى روسيا،وترأَّس قسم وسط أوربا في مفوضية الشئون الخارجية. وبعد اندلاع الثورة في ألمانياعام 1918، ساعد راديك بشكل سري في تنظيم أول مؤتمر للحزب الألماني الشيوعي بعد أندخل ألمانيا بشكل غير شرعي. وفي عام 1920، أصبح راديك سكرتيراً للجنة التنفيذيةللدولية الشيوعية كما أصبح عضواً باللجنة المركزية للحزب الشيوعي. وفي عام 1924،انضم راديك إلى المعارضة التروتسكية وهو ما أدَّى إلى طرده من الحزب عام 1927 ونفيهإلى جبال الأورال. وفي عام 1930، سُمح له بالعودة إلى صفوف الحزب مرة أخرى بعد أنقدَّم طلباً بذلك أعلن فيه انفصاله عن المجموعة التروتسكية واعترف بأخطائه. وبعدذلك أصبح راديك كاتباً وصحفياً ومُعِّلقاً ذا وزن ونفوذ في الشئون الخارجية. واشتركعام 1936 في وضع مشروع «دستور ستالين» للاتحاد السوفيتي، ولكنه تعرَّض مرة أخرى عام 1937 للاتهام بالعضوية في المعارضة التروتسكية وبالتآمر ضد الدولة السوفيتية،وقُدِّم للمحاكمة مع غيره من المتورطين في التنظيم التروتسكي حيث حُكم عليه بالسجنلمدة عشر سنوات مع حرمانه من جميع حقوقه السياسية لمدة خمس سنوات ومصادرة ممتلكاتهالخاصة. ولم يُعرَف أي شيء عن راديك بعد ذلك وتضاربت الأقـوال عن مصـيره، وإن كانالبعـض يُرجِّح أنه تُوفي عـام 1939.

    سـيمون ديمانشتاين (1886-1937)
    Simon Dimanstien
    ثري روسي يهودي وزعيم شيوعي سوفيتي. وُلد فيروسيا البيضاء لعائلة يهودية متدينة ودرس في معهد تلمودي حسيدي وتخرَّج فيهحاخاماً. وفي تلك الآونة، وقع تحت تأثير الأفكار الثورية المناهضة للقيصرية فانخرطفي النشاط الثوري وانضم عام 1904 إلى الجناح البلشفي للحزب الاشتراكي الديموقراطيالروسي وقام بنشاط دعائي بين العمال اليهود. وأُلقي عليه القبض عدة مرات، وفي عام 1908 حُكم عليه بالنفي إلى سيبريا، ولكنه نجح في الهروب عام 1913 وذهب إلى فرنساحيث ظل فيها حتى قيام ثورة فبراير عام 1917، وعاد بعد ذلك إلى روسيا. وبعد قيامالثورة البلشفية، عمل مساعداً لستالين ثم رئيساً لدائرة شئون الأقليات حيث كانيُعَدُّ خبيراً في هذا المجال. وعُيِّن أيضاً رئيساً لدائرة الشئون اليهودية. وفيعام 1918، شارك في تأسيس القسم اليهودي (يفسيكتسيا) في الحزب الشيوعي، كما قامبتحرير جريدة يديشية يومية تميَّزت بخطها المعادي للدين والصهيونية وحزب البوند. وكان ديمانشتين مؤمناً بأن الثورة الاشتراكية ستحل مشاكل الجماعة اليهودية فيروسيا، وأيَّد الحل الإقليمي للمسألة اليهودية داخل إطـار الدولة السـوفيتية، حيثلعب دوراً مهماً في تأسيس إقليم بيروبيجان. كما حرص أيضاً على ترجمة أعمال لينينإلى اليديشية حتى يتيح الفرصة لأعضاء الجماعات اليهودية للاطلاع على فكر لينينوالفكر الاشتراكي.

    ونظراً لخبرته في شئون الأقليات، احتل ديمانشتين عدداًمن المناصب الإدارية في أقاليم ومقاطعات مختلفة، وكان رئيساً لدائرة العمل فيليتوانيا خلال الحرب الأهلية، وترأَّس الحكومة الإقليمية في روسيا البيضاء كماعُيِّن رئيساً لدائرة التعليم في تركستان، ثم رئيساً لقسم التربية السياسية فيأوكرانيا، ثم رئيساً لمجلس إدارة منظمة أوزيت ورئيساً لمعهد الأقليات القومية.

    وبعد صعود ستالين إلى السلطة، تقلَّص نفوذ ديمانشتين. ويُرجَّح أنه أُعدمعام 1937 خلال فترة الإرهاب الستاليني.







 

صفحة 6 من 7 الأولىالأولى ... 234567 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء السابع
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 60
    آخر مشاركة: 2010-10-27, 05:42 AM
  2. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الخامس
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 60
    آخر مشاركة: 2010-10-26, 05:58 AM
  3. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الرابع
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 28
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:39 AM
  4. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الثالث
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 69
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:31 AM
  5. اليهود واليهودية والصهيونية والصهاينة الجزء الثاني
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 96
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:04 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML