صفحة 7 من 11 الأولىالأولى ... 34567891011 الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 70 من 112
 

العرض المتطور

  1. #1
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية الداعي
    الداعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1022
    تاريخ التسجيل : 11 - 5 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 39
    المشاركات : 937
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : فلسطين
    معدل تقييم المستوى : 17

    افتراضي




    al kharek
    ابو سيفين
    تاريخ التسجيل بالموقع: November, 2006
    المداخلات: 4,225

    الإنذارات: 2




    سلام المسيح له المجد مع الجميع رغم اني سوف اكرر طلبي للمره المليون وهو طلب في صلب الموضوع عن اسباب نزول الايه رقم 52 من سوره الحج و تفسيرها .

    و التي سوف تحسم بشكل كبير شكل المناظره الا ان الاخ الداعي يريد اثباتات غريبه عن اللغه العربيه و يبعد عن الموضوع . فهل يجيب علي سبب نزول تلك الايه و تفسيرها ام لا يعرف لها سبب نزول؟؟ و للرد عليه بقوه الله يقول
    ومصدر توثيقي هو رأي الإمام ابن كثير؛ ذلك أنَّه ساوى بين الفعل (اهجر), وبين الفعل (لا تطع),
    وهنا نسب لابن كثير انه ساوى بين فعل الامر السلبي والنهى حسنا لنرى إقتباس:
    ونصُّ كلام الإمام هو: (﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾, أي: اترك المعصية. وعلى كل تقدير فلا يلزم تلبسه بشيء من ذلك،
    فى تلك الجزئية استبدل ابن كثير فعل الامر السلبي ( اهجر ) بفعل امر سلبي آخر يؤدى نفس المعنى ( اترك ) وليس بالنهى لماذا لأن ابن كثير كفقية من المفترض انه يعلم ما هى الدلالات وبخاصة دلالة المنطوق غير الصريح وهو ما سيلى شرحه بطريقة مبسطة ولذلك استدرك الامر دفاعا عن رسول الإسلام بقوله

    وعلى كل تقدير فلا يلزم تلبسه بشيء من ذلك،
    واخد بالك من على كل تقدير لأنه يدرك جيدا دلالة الإقتضاء لصحة القول عقلا لفعل الامر السلبي ماذا تعنى واعطى مثال مخادع ، به فعل امر إيجابى ، و به نهى للتحايل وتبرير النص

    كقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾).
    اتق ( فعل امر إيجابي ) لا تطع ( نهى ) ولا يوجد فى المثال فعل أمر سلبي وقولى

    (
    النهي متعلق بالمستقبل ولا يفصح عن الماضي, وفعل الأمر السلبي متعلق بالستقبل ويفصح عن الماضي).
    تلك نتيجة مستنبطة بتطبيق مبحث الدلالات على الموضوع وعلى الأخص المنطوق الغير صريح وتم سبقه بالتمهيد الذى يوضحه وهو ما تجاهلته فى سؤالك وهو ما سأعيد شرحه هنا المنطوق غير الصريح 1- تعريفه : هو :" دلالة اللفظ على ما وضع له بحسب اللغة بطريق الالتزام " . بمعنى أن المنطوق غير الصريح هو المعنى أو الحكم الذي دل عليه اللفظ عن طريق دلالة الالتزام. وسمي بغير الصريح لأن دلالة اللفظ على المعنى غير مباشرة، وإنما تَمَّ من خلال التأمل في اللفظ وإدراك معانيه ، ومن ثم الانتقال إلى لوازمه .

    أقسامه : ينقسم المنطوق غير الصريح إلى ثلاثة أقسام،

    وهي: 1- دلالة الاقتضاء.

    2- دلالة الإيماء


    .
    3 -

    دلالة الإشارة ما يخصنا فى الموضوع

    1 - دلالة الاقتضاء تعريفها : الاقتضاء في اللغة: الطلب والاستدعاء. وسميت هذه الدلالة بدلالة الاقتضاء لأن المعنى الذي دل عليه الكلام يتطلبه ويستدعيه صدق الكلام أو صحته شرعا أو عقلا.

    مع ملاحظة ان أو تفيد التخيير ولهذا عرفها العلماء اصطلاحا بأنها:" دلالة اللفظ على معنى يتوقف عليه صدق الكلام أو صحته العقلية أو الشرعية وتنقسم الى

    أ - ما وجب تقديره لصدق الكلام:

    ب - ما وجب تقديره لصحة الكلام عقلا :

    ج - ما وجب تقديره لصحة الكلام شرعا :

    ثانيا : دلالة الايماء أو التنبيه : الايماء في اللغة : التنبيه . واصطلاحا : اقتران وصف بحكم لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل لكان بعيدا .

    والمراد بالوصف : اللفظ المقيد لغيره سواء كان شرطا أو غاية أو استثناء . ومعنى : لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل لكان بعيدا : أي : لو لم يكن اقتران الوصف بحكم أو نظيره لتعليل الحكم لكان بعيدا النوع الاخير دلالة الإشارة وهو غير مرتبط بالموضوع تعريفها :
    دلالة الإشارة هي :" دلالة اللفظ على معنى غير مقصود للمتكلم أصالة ، لكنه لازم للمعنى الذي سيق الكلام له ، ولا يتوقف على تقديره صدق الكلام ولا صحته" تعالى نطبق ما قلته سابقا على ما طرحته لاحقا سبق القول فعل الامر الايجابي هو الذى يأمر فيه المتكلم المخاطب بفعل امر معين كنشاط ايجابى من المأمور اما فعل الأمر السلبي فهو الذى يأتى فى صياغة تأمر المخاطب او المأمور بترك فعل معين او الكف و الإمتناع عنه كنشاط سلبى من المأمور وبالعقل يفهم من ذلك ( دلالة اقتضاء لصحة الكلام عقلا )

    فى فعل الامر الايجابي ان المخاطب او المأمور لم يكن يفعل الشئ الذى أمر به قبل توجيه الأمر له وإلا فاذا كان يفعله فما جدوى ان يؤمر بفعله وهو اصلا يفعله

    بل من المنطقى ان تأتى الصياغة لتطالبه بالإستمرار فى فعله او الثبات على فعله ( عن طريق دلالة إيماء تفيد ذلك ) بإضافة شرط خاص لصيغة الامر الايجابي مثل ( كعادتك ، كدأبك ، كشأنك ...الخ ) اما فى فعل الامر السلبي والذى يتم فيه أمر الشخص المخاطب بترك امر معين او الكف عنه فلا يعقل ان يتم مطالبة شخص بترك شئ معين بفعل امر سلبي مالم يكن فاعلا له

    والا لأصبح ذلك مجرد لغو لا طائل من وراءه ( دلالة إقتضاء لصحة القول عقلا ) وانما من العقل ان تأتى الصياغة لتأمره بالثبات على الترك ( دلالة ايماء ) لتفصح عن حالة المأمور فى الماضى

    مثال ذلك قولى للداعى
    اترك القلم
    او اترك السب
    فهل يعقل أن أمر شخص بترك القلم مالم يكن ممسكا له

    الاجابة لا

    لأن دلالة الإقتضاء لفعل الامر السلبي ( اترك ) تفيد انه كان ممسكا بالقلم اما إذا اردت ان اوجه له الحديث ليفيد بالثبات على الترك يجب إضافة شرط خاص لصيغة الامر حتى تفيد ذلك

    ولو كدلالة إيماء مثل اترك القلم مكانه

    فلفظة مكانه افادت ان صيغة الأمر جاءت للحث على الثبات فى الترك ،

    بدونها يستفاد ان المأمور بالترك لم يكن تاركا وإلا لما أمر بالترك من الاصل

    نفس الامر فى السب لا يعقل ان أمر شخص بترك السب بقولى ( اترك السب )

    اذا لم يكن يسب وفقا ( لدلالة الإقتضاء العقلى )
    بل يجب اضافة شرط خاص ( كدلالة إيماء) تفيد ذلك مثل اترك السب كعادتك او كدأبك فلفظة كعادتك او كدأبك افادت ان صيغة الامر جاءت للحث على الثبات فى الترك

    بدونها يستفاد ان المأمور بالترك لم يكن تاركا وإلا لما أمر بالترك من الأساس

    كذلك فى قوله اترك الرجز فمع عدم وجود اى دلالة ايماء كشرط خاص فى النص لتفيد بصرف صيغة الأمر للحث على الثبات فى الترك يستفاد من ذلك وفقا لدلالة الإقتضاء لصحة القول عقلا ان المأمور بالترك ( ايا كان ) كان متقربا من الرجز

    ولذلك جاء النص لأمره بتركه لأن التارك لا يؤمر بالترك ونص القرآن قال والرجز فاهجر والملاحظ هنا انه تم تقديم ما حقه التأخير للفت النظر والإنتباه والإهتمام للمقدم ( الرجز ) وأقترن فعل الامر السبى ( اهجر ) بالفاء وهى تفيد السرعة للتأكيد على الحث وسرعة الترك والهجر اما النهى فليس به تلك الإشكالات وهو ما اعتقد انك لا تخالفنى فيه


    أطَعتُ العِرْسَ في الشَّهواتِ حتى ... أعادَتْني أَسِيفاً عَبْدَ عَبْدِ
    اطعت فعل ماضي, اعادتنى فعل ماضي , والموضوع عن فعل الامرالسلبي والفرق بينه وبين النهى

    سلام الرب مع الجميع و الرب يعوض تعب الجميع







  2. #2
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية الداعي
    الداعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1022
    تاريخ التسجيل : 11 - 5 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 39
    المشاركات : 937
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : فلسطين
    معدل تقييم المستوى : 17

    افتراضي



    المخروق أتى بأمر كبار, سوف ألحق به العار بإذن الله أو يتوب.

    أتى لي بكلام لا يدرك معناه, وأظن أنه ذهب لدكاترة نصرانيين حتى يكتبوا له هذا الخطل, ويحسب نفسه سوف يعجزني. لكن خاب فأله, وأنَّى له.





  3. #3
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية الداعي
    الداعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1022
    تاريخ التسجيل : 11 - 5 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 39
    المشاركات : 937
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : فلسطين
    معدل تقييم المستوى : 17

    افتراضي


    الداعي
    مواطن بدأ نشاطه
    تاريخ التسجيل بالموقع: December, 2008
    المداخلات: 61





    يبدو أنَّ زميلنا المناظر أعياه توثيق ما خطت يمينه, وأخذ يحاول أن يعمل شيئًا من عدم ردي على سبب النزول, مع أنَّني قلت له مرارا وتكرارا أنتظر توثيقك؛ لأرد الرد الرسمي. ثمَّ استرسل في الحديث عن أمور لغوية, سأظهر للقارئ من خلال عرضها أنَّه تغطية لعدم قدرة الزميل المناظر عن عدم القدرة على التوثيق.

    أخذ المناظر الزميل يقذف الإمام ابن كثير بالتحايل, ولم يستطع أن يثبت المناظر آراءه الشخصية من أيِّ عالم لغوي, والقانون يقول في مادته الرابعة: المناظرة تكون بالدليل والبرهان, وليس على حسب تفيسر العضو. والعضو الزميل مصرٌّ على آرائه الشخصية في ظلِّ عجزه عن توثيق ما يكتب, ويحسب نفسه صاحب رأي في اللغة مع كونه أعجميًّا لا يدرك أبسط أمور اللغة, وهي الإملاء والنحو. فإنَّا لله, وإنَّا إليه راجعون.

    إذن, الزميل المناظر عجز عن توثيق رأيه عندما أخذ يخطئ ابن كثير, والحقُّ أنه لا عبرة في رأيه إذا ما قورن برأي إمام عظيم كابن كثير. والمناظر عجز عن إثبات أن كلمة (أعادته) تعني (ذهب من أمامها), بل أخذ يقول؛ ليصرفني عن التوثيق:" اطعت فعل ماضي, اعادتنى فعل ماضي , والموضوع عن فعل الامرالسلبي والفرق بينه وبين النهى", ويحسب نفسه أنَّه استطاع النجاة من كلامه الذي لا سند له.

    أيها المناظر, نطالبك للمرة الأخيرة بتوثيق ما يلي:

    أول نقطة نطالبك بتوثيق مصدرها هي القاعدة التي أتيتنا بها: (النهي متعلق بالمستقبل ولا يفصح عن الماضي, وفعل الأمر السلبي متعلق بالستقبل ويفصح عن الماضي). من قال بهذا من أهل اللغة؟
    أقال هذا المبرد؟ أم سيبويه؟ أم أبو عبيدة؟ أم الجرجاني؟ أم الباقلاني؟ أم الأخفش؟ أم الفراء؟ أم الكسائي؟ أم مَنْ؟
    عدم التوثيق يرفع الثقة عن كلِّ ما بني على هذ القاعدة؛ لأن ما بني على باطل فهو باطل!!

    النقطة الثانية التي نطالبك بتوثيق مصدرها:
    لقد قلت أنا كلامًا موثَّقًا, مفاده:
    قال الهُذليُّ :




    أطَعتُ العِرْسَ في الشَّهواتِ حتى ... أعادَتْني أَسِيفاً عَبْدَ عَبْدِ


    وهو لم يكن قبل أسيفاً حتى يعود إلى تلك الحال. والجاهل بأساليب اللغة العربية يقول: كيف يعود أسيفًا وهو لم يكن كذلك؟! إذن كان أسيفًا.
    فكان تفنيدك للاستشهاد_ على حدِّ زعمك _ما يلي: (كلمة أعادته بمعنى أنه ذهب من أمامها), من أيِّ المعاجم جذر (ع_و_د), أي (عاد) معناه (ذهب)؟!

    إن كنت لا تمكلك التوثيق, فأعلنها صراحة, ولا تغير الموضوع.

    ولا تخف, سأرد على قولك بخصوص الدلالات, لكن بعد التوثيق, أو إعلان عجزك عن عدم القدرة على التوثيق.


    __________________

    ثمَّ تكونُ خلافةً على منهاجِ النبوةِ. فتحت القسطنطينية, والآن ننتظر فتح روما: فما موقفك من تحقيق هذه البشرى؟





  4. #4
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية الداعي
    الداعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1022
    تاريخ التسجيل : 11 - 5 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 39
    المشاركات : 937
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : فلسطين
    معدل تقييم المستوى : 17

    افتراضي


    al kharek
    ابو سيفين
    تاريخ التسجيل بالموقع: November, 2006
    المداخلات: 4,228

    الإنذارات: 2




    سلام المسيح له المجد مع الجميع

    يقول الاخ


    أخذ المناظر الزميل يقذف الإمام ابن كثير بالتحايل, ولم يستطع أن يثبت المناظر آراءه الشخصية من أيِّ عالم لغوي, والقانون يقول في مادته الرابعة: المناظرة تكون بالدليل والبرهان, وليس على حسب تفيسر العضو.والعضو الزميل مصرٌّ على آرائه الشخصية في ظلِّ عجزه عن توثيق ما يكتب, ويحسب نفسه صاحب رأي في اللغة مع كونه أعجميًّا لا يدرك أبسط أمور اللغة, وهي الإملاء والنحو. فإنَّا لله, وإنَّا إليه راجعون.
    اولا هذا النص إلزامى فى الأمور الدينية وليس فى الأمور اللغوية
    فنص القرآن او الكتاب المقدس نأتى به مصحوبا بالتفسير ولكن المعانى والصياغات فمن مصادر أخرى
    ثانيا اتيتك بالبرهان اللغوى وفقا لما يدرس فى اصول الفقه تحت مبحث الدلالات ولم تعقب بل اشترطت رأى عالم لغة على نتيجة مستنبطة


    إذن, الزميل المناظر عجز عن توثيق رأيه عندما أخذ يخطئ ابن كثير, والحقُّ أنه لا عبرة في رأيه إذا ما قورن برأي إمام عظيم كابن كثير. والمناظر عجز على إثبات أن كلمة (أعادته) تعني (ذهب من أمامها), بل أخذ يقول؛ ليصرفني عن التوثيق:" اطعت فعل ماضي, اعادتنى فعل ماضي , والموضوع عن فعل الامرالسلبي والفرق بينه وبين النهى", ويحسب نفسه أنَّه استطاع النجاة من كلامه الذي لا سند له.
    ما علاقة مثالك الذى تم الرد عليه بالموضوع



    أيها المناظر, نطالبك للمرة الأخيرة بتوثيق ما يلي:
    أول نقطة نطالبك بتوثيق مصدرها هي القاعدة التي أتيتنا بها: (النهي متعلق بالمستقبل ولا يفصح عن الماضي
    ,
    انظر معى ما جاء فى مداخلة 20 بتحرير الداعى


    6. مثال المناظر: (اذا قلت لك يا الداعي لا تدخل اصبعك في مفتاح الكهرباء, فهل يعني ذلك انك ادخلت اصبعك). ممكن نعم, وممكن لا؛ فقد يكون مفتاح الكهرباء لا تصله الكهرباء؛ لأنَّ التيار منفصل؛ فأضع يدي فيه؛ لألعب, فتقول لي أمي: لا تدخل اصبعك في مفتاح الكهرباء, وأنا أفهم من قولها أنَّها تنهاني عن اللعب بمفتاح الكهرباء؛ لئلا يرجع التيار الكهربائي فجأة فأتضرر.
    وهذا معناه أن النهى متعلق بالمستقبل ولا يفصح عن الماضى بدليل قولك فى الإفصاح عن الماضى ممكن نعم وممكن لا



    وفعل الأمر السلبي متعلق بالستقبل ويفصح عن الماضي).
    تلك نتيجة مستنبطة وفقا للدلالات اللفظية للمنطوق الغير مصرح به وتم عرض مقدمات وطريقة الإستنباط فى المداخلة الماضية



    من قال بهذا من أهل اللغة؟
    هذا إشتراط خاص الغرض منه التعجيز فالنتيجة المستنبطة جزء منها اقريت به فى مداخلتك وتم عرضه من قبل
    والجزء الآخر تم عرض كيفية إستنباطه ولم تعقب
    والآن اترك السب ودعك من التهرب واعرض اسباب النزول لسوره الحج ايه 52






  5. #5
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية الداعي
    الداعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1022
    تاريخ التسجيل : 11 - 5 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 39
    المشاركات : 937
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : فلسطين
    معدل تقييم المستوى : 17

    افتراضي


    الداعي
    مواطن بدأ نشاطه
    تاريخ التسجيل بالموقع: December, 2008
    المداخلات: 62





    مرحبًا أيها الزميل المناظر, وبعد:
    لقد أعطيناك ثلاث فرص لإثبات آرائك من خلال كتب معتمدة؛ لأن المناظرة تكون بالدليل والبرهان, وليس على حسب تفسير العضو. ولكنَّك أبيت على نفسك ذلك, ومردت على كلامٍ مرسلٍ لا سند له من مصادر معتمدة. وبهذا نعلن للقارئ أنَّ كلَّ رأيٍ لك غير موثَّقٍ مثله: ﴿كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ﴾, فيصبح: ﴿هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ﴾.
    والحقُّ أن قولك: (هذا النص إلزامي فى الأمور الدينية وليس فى الأمور اللغوية) لا سند له من وجهين:
    1. الكلام عامٌّ يشمل الأمور الدينية واللغوية والتاريخية والعلمية...إلخ, وتخصيصه من دون مخصص لا طائل من تحته, ولا عبرة فيه.
    2. نحن نتحدث عن تفسير آية, ومن شرط المفسر أو المجتهد أو الأصولي أن يكون مدركًا لأبحاث اللغة التي تخصه. إذن, الأمور اللغوية هي من صلب التفسير الذي يحتاج إلى توثيق, ورأي مفسر القرآن لا يردُّه إلا ذو علم بأمور التفسير, وأنت أبعد ما تكون عن هذا. وعليه, فلا وزن لنقضك لقول الإمام ابن كثير ما لم يقل بكلامك أحد اللغويين, فهل تملك توثيقًا لردِّك على ابن كثير?
    ولا تنسَ قولك لي: (حينما تناقش امر عن المسيحيه يجب ان تكون ملم بكل شئ. ومعك الدليل و البرهان.), وأنت ارتض لنفسك ما ارتضيته لغيرك, فحينما تناقش أمرًا عن الإسلام, يجب أن تكون ملمًّا بكلِّ شيء, ومنه اللغة العربية, ومعك الدليل والبرهان.
    وقولك: (اتيتك بالبرهان اللغوى وفقا لما يدرس فى اصول الفقه تحت مبحث الدلالات ولم تعقب بل اشترطت رأى عالم لغة على نتيجة مستنبطة), إتيانك_ أيها المناظر _لا نثق به؛ لأنَّ هذه الأمور يحتاج المرء إلى علم رفيع في اللغة العربية حتى يدرك حقيقتها, ولا أريد هنا أن أختبرك في مدى إدراكك لما نسخته ولصقته, بل أريد أمرًا فاصلاً: من أعلم بما ذكرت: أنت أم الإمام ابن كثير؟! قطعًا, لا يلتفت إلى رأي أيِّ شخص ما لم يكن عنده من العلم ما عند ابن كثير, وهذا أمر يقبله أولو الألباب, وترضاه ذوو النهى. إذن, ليس المهم أن تقص وتلصق, بل المهم أن يشهد لك أهل العلم بالقدرة على فهم ما جئت به من مباحث أصول الفقه اللغوية, ولو رفضت كلامي, فسوف تخضع إلى امتحان في مدى قدرتك على تطبيق الدلالات على نصوص شعرية وقرآنية؛ لنرى صدق رفضك, وعمق اعتراضك.
    وأمَّا قولك: (بدليل قولك فى الإفصاح عن الماضىممكن نعم وممكن لا) فهو غريب من نوعه لما يلي:
    أ‌- الأصل في قولك: (فهل يعني ذلك انك ادخلت اصبعك) أنَّه سؤال استنكاري؛ إذ إنَّك تستنكر أن يكون اصبعي في مفتاح الكهرباء, فبادأتك بقولي: (ممكن نعم)؛ درءًا لاستنكارك, فإذا بك تعتبرني مؤيِّدًا لك في المثال مع أنِّي أنقضه. وليس ذنبي أنَّك تكتب شيئًا وتقصد شيئًا, فأنا أتعامل مع كلام مكتوب, وليس مع معنى في الذهن مقصود.
    ب‌- إذا كان قولي هو دليل قاعدتك_ (بدليل قولك فى الإفصاح عن الماضى) _فعليك أن تقول بقولي في المداخلة رقم (18)؛ إذ أقول:
    5. من أساليب العرب في الأمر أنَّها تأمر المرء أمرًا وله حالتان: فإمَّا أن يكون تاركًا لهذا الأمر وهو الأصل, وإمَّا أن يكون قائمًا بهذا الأمر, وهذا الأخير من أساليب البلاغة والفصاحة العربية.
    6. ومن أساليب العرب في النهي أنَّها تنهى المرء عن أمر وله حالتان: فإمَّا أن يكون متلبسًا بهذا الأمر وهو الأصل, وإمَّا أن يكون تاركًا لهذا الأمر, وهذا كذلك من أساليب البلاغة والفصاحة العربية.
    ت‌- وعليه, فعليك أن تصوغ هذه القاعدة: (الأمر بنوعيه: الإيجابي والسلبي, لا يفصح عن حقيقة الماضي, ويتعلق بالمستقبل. والنهي بنوعيه: الإيجابي والسلبي, لا يفصح عن حقيقة الماضي, ويتعلق بالمستقبل). وعليك أن تسلم بهذه القاعدة؛ لأنَّ هذا هو قولي الذي أراك تستند عليه في شطر قاعدتك.
    وقولك: (هذا إشتراط خاص الغرض منه التعجيز), أرجو أن تتراجع عنه, إنَّما أبتغي درء الأهواء, وتوثيق الكلام, وكما أنك تقول لي: (فأي تفسير اسلامي لكتابي المقدس, لن اقبل به, ولن يكون حجه علي), فأنا أعاملك بمثل معاملتك لي, فأقول: (أيُّ حديث عن اللغة العربية يجب أن يكون من أهل اللغة, وقول الأعجمي لن أقبل به, ولن يكون حجةً عليَّ).
    وقولك: (والآن اترك السب) يحزنني؛ لأنَّني لا أسبك, ودعك من هذا الترويج أيها الزميل, واحرص على معرفة الحقِّ. والمداخلة القادمة ستكون هي الرد الرسمي لجميع ما مضى بعدما لم تستطع توثيق كلامك. والحمد لله ربِّ العالمين.

    __________________
    ثمَّ تكونُ خلافةً على منهاجِ النبوةِ. فتحت القسطنطينية, والآن ننتظر فتح روما: فما موقفك من تحقيق هذه البشرى؟






  6. #6
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية الداعي
    الداعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1022
    تاريخ التسجيل : 11 - 5 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 39
    المشاركات : 937
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : فلسطين
    معدل تقييم المستوى : 17

    افتراضي




    ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ





  7. #7
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية الداعي
    الداعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1022
    تاريخ التسجيل : 11 - 5 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 39
    المشاركات : 937
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : فلسطين
    معدل تقييم المستوى : 17

    افتراضي


    al kharek
    ابو سيفين
    تاريخ التسجيل بالموقع: November, 2006
    المداخلات: 4,232

    الإنذارات: 2




    سلام المسيح له المجد مع الجميع

    من الواضح أن الزميل الذى يصف نفسه بالمناظر قد راعه ما سطرته بصدد اللغة العربية على الرغم من سبق وصفى لها بأنها ليست لغتى فظن أن إجادة العربية حكر خاص على العرب وتناسي انها مجرد لغة
    فمنذ الوهلة الأولى لم اشأ أن أقحم المتابع فى دهاليز اللغة العربية ولذلك وعند تعقيبى على دروس الأخ الداعى فى اللغة العربية لم الجأ للمماطلة بمطالبته بتوثيق كل سطر قاله
    فما ارتأيته صحيحا لم أعارض فيه وما إرتأيته مغلوطا رددت عليه و انتهجت فى سبيل ذلك لغة مبسطة حتى يستطيع المتابع أن يفهم ما يطرح
    ولم أعرض التعريف بالدلالات اللفظية للمنطوق الغير الصريح وتطبيقاتها على الجزئية المتعلقة بالموضوع سوى لإصرار الأخ الداعى على توثيق ما قلت
    ولم أجد له اى سطر به أى تفنيد لما قلت بل إدعى اننى لا زلت لم اوثق ما قلت ، و بدون أى حيثيات لإدعاءه او لتفنيد ما قلت
    وفى خضم إنشغاله بمطالبتى بالتوثيق إدعى أن الإمام بن كثير قد ساوى لغويا بين فعل الامر السلبي والنهى
    فقال
    ومصدر توثيقي هو رأي الإمام ابن كثير؛ ذلك أنَّه ساوى بين الفعل (اهجر), وبين الفعل (لا تطع),

    وهو ما لم يكن بن كثير ليقوله لا صراحة ولا ضمنا
    وإذا كان الأخ الداعى قد إستنبط ذلك او فهمه من كلام بن كثير فهذا فهما خاطئا وهو ليس حجة على بن كثير او على ضعفى
    فأهل المنطق يقولون أن عدم مراعاة الدقة عند التعامل مع الألفاظ والمفردات اللغوية هو احد اهم اسباب الوقوع فى الخطا واكثرها إنتشارا والمخطئ فى هذا الصدد لا يعلم أنه قد أخطأ بل يظن نفسه على صواب
    فهل ترى بن كثير قد ساوى لغويا بين فعل الأمر السلبى والنهى
    اولا لننظر سويا ماذا قال بن كثير فى تلك القضية

    ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾, أي: اترك المعصية

    جل ما فعله بن كثير فى ذلك إنه استبدل مترادفات ببعضها البعض
    فاستبدل الرجز بالمعصية ( وهى اخف المفردات وقعا على المتابع ) فى تفسير النص
    واستبدل لفظة اهجر بلفظة اترك ، وكلاهما فعل أمر قاطع الدلالة يفيد التلبس بالشئ المأمور بهجره او تركه

    وكافة ما سبق امر جائز لغويا
    ولمعرفة بن كثير لدلالة المنطوق الغير صريح ودلالة إقتضاء صحة القول عقلا، أفصح عن ما يعنيه النص وما يحتمله على الرغم من كونه امر مرفوضا لديه وهو التلبس بالرجز فقال

    وعلى كل تقدير فلا يلزم تلبسه بشيء من ذلك،


    لم يكن بن كثير ليقول ذلك لو لم يكن معنى النص قاطع الدلالة بالتلبس بالرجز
    و لماذا لا يلزم تلبسه بشئ على الرغم من صراحة النص والقاعدة الفهية تقول أنه لا إجتهاد مع صراحة النص
    الإجابة دلالة إقتضاء صحة القول شرعا

    بن كثير إفترض ان محمد رسول من عند الله وإفترض ان النبي او الرسول معصوم من الخطأ وأن الله يختار الإنبياء والرسل بالنظر لسيرتهم الطاهرة قبل النبوة


    فكيف يختار الله محمد لحمل الرسالة إذا كان متقربا للرجز سواء جاءت بمعنى الأوثان او بمعنى المعصية
    وكافة ما راعاه بن كثير فى تفسيره وفقا لدلالة إقتضاء صحة القول شرعا متعلق بالشق الشرعى وليس اللغوى او العقلى وينطوى على عدم موضوعية وإجتهاد مع صراحة النص وعدم بحث صحة المقدمات قبل التأسيس عليها


    وهى امور مخالفة ليس له ان يفعلها وإذا فعلها فهى ليست حجة على أحد سوى من اراد و ارتضى لخروجه عن حدود اللغة والعقل ودرءها بحدود الشريعة والعقيدة وستعد مصادرة على المطلوب من موضوع النقاش
    ثانيا وهو محل إستشهادك بما قال بن كثير


    كقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾).


    وهو ما فهمته بأن بن كثير قد ساوى بين فعل الأمر السلبي والنهى
    المساواة تستفاد من القول الصريح مثلا أن (س) تساوى او = (ص)
    او أن (س) و (ص) واحد ، فيفهم من ذلك أن هناك مساواة بين (س) و (ص)

    والدرجة الأدنى من المساوى هى المماثلة وهى تستفاد من القول الصريح أن (س) مثل (ص)
    اما ما طرحه بن كثير فهو مجرد تشبيه يستفاد من حرف الكاف فى بادئ طرحه بمقولة
    (كقوله )
    والتشبيه بين المشبه والمشبه به حتى وإن تطابق فى فى جزء سيختلف فى أجزاء
    كما لم يعقب بن كثير لغويا على تقديم ما حقه التأخير للفت النظر والإهتمام او إقتران فعل الأمر بالفاء للحث على السرعة فى الهجر
    وعلى كافة ما تقدم يتبين لنا
    اولا أن بن كثير لم يساوى لغويا بين فعل الامر السلبي والنهى

    ثانيا ان ما ساقه مجرد تبرير للنص على الرغم من صراحته بالإحتكام الى الشرع والعقيدة بتشبيهه لنص ( والرجز فاهجر ) بنص آخر لا يماثله لا لغة و لا عقلا ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾).
    واذا لم تستطع ان تدرك ماذا قال بن كثير او ماذا سطرت فى التعقيب فلا تحجر على ذهن المتابع بإدعاءك اننى لم اوثق ما قلت وبخاصا انك لم تطرح اى تفنيد لهذا حتى الآن

    وأمَّا قولك: (بدليل قولك فى الإفصاح عن الماضى ممكن نعم وممكن لا) فهو غريب من نوعه لما يلي:


    أ‌- الأصل في قولك: (فهل يعني ذلك انك ادخلت اصبعك) أنَّه سؤال استنكاري؛ إذ إنَّك تستنكر أن يكون اصبعي في مفتاح الكهرباء, فبادأتك بقولي: (ممكن نعم)؛ درءًا لاستنكارك, فإذا بك تعتبرني مؤيِّدًا لك في المثال مع أنِّي أنقضه.
    مضمون سؤالى الذى اعتبرته إستنكارى هو عن مدى إفصاح النهى عن الماضى

    انت اجبت بممكن نعم وممكن لا

    فهل يعقل أن يجيب شخص على سؤال إستنكارى بالإيجاب المحتمل والنفى المحتمل فى نفس الآوان ويظل سؤال إستنكارى




    ب‌- إذا كان قولي هو دليل قاعدتك_ (بدليل قولك فى الإفصاح عن الماضى)




    قولك ، مع خالص إحترامى وتقديري لشخصك ، لا يعد اساسا يعول عليه كمرجعية فى اللغة العربية او يستند اليه فى صياغة قواعد اللغة العربية

    وانما لجوئي له كان لتوضيح ان ما قلته انا فى احد الجزئيات سبق لك قوله من قبل ولم تعارضه



    من أساليب العرب في الأمر أنَّها تأمر المرء أمرًا وله حالتان: فإمَّا أن يكون تاركًا لهذا الأمر وهو الأصل, وإمَّا أن يكون قائمًا بهذا الأمر, وهذا الأخير من أساليب البلاغة والفصاحة العربية6. ومن أساليب العرب في النهي أنَّها تنهى المرء عن أمر وله حالتان: فإمَّا أن يكون متلبسًا بهذا الأمر وهو الأصل, وإمَّا أن يكون تاركًا لهذا الأمر, وهذا كذلك من أساليب البلاغة والفصاحة العربية



    اولا الأساليب البلاغية فى اللغة العربية معروفة ومنذ أمد بعيد ولها أغراض محددة ومعروفة ، و تستخدم هذه الأساليب فى خدمة تلك الأغراض فالبلاغة ليست بمدعاة لكل شخص فى رفض المعنى الصريح القاطع الدلالة تحت مبرر البلاغة او تبرير الخطأ اللغوى او المنطقى بالبلاغة بدون إيضاح ما هو هذا الغرض البلاغى ام انها بلاغة بدون غرض


    فما هو هذا الغرض البلاغى المقصود من وراء توجيه الأمر لشخص تارك للرجز اصلا بتركه مع ملاحظة ان بن كثير لم يشير الى وجود اى شئ بلاغى فى النص بل إكتفى بنفى المعنى الصريح القاطع الدلالة للنص بقوله



    وعلى كل تقدير ( لأنه استبدل لفظة الرجز بالمعصية و هى لفظة لم تدواى النص فالمتلبس بالرجز ليس اهون من المتلبس بالمعصية )

    لا يلزم تلبسه بشئ من ذلك

    ذلك هنا عائدة على الرجز وعلى المعصية








    ثانيا من علماء اللغة قال ذلك


    ت‌- وعليه, فعليك أن تصوغ هذه القاعدة: (الأمر بنوعيه: الإيجابي والسلبي, لا يفصح عن حقيقة الماضي, ويتعلق بالمستقبل. والنهي بنوعيه: الإيجابي والسلبي, لا يفصح عن حقيقة الماضي, ويتعلق بالمستقبل). وعليك أن تسلم بهذه القاعدة؛ لأنَّ هذا هو قولي الذي أراك تستند عليه في شطر قاعدتك.


    من من علماء اللغة العربية قال ذلك

    انت سبق واسندت ما قلت لثلاثة مراجع وعندما طلبت منك توثيقه ارجعته الى بن كثير وهو ما تم توضيح الخطأ فى فهم أقواله

    توضيح
    جزئية والرجز فاهجر مرتبطة بالتساؤل حول هل نبي الإسلام فعل معاصي قبل البعثة ام لا
    اما اسباب نزول آية 52 من سورة الحج وتفسيرها فمرتبطة بالعصمة فى التبليغ


    ولم نتطرق بعد الى العصمة فى الأفعال بعد البعثة







    اخى الداعى

    إذا كنت أنت قد الزمت نفسك بشئ من جراء خوض تلك المناظرة فضعفى لم يلزمك بشئ حتى وإن دعوتك لخوض هذا النقاش

    فأنت من اختار موعد بدء النقاش وتقدمت بأعذارك للإدارة بصدد الوقت وتعارضها مع دراستك وتقدمت بالشكاوى وبناء عليها تم تحرير أجزاء عديدة من مداخلاتى ومع ذلك لم اعترض ولم اتزمر

    فإذا كنت تخوض امر لتحقيق الإنتصار فيه فأعتبر نفسك منتصرا مقدما وبدون خوضه
    اما إذا كنت ترى الامر مجرد نقاش ودى لن يغير من حقيقة الأمر شئ فأمامك مداخلات ضعفى للتعقيب

    وخذ ما يلزمك من وقت حتى تتفرغ







  8. #8
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية الداعي
    الداعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1022
    تاريخ التسجيل : 11 - 5 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 39
    المشاركات : 937
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : فلسطين
    معدل تقييم المستوى : 17

    افتراضي


    الداعي
    مواطن بدأ نشاطه
    تاريخ التسجيل بالموقع: December, 2008
    المداخلات: 80



    قبل الولوج في تفنيد ما سبق, وقبل الشروع في دحضه لا بدَّ ممًّا يلي:
    عصمة الأنبياء, وعصمة النبي محمد_ عليهم السلام _تبدأ عندما يصبح الواحد فيهم نبيًّا, وعصمتهم ضابطها التبليغ؛ فكلُّ ما من شأنه أن يطعن في التبليغ فهم معصومون منه, فلمَّا ثبت لدينا_ نحن المسلمين _أن المعاصي تخل في التبليغ, وفي كون النبي قدوةً, قال العقل بعصمتهم منها, وهكذا في كلِّ أمر.
    والنسيان الذي يعصم منه النبيُّ, أيُّ نبيٍّ هو الذي يخلُّ في التبليغ. فلمَّا كان نسيان الوحي قبل التبليغ مُخلًّا في التبليغ حصلت فيه العصمة حتى يُبلِّغه, فإذا بلَّغه لا ضير في نسيانه مع تكفل الله له بتذكُّره؛ لأنَّ النسيان من فطرة الإنسان وجبلته التي جبل عليها, ولا يستطيع أن يتحكم فيه؛ لأنَّه ليس في مقدوره, ولو كان كذلك, لما نسي امرؤ شيئًا حفظه بعدما تجشم مشاقِّ الحفظ وعنته!!
    والنقد في هذه العصمة يكون بأحد أمرين:
    1. أن يثبت المناظر أن النبي قد قام بما يخلُّ في التبليغ في المفهوم الإسلامي, كأن يثبت أنه زنا خلال نبوته, أو سرق, أو عبد وثنًا.
    2. أن يثبت أن مفهوم العصمة خاطئ حسب وجهة النظر الإسلامية. فمثلاً لا يرى المسلمون بأسًا في عصمة نبيهم إذا نسي آية بعد تبليغها ثمَّ هيَّأ الله له الظروف لتذكرها. فإن كان المناظر يرى هذا خاطئًا, فنقبل قوله, ويكون حجَّةً علينا بشرطين اثنين:
    أ‌- أن يكون ما يريد تِبْيِانَ خطئه مما يعتقد صوابه في العصمة لديهم مع الدليل. فمثلاً, إذا أراد المناظر أن ينتقد نسيان النبي للآية حتى ولو تذكرها فيما بعد, عليه أن يثبت لنا أن المسيحيين يقولون: إنَّ عصمة النبي تشمُل حفظ آيات ما يكتب, فلوقا يحفظ إنجيله عن ظهر قلب, ولا ينساه قطُّ, وسليمان يحفظ نشيد الأنشاد عن ظهر قلب, ولا ينساه قطُّ, وبطرس يحفظ رسالتيه عن ظهر قلب, ولا ينساهما قطُّ, وموسى يحفظ أسفاره عن ظهر قلب, ولا ينساهم قطُّ, وأن يوثق أن هذا الكلام كان صحيحًا, وهكذا دواليك. أمَّا أن ينتقد المناظر شيئًا لا نعتقد صوابه نحن, ولا يعتقد صوابه هو, فهذا هو التعنت والكبر, وهذا هو الضلال المبين, وهذا لا يقبله عقلي سوي, ولا تستسيغه فطرة سليمة!!
    ب‌- أن يأتي بالبرهان الساطع, والسلطان المبين, والحجة الدامغة, والدليل الخريت على صدق معتقده, وزيف معتقد المناظر المقابل له.
    وبغير هذين الشرطين لا نقبل أن نناقش ما يقول, ولا طائل من تحته, ولا فائدة كذلك.

    __________________
    ثمَّ تكونُ خلافةً على منهاجِ النبوةِ. فتحت القسطنطينية, والآن ننتظر فتح روما: فما موقفك من تحقيق هذه البشرى؟





  9. #9
    الإدارة العامة
    ذو الفقار غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 49
    المشاركات : 17,892
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 26
    البلد : مهد الأنبياء
    الاهتمام : الرد على الشبهات
    معدل تقييم المستوى : 36

    افتراضي


    فنص القرآن او الكتاب المقدس نأتى به مصحوبا بالتفسير ولكن المعانى والصياغات فمن مصادر أخرى
    جمع فاسد بالتأكيد فهو يجمع بين القرآن والكتاب المقدس وكأن كلاهما نصه مصدره الوحي

    فنحن نؤمن أن القرآن كلام الله لفظاً وكتوباً بلفظه فى المصحف

    أما الكتاب المقدس فهم يؤمنون بأنه وحي سماوي كتبه البشر بقلمهم وبتعبيراتهم



    أكمل يا أخي زادك الله علما




    إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .



    ( إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا)



  10. #10
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية الداعي
    الداعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1022
    تاريخ التسجيل : 11 - 5 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 39
    المشاركات : 937
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : فلسطين
    معدل تقييم المستوى : 17

    افتراضي


    الداعي
    مواطن بدأ نشاطه
    تاريخ التسجيل بالموقع: December, 2008
    المداخلات: 81


    القول الفصل في آية: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾, (المدثر: 5).



    الزميل المناظر, القراء الكرام, مرحبًا وسهلاً بكم.
    برنامج هذه المداخلة هو الآتي:
    1. القول الفصل في آية: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾, (المدثر: 5).
    2. القول الفصل في (النسيان بعد التبليغ).
    3. تفسير وأسباب نزول آية: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾, (الحج: 52).
    أولا_ القول الفصل في آية: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾, (المدثر: 5).
    للفظ في أصول الفقه مباحث من حيث اعتباره, وهي_:
    1. تقسيم اللفظ باعتبار الدال وحده.
    2. تقسيم اللفظ باعتبار المدلول وحده.
    3. تقسيم اللفظ باعتبار الدال والمدلول.
    ونحن سنقصر حديثنا على ما يعنينا من هذه الاعتبارات, ألا وهو: (تقسيم اللفظ باعتبار الدال وحده). لأنَّه يتحدث عن مبحث (المنطوق والمفهوم) الذي هو مناط هذه المسألة.
    نقسم اللفظ باعتبار الدال وحده، أي باعتبار دلالة الألفاظ، إلى ثلاثة أقسام:
    أحدها دلالة المطابَقة وهي دلالة اللفظ على تمام مسماه، كدلالة الإنسان على الحيوان الناطق، وسمي بذلك لأن اللفظ طابَق معناه.
    والثاني دلالة التضمن وهي دلالة اللفظ على جزء المسمى، كدلالة الإنسان على الحيوان فقط أو على الناطق فقط، وسمي بذلك لتضمنه إيّاه أي سمي تضمناً لكون المعنى المدلول في ضمن الموضوع له.
    والثالث دلالة الالتزام وهي دلالة اللفظ على لازمه، كدلالة الأسد على الشجاعة، وسمي بذلك لكون المعنى المدلول لازماً للموضوع له. والمعتبَر باللزوم هو اللزوم الذهني أي إنّما تُتصور دلالة الالتزام في اللازم الذهني وهو الذي ينتقل الذهن إليه عند سماع اللفظ، سواء أكان لازماً في الخارج أيضاً مع اللزوم الذهني كالسرير والارتفاع، أم غير لازم في الخارج كالعمى والبصر. ولا يأتي ذلك في اللازم الخارجي فقط، فإنه إذا لم ينتقل الذهن إليه عند سماع اللفظ لم تحصل الدلالة البتة. وهذا اللزوم شرط وليس بموجب، يعني أن اللزوم بمجرده ليس هو السبب في حصول دلالة الالتزام بل السبب هو إطلاق اللفظ واللزوم شرط.
    المنطوق: دلالة الخطاب على الحكم إن كانت من اللفظ فهي دلالة المنطوق، وإن كانت من المعنى الذي دل عليه اللفظ فهي دلالة المفهوم. والمنطوق هو ما دل عليه اللفظ قطعاً في محل النطق، أي ما فُهم من اللفظ مباشرة من غير واسطة ولا احتمال، فتَخرج دلالة الاقتضاء لأنها لم تُفهم قطعاً بل احتمالاً, ولم تُفهم مباشرة من اللفظ وإنما يقتضيها ما فُهم من اللفظ.
    المفهوم: هو ما فُهم من اللفظ في غير محل النطق، أي هو ما دل عليه مدلول اللفظ، يعني المعنى الذي دل عليه معنى اللفظ. فالمنطوق ما فُهم من دلالة اللفظ. أمّا المفهوم فهو ما فُهم من مدلول اللفظ كقوله تعالى: ﴿ولا تقُل لهما أفّ﴾، فإن دلالة اللفظ هي لا تتأفف لهما، وهذا هو المنطوق، ولكن مدلول اللفظ وهو النهي عن التأفيف يُفهم منه لا تضربهما، فيكون مفهوم قوله تعالى: ﴿ولا تقل لهما أفّ﴾ هو لا تضربهما. فتحريم ضرب الوالدين المفهوم من قوله تعالى: ﴿ولا تقل لهما أفّ﴾ قد دل عليه مفهوم الآية. فالخطاب فيه قد دل على الحكم بالمفهوم, وهو المسمى بالدلالة المعنوية والدلالة الالتزامية.
    وذلك لأن اللفظ ينقسم باعتبار الدال وحده إلى ثلاثة أقسام: هي المطابَقة والتضمّن والالتزام. فالمطابَقة هي دلالة اللفظ على تمام معناه، والتضمن دلالة اللفظ على جزء المسمى، وكلاهما دلالة من اللفظ قطعاً من غير احتمال، أي دلالة من اللفظ مباشرة، ولذلك كانا من المنطوق. أمّا دلالة الالتزام فهي دلالة اللفظ على لازم معناه، فهي حقيقتها مدلول المعنى وليس مدلول اللفظ، وقد دل عليها اللفظ بشكل غير مباشر أي من دلالته على المعنى لا من لفظه، أي أن المعنى فُهم من اللفظ لا في محل النطق، يعني فُهم من معنى اللفظ. وهو ما يسميه بعضهم (المنطوق غير الصريح).
    وعليه فالمفهوم هو دلالة الالتزام، وحيث أن دلالات اللفظ باعتبار الدال وحده محصورة في هذه الدلالات الثلاث، وحيث أن دلالة المطابَقة ودلالة التضمن هما من المنطوق، فلَم تبق إلا دلالة واحدة هي دلالة الالتزام وهي من المفهوم، فتكون كل دلالة من الدلالات إذا لم تكن من المنطوق فهي من المفهوم. فتكون دلالة اللفظ محصورة بالمنطوق والمفهوم. فإذا لم تكن من المنطوق فهي من المفهوم ولا يوجد غير ذلك. وعلى هذا تكون دلالة الاقتضاء ودلالة التنبيه والإيماء ودلالة الإشارة من المفهوم، وكذلك يكون مفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة من المفهوم.
    · دلالة الاقتضاء: هي التي يكون اللازم فيها مستفاداً من معاني الألفاظ، وذلك بأن يكون شرطاً للمعنى المدلول عليه بالمطابَقة. واللازم قد يكون العقل يقتضيه، وقد يكون الشرع يقتضيه، إما لضرورة صدق المتكلم، وإما لصحة وقوع الملفوظ به.
    · دلالة التنبيه والإيماء: إنما تقع فيما يدل على العلّيّة، وهي أن يكون التعليل لازماً من مدلول اللفظ وضعاً، لا أن يكون اللفظ دالاً بوضعه عن التعليل، يعني أن اللفظ لا يدل بوضعه على التعليل، إذ لو دل لَما كان من دلالة التنبيه والإيماء، بل إن مدلول اللفظ وضعاً يلزم منه بحسب وضع اللغة معنى آخر غير ما دل عليه اللفظ، فالدلالة على المعنى الآخر اللازم لمدلول اللفظ حسب وضع اللغة هي الدلالة بالتنبيه والإيماء.
    · دلالة الإشارة: هي أن يكون الكلام قد سيق لبيان حكم أو دل على حكم ولكنه يُفهم منه حكم آخر غير الحكم الذي سيق لبيانه أو جاء ليدل عليه، مع أن هذا الحكم الآخر لم يكن مقصوداً من الكلام، فدلالة الكلام على هذا الحكم الذي لم يُسَق له ولم يدل عليه ولكن يُفهم منه، هي دلالة الإشارة.
    · مفهوم الموافقة: هو ما يكون مدلول اللفظ في محل السكوت موافِقاً لمدلوله في محل النطق. يعني أن ما فُهم من مدلول اللفظ من معان وأحكام يكون موافِقاً لما فُهم من اللفظ نفسه. فالمعنى اللازم لمدلول اللفظ إذا كان موافقاً لذلك المدلول فهو مفهوم الموافَقة، ويسمى فحوى الخطاب ولحن الخطاب، والمراد به معنى الخطاب.
    · مفهوم المخالفة: هو ما يكون مدلول اللفظ في محل السكوت مخالفاً لمدلوله في محل النطق، يعني أن ما فُهم من مدلول اللفظ من معانٍ وأحكام يكون مخالفاً لما فُهم من اللفظ نفسه. فالمعنى اللازم لمدلول اللفظ إذا كان مخالفاً لذلك المدلول فهو مفهوم المخالَفة. ويسمى دليل الخطاب ولحن الخطاب، وذلك كمفهوم الصفة، ومفهوم الشرط، ومفهوم الغاية، ومفهوم العدد.
    الآن نأتي لتطبيق ما سبق ذكره على آية: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾:
    1. من الاعتبارات التي يبحثها الأصوليون: (تقسيم اللفظ باعتبار الدال والمدلول), أي باعتبار اللفظ والمعنى, وهو سبعة أقسام, هي: (المنفرد والمتباين والمترادف والمشترك والمنقول والحقيقة والمجاز). ولفظ (الرجز) لفظ مشترك, أي ذات دلالات متعددة, وهي: العذاب, والقذر, والأوثان, والمأثم, وغير ذلك. وقد فسَّر المفسرون لفظ (الرجز) في الآية بعدة تفسيرات, ولم يتفقوا على معنى واحد؛ قال مجاهد وعكرمة: يعني الأوثان, وعن ٱبن عباس: والمأثم فاهجر؛ أي فاترك. وعن إبراهيم النَّخَعيّ: الرُّجز الإثم. وفسر كذلك بالعذاب؛ لأنه معناها الأصلي. ولمَّا رأينا المفسرين قد اختلفوا في المراد من لفظ (الرجز), فلم يتفقوا على أنه الأوثان, أي الأصنام؛ لما علمنا ذلك سقط الاستدلال بهذه الآية على كون النبي e كان متلبسًا في عبادة الأوثان؛ لأن القاعدة الأصولية هي: (عند الاحتمال, يسقط الاستدلال), فلما كان من المحتمل أن يكون الرجز غير الأوثان, سقط الاستدلال بهذه الآية؛ لأنها آية متشابهة, أي ظنية الدلالة, وليست قطعية الدلالة, أي لا يفهم منها معنىً واحدٌ فقط, بل يفهم منها أكثر من معنى, فلو كانت الآية هي: (والأصنام فاهجر), لعلمنا أنَّ الآية قطعية الدلالة, أي تدل على شيء واحد لا يفهم غيره, وهو الأوثان. إذن, لما كانت هذه الآية محتملة للأوثان ولغيرها لم تعد صالحة للاستدلال, بل الدليل يجب أن يكون قطعيًّا, وهذه آية ظنية, والقاعدة الأصولية: (عند الاحتمال, يسقط الاستدلال). وعلى هذا, على المناظر أن يبحث عن نصٍّ قطعي الدلالة, وليس ظني الدلالة.
    2. لو فرضنا فرضًا جدليًا, وقلنا: إنَّ هذه الآية قطعية الدلالة, أي إن الرجز هنا معناه الأصنام فقط, فهل تصلح الآية في كونها دليلاً على أنَّ النبي e كان متلبسًا بعبادة الأوثان من قبل البعثة؟ لِنَرَ ذلك:
    · الآية تقول: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾, ومنطوق الآية يفيد الأمر بهجر الأصنام, فلا تدل الآية قطعًا في محلِّ النطق أن النبي e كان متلبسًا بعبادة الأوثان, بل الآية تدل قطعًا في محلّ النطق على تحريم التقرب من الأوثان. نعم, هذا هو منطوق الآية.
    · والمعنى على هذا لا يستقيم شرعًا؛ لأنَّ النبي e لم يهجر الأصنام, بل كان يمرُّ بجانبها عند الكعبة, وهجرها يعني عدم الاقتراب منها, وهنا الشرع يقتضي لازمًا؛ ليصح الملفوظ به, فبدلالة الاقتضاء يكون تقدير الكلام هو: (وعبادةَ الرجزِ فاهجر), فدلالة الاقتضاء اقتضت إبراز لفظ العبادة الذي هو لازم للفظ. فالمنطوق لم نفهم منه الأمر بهجر عبادة الرجز, بل فهمنا منه الأمر بهجر الرجز, أي بهجر الأصنام. أما بالمفهوم_ وهو هنا دلالة الاقتضاء _علمنا أن لازم اللفظ يتطلب تقدير لفظ العبادة, ففهمنا من الأمر هجر عبادة الرجز, وليس هجر الرجز, فجائز الاقتراب من الأوثان وعدم هجرها, ولكن عبادتها هي التي غير جائزة. وهذا حتى يصح الكلام الملفوظ به شرعًا. وهي هنا كقوله: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾, فمنطوق الآية هو سؤال القرية, ومفهوم الآية حسب دلالة الاقتضاء هو سؤال أهل القرية, وليس القرية, لكن هذا يقتضيه العقل, وليس الشرع.
    · جاءت الآية تحرم عبادة الأوثان, وبدلالة الإشارة نفهم أنَّ قريشًا كانت وثنية, ولم تكن مجوسية ولا صابئة ولا كتابية. وبدلالة الإشارة نفهم أن النبي e كان متلبسًا بعبادة الأوثان. نعم, هذه نتيجة تصحُّ لو لم تُعارض منطوقًا صريحًا, فالقاعدة الشرعية هي: (المفهوم لا يقوى على معارضة المنطوق), أي المنطوق غير الصريح لا يقوى على معارضة المنطوق الصريح.
    · ونضرب هنا مثلا على دلالة الإشارة (إشارة النص): يقول البقاعي في تفسير الآية رقم: (11) من النساء ما يلي:" ولما بان سهم الذكر مع الأنثى بعبارة النص (منطوق النص)، وأشعر ذلك بأن لهن إرثاً في الجملة وعند الاجتماع مع الذكر، وفُهم بحسب إشارة النص (دلالة الإشارة) وهي ما ثبت بنظمه، لكنه غير مقصود، ولا سبق له النص, حكم الأنثيين إذا لم يكن معهن ذكر، وهو أن لهما الثلثين، وكان ذلك أيضاً مفهماً لأن الواحدة إذا كان لها مع الأخ الثلث كان لها ذلك مع الأخت إذا لم يكن ثمَّ ذكر من باب الأولى، فاقتضى ذلك أنهن إذا كن ثلاثاً أو أكثر ليس معهم ذكر استغرقن التركة، وإن كانت واحدة ليس معها ذكر لم تزد على الثلث؛ بَيْنَ (غير) أن الأمر ليس كذلك- كما تقدم -بقوله مبيناً إرثهن حال الانفراد: ﴿فإن كن﴾ أي الوارثات ﴿نساء﴾ أي إناثاً. ولما كان ذلك قد يحمل على أقل الجمع، وهو اثنتان حقيقة أو مجازاً حقق ونفى هذا الاحتمال بقوله: ﴿فوق اثنتين﴾ أي لا ذكر معهن ﴿فلهن ثلثا ما ترك﴾ أي الميت، لا أزيد من الثلثين ﴿وإن كانت﴾ أي الوارثة ﴿واحدة﴾ أي منفردة، ليس معها غيرها ﴿فلها النصف﴾, أي فقط". والشرح: البقاعي استنبط حكمًا شرعيًّا بدلال الإشارة, ألا وهو: (إذا كانت الوارثات ثلاثةً أو أكثر, وليس معهنَّ ذكر فلهنَّ التركة جميعًا لا يبقين منها شيئًا), فلمَّا كان المنطوق وهو قول الله: ﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ﴾, مخالفًا لدلالة الإشارة التي تجعل النساء أكثر من اثنتين يرثن التركة كلَّها وليس ثلثيها, فلما كان هذا لا قيمة للنتيجة التي استنبطها بدلالة الإشارة؛ لأن المفهوم (دلالة الإشارة) لا تقوى على معارضة المنطوق, النص الصريح. واستنبط حكمًا آخر بدلالة الإشارة, ألا وهو: (إذا كانت الوارثة أنثى واحدة, وليس معها ذكر, فلا يجوز أن ترث أكثر من ثلث التركة), فلمَّا كان المنطوق وهو قول الله: ﴿وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ﴾, مخالفًا لدلالة الإشارة, لم نلتفت لدلالة الإشارة, بل التزمنا منطوق النص؛ لأنها لا تقوى على معارضته.
    · إذن, فهمنا بدلالة الإشارة أنَّ النبي e كان متلبسًا بعبادة الأوثان, فهذه نتيجة تصحُّ لولا حديثان يتعارض منطوقهما مع مفهوم الإشارة, أي دلالة الإشارة. والحديثان هما:
    1) يقول النبي e:" لما نشأت بُغِّضت إلي الأوثان وبُغِّض إلي الشعر، ولم أهم بشيء مما كانت الجاهلية تفعله إلا مرتين, كل ذلك يحول الله بيني وبين ما أريد، حتى ما هممت بسوء بعدهما حتى أكرمني الله برسالته", رواه الحاكم، وصححه ووافقه الذهبي.
    2) وقوله في قصة بحير حين استحلف النبي e باللات والعزى؛ إذ لقيه بالشام في سفرته مع عمه أبي طالب وهو صبي، ورأى فيه علامات النبوة فاختبره بذلك؛ فقال له النبي e:" لا تسألني بهما فوالله ما أبغضت شيئا قط بغضهما".أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة، وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة.
    · هذان الحديثان بمنطوقهما ينفيان عن النبي e أنَّه كان متلبسًا بعبادة الأوثان, والآية بدلالة الإشارة تعارض هذين الحديثين بمنطوقهما, والقاعدة الأصولية: (المفهوم لا يقوى على معارضة المنطوق). فلا عبرة باستنتاج دلالة الإشارة بما أنه عارض منطوق النصوص.
    3. الآن نأتي لطريقة زميلنا المناظر في تطبيق الدلالات؛ لأنَّ نتيجته التي أتانا بها هي نتيجة لتطبيقه دلالاتِ النصوص؛ إذ يقول: (تلك نتيجة مستنبطة بتطبيق مبحث الدلالات على الموضوع وعلى الأخص المنطوق الغير صريح). وقد مهد المناظر حديثه ببعض الشرح عن (المنطوق غير الصريح), ثمَّ انتقل للاستنباط. فهل كان موفقًا زميلنا المناظر في استنباطاته؟! لنرَ ذلك:
    · في الحقيقة بدأ زميلنا بداية سليمة صحيحة, فقال: (3- دلالة الإشارة ما يخصنا فى الموضوع). فدلالة الإشارة هي التي تعنينا في موضوعنا من حيث كون النبي e كان متلبسًا بالأصنام, أي بعبادتها. ثمًّ نكص عن هذه البداية السليمة إلى أخرى سقيمة, فقال: (النوع الاخير دلالة الإشارة وهو غير مرتبط بالموضوع). لماذا غير مرتبط بالموضوع؟ ألم تقل قبل كلمات قليلة: (ما يخصنا في الموضوع)؟!
    · هذا التناقض والاضطراب الذي وصل إليه زميلنا, جعله يستنبط استنباطات ما أنزل الله بها من سلطان. والغريب العجيب أنه يقول لي: (من الواضح أن الزميل الذى يصف نفسه بالمناظر قد راعه ما سطرته بصدد اللغة العربية)!! هل يروعني ما وقعتَ به من زيغ في الاستنباطات اللغوية حسب دلالات النص؟! ثمَّ إنني طالبُ حقٍّ, ولن أتردد بالإذعان لكلِّ حقٍّ تبينه لي, وهذا عهد منِّي لك. وأرجو أن تكون كذلك.
    · يقول زميلنا المناظر: (سبق القول: فعل الامر الايجابي هو الذى يأمر فيه المتكلم المخاطب بفعل امر معين كنشاط ايجابى من المأمور اما فعل الأمر السلبي فهو الذى يأتى فى صياغة تأمر المخاطب او المأمور بترك فعل معين او الكف و الإمتناع عنه كنشاط سلبى من المأمور وبالعقل يفهم من ذلك ( دلالة اقتضاء لصحة الكلام عقلا ) فى فعل الامر الايجابي ان المخاطب او المأمور لم يكن يفعل الشئ الذى أمر به قبل توجيه الأمر له وإلا فاذا كان يفعله فما جدوى ان يؤمر بفعله وهو اصلا يفعله بل من المنطقى ان تأتى الصياغة لتطالبه بالإستمرار فى فعله او الثبات على فعله ( عن طريق دلالة إيماء تفيد ذلك ) بإضافة شرط خاص لصيغة الامر الايجابي مثل ( كعادتك ، كدأبك ، كشأنك ...الخ ) اما فى فعل الامر السلبي والذى يتم فيه أمر الشخص المخاطب بترك امر معين او الكف عنه فلا يعقل ان يتم مطالبة شخص بترك شئ معين بفعل امر سلبي مالم يكن فاعلا له والا لأصبح ذلك مجرد لغو لا طائل من وراءه ( دلالة إقتضاء لصحة القول عقلا ) وانما من العقل ان تأتى الصياغة لتأمره بالثبات على الترك ( دلالة ايماء ) لتفصح عن حالة المأمور فى الماضى), وهذا نصٌّ فيه مغالطات كثيرة, وأمور كنتَ ترفضها من قبل ثمَّ تثبتها الآن, وهذا بيانه فيما يلي:
    ü أيها الزميل, ألا ترجع إلى تعريفات الدلالات التي وضعتها أنت, أو التي جئتك أنا بها, ثمَّ تنظر إلى الفجوة بين تعريفاتها وبين تطبيقاتك؟!
    ü تعتبر أنَّ الأمر الإيجابي يدلُّ على أنَّ المأمور به كان تاركًا له حسب دلالة الاقتضاء, وهذا خطل ما بعده خطل؛ لأنَّ دلالة الاقتضاء سميت كذلك؛ لأن المعنى الذي دل عليه الكلام يتطلبه ويستدعيه صدق الكلام أو صحته شرعا أو عقلا. فعندما أقول لك: (احمل القلم), هل يوجد أمر يتعارض مع صحة المعنى شرعًا أو عقلاً؟ قطعًا لا يوجد. لكن لو قلت لك: (استمسك بالآخرة), فإنَّ منطوق النص هو (الأمر بالتمسك بالآخرة), وهذا كلام لا يصحُّ عقلاً, فبدلالة الاقتضاء يجب أن نقدر كلامًا مضمرًا حتى يصح اللفظ, فنقول: (استمسك بالأعمال التي تنجيك بالآخرة). أمَّا ادعاؤك أن هذا الأمر الإيجابي يدل على أن المأمور به كان تاركًا له حسب دلالة الاقتضاء فهو خطأ, فلا دخل لدلالة الاقتضاء في هذا أصلا!! ولو قلت بدلالة الإشارة نفهم أنَّ المأمور به كان تاركًا له لقبلنا منك ذلك, ولكنك قلت: (النوع الاخير دلالة الإشارة وهو غير مرتبط بالموضوع). فأنت نفيت أصلاً أن يكون لدلالة الإشارة أي صلة بالموضوع.
    ü ثمَّ إنَّك هنا, نسفت ما كنت تتبناه من قبل في مداخلاتك, فلما قلنا لك يقول الله Y: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ﴾, فهذا الله يأمر نبيه بالتقوى مع أنه يتقيه, كنت تقول لنا: (فأين فعل الامر السلبي الذى يطالب بالكف او الامتناع, كلاهما فعل امر ايجابي), ثم نراك الآن تقول: (فى فعل الامر الايجابي ان المخاطب او المأمور لم يكن يفعل الشئ الذى أمر به قبل توجيه الأمر له وإلا فاذا كان يفعله فما جدوى ان يؤمر بفعله وهو اصلا يفعله), فلماذا هذا التناقض يا زميل؟ فقد أثبتنا لك أن الله Y أمر نبيه بالتقوى مع أنه كان قائمًا بها, أي أمر بشيء والنبي e يفعله.
    ü وكذلك الحال مع فعل الأمر السلبي, فأنت تعتبر أنَّ فعل الأمر السلبي يدلُّ على أن المأمور به كان قائمًا بالفعل حسب دلالة الاقتضاء, وهذا خطل ما بعده خطل؛ لأنَّ دلالة الاقتضاء سميت كذلك؛ لأن المعنى الذي دل عليه الكلام يتطلبه ويستدعيه صدق الكلام أو صحته شرعا أو عقلا. فعندما أقول لك: (اترك القلم), هل يوجد أمر يتعارض مع صحة المعنى شرعًا أو عقلاً؟ قطعًا لا يوجد. لكن لو قلت لك: (اترك الدنيا), فإنَّ منطوق النص هو (الأمر بترك الدنيا), وهذا كلام لا يصحُّ عقلاً, فبدلالة الاقتضاء يجب أن نقدر كلامًا مضمرًا حتى يصح اللفظ, فنقول: (اترك ملذات الدنيا وزينتها). فالأمر بترك الدنيا هو أمر بترك زينتها وملذاتها حسب دلالة الاقتضاء. أمَّا ادعاؤك أن هذا الأمر السلبي يدل على أن المأمور به كان قائما به حسب دلالة الاقتضاء فهو خطأ, فلا دخل لدلالة الاقتضاء في هذا أصلا!! ولو قلت بدلالة الإشارة نفهم أنَّ المأمور به كان قائما به لقبلنا منك ذلك, ولكنك قلت: (النوع الاخير دلالة الإشارة وهو غير مرتبط بالموضوع). فأنت نفيت أصلاً أن يكون لدلالة الإشارة أي صلة بالموضوع.
    ü قولك: (بل من المنطقى ان تأتى الصياغة لتطالبه بالإستمرار فى فعله او الثبات على فعله ( عن طريق دلالة إيماء تفيد ذلك ) بإضافة شرط خاص لصيغة الامر الايجابي مثل ( كعادتك ، كدأبك ، كشأنك ...الخ )). قولك هذا فيه مغالطات شتى؛ ذلك أنَّك لم تستطع إدراك حقيقة (دلالة الإيماء والتنبيه)؛ فدلالة الإيماء والتنبيه هي التي تنبِّهك على علِّة النص, وتومئ إليها, نحو: يقول النبي e:" من مس فرجه فليتوضأ"؛ فبدلالة الإيماء نفهم أنَّ مس الفرج علَّة للوضوء. ولننظر إلى التعريف الذي سقته أنت: (اقتران وصف بحكم لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل لكان بعيدا. والمراد بالوصف: اللفظ المقيد لغيره سواء كان شرطا أو غاية أو استثناء. ومعنى: لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل لكان بعيدا: أي: لو لم يكن اقتران الوصف بحكم أو نظيره لتعليل الحكم لكان بعيدا). ففي الحديث اقترن وصف بحكم لتعليل الحكم؛ أما الوصف, فهو الشرط: (من مسَّ). وأمَّا الحكم, فهو وجوب الوضوء: (فليتوضأ)؛ وعلة الوضوء هو مس الفرج. أي اقترن في الحديث مس الفرج_ وهو وصف _بوجوب الوضوء_ وهو الحكم _لإفادة أنَّ مسَّ الفرج علَّة لوجوب الوضوء. والآن نأت لمثالك, ألا وهو: (احمل القلم كعادتك). أنت قلت: (بإضافة شرط خاص لصيغة الامر الايجابي), ولكنَّ لفظ (كعادتك) ليس شرطًا, بل هو تشبيه. ثمَّ إنَّه لا يفيد تعليل الأمر بحمل القلم, فكان بعيدًا؛ لأنه لم يقترن لتعليله. فلا يوجد هنا أيُّ وجود لدلالة الإيماء. وحتى يصبح المثال صحيحًا نقول: (من كانت عادته حمل القلم فليحمله). فهنا اقترن وصف, وهو: (من كانت عادته) بحكم, وهو: (فليحمله). أي علل الأمر بحمل القلم بكونه كان عادةً له. وعليه, فكلُّ ما قيل بخصوص دلالة الإيماء لا ينطبق على معنى دلالة الإيماء, فقولنا: (احمل القلم كعادتك), لا دخل له بدلاة الإيماء, لا من قريب أو بعيد.
    ü قولك: (وانما من العقل ان تأتى الصياغة لتأمره بالثبات على الترك ( دلالة ايماء ) لتفصح عن حالة المأمور فى الماضى). وليس هنا ما نقوله أكثر مما قلناه في النقطة السابقة, غير أن الأمر يكون سلبيًّا. فقولك: (اترك القلم كعادتك) لا يوجد فيه شرط. ولنصصحه نقول: (من كانت عادته ترك القلم فليتركه). وطبق ما قلناه من قبل ها هنا. أي لا دخل لدلالة الإيماء فيما قلته أنت, أيها الزميل.
    ü أيها الزميل, ما جئتنا به من تعريفات للدلالات اللغوية لا غبار عليه, ولكنَّ المشكلة أنَّك لا تستطيع أن تُنْزِلَ هذه الدلالات منازلها, ولا تدرك وقائعها, ولا تتقن مسالكها, ولا تفطن لحقيقتها, وقد قلت لك من قبل: (إتيانك_ أيها المناظر _لا نثق به؛ لأنَّ هذه الأمور يحتاج المرء إلى علم رفيع في اللغة العربية حتى يدرك حقيقتها, ولا أريد هنا أن أختبرك في مدى إدراكك لما نسخته ولصقته, بل أريد أمرًا فاصلاً: من أعلم بما ذكرت: أنت أم الإمام ابن كثير؟! قطعًا, لا يلتفت إلى رأي أيِّ شخص ما لم يكن عنده من العلم ما عند ابن كثير, وهذا أمر يقبله أولو الألباب, وترضاه ذوو النهى. إذن, ليس المهم أن تقص وتلصق, بل المهم أن يشهد لك أهل العلم بالقدرة على فهم ما جئت به من مباحث أصول الفقه اللغوية). وأرجو أن تقبل نصيحتي لك, ألا وهي: (إذا أردت أن تتكلم عن دلالات النص, فعليك أن تبدأ بتحسين كتابتك الإملائية, ثمَّ تحسين قواعدك النحوية, ثم إتقان الناحية الأسلوبية في التعبير (بلاغة). وبعد أن تصبح لك قدم راسخةفيما سبق, عليك أن تذهب لأصوليِّ في الفقه؛ ليشرح لك دلالات النص). هذه نصيحة صادقة لك, وإن عزمت على المضيِّ قُدُمًا في الحديث عن الدلالات اللغوية, فإنه يصدق عليك المثل العربي: (تَزَبَّبَ قَبْلَ أَنْ يَتَحَصْرَم).
    · وثمَّة مشكلة تقع بها كثيرًا, ألا وهي: (إنك تحاول أن تمنطق اللغة العربية). فمثلاً تقول كثيرًا: (والا لأصبح ذلك مجرد لغو لا طائل من وراءه). والحقُّ أنَّ أساليب التعبير في اللغات لا تخضع للمنطق, بل عليك أن تلتزم أساليب اللغة التي تدرسها, فتقول من أساليبهم كذا, ومن أساليبهم كذا, ثمَّ تقف. وليس لك الحقُّ في تخطئة أي أسلوب. فمثلا أتينا لك بأسلوب من أساليب العرب تحت عنوان: (بابُ نظم للعرب لا يقولُه غيرهم). وَخُذْ أسلوبًا آخر من أساليب العرب, ألا وهو: (المدح بطريقة الذم). المنطق لا يقبل أن تذمَّ شخصًا في معرض مدحه ويكون مدحًا, ولكنَّ اللغة العربية خالفت المنطق, وأتت بهذا الأمر. فليرجع إلى كتب البلاغة للوقوف على كلام العرب مدحًا في ذمٍّ. وقلنا لك أن تأمر شخصًا بفعل وهو يفعله من البلاغة العربية, وأن تأمر شخصًا بترك فعل لا يفعله من البلاغة العربية, ولكنَّك لم تلتفت إلى كلامي, ولم تعره أدنى اهتمام, وبقيت سادرًا فيما أنت فيه. وهذه هي النقطة التالية في البحث.
    · الذي تعتبره مخالفًا للمنطق هو من أساليب البلاغة العربية. وأنت تقول لي: (اولا الأساليب البلاغية فى اللغة العربية معروفة ومنذ أمد بعيد ولها أغراض محددة ومعروفة ، و تستخدم هذه الأساليب فى خدمة تلك الأغراض فالبلاغة ليست بمدعاة لكل شخص فى رفض المعنى الصريح القاطع الدلالة تحت مبرر البلاغة او تبرير الخطأ اللغوى او المنطقى بالبلاغة بدون إيضاح ما هو هذا الغرض البلاغى ام انها بلاغة بدون غرض. فما هو هذا الغرض البلاغى المقصود من وراء توجيه الأمر لشخص تارك للرجز اصلا بتركه مع ملاحظة ان بن كثير لم يشير الى وجود اى شئ بلاغى فى النص بل إكتفى بنفى المعنى الصريح القاطع الدلالة للنص بقوله). ونقول إزاءه ما يلي:
    ü لو أنَّك رجعت إلى كتب البلاغة لما قويت يمينك على ما خطَّ قلمك. فأغراض البلاغة محددة ومعروفة, ولو كانت معروفةً لديك لما قلت: (فما هو هذا الغرض البلاغى المقصود من وراء توجيه الأمر لشخص تارك للرجز اصلا بتركه).
    ü يقول الهاشمي:" وقد تخرج صيغ الأمر عن معناها الأصلي, وهو (الإيجاب والإلزام) إلى معان أخرى: تستفاد من سياق الكلام, وقرائن الأحوال, كالدعاء, والالتماس, والإرشاد, والتهديد, والتعجيز, والإباحة, والتسوية, والإكرام, والامتنان, والإهانة, والدوام, والتمني, والاعتبار, والإذن, والتكوين, والتخيير, والتأديب, والتعجب", (جواهر البلاغة, ص: 54_55). وهنا الحديث عن صيغ الأمر بنوعيها: الإيجابي والسلبي. وما يعنينا هنا هو الغرض الحادي عشر, ألا وهو: (الدوام), فقد نستفيد من الأمر بنوعيه حسب السياق وقرائن الأحوال الدوام, أي مطالبة الشخص بالديمومة, سواء أكانت سلبية أو إيجابية.
    ü الغرض البلاغي من آية: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ واحد من اثنين حسب آراء العلماء: فأما الأول: الدوام, أي دم على هجرانها. وأمَّا الثاني: أسلوب (إياك أعني, واسمعي يا جارة). معلوم أنه e لا يفعل شيئاً من ذلك ولم يثبت عليه، ولكن الله يخاطبه ليوجه الخطاب إلى غيره في ضمن خطابه e. والقاعدة الأصولية هي: (خطاب النبي e خطاب لأمته ما لم يرد دليل التخصيص).
    ü طبعًا, العرب كانت تعرف هذا بسليقتها, لأجل هذا لا تجد ابن كثير يشير إلى الأمور البلاغية على وجه التفصيل؛ لأنه كان أمرًا معلومًا لديهم.
    ü وحتى أضيء الطريق لزميلنا المناظر, فإنِّي آتٍ له بآية لا تبقي عذرًا لمعتذر, ولا حجةً لمحتج, ألا وهي قول الله Y: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾, (الحج: 30). هذه الآية الثلاثون من الحج, وهي آية مدنية وليست مكية, أي نزلت تخاطب المؤمنين وهم في المدينة المنورة (يثرب), وقد كانوا وقتئذٍ خيرَ مَنْ عُرِفَ من المؤمنين, فهم صحابة رسول الله e, مهاجرين وأنصار, وهم ملتزمون بتوحيد الله الواحد القهار, وهم أبعد ما يكون عن الرجس والأقذار, وهم خير الناس بعد المصطفين الأخيار, وها هو الواحد الجبار, يأمرهم أمرًا سلبيًّا في ترك عبادة الأصنام, وهم برآء من هذه الآثام. وهذه هي قمة البلاغة العربية, أن تخرج من مقصود الأمر إلى بغية سوية, فالحمد لله على آلائه الجسيمة, ونعمائه العظيمة. وبهذه الآية التي يطالبنا بها زميلنا المناظر تنشرح الصدور, وتهنأ النفوس, وتطمئن القلوب, والحمد لله ربِّ العالمين.
    ü وقولك: (فطلبتك منك ان تأتي بمثال مثله تماما لكي نفهم), قد أجبناه, وجئناك بمثال مثله.
    4. وهنا أنقل أقوالاً أخرى للمفسرين في قوله تعالى: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾:
    · يقول البقاعي في تفسيره: (﴿والرجز﴾ أي كل قذر فإنه سبب الدنايا التي هي سبب العذاب، قال في القاموس: الرجز بالكسر والضم: القذر وعبادة الأوثان والعذاب والشرك. ﴿فاهجر﴾ أي جانب جهاراً وعبادة، ليحصل لك الثواب كما كنت تجانبها سراً وعادة، فحصل لك الثناء الحسن حتى أن قريشاً إنما تسميك الأمين ولا تناظر لك أحداً منها).
    · تفسير المنتخب: (والعذاب فاترك، أي: دُمْ على هَجْر ما يوصل إلى العذاب).
    · تفسير النيسابوري: (هو بالكسر والضم العذاب, والمراد: اهجر ما يؤدي إليه من عبادة الأوثان وغيرها, أي: أثبت على هجره, مثل: اهدنا).
    · تفسير الألوسي: (ولما كان المخاطب بهذا الأمر هو النبي e, وهو البريء عن ذلك, كان من باب (اياك أعني واسمعي) أو المراد (الدوام والثبات) على هجر ذلك).
    · قال القرطبي:" وأنه e كان مؤمنا بالله عز وجل، ولا سجد لصنم، ولا أشرك بالله، ولا زنى ولا شرب الخمر، ولا شهد السامر, ولا حضر حلف المطر, ولا حلف المطيبين، بل نزهه الله وصانه عن ذلك".
    5. وهنا نقف مع التفسير الذي ساقه لنا زميلنا المناظر, ألا وهو: (﴿وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾, يقول: وغفرنا لك ما سلف من ذنوبك، وحططنا عنك ثقل أيام الجاهلية التي كنت فيها وهي في قراءة عبد الله فيما ذُكر: «وَحَلَلْنا عَنْكَ وِقْرَكَ» ﴿الَّذِي أنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾, يقول: الذي أثقل ظهرك فأوهنه، وهو من قولهم للبعير إذا كان رجيع سفر، قد أوهنه السفر، وأذهب لحمه: هو نِقْضُ سَفَر. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: ﴿وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾, قال: ذنبك. وقوله: ﴿أنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾, قال: أثقل ظهرك. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿أَلَمَ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾: كانت للنبيّ صلى الله عليه وسلم ذنوب قد أثقلته، فغفرها الله له. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ﴿أنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾, قال: كانت للنبيّ صلى الله عليه وسلم ذنوب قد أثقلته، فغفرها الله له. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: ﴿وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ يعني: الشرك الذي كان فيه. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿ألَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ قال: شرح له صدرَه، وغفر له ذنبَه الذي كان قبل أن يُنَبأ، فوضعه. وفي قوله: ﴿الَّذِي أنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾ قال: أثقله وجهده، كما يُنْقِضُ البعيرَ حِمْله الثقيل، حتى يصير نِقْضاً بعد أن كان سميناً ﴿وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ قال: ذنبك الذي أنقض ظهرك: أثقل ظهرَك، ووضعناه عنك، وخفَّفنا عنك ما أثقل ظهرَك).
    · لقد فسر بعض المفسرين الآية بقولهم: (كانت للنبيّ e ذنوب قد أثقلته). ويتساءل زميلنا قائلاً: (ما هو هذا الذنب الذي يثقل الظهر؟ هل هي صغائر؟ فهل الصغائر تثقل الظهر؟), والجواب:
    ü قال القرطبي: (والوزر: الذنب؛ أي وضعنا عنك ما كنت فيه من أمر الجاهلية؛ لأنه كان e في كثير من مذاهب قومه، وإن لم يكن عبد صنما ولا وثنا.....فالوزر: الحمل الثقيل. قال المحاسبي: يعني ثقل الوزر لو لم يعف اللّه عنه. ﴿الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾ أي أثقله وأوهنه. قال: وإنما وصفت ذنوب، الأنبياء بهذا الثقل، مع كونها مغفورة، لشدة اهتمامهم بها، وندمهم منها، وتحسرهم عليها).
    ü نعم, الصغائر تثقل الظهر لمن كان تقيًّا؛ لأنَّه شديد الاستحضار لعظمة الله وجبروته وفضله ونعمه, فترى الواحد فيهم إن قام بصغائر الذنوب ثمَّ عاد لرشده مذعورًا خائفًا, يصدق عليه قوله Y: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾, وما هذا إلا لكثرة اشتغالهم بها, وندمهم عليها, وتحسرهم على أنفسهم: ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ﴾.
    ü هذا مع الإنسان التقي, فما بالك مع أتقى الناس وأخشاهم لله, محمد e؟! لا جرم أنَّه إذا قام بأدنى ذنب في الجاهلية سوف يثقل ظهره.
    ü في المقابل, ترى من استحكمت الران على قلبه, والغشاوة على بصره, والأكنة في سمعه, تراه يشرك بالله, ويزني, ويسرق, ويقتل. ولا يؤثر فيه شيء مما قام فيه, بل هو في دعة ورغد عيش, لا يلقي أدنى بال لما اقترفه من الفواحش والمنكرات.
    ü إذن, التقي؛ صغائر الذنوب تثقل ظهره. والغوي؛ كبائر الذنوب لا تؤثر فيه!!
    ü وعلى كلِّ حال, لو أنَّه_ حسب زعمك _ كانت الذنوب التي أثقلت ظهر النبي e هي كبائر الذنوب, فكبائر الذنوب ليس محصورة في عبادة الأوثان, فلا دليل في هذه الآية حسب التفسير أنه كان يعبد الأوثان, وتخصيص الأوثان من دون مخصص لا قيمة له؛ لأنه بلا دليل.
    · المشكلة تكمن في هذا التفسير, ألا وهو: (حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: ﴿وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ يعني: الشرك الذي كان فيه). ولكنَّ الله يأبى إلا أن يتمَّ نوره:
    ü هذه الرواية تعتريها مشكلة كبيرة؛ لأنه اعتبر الذنوب التي أثقلت الظهر هي الشرك الذي كان فيه النبي محمد e, أي أنَّه كان عابدًا للأوثان.
    ü يقول ابن المبارك:" الإسناد من الدين. ولولا الإسناد, لقال من شاء ما شاء". وقال ابن حزم:" نقل الثقة عن الثقة يبلغ به النبي e مع الاتصال خص الله به المسلمين دون سائر الملل". وتاريخ الرجال هو الذي أماط اللثام عن الرواة الكذابين, قال سفيان الثوري:" لما استعمل الرواة الكذب, استعملنا لهم التاريخ". وهنا سوف نخضع سند هذه الرواية حتى نعالجها بعلم الحديث.
    ü سند الرواية هو: (حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد), والسند الكامل هو: (حدثت عن الحسين بن فرج، قال: سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد، قال: حدثنا عبيد بن سليمان), ومعالجته كالتالي:
    ü يقول الطبري: (حُدِّثْتُ), وهنا مشكلة؛ فمن حدَّث الطبري؟ إنَّ جهل شيخ الطبري كفيل في درء هذه الرواية؛ لأنَّنا لا نأخذ من مجاهيل. ولكن لا بأس من الإكمال.
    ü (الحسين بن فرج): جاء في التكميل: (هذا إسناد واه، الحسين بن فرج متروك، وكذبه بعضهم).
    ü (الفضل بن خالد): أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3 / 2 / 61) ولم يذكر فيه جرحا أوتعديلا. أي هو جهول. نوع المجهول: «مجهول الحال»، وهو من روى عنه اثنان فأكثر لكن لم يوثَّق. حكم روايته: الردُّ (على الصحيح الذي قاله الجمهور), كذا في «شرح النخبة», ص: 136.
    ü (عبيد بن سليمان): قال ابن أبي حاتم عن أبيه: لا بأس به, وهو أحب إلي من جويبر, وذكره ابن حبان في الثقات.
    ü وعليه, هذه رواية مردودة, لا تقوى على الوقوف, فما بالك_ أيها القارئ _بالاستدلال بها. لا يكون هذا.
    6. والآن نقف عند رواية الغرانيق وقفة لطيفة. وجاء فيها: (ومضى رسول الله e في قراءته فقرأ السورة كلها، وسجد في آخر السورة، فسجد المسلمون بسجوده, وسجد جميع من في المسجد من المشركين، فلم يبق في المسجد مؤمن ولا كافر إلا سجد إلا الوليد بن المغيرة وأبو أُحَيْحَة سعيد بن العاص، فإنهما أخذا حفنة من البطحاء ورفعاها إلى جبهتيهما وسجدا عليهما، لأنهما كانا شيخين كبيرين فلم يستطيعا السجود). واستنبط زميلنا من هذا النصِّ أنَّ النبي e قد سجد للأصنام, ليس قبل البعثة, بل وهو نبيٌّ. وظنَّ بتوهُّمه هذا أنَّه نال من عصمة النبي e, فخرَّت مع ذلك نبوَّته, وبان كذبه!! وإزاء هذا نقول:
    · الجزء الذي يعنينا لحدِّ هذه اللحظة هو السجود الذي حصل في هذه الرواية.
    · وهنا نقول لزميلنا: مما جاء في الرواية: (وسجد في آخر السورة، فسجد المسلمون بسجوده, وسجد جميع من في المسجد من المشركين). فالرواية تذكر أنَّ النبي e سجد, ولم تذكر شيئًا آخر, ولم يرد فيها أنَّ النبي e سجد للَّلاتِ والعزى ومناة الثالثة الأخرى, فكيف فهمت أنَّ النبي e سجد للأصنام؟! أهذا فهم استنبطته بدلالة المطابقة؟ أم بدلالة التضمين؟ أم بدلالة الاقتضاء؟ أم بدلالة الإيماء والتنبيه؟ أم بدلالة الإشارة؟ أم بمفهوم الموافقة؟ أم بمفهوم المخالفة, أم بدلالة لا يعرفها أحد غيرك؟! من السهل أن تزعم, وأنَّى لك أن تثبت ما تزعم!!
    · نلاحظ هذا النص: (وسجد في آخر السورة). فلماذا سجد النبي e في آخر السورة؟ الجواب: آخر آية في سورة النجم هي: ﴿فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا﴾, (النجم: 62). إذن, في آخر السورة أمر الله I وتعالى النَّاس بالسجود لله وحده من دون الأصنام, فسجد النبي e, وسجد المسلمون اقتداءً بنبيِّهم e, وما سجدوا إلا لله I, ولم يسجدوا لأحد من دونه.
    · ولا أدري كيف يستسيغ عاقل أن ينطق بما ادعاه زميلنا من حيث كون النبي e سجد للأصنام في آخر السورة التي يذمُّ بها الأصنام, إذ جاء في سورة النجم: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى﴾, (النجم: 23). فهل هناك عاقل يذمُّ الأصنام ثمَّ يسجد لها بعدما ذمَّها؟! رحمةً بعقولنا يا قوم!!
    · نلاحظ هذا النص: (وسجد جميع من في المسجد من المشركين). فلماذا يسجد المشركون؟ في الحقيقة لم يسجد المشركون فقط, بل سجد الإنس والجان والشجر والحجر في آخر السورة. قال البخاري: حدثنا أبو مَعْمَر، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:" سجد النبي e بالنجم، وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس". وروى البزار عن أبي هريرة:" أن النبي كتبت عنده سورة النجم فلما بلغ السجدة سجد وسجدنا معه وسجدت الدواة والقلم", وإسناده صحيح. وروى الدارقطني من حديث أبي هريرة:" سجد النبي بآخر النجم والجن والإنس والشجر".
    · وما هذا السجود إلا لعظمة هذه السورة, وخصوصًا آخر آياتها, ألا وهي: ﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا * وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى * وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى * وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى * وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى * وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى * وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى * وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى * فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى * هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى * أَزِفَتِ الْآزِفَةُ * لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ * أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ * فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا﴾, (النجم: 42_62).
    · فأمَّا المسلمون, فقد سجدوا اقتداءً بنبيِّهم e, وأمَّا الشجر والحجر, فلعظمة آيات الله في سورة النجم, يقول الله I: ﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ﴾, (الرحمن: 6). وأمَّا الجنُّ؛ فلأنَّ هذه الآيات تهدي إلى الرشد, يقول الله U: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾, (الجن: 2). وأمَّا المشركون_ فكما قال القاضي عياض _؛فلأنها أول سجدة نزلت. وقد نبَّه الله I نبيَّه محمدًا على هذا السجود, أي من تلك الأصناف, فقال له: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾, (الحج: 18).
    · وعليه, من زعم أنَّ النبي e سجد للأصنام بناءً على هذه الروايات فهو واهم, ولا يملك برهانًا ولا دليلا, ولا حجة ولا سلطانا, والحمد لله ربِّ العالمين.
    7. ومما يتصل بهذا المبحث_ أيضًا _قول زميلنا: (ثم تأتي لي برأي الزهري ..وما ادراك ما الزهري هل تحب ان اكلمك عنه و ماذا قالوا عنه ؟؟ ام فقط تأخذون ما يوافقك هواكم و حينما نتحدث عن قول للزهري تخرجون لنا انه كاذب و ضعيف و مدلس؟؟؟ فقط لانه يقول كلام لا يعجبكم ..و ما يعجبكم تحتجون به؟؟؟). وإزاء هذا نقول:
    · زميلنا المناظر يرفض أدنى إشارة إلى تفسير الآية السليم, ويريد أن نقرَّه على فهم خاصٍّ جدًّا به, لم يصرح به مفسر, ولم يشِ به محدِّث. وقد حاول أن ينسب فهمه لأمهات كتب التفسير, وأنَّى له ذلك؟! إنَّ لهذه الأمِّة رجالا عدولا, يحملون العلم وفهمه عن سلفهم الفاضل, وقد قال عنهم النبي e:" يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله: ينفون عنه تحريف الغالين, وانتحال المبطلين, وتأويل الجاهلين", رواه البيهقي.
    · نعم, أحبُّ أن تكلمني عن الزهري, وأنا سأكلمك عنه. والقارئ وحده يحكم من هو (الكاذب والضعيف والمدلس). ترجم له ابن الجوزي في كتابه (صفوة الصفوة), فقال:
    178 - محمد بن مسلم بن شهاب الزهري, يكنى أبا بكر:
    عن إبراهيم بن سعد عن أبيه قال: (ما أرى أحدا جمع بعد رسول الله e ما جمع إبن شهاب). وقال مالك بن أنس: (ما أدركت فقيها محدثا غير واحد). فقلت: من هو؟ فقال: (ابن شهاب الزهري). وعنه أنه قال: (إن هذا الحديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم والله لقد أدركت هاهنا وأشار إلى مسجد رسول الله e سبعين رجلا كلهم يقول قال فلان قال رسول الله e فلم آخذ عن أحد منهم حرفا لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن, ولقد قدم علينا محمد بن شهاب الزهري وهو شاب فازدحمنا على بابه لأنه كان من أهل هذا الشأن). وقال أيوب: (ما رأيت أحدا أعلم من الزهري). فقال صخر بن جويرية: ولا الحسن؟ قال: (ما رأيت أحدا أعلم من الزهري). وعن جعفر بن ربيعة قال: قلت لعراك بن مالك: من أفقه أهل المدينة؟ قال: (أما أعلمهم بقضايا رسول الله e وقضايا أبي بكر وعمر وعثمان وأفقههم فقها وأعلمهم بما مضى من أمر الناس فسعيد بن المسيب, وأما أغزرهم حديثا فعروة بن الزبير, ولا تشاء أن تفجر من عبيد الله بن عبد الله بحرا إلا فجرته_ قال عراك _فأعلمهم عندي جميعا ابن شهاب فإنه جمع علمهم جميعا إلى علمه). وعن معمر, قال رجل من قريش: قال لنا عمر بن عبد العزيز: أتأتون الزهري؟ قلنا: نعم. قال: (فائتوه؛ فإنه لم يبق أحد أعلم بسنة ماضية منه) قال والحسن ونظراؤه يومئذ أحياء. وقال سفيان: (مات الزهري يوم مات وليس أحد أعلم بالسنة منه). وعن الليث قال: (ما رأيت عالما قط أجمع من إبن شهاب ولا أكثر علما منه, ولو سمعت ابن شهاب يحدث في الترغيب لقلت لايحسن إلا هذا, وإن حدث عن الأنبياء وأهل الكتاب لقلت لايحسن إلا هذا, وإن حدث عن الأعراب والأنساب لقلت لا يحسن إلا هذا, وإن حدث عن القرآن والسنة كان حديثه جامعا).
    · أكتفي أنا بهذا القدر, وإن أردت زدتك. وأنتظر أن تحدثني عنه.
    8. ومما يتعلق بهذا المبحث قول زميلنا: (لانه ببساطه شديده هذا حديث ..وكتب بعد وفاه نبي الاسلام ..فمن ادراك انه حقيقي و انه فعلا قال هذا؟؟ فأيهما اصدق حديث ام ايه قرأنيه؟؟ وان كان هذا حديث ..فقل لي متي قاله و اين قاله و لمن ..فهل قاله لقريش فعلا؟؟؟). وهنا نقول:
    · من السهل أن تزعم, وأنَّى لك أن تثبت ما تزعم!!
    · الحديث الذي يرديه خائبًا بفهمه وأقواله لا يجد بأسًا زميلنا في قوله: (وكتب بعد وفاه نبي الاسلام). قل ما شئت, ولكن في المناظرة العلمية كلام مثل هذا من دون توثيقٍ يسيئ إليك, وتبقى الشمس ساطعة. عندما تقول هذا حديث كتب بعد نبي الإسلام, فإمَّا أن تثبت, وإمَّا أن تمسك عليك قلمك, فلا يسطر مثل هذه الأمور في مناظرة علمية. إن كنت تحسب الأحاديث النبوية منطة للكذب والتدليس, فأنت واهم, وقد منَّ الله علينا بعلم الحديث الذي لم تحظَ به أمَّة من الأمم, أو ملَّة من الملل. أحب أن أذكرك: (إنَّك تتحدث عن أحاديث خضعت لعلم الحديث, ولا تحسب نفسك تتحدث عن قول الآباء هنا). أي: اذهب إلى كتب الجرح والتعديل, وأثبت زعمك الذي لا قيمة له من دون كلام أهل الحديث. ثمَّ لماذا لا تقول هذا عن قصة الغرانيق؟ عفوًا, لقد تذكرت أنَّها تخدمك!!
    · وهذه إرشادات لك, خذها تجد ما تبتغي: أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة (ص 125- 128)، وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة (2/ 26، 27) بتحقيق عبد المعطي قلعجي. وأورده السيوطي في الخصائص الكبرى (1/ 142، 144) وعزاه للبيهقي. وعن علي بن أبي طالب قال:" سمعت رسول الله e يقول: ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون به غير مرتين كل ذلك يحول الله بيني وبين ما أريد من ذلك, ثم ما هممت بعدها بشيء حتى أكرمني الله برسالته". رواه البزار, ورجاله ثقات.
    9. ثمَّ نأتي الآن إلى ما رددت به على مبحث: (باب نظم للعرب لا يقوله غيرهم):
    · قولك: (حد فهم حاجه يا شباب؟؟؟ واحد راح لواحده مثلا و رجعته خائب ..كلمه اعادته بمعني انه ذهب من امامها .اذن ليس شرطا ان يكون اسفا ..فالجاهل بالاساليب اللغويه هو من يلبس الحق بالباطل و لا يفهم معني ما يقول .اعانك الله). لقد طالبناك بتوثيق هذه المداخلة, وأظهرت للجميع أنَّك تتحدث من دون دليل, ولم تستطع أن تثبت أن من معاني (عاد) (ذهب). فمن هو الذي يلبس الحق بالباطل يا زميل؟! ومن هو الذي لا يفهم معنى ما يقول؟! ومن هو الذي يأتي بمعان ليست في المعاجم؟! الحكم للقارئ النزيه.
    · قولك: (ما هي الجمله او البيت حتي نفهم معني الكلام ؟؟؟ عاد فلان شيخا ثم ماذا ؟؟ هل فهم معني الجمله اصلا؟؟ زياده في التوضيح من فضلك). الجملة كاملة, وذات معنى تام, وهي: (عاد فلان شيخًا). وليس ذنبي أنَّك لا تدرك معاني الكلام, وقد ذكرت لك المصادر, فلماذا لم ترجع إليها؟ إذن, لا تملك تفنيدًا لها.
    · قولك: (في التفسير تجد ان كلمه تعود هنا بمعني تصير الي ملتنا ..فاللعب كله في كلمه (عاد) فقط. اما الرجز في الايه واضحه و الهجر ايضا و اضح .فلم يقول ان الهجر له معني اخر). أمَّا التفسير, فإنَّها تأتي بمعنى (صرنا) أو (أصبحنا) أو (دخلنا), وهذا يسمى تضمينًا في اللغة العربية. أما الهجر فله معاني كثيرة, ولكن في الآية لها معنى ضد الوصل, وقد بينا لك الغرض البلاغي.
    · قولك: (كالعاده لم يشرح الايه و التفسير حتي لا يفتضح الامر. فالمعني هنا ان يخرجونهم من النور الي الظلمات بمعني ان هناك من أمن بعيسي _علي حسب التفسير_و لم يؤمن بمحمد فهو خرج من نور الايمان الصحيح بعيسي الي الظلام بعدم الايمان بمحمد. اي انهم كانوا فعلا في نور). أي عادة يا زميل, بل أنت الذي تأتي بما يخدمك, ولا تلقي بالا لما سواه. يقول القرطبي: (ولفظ الآية مستغن عن هذا التخصيص، بل هو مترتب في كل أمة كافرة آمن بعضها كالعرب ، وذلك أن من آمن منهم فالله وليه أخرجه من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان ، ومن كفر بعد وجود النبي صلى الله عليه وسلم الداعي المرسل فشيطانه مغويه ، كأنه أخرجه من الإيمان إذ هو معه معد وأهل للدخول فيه ، وحكم عليهم بالدخول في النار لكفرهم ؛ عدلا منه ، لا يسأل عما يفعل). وجاء في معاني القرآن للأخفش: ("يَحْكُم بأنَّهم كذاك" كما تقول: "قَدْ أَخْرَجُك الله من ذا الأمر" ولم تكن فيه قط. وتقول: "أَخْرَجَنِي فُلانُ من الكِتْبَةِ" ولم تكن فيها قط. أي: لَمْ يجعَلْني من أهلها ولا فيها). وجاء في معاني القرآن للنحاس: (فان قيل مامعنى يخرجونهم من النور الى الظلمات ولم يكونوا في نور قط؟ فالجواب: انه يقال رأيت فلانا خارج الدار وان لم يكن خرج منها وأخرجته من الدار جعلته في خارجها وكذا أخرجه من النور جعله خارجا منه وان لم يكن كان فيه). فأي أمر يفتضح أيها الزميل؟ عدم إدراكك لهذه المسائل لا تقذف به الناس.
    · قولك: (اذن جميع ما قلته انت تم الرد عليه). من أيِّ المعاجم جذر (ع_و_د), أي (عاد) معناه (ذهب)؟! هل تملك ردًّا؟
    10. قولك: (واذا لم تستطع ان تدرك ماذا قال بن كثير او ماذا سطرت فى التعقيب فلا تحجر على ذهن المتابع بإدعاءك اننى لم اوثق ما قلت وبخاصا انك لم تطرح اى تفنيد لهذا حتى الآن). أرجو أن يكون التفنيد سهل الفهم لديك. والقارئ هو من يحكم: من الذي يدرك ما يكتب, ومن الذي لا يعي ما يقول. والحقُّ أنَّك لم توثق, والحكم للقارئ.
    11. قولك: (هكذا اذا تحدث مع شخص باللغه الاجنبيه ..فلن تقبل منه كلامه لان كلامه به اخطأ في اللغه العربيه ..ركز في المضمون حبيبي لكي ينير الله لك الطريق و تعرف الحق و الحق يحررك). حتى المضمون به مغالطات, وقد بيناها لك في هذه المداخلة.
    12. قولك: (اذا قلت لك يا الداعي لا تدخل اصبعك في مفتاح الكهرباء, فهل يعني ذلك انك ادخلت اصبعك), وقولك: (من فمك ادينك يا عزيزي. مالي انا و مال الكهرباء متوصله ام لآ. فأنت قلت اضع يدي فيه لالعب ..اذن قد وضعت اصبعك في كل الاحوال. فليس من المعقول ان تقول لك والدتك لا تضع اصبعك في مفتاح الكهرباء وانت بعيد او تعمل شئ اخر فهكذا من فمك ادينك و شكرا لك), وقولك: (مضمون سؤالى الذى اعتبرته إستنكارى هو عن مدى إفصاح النهى عن الماضى). أرجو من القارئ أن يقارن بين هذه الأقوال, ثم لينظر: هل ثمة علاقة بينها؟
    13. قولك: (فهل يعقل أن يجيب شخص على سؤال إستنكارى بالإيجاب المحتمل والنفى المحتمل فى نفس الآوان ويظل سؤال إستنكارى). بما أنَّ المجيب غير السائل, فنعم, يعقل؛ لأنَّ السؤال يبقى على أصله استنكاريًّا, والجواب يأتي ليدحض استنكار السائل. وبهذا الدحض, لا يصبح الاستنكاري استفساريًّا, بل يبقى على حاله استنكاريًّا.
    14. قولك: (حينما اتيك بمثال لا تاتي لي بشئ نادرا جدا او شاذ لتجعله قاعده). لم أجعله قاعدة, وإنما هو محتمل. والقاعدة: (عند الاحتمال, يسقط الاستدلال).
    15. هكذا نكون قد أنهينا الرد على القسم الأول, وبقي قسمان. سأضعهما في أقرب فرصة ممكنة.
    16. والحمد لله ربِّ العالمين.



    __________________

    ثمَّ تكونُ خلافةً على منهاجِ النبوةِ. فتحت القسطنطينية, والآن ننتظر فتح روما: فما موقفك من تحقيق هذه البشرى؟



    الداعي
    مواطن بدأ نشاطه
    تاريخ التسجيل بالموقع: December, 2008
    المداخلات: 81


    القول الفصل في آية: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾, (المدثر: 5).



    الزميل المناظر, القراء الكرام, مرحبًا وسهلاً بكم.
    برنامج هذه المداخلة هو الآتي:
    1. القول الفصل في آية: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾, (المدثر: 5).
    2. القول الفصل في (النسيان بعد التبليغ).
    3. تفسير وأسباب نزول آية: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾, (الحج: 52).
    أولا_ القول الفصل في آية: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾, (المدثر: 5).
    للفظ في أصول الفقه مباحث من حيث اعتباره, وهي_:
    1. تقسيم اللفظ باعتبار الدال وحده.
    2. تقسيم اللفظ باعتبار المدلول وحده.
    3. تقسيم اللفظ باعتبار الدال والمدلول.
    ونحن سنقصر حديثنا على ما يعنينا من هذه الاعتبارات, ألا وهو: (تقسيم اللفظ باعتبار الدال وحده). لأنَّه يتحدث عن مبحث (المنطوق والمفهوم) الذي هو مناط هذه المسألة.
    نقسم اللفظ باعتبار الدال وحده، أي باعتبار دلالة الألفاظ، إلى ثلاثة أقسام:
    أحدها دلالة المطابَقة وهي دلالة اللفظ على تمام مسماه، كدلالة الإنسان على الحيوان الناطق، وسمي بذلك لأن اللفظ طابَق معناه.
    والثاني دلالة التضمن وهي دلالة اللفظ على جزء المسمى، كدلالة الإنسان على الحيوان فقط أو على الناطق فقط، وسمي بذلك لتضمنه إيّاه أي سمي تضمناً لكون المعنى المدلول في ضمن الموضوع له.
    والثالث دلالة الالتزام وهي دلالة اللفظ على لازمه، كدلالة الأسد على الشجاعة، وسمي بذلك لكون المعنى المدلول لازماً للموضوع له. والمعتبَر باللزوم هو اللزوم الذهني أي إنّما تُتصور دلالة الالتزام في اللازم الذهني وهو الذي ينتقل الذهن إليه عند سماع اللفظ، سواء أكان لازماً في الخارج أيضاً مع اللزوم الذهني كالسرير والارتفاع، أم غير لازم في الخارج كالعمى والبصر. ولا يأتي ذلك في اللازم الخارجي فقط، فإنه إذا لم ينتقل الذهن إليه عند سماع اللفظ لم تحصل الدلالة البتة. وهذا اللزوم شرط وليس بموجب، يعني أن اللزوم بمجرده ليس هو السبب في حصول دلالة الالتزام بل السبب هو إطلاق اللفظ واللزوم شرط.
    المنطوق: دلالة الخطاب على الحكم إن كانت من اللفظ فهي دلالة المنطوق، وإن كانت من المعنى الذي دل عليه اللفظ فهي دلالة المفهوم. والمنطوق هو ما دل عليه اللفظ قطعاً في محل النطق، أي ما فُهم من اللفظ مباشرة من غير واسطة ولا احتمال، فتَخرج دلالة الاقتضاء لأنها لم تُفهم قطعاً بل احتمالاً, ولم تُفهم مباشرة من اللفظ وإنما يقتضيها ما فُهم من اللفظ.
    المفهوم: هو ما فُهم من اللفظ في غير محل النطق، أي هو ما دل عليه مدلول اللفظ، يعني المعنى الذي دل عليه معنى اللفظ. فالمنطوق ما فُهم من دلالة اللفظ. أمّا المفهوم فهو ما فُهم من مدلول اللفظ كقوله تعالى: ﴿ولا تقُل لهما أفّ﴾، فإن دلالة اللفظ هي لا تتأفف لهما، وهذا هو المنطوق، ولكن مدلول اللفظ وهو النهي عن التأفيف يُفهم منه لا تضربهما، فيكون مفهوم قوله تعالى: ﴿ولا تقل لهما أفّ﴾ هو لا تضربهما. فتحريم ضرب الوالدين المفهوم من قوله تعالى: ﴿ولا تقل لهما أفّ﴾ قد دل عليه مفهوم الآية. فالخطاب فيه قد دل على الحكم بالمفهوم, وهو المسمى بالدلالة المعنوية والدلالة الالتزامية.
    وذلك لأن اللفظ ينقسم باعتبار الدال وحده إلى ثلاثة أقسام: هي المطابَقة والتضمّن والالتزام. فالمطابَقة هي دلالة اللفظ على تمام معناه، والتضمن دلالة اللفظ على جزء المسمى، وكلاهما دلالة من اللفظ قطعاً من غير احتمال، أي دلالة من اللفظ مباشرة، ولذلك كانا من المنطوق. أمّا دلالة الالتزام فهي دلالة اللفظ على لازم معناه، فهي حقيقتها مدلول المعنى وليس مدلول اللفظ، وقد دل عليها اللفظ بشكل غير مباشر أي من دلالته على المعنى لا من لفظه، أي أن المعنى فُهم من اللفظ لا في محل النطق، يعني فُهم من معنى اللفظ. وهو ما يسميه بعضهم (المنطوق غير الصريح).
    وعليه فالمفهوم هو دلالة الالتزام، وحيث أن دلالات اللفظ باعتبار الدال وحده محصورة في هذه الدلالات الثلاث، وحيث أن دلالة المطابَقة ودلالة التضمن هما من المنطوق، فلَم تبق إلا دلالة واحدة هي دلالة الالتزام وهي من المفهوم، فتكون كل دلالة من الدلالات إذا لم تكن من المنطوق فهي من المفهوم. فتكون دلالة اللفظ محصورة بالمنطوق والمفهوم. فإذا لم تكن من المنطوق فهي من المفهوم ولا يوجد غير ذلك. وعلى هذا تكون دلالة الاقتضاء ودلالة التنبيه والإيماء ودلالة الإشارة من المفهوم، وكذلك يكون مفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة من المفهوم.
    · دلالة الاقتضاء: هي التي يكون اللازم فيها مستفاداً من معاني الألفاظ، وذلك بأن يكون شرطاً للمعنى المدلول عليه بالمطابَقة. واللازم قد يكون العقل يقتضيه، وقد يكون الشرع يقتضيه، إما لضرورة صدق المتكلم، وإما لصحة وقوع الملفوظ به.
    · دلالة التنبيه والإيماء: إنما تقع فيما يدل على العلّيّة، وهي أن يكون التعليل لازماً من مدلول اللفظ وضعاً، لا أن يكون اللفظ دالاً بوضعه عن التعليل، يعني أن اللفظ لا يدل بوضعه على التعليل، إذ لو دل لَما كان من دلالة التنبيه والإيماء، بل إن مدلول اللفظ وضعاً يلزم منه بحسب وضع اللغة معنى آخر غير ما دل عليه اللفظ، فالدلالة على المعنى الآخر اللازم لمدلول اللفظ حسب وضع اللغة هي الدلالة بالتنبيه والإيماء.
    · دلالة الإشارة: هي أن يكون الكلام قد سيق لبيان حكم أو دل على حكم ولكنه يُفهم منه حكم آخر غير الحكم الذي سيق لبيانه أو جاء ليدل عليه، مع أن هذا الحكم الآخر لم يكن مقصوداً من الكلام، فدلالة الكلام على هذا الحكم الذي لم يُسَق له ولم يدل عليه ولكن يُفهم منه، هي دلالة الإشارة.
    · مفهوم الموافقة: هو ما يكون مدلول اللفظ في محل السكوت موافِقاً لمدلوله في محل النطق. يعني أن ما فُهم من مدلول اللفظ من معان وأحكام يكون موافِقاً لما فُهم من اللفظ نفسه. فالمعنى اللازم لمدلول اللفظ إذا كان موافقاً لذلك المدلول فهو مفهوم الموافَقة، ويسمى فحوى الخطاب ولحن الخطاب، والمراد به معنى الخطاب.
    · مفهوم المخالفة: هو ما يكون مدلول اللفظ في محل السكوت مخالفاً لمدلوله في محل النطق، يعني أن ما فُهم من مدلول اللفظ من معانٍ وأحكام يكون مخالفاً لما فُهم من اللفظ نفسه. فالمعنى اللازم لمدلول اللفظ إذا كان مخالفاً لذلك المدلول فهو مفهوم المخالَفة. ويسمى دليل الخطاب ولحن الخطاب، وذلك كمفهوم الصفة، ومفهوم الشرط، ومفهوم الغاية، ومفهوم العدد.
    أي استفسار للقارئ الكريم, سواء في تبسيط الكلام, أو في ضرب أمثلة عليه, فيستطيع هذا على هذا الرابط:
    http://www.**************/forum/showthread.php?t=31298
    الآن نأتي لتطبيق ما سبق ذكره على آية: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾:
    1. من الاعتبارات التي يبحثها الأصوليون: (تقسيم اللفظ باعتبار الدال والمدلول), أي باعتبار اللفظ والمعنى, وهو سبعة أقسام, هي: (المنفرد والمتباين والمترادف والمشترك والمنقول والحقيقة والمجاز). ولفظ (الرجز) لفظ مشترك, أي ذات دلالات متعددة, وهي: العذاب, والقذر, والأوثان, والمأثم, وغير ذلك. وقد فسَّر المفسرون لفظ (الرجز) في الآية بعدة تفسيرات, ولم يتفقوا على معنى واحد؛ قال مجاهد وعكرمة: يعني الأوثان, وعن ٱبن عباس: والمأثم فاهجر؛ أي فاترك. وعن إبراهيم النَّخَعيّ: الرُّجز الإثم. وفسر كذلك بالعذاب؛ لأنه معناها الأصلي. ولمَّا رأينا المفسرين قد اختلفوا في المراد من لفظ (الرجز), فلم يتفقوا على أنه الأوثان, أي الأصنام؛ لما علمنا ذلك سقط الاستدلال بهذه الآية على كون النبي e كان متلبسًا في عبادة الأوثان؛ لأن القاعدة الأصولية هي: (عند الاحتمال, يسقط الاستدلال), فلما كان من المحتمل أن يكون الرجز غير الأوثان, سقط الاستدلال بهذه الآية؛ لأنها آية متشابهة, أي ظنية الدلالة, وليست قطعية الدلالة, أي لا يفهم منها معنىً واحدٌ فقط, بل يفهم منها أكثر من معنى, فلو كانت الآية هي: (والأصنام فاهجر), لعلمنا أنَّ الآية قطعية الدلالة, أي تدل على شيء واحد لا يفهم غيره, وهو الأوثان. إذن, لما كانت هذه الآية محتملة للأوثان ولغيرها لم تعد صالحة للاستدلال, بل الدليل يجب أن يكون قطعيًّا, وهذه آية ظنية, والقاعدة الأصولية: (عند الاحتمال, يسقط الاستدلال). وعلى هذا, على المناظر أن يبحث عن نصٍّ قطعي الدلالة, وليس ظني الدلالة.
    2. لو فرضنا فرضًا جدليًا, وقلنا: إنَّ هذه الآية قطعية الدلالة, أي إن الرجز هنا معناه الأصنام فقط, فهل تصلح الآية في كونها دليلاً على أنَّ النبي e كان متلبسًا بعبادة الأوثان من قبل البعثة؟ لِنَرَ ذلك:
    · الآية تقول: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾, ومنطوق الآية يفيد الأمر بهجر الأصنام, فلا تدل الآية قطعًا في محلِّ النطق أن النبي e كان متلبسًا بعبادة الأوثان, بل الآية تدل قطعًا في محلّ النطق على تحريم التقرب من الأوثان. نعم, هذا هو منطوق الآية.
    · والمعنى على هذا لا يستقيم شرعًا؛ لأنَّ النبي e لم يهجر الأصنام, بل كان يمرُّ بجانبها عند الكعبة, وهجرها يعني عدم الاقتراب منها, وهنا الشرع يقتضي لازمًا؛ ليصح الملفوظ به, فبدلالة الاقتضاء يكون تقدير الكلام هو: (وعبادةَ الرجزِ فاهجر), فدلالة الاقتضاء اقتضت إبراز لفظ العبادة الذي هو لازم للفظ. فالمنطوق لم نفهم منه الأمر بهجر عبادة الرجز, بل فهمنا منه الأمر بهجر الرجز, أي بهجر الأصنام. أما بالمفهوم_ وهو هنا دلالة الاقتضاء _علمنا أن لازم اللفظ يتطلب تقدير لفظ العبادة, ففهمنا من الأمر هجر عبادة الرجز, وليس هجر الرجز, فجائز الاقتراب من الأوثان وعدم هجرها, ولكن عبادتها هي التي غير جائزة. وهذا حتى يصح الكلام الملفوظ به شرعًا. وهي هنا كقوله: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾, فمنطوق الآية هو سؤال القرية, ومفهوم الآية حسب دلالة الاقتضاء هو سؤال أهل القرية, وليس القرية, لكن هذا يقتضيه العقل, وليس الشرع.
    · جاءت الآية تحرم عبادة الأوثان, وبدلالة الإشارة نفهم أنَّ قريشًا كانت وثنية, ولم تكن مجوسية ولا صابئة ولا كتابية. وبدلالة الإشارة نفهم أن النبي e كان متلبسًا بعبادة الأوثان. نعم, هذه نتيجة تصحُّ لو لم تُعارض منطوقًا صريحًا, فالقاعدة الشرعية هي: (المفهوم لا يقوى على معارضة المنطوق), أي المنطوق غير الصريح لا يقوى على معارضة المنطوق الصريح.
    · ونضرب هنا مثلا على دلالة الإشارة (إشارة النص): يقول البقاعي في تفسير الآية رقم: (11) من النساء ما يلي:" ولما بان سهم الذكر مع الأنثى بعبارة النص (منطوق النص)، وأشعر ذلك بأن لهن إرثاً في الجملة وعند الاجتماع مع الذكر، وفُهم بحسب إشارة النص (دلالة الإشارة) وهي ما ثبت بنظمه، لكنه غير مقصود، ولا سبق له النص, حكم الأنثيين إذا لم يكن معهن ذكر، وهو أن لهما الثلثين، وكان ذلك أيضاً مفهماً لأن الواحدة إذا كان لها مع الأخ الثلث كان لها ذلك مع الأخت إذا لم يكن ثمَّ ذكر من باب الأولى، فاقتضى ذلك أنهن إذا كن ثلاثاً أو أكثر ليس معهم ذكر استغرقن التركة، وإن كانت واحدة ليس معها ذكر لم تزد على الثلث؛ بَيْنَ (غير) أن الأمر ليس كذلك- كما تقدم -بقوله مبيناً إرثهن حال الانفراد: ﴿فإن كن﴾ أي الوارثات ﴿نساء﴾ أي إناثاً. ولما كان ذلك قد يحمل على أقل الجمع، وهو اثنتان حقيقة أو مجازاً حقق ونفى هذا الاحتمال بقوله: ﴿فوق اثنتين﴾ أي لا ذكر معهن ﴿فلهن ثلثا ما ترك﴾ أي الميت، لا أزيد من الثلثين ﴿وإن كانت﴾ أي الوارثة ﴿واحدة﴾ أي منفردة، ليس معها غيرها ﴿فلها النصف﴾, أي فقط". والشرح: البقاعي استنبط حكمًا شرعيًّا بدلال الإشارة, ألا وهو: (إذا كانت الوارثات ثلاثةً أو أكثر, وليس معهنَّ ذكر فلهنَّ التركة جميعًا لا يبقين منها شيئًا), فلمَّا كان المنطوق وهو قول الله: ﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ﴾, مخالفًا لدلالة الإشارة التي تجعل النساء أكثر من اثنتين يرثن التركة كلَّها وليس ثلثيها, فلما كان هذا لا قيمة للنتيجة التي استنبطها بدلالة الإشارة؛ لأن المفهوم (دلالة الإشارة) لا تقوى على معارضة المنطوق, النص الصريح. واستنبط حكمًا آخر بدلالة الإشارة, ألا وهو: (إذا كانت الوارثة أنثى واحدة, وليس معها ذكر, فلا يجوز أن ترث أكثر من ثلث التركة), فلمَّا كان المنطوق وهو قول الله: ﴿وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ﴾, مخالفًا لدلالة الإشارة, لم نلتفت لدلالة الإشارة, بل التزمنا منطوق النص؛ لأنها لا تقوى على معارضته.
    · إذن, فهمنا بدلالة الإشارة أنَّ النبي e كان متلبسًا بعبادة الأوثان, فهذه نتيجة تصحُّ لولا حديثان يتعارض منطوقهما مع مفهوم الإشارة, أي دلالة الإشارة. والحديثان هما:
    1) يقول النبي e:" لما نشأت بُغِّضت إلي الأوثان وبُغِّض إلي الشعر، ولم أهم بشيء مما كانت الجاهلية تفعله إلا مرتين, كل ذلك يحول الله بيني وبين ما أريد، حتى ما هممت بسوء بعدهما حتى أكرمني الله برسالته", رواه الحاكم، وصححه ووافقه الذهبي.
    2) وقوله في قصة بحير حين استحلف النبي e باللات والعزى؛ إذ لقيه بالشام في سفرته مع عمه أبي طالب وهو صبي، ورأى فيه علامات النبوة فاختبره بذلك؛ فقال له النبي e:" لا تسألني بهما فوالله ما أبغضت شيئا قط بغضهما".أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة، وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة.
    · هذان الحديثان بمنطوقهما ينفيان عن النبي e أنَّه كان متلبسًا بعبادة الأوثان, والآية بدلالة الإشارة تعارض هذين الحديثين بمنطوقهما, والقاعدة الأصولية: (المفهوم لا يقوى على معارضة المنطوق). فلا عبرة باستنتاج دلالة الإشارة بما أنه عارض منطوق النصوص.
    3. الآن نأتي لطريقة زميلنا المناظر في تطبيق الدلالات؛ لأنَّ نتيجته التي أتانا بها هي نتيجة لتطبيقه دلالاتِ النصوص؛ إذ يقول: (تلك نتيجة مستنبطة بتطبيق مبحث الدلالات على الموضوع وعلى الأخص المنطوق الغير صريح). وقد مهد المناظر حديثه ببعض الشرح عن (المنطوق غير الصريح), ثمَّ انتقل للاستنباط. فهل كان موفقًا زميلنا المناظر في استنباطاته؟! لنرَ ذلك:
    · في الحقيقة بدأ زميلنا بداية سليمة صحيحة, فقال: (3- دلالة الإشارة ما يخصنا فى الموضوع). فدلالة الإشارة هي التي تعنينا في موضوعنا من حيث كون النبي e كان متلبسًا بالأصنام, أي بعبادتها. ثمًّ نكص عن هذه البداية السليمة إلى أخرى سقيمة, فقال: (النوع الاخير دلالة الإشارة وهو غير مرتبط بالموضوع). لماذا غير مرتبط بالموضوع؟ ألم تقل قبل كلمات قليلة: (ما يخصنا في الموضوع)؟!
    · هذا التناقض والاضطراب الذي وصل إليه زميلنا, جعله يستنبط استنباطات ما أنزل الله بها من سلطان. والغريب العجيب أنه يقول لي: (من الواضح أن الزميل الذى يصف نفسه بالمناظر قد راعه ما سطرته بصدد اللغة العربية)!! هل يروعني ما وقعتَ به من زيغ في الاستنباطات اللغوية حسب دلالات النص؟! ثمَّ إنني طالبُ حقٍّ, ولن أتردد بالإذعان لكلِّ حقٍّ تبينه لي, وهذا عهد منِّي لك. وأرجو أن تكون كذلك.
    · يقول زميلنا المناظر: (سبق القول: فعل الامر الايجابي هو الذى يأمر فيه المتكلم المخاطب بفعل امر معين كنشاط ايجابى من المأمور اما فعل الأمر السلبي فهو الذى يأتى فى صياغة تأمر المخاطب او المأمور بترك فعل معين او الكف و الإمتناع عنه كنشاط سلبى من المأمور وبالعقل يفهم من ذلك ( دلالة اقتضاء لصحة الكلام عقلا ) فى فعل الامر الايجابي ان المخاطب او المأمور لم يكن يفعل الشئ الذى أمر به قبل توجيه الأمر له وإلا فاذا كان يفعله فما جدوى ان يؤمر بفعله وهو اصلا يفعله بل من المنطقى ان تأتى الصياغة لتطالبه بالإستمرار فى فعله او الثبات على فعله ( عن طريق دلالة إيماء تفيد ذلك ) بإضافة شرط خاص لصيغة الامر الايجابي مثل ( كعادتك ، كدأبك ، كشأنك ...الخ ) اما فى فعل الامر السلبي والذى يتم فيه أمر الشخص المخاطب بترك امر معين او الكف عنه فلا يعقل ان يتم مطالبة شخص بترك شئ معين بفعل امر سلبي مالم يكن فاعلا له والا لأصبح ذلك مجرد لغو لا طائل من وراءه ( دلالة إقتضاء لصحة القول عقلا ) وانما من العقل ان تأتى الصياغة لتأمره بالثبات على الترك ( دلالة ايماء ) لتفصح عن حالة المأمور فى الماضى), وهذا نصٌّ فيه مغالطات كثيرة, وأمور كنتَ ترفضها من قبل ثمَّ تثبتها الآن, وهذا بيانه فيما يلي:
    ü أيها الزميل, ألا ترجع إلى تعريفات الدلالات التي وضعتها أنت, أو التي جئتك أنا بها, ثمَّ تنظر إلى الفجوة بين تعريفاتها وبين تطبيقاتك؟!
    ü تعتبر أنَّ الأمر الإيجابي يدلُّ على أنَّ المأمور به كان تاركًا له حسب دلالة الاقتضاء, وهذا خطل ما بعده خطل؛ لأنَّ دلالة الاقتضاء سميت كذلك؛ لأن المعنى الذي دل عليه الكلام يتطلبه ويستدعيه صدق الكلام أو صحته شرعا أو عقلا. فعندما أقول لك: (احمل القلم), هل يوجد أمر يتعارض مع صحة المعنى شرعًا أو عقلاً؟ قطعًا لا يوجد. لكن لو قلت لك: (استمسك بالآخرة), فإنَّ منطوق النص هو (الأمر بالتمسك بالآخرة), وهذا كلام لا يصحُّ عقلاً, فبدلالة الاقتضاء يجب أن نقدر كلامًا مضمرًا حتى يصح اللفظ, فنقول: (استمسك بالأعمال التي تنجيك بالآخرة). أمَّا ادعاؤك أن هذا الأمر الإيجابي يدل على أن المأمور به كان تاركًا له حسب دلالة الاقتضاء فهو خطأ, فلا دخل لدلالة الاقتضاء في هذا أصلا!! ولو قلت بدلالة الإشارة نفهم أنَّ المأمور به كان تاركًا له لقبلنا منك ذلك, ولكنك قلت: (النوع الاخير دلالة الإشارة وهو غير مرتبط بالموضوع). فأنت نفيت أصلاً أن يكون لدلالة الإشارة أي صلة بالموضوع.
    ü ثمَّ إنَّك هنا, نسفت ما كنت تتبناه من قبل في مداخلاتك, فلما قلنا لك يقول الله Y: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ﴾, فهذا الله يأمر نبيه بالتقوى مع أنه يتقيه, كنت تقول لنا: (فأين فعل الامر السلبي الذى يطالب بالكف او الامتناع, كلاهما فعل امر ايجابي), ثم نراك الآن تقول: (فى فعل الامر الايجابي ان المخاطب او المأمور لم يكن يفعل الشئ الذى أمر به قبل توجيه الأمر له وإلا فاذا كان يفعله فما جدوى ان يؤمر بفعله وهو اصلا يفعله), فلماذا هذا التناقض يا زميل؟ فقد أثبتنا لك أن الله Y أمر نبيه بالتقوى مع أنه كان قائمًا بها, أي أمر بشيء والنبي e يفعله.
    ü وكذلك الحال مع فعل الأمر السلبي, فأنت تعتبر أنَّ فعل الأمر السلبي يدلُّ على أن المأمور به كان قائمًا بالفعل حسب دلالة الاقتضاء, وهذا خطل ما بعده خطل؛ لأنَّ دلالة الاقتضاء سميت كذلك؛ لأن المعنى الذي دل عليه الكلام يتطلبه ويستدعيه صدق الكلام أو صحته شرعا أو عقلا. فعندما أقول لك: (اترك القلم), هل يوجد أمر يتعارض مع صحة المعنى شرعًا أو عقلاً؟ قطعًا لا يوجد. لكن لو قلت لك: (اترك الدنيا), فإنَّ منطوق النص هو (الأمر بترك الدنيا), وهذا كلام لا يصحُّ عقلاً, فبدلالة الاقتضاء يجب أن نقدر كلامًا مضمرًا حتى يصح اللفظ, فنقول: (اترك ملذات الدنيا وزينتها). فالأمر بترك الدنيا هو أمر بترك زينتها وملذاتها حسب دلالة الاقتضاء. أمَّا ادعاؤك أن هذا الأمر السلبي يدل على أن المأمور به كان قائما به حسب دلالة الاقتضاء فهو خطأ, فلا دخل لدلالة الاقتضاء في هذا أصلا!! ولو قلت بدلالة الإشارة نفهم أنَّ المأمور به كان قائما به لقبلنا منك ذلك, ولكنك قلت: (النوع الاخير دلالة الإشارة وهو غير مرتبط بالموضوع). فأنت نفيت أصلاً أن يكون لدلالة الإشارة أي صلة بالموضوع.
    ü قولك: (بل من المنطقى ان تأتى الصياغة لتطالبه بالإستمرار فى فعله او الثبات على فعله ( عن طريق دلالة إيماء تفيد ذلك ) بإضافة شرط خاص لصيغة الامر الايجابي مثل ( كعادتك ، كدأبك ، كشأنك ...الخ )). قولك هذا فيه مغالطات شتى؛ ذلك أنَّك لم تستطع إدراك حقيقة (دلالة الإيماء والتنبيه)؛ فدلالة الإيماء والتنبيه هي التي تنبِّهك على علِّة النص, وتومئ إليها, نحو: يقول النبي e:" من مس فرجه فليتوضأ"؛ فبدلالة الإيماء نفهم أنَّ مس الفرج علَّة للوضوء. ولننظر إلى التعريف الذي سقته أنت: (اقتران وصف بحكم لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل لكان بعيدا. والمراد بالوصف: اللفظ المقيد لغيره سواء كان شرطا أو غاية أو استثناء. ومعنى: لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل لكان بعيدا: أي: لو لم يكن اقتران الوصف بحكم أو نظيره لتعليل الحكم لكان بعيدا). ففي الحديث اقترن وصف بحكم لتعليل الحكم؛ أما الوصف, فهو الشرط: (من مسَّ). وأمَّا الحكم, فهو وجوب الوضوء: (فليتوضأ)؛ وعلة الوضوء هو مس الفرج. أي اقترن في الحديث مس الفرج_ وهو وصف _بوجوب الوضوء_ وهو الحكم _لإفادة أنَّ مسَّ الفرج علَّة لوجوب الوضوء. والآن نأت لمثالك, ألا وهو: (احمل القلم كعادتك). أنت قلت: (بإضافة شرط خاص لصيغة الامر الايجابي), ولكنَّ لفظ (كعادتك) ليس شرطًا, بل هو تشبيه. ثمَّ إنَّه لا يفيد تعليل الأمر بحمل القلم, فكان بعيدًا؛ لأنه لم يقترن لتعليله. فلا يوجد هنا أيُّ وجود لدلالة الإيماء. وحتى يصبح المثال صحيحًا نقول: (من كانت عادته حمل القلم فليحمله). فهنا اقترن وصف, وهو: (من كانت عادته) بحكم, وهو: (فليحمله). أي علل الأمر بحمل القلم بكونه كان عادةً له. وعليه, فكلُّ ما قيل بخصوص دلالة الإيماء لا ينطبق على معنى دلالة الإيماء, فقولنا: (احمل القلم كعادتك), لا دخل له بدلاة الإيماء, لا من قريب أو بعيد.
    ü قولك: (وانما من العقل ان تأتى الصياغة لتأمره بالثبات على الترك ( دلالة ايماء ) لتفصح عن حالة المأمور فى الماضى). وليس هنا ما نقوله أكثر مما قلناه في النقطة السابقة, غير أن الأمر يكون سلبيًّا. فقولك: (اترك القلم كعادتك) لا يوجد فيه شرط. ولنصصحه نقول: (من كانت عادته ترك القلم فليتركه). وطبق ما قلناه من قبل ها هنا. أي لا دخل لدلالة الإيماء فيما قلته أنت, أيها الزميل.
    ü أيها الزميل, ما جئتنا به من تعريفات للدلالات اللغوية لا غبار عليه, ولكنَّ المشكلة أنَّك لا تستطيع أن تُنْزِلَ هذه الدلالات منازلها, ولا تدرك وقائعها, ولا تتقن مسالكها, ولا تفطن لحقيقتها, وقد قلت لك من قبل: (إتيانك_ أيها المناظر _لا نثق به؛ لأنَّ هذه الأمور يحتاج المرء إلى علم رفيع في اللغة العربية حتى يدرك حقيقتها, ولا أريد هنا أن أختبرك في مدى إدراكك لما نسخته ولصقته, بل أريد أمرًا فاصلاً: من أعلم بما ذكرت: أنت أم الإمام ابن كثير؟! قطعًا, لا يلتفت إلى رأي أيِّ شخص ما لم يكن عنده من العلم ما عند ابن كثير, وهذا أمر يقبله أولو الألباب, وترضاه ذوو النهى. إذن, ليس المهم أن تقص وتلصق, بل المهم أن يشهد لك أهل العلم بالقدرة على فهم ما جئت به من مباحث أصول الفقه اللغوية). وأرجو أن تقبل نصيحتي لك, ألا وهي: (إذا أردت أن تتكلم عن دلالات النص, فعليك أن تبدأ بتحسين كتابتك الإملائية, ثمَّ تحسين قواعدك النحوية, ثم إتقان الناحية الأسلوبية في التعبير (بلاغة). وبعد أن تصبح لك قدم راسخةفيما سبق, عليك أن تذهب لأصوليِّ في الفقه؛ ليشرح لك دلالات النص). هذه نصيحة صادقة لك, وإن عزمت على المضيِّ قُدُمًا في الحديث عن الدلالات اللغوية, فإنه يصدق عليك المثل العربي: (تَزَبَّبَ قَبْلَ أَنْ يَتَحَصْرَم).
    · وثمَّة مشكلة تقع بها كثيرًا, ألا وهي: (إنك تحاول أن تمنطق اللغة العربية). فمثلاً تقول كثيرًا: (والا لأصبح ذلك مجرد لغو لا طائل من وراءه). والحقُّ أنَّ أساليب التعبير في اللغات لا تخضع للمنطق, بل عليك أن تلتزم أساليب اللغة التي تدرسها, فتقول من أساليبهم كذا, ومن أساليبهم كذا, ثمَّ تقف. وليس لك الحقُّ في تخطئة أي أسلوب. فمثلا أتينا لك بأسلوب من أساليب العرب تحت عنوان: (بابُ نظم للعرب لا يقولُه غيرهم). وَخُذْ أسلوبًا آخر من أساليب العرب, ألا وهو: (المدح بطريقة الذم). المنطق لا يقبل أن تذمَّ شخصًا في معرض مدحه ويكون مدحًا, ولكنَّ اللغة العربية خالفت المنطق, وأتت بهذا الأمر. فليرجع إلى كتب البلاغة للوقوف على كلام العرب مدحًا في ذمٍّ. وقلنا لك أن تأمر شخصًا بفعل وهو يفعله من البلاغة العربية, وأن تأمر شخصًا بترك فعل لا يفعله من البلاغة العربية, ولكنَّك لم تلتفت إلى كلامي, ولم تعره أدنى اهتمام, وبقيت سادرًا فيما أنت فيه. وهذه هي النقطة التالية في البحث.
    · الذي تعتبره مخالفًا للمنطق هو من أساليب البلاغة العربية. وأنت تقول لي: (اولا الأساليب البلاغية فى اللغة العربية معروفة ومنذ أمد بعيد ولها أغراض محددة ومعروفة ، و تستخدم هذه الأساليب فى خدمة تلك الأغراض فالبلاغة ليست بمدعاة لكل شخص فى رفض المعنى الصريح القاطع الدلالة تحت مبرر البلاغة او تبرير الخطأ اللغوى او المنطقى بالبلاغة بدون إيضاح ما هو هذا الغرض البلاغى ام انها بلاغة بدون غرض. فما هو هذا الغرض البلاغى المقصود من وراء توجيه الأمر لشخص تارك للرجز اصلا بتركه مع ملاحظة ان بن كثير لم يشير الى وجود اى شئ بلاغى فى النص بل إكتفى بنفى المعنى الصريح القاطع الدلالة للنص بقوله). ونقول إزاءه ما يلي:
    ü لو أنَّك رجعت إلى كتب البلاغة لما قويت يمينك على ما خطَّ قلمك. فأغراض البلاغة محددة ومعروفة, ولو كانت معروفةً لديك لما قلت: (فما هو هذا الغرض البلاغى المقصود من وراء توجيه الأمر لشخص تارك للرجز اصلا بتركه).
    ü يقول الهاشمي:" وقد تخرج صيغ الأمر عن معناها الأصلي, وهو (الإيجاب والإلزام) إلى معان أخرى: تستفاد من سياق الكلام, وقرائن الأحوال, كالدعاء, والالتماس, والإرشاد, والتهديد, والتعجيز, والإباحة, والتسوية, والإكرام, والامتنان, والإهانة, والدوام, والتمني, والاعتبار, والإذن, والتكوين, والتخيير, والتأديب, والتعجب", (جواهر البلاغة, ص: 54_55). وهنا الحديث عن صيغ الأمر بنوعيها: الإيجابي والسلبي. وما يعنينا هنا هو الغرض الحادي عشر, ألا وهو: (الدوام), فقد نستفيد من الأمر بنوعيه حسب السياق وقرائن الأحوال الدوام, أي مطالبة الشخص بالديمومة, سواء أكانت سلبية أو إيجابية.
    ü الغرض البلاغي من آية: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ واحد من اثنين حسب آراء العلماء: فأما الأول: الدوام, أي دم على هجرانها. وأمَّا الثاني: أسلوب (إياك أعني, واسمعي يا جارة). معلوم أنه e لا يفعل شيئاً من ذلك ولم يثبت عليه، ولكن الله يخاطبه ليوجه الخطاب إلى غيره في ضمن خطابه e. والقاعدة الأصولية هي: (خطاب النبي e خطاب لأمته ما لم يرد دليل التخصيص).
    ü طبعًا, العرب كانت تعرف هذا بسليقتها, لأجل هذا لا تجد ابن كثير يشير إلى الأمور البلاغية على وجه التفصيل؛ لأنه كان أمرًا معلومًا لديهم.
    ü وحتى أضيء الطريق لزميلنا المناظر, فإنِّي آتٍ له بآية لا تبقي عذرًا لمعتذر, ولا حجةً لمحتج, ألا وهي قول الله Y: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾, (الحج: 30). هذه الآية الثلاثون من الحج, وهي آية مدنية وليست مكية, أي نزلت تخاطب المؤمنين وهم في المدينة المنورة (يثرب), وقد كانوا وقتئذٍ خيرَ مَنْ عُرِفَ من المؤمنين, فهم صحابة رسول الله e, مهاجرين وأنصار, وهم ملتزمون بتوحيد الله الواحد القهار, وهم أبعد ما يكون عن الرجس والأقذار, وهم خير الناس بعد المصطفين الأخيار, وها هو الواحد الجبار, يأمرهم أمرًا سلبيًّا في ترك عبادة الأصنام, وهم برآء من هذه الآثام. وهذه هي قمة البلاغة العربية, أن تخرج من مقصود الأمر إلى بغية سوية, فالحمد لله على آلائه الجسيمة, ونعمائه العظيمة. وبهذه الآية التي يطالبنا بها زميلنا المناظر تنشرح الصدور, وتهنأ النفوس, وتطمئن القلوب, والحمد لله ربِّ العالمين.
    ü وقولك: (فطلبتك منك ان تأتي بمثال مثله تماما لكي نفهم), قد أجبناه, وجئناك بمثال مثله.
    4. وهنا أنقل أقوالاً أخرى للمفسرين في قوله تعالى: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾:
    · يقول البقاعي في تفسيره: (﴿والرجز﴾ أي كل قذر فإنه سبب الدنايا التي هي سبب العذاب، قال في القاموس: الرجز بالكسر والضم: القذر وعبادة الأوثان والعذاب والشرك. ﴿فاهجر﴾ أي جانب جهاراً وعبادة، ليحصل لك الثواب كما كنت تجانبها سراً وعادة، فحصل لك الثناء الحسن حتى أن قريشاً إنما تسميك الأمين ولا تناظر لك أحداً منها).
    · تفسير المنتخب: (والعذاب فاترك، أي: دُمْ على هَجْر ما يوصل إلى العذاب).
    · تفسير النيسابوري: (هو بالكسر والضم العذاب, والمراد: اهجر ما يؤدي إليه من عبادة الأوثان وغيرها, أي: أثبت على هجره, مثل: اهدنا).
    · تفسير الألوسي: (ولما كان المخاطب بهذا الأمر هو النبي e, وهو البريء عن ذلك, كان من باب (اياك أعني واسمعي) أو المراد (الدوام والثبات) على هجر ذلك).
    · قال القرطبي:" وأنه e كان مؤمنا بالله عز وجل، ولا سجد لصنم، ولا أشرك بالله، ولا زنى ولا شرب الخمر، ولا شهد السامر, ولا حضر حلف المطر, ولا حلف المطيبين، بل نزهه الله وصانه عن ذلك".
    5. وهنا نقف مع التفسير الذي ساقه لنا زميلنا المناظر, ألا وهو: (﴿وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾, يقول: وغفرنا لك ما سلف من ذنوبك، وحططنا عنك ثقل أيام الجاهلية التي كنت فيها وهي في قراءة عبد الله فيما ذُكر: «وَحَلَلْنا عَنْكَ وِقْرَكَ» ﴿الَّذِي أنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾, يقول: الذي أثقل ظهرك فأوهنه، وهو من قولهم للبعير إذا كان رجيع سفر، قد أوهنه السفر، وأذهب لحمه: هو نِقْضُ سَفَر. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: ﴿وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾, قال: ذنبك. وقوله: ﴿أنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾, قال: أثقل ظهرك. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿أَلَمَ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾: كانت للنبيّ صلى الله عليه وسلم ذنوب قد أثقلته، فغفرها الله له. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ﴿أنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾, قال: كانت للنبيّ صلى الله عليه وسلم ذنوب قد أثقلته، فغفرها الله له. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: ﴿وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ يعني: الشرك الذي كان فيه. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿ألَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ قال: شرح له صدرَه، وغفر له ذنبَه الذي كان قبل أن يُنَبأ، فوضعه. وفي قوله: ﴿الَّذِي أنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾ قال: أثقله وجهده، كما يُنْقِضُ البعيرَ حِمْله الثقيل، حتى يصير نِقْضاً بعد أن كان سميناً ﴿وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ قال: ذنبك الذي أنقض ظهرك: أثقل ظهرَك، ووضعناه عنك، وخفَّفنا عنك ما أثقل ظهرَك).
    · لقد فسر بعض المفسرين الآية بقولهم: (كانت للنبيّ e ذنوب قد أثقلته). ويتساءل زميلنا قائلاً: (ما هو هذا الذنب الذي يثقل الظهر؟ هل هي صغائر؟ فهل الصغائر تثقل الظهر؟), والجواب:
    ü قال القرطبي: (والوزر: الذنب؛ أي وضعنا عنك ما كنت فيه من أمر الجاهلية؛ لأنه كان e في كثير من مذاهب قومه، وإن لم يكن عبد صنما ولا وثنا.....فالوزر: الحمل الثقيل. قال المحاسبي: يعني ثقل الوزر لو لم يعف اللّه عنه. ﴿الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾ أي أثقله وأوهنه. قال: وإنما وصفت ذنوب، الأنبياء بهذا الثقل، مع كونها مغفورة، لشدة اهتمامهم بها، وندمهم منها، وتحسرهم عليها).
    ü نعم, الصغائر تثقل الظهر لمن كان تقيًّا؛ لأنَّه شديد الاستحضار لعظمة الله وجبروته وفضله ونعمه, فترى الواحد فيهم إن قام بصغائر الذنوب ثمَّ عاد لرشده مذعورًا خائفًا, يصدق عليه قوله Y: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾, وما هذا إلا لكثرة اشتغالهم بها, وندمهم عليها, وتحسرهم على أنفسهم: ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ﴾.
    ü هذا مع الإنسان التقي, فما بالك مع أتقى الناس وأخشاهم لله, محمد e؟! لا جرم أنَّه إذا قام بأدنى ذنب في الجاهلية سوف يثقل ظهره.
    ü في المقابل, ترى من استحكمت الران على قلبه, والغشاوة على بصره, والأكنة في سمعه, تراه يشرك بالله, ويزني, ويسرق, ويقتل. ولا يؤثر فيه شيء مما قام فيه, بل هو في دعة ورغد عيش, لا يلقي أدنى بال لما اقترفه من الفواحش والمنكرات.
    ü إذن, التقي؛ صغائر الذنوب تثقل ظهره. والغوي؛ كبائر الذنوب لا تؤثر فيه!!
    ü وعلى كلِّ حال, لو أنَّه_ حسب زعمك _ كانت الذنوب التي أثقلت ظهر النبي e هي كبائر الذنوب, فكبائر الذنوب ليس محصورة في عبادة الأوثان, فلا دليل في هذه الآية حسب التفسير أنه كان يعبد الأوثان, وتخصيص الأوثان من دون مخصص لا قيمة له؛ لأنه بلا دليل.
    · المشكلة تكمن في هذا التفسير, ألا وهو: (حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: ﴿وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ يعني: الشرك الذي كان فيه). ولكنَّ الله يأبى إلا أن يتمَّ نوره:
    ü هذه الرواية تعتريها مشكلة كبيرة؛ لأنه اعتبر الذنوب التي أثقلت الظهر هي الشرك الذي كان فيه النبي محمد e, أي أنَّه كان عابدًا للأوثان.
    ü يقول ابن المبارك:" الإسناد من الدين. ولولا الإسناد, لقال من شاء ما شاء". وقال ابن حزم:" نقل الثقة عن الثقة يبلغ به النبي e مع الاتصال خص الله به المسلمين دون سائر الملل". وتاريخ الرجال هو الذي أماط اللثام عن الرواة الكذابين, قال سفيان الثوري:" لما استعمل الرواة الكذب, استعملنا لهم التاريخ". وهنا سوف نخضع سند هذه الرواية حتى نعالجها بعلم الحديث.
    ü سند الرواية هو: (حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد), والسند الكامل هو: (حدثت عن الحسين بن فرج، قال: سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد، قال: حدثنا عبيد بن سليمان), ومعالجته كالتالي:
    ü يقول الطبري: (حُدِّثْتُ), وهنا مشكلة؛ فمن حدَّث الطبري؟ إنَّ جهل شيخ الطبري كفيل في درء هذه الرواية؛ لأنَّنا لا نأخذ من مجاهيل. ولكن لا بأس من الإكمال.
    ü (الحسين بن فرج): جاء في التكميل: (هذا إسناد واه، الحسين بن فرج متروك، وكذبه بعضهم).
    ü (الفضل بن خالد): أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3 / 2 / 61) ولم يذكر فيه جرحا أوتعديلا. أي هو جهول. نوع المجهول: «مجهول الحال»، وهو من روى عنه اثنان فأكثر لكن لم يوثَّق. حكم روايته: الردُّ (على الصحيح الذي قاله الجمهور), كذا في «شرح النخبة», ص: 136.
    ü (عبيد بن سليمان): قال ابن أبي حاتم عن أبيه: لا بأس به, وهو أحب إلي من جويبر, وذكره ابن حبان في الثقات.
    ü وعليه, هذه رواية مردودة, لا تقوى على الوقوف, فما بالك_ أيها القارئ _بالاستدلال بها. لا يكون هذا.
    6. والآن نقف عند رواية الغرانيق وقفة لطيفة. وجاء فيها: (ومضى رسول الله e في قراءته فقرأ السورة كلها، وسجد في آخر السورة، فسجد المسلمون بسجوده, وسجد جميع من في المسجد من المشركين، فلم يبق في المسجد مؤمن ولا كافر إلا سجد إلا الوليد بن المغيرة وأبو أُحَيْحَة سعيد بن العاص، فإنهما أخذا حفنة من البطحاء ورفعاها إلى جبهتيهما وسجدا عليهما، لأنهما كانا شيخين كبيرين فلم يستطيعا السجود). واستنبط زميلنا من هذا النصِّ أنَّ النبي e قد سجد للأصنام, ليس قبل البعثة, بل وهو نبيٌّ. وظنَّ بتوهُّمه هذا أنَّه نال من عصمة النبي e, فخرَّت مع ذلك نبوَّته, وبان كذبه!! وإزاء هذا نقول:
    · الجزء الذي يعنينا لحدِّ هذه اللحظة هو السجود الذي حصل في هذه الرواية.
    · وهنا نقول لزميلنا: مما جاء في الرواية: (وسجد في آخر السورة، فسجد المسلمون بسجوده, وسجد جميع من في المسجد من المشركين). فالرواية تذكر أنَّ النبي e سجد, ولم تذكر شيئًا آخر, ولم يرد فيها أنَّ النبي e سجد للَّلاتِ والعزى ومناة الثالثة الأخرى, فكيف فهمت أنَّ النبي e سجد للأصنام؟! أهذا فهم استنبطته بدلالة المطابقة؟ أم بدلالة التضمين؟ أم بدلالة الاقتضاء؟ أم بدلالة الإيماء والتنبيه؟ أم بدلالة الإشارة؟ أم بمفهوم الموافقة؟ أم بمفهوم المخالفة, أم بدلالة لا يعرفها أحد غيرك؟! من السهل أن تزعم, وأنَّى لك أن تثبت ما تزعم!!
    · نلاحظ هذا النص: (وسجد في آخر السورة). فلماذا سجد النبي e في آخر السورة؟ الجواب: آخر آية في سورة النجم هي: ﴿فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا﴾, (النجم: 62). إذن, في آخر السورة أمر الله I وتعالى النَّاس بالسجود لله وحده من دون الأصنام, فسجد النبي e, وسجد المسلمون اقتداءً بنبيِّهم e, وما سجدوا إلا لله I, ولم يسجدوا لأحد من دونه.
    · ولا أدري كيف يستسيغ عاقل أن ينطق بما ادعاه زميلنا من حيث كون النبي e سجد للأصنام في آخر السورة التي يذمُّ بها الأصنام, إذ جاء في سورة النجم: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى﴾, (النجم: 23). فهل هناك عاقل يذمُّ الأصنام ثمَّ يسجد لها بعدما ذمَّها؟! رحمةً بعقولنا يا قوم!!
    · نلاحظ هذا النص: (وسجد جميع من في المسجد من المشركين). فلماذا يسجد المشركون؟ في الحقيقة لم يسجد المشركون فقط, بل سجد الإنس والجان والشجر والحجر في آخر السورة. قال البخاري: حدثنا أبو مَعْمَر، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:" سجد النبي e بالنجم، وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس". وروى البزار عن أبي هريرة:" أن النبي كتبت عنده سورة النجم فلما بلغ السجدة سجد وسجدنا معه وسجدت الدواة والقلم", وإسناده صحيح. وروى الدارقطني من حديث أبي هريرة:" سجد النبي بآخر النجم والجن والإنس والشجر".
    · وما هذا السجود إلا لعظمة هذه السورة, وخصوصًا آخر آياتها, ألا وهي: ﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا * وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى * وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى * وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى * وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى * وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى * وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى * وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى * فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى * هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى * أَزِفَتِ الْآزِفَةُ * لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ * أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ * فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا﴾, (النجم: 42_62).
    · فأمَّا المسلمون, فقد سجدوا اقتداءً بنبيِّهم e, وأمَّا الشجر والحجر, فلعظمة آيات الله في سورة النجم, يقول الله I: ﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ﴾, (الرحمن: 6). وأمَّا الجنُّ؛ فلأنَّ هذه الآيات تهدي إلى الرشد, يقول الله U: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾, (الجن: 2). وأمَّا المشركون_ فكما قال القاضي عياض _؛فلأنها أول سجدة نزلت. وقد نبَّه الله I نبيَّه محمدًا على هذا السجود, أي من تلك الأصناف, فقال له: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾, (الحج: 18).
    · وعليه, من زعم أنَّ النبي e سجد للأصنام بناءً على هذه الروايات فهو واهم, ولا يملك برهانًا ولا دليلا, ولا حجة ولا سلطانا, والحمد لله ربِّ العالمين.
    7. ومما يتصل بهذا المبحث_ أيضًا _قول زميلنا: (ثم تأتي لي برأي الزهري ..وما ادراك ما الزهري هل تحب ان اكلمك عنه و ماذا قالوا عنه ؟؟ ام فقط تأخذون ما يوافقك هواكم و حينما نتحدث عن قول للزهري تخرجون لنا انه كاذب و ضعيف و مدلس؟؟؟ فقط لانه يقول كلام لا يعجبكم ..و ما يعجبكم تحتجون به؟؟؟). وإزاء هذا نقول:
    · زميلنا المناظر يرفض أدنى إشارة إلى تفسير الآية السليم, ويريد أن نقرَّه على فهم خاصٍّ جدًّا به, لم يصرح به مفسر, ولم يشِ به محدِّث. وقد حاول أن ينسب فهمه لأمهات كتب التفسير, وأنَّى له ذلك؟! إنَّ لهذه الأمِّة رجالا عدولا, يحملون العلم وفهمه عن سلفهم الفاضل, وقد قال عنهم النبي e:" يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله: ينفون عنه تحريف الغالين, وانتحال المبطلين, وتأويل الجاهلين", رواه البيهقي.
    · نعم, أحبُّ أن تكلمني عن الزهري, وأنا سأكلمك عنه. والقارئ وحده يحكم من هو (الكاذب والضعيف والمدلس). ترجم له ابن الجوزي في كتابه (صفوة الصفوة), فقال:
    178 - محمد بن مسلم بن شهاب الزهري, يكنى أبا بكر:
    عن إبراهيم بن سعد عن أبيه قال: (ما أرى أحدا جمع بعد رسول الله e ما جمع إبن شهاب). وقال مالك بن أنس: (ما أدركت فقيها محدثا غير واحد). فقلت: من هو؟ فقال: (ابن شهاب الزهري). وعنه أنه قال: (إن هذا الحديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم والله لقد أدركت هاهنا وأشار إلى مسجد رسول الله e سبعين رجلا كلهم يقول قال فلان قال رسول الله e فلم آخذ عن أحد منهم حرفا لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن, ولقد قدم علينا محمد بن شهاب الزهري وهو شاب فازدحمنا على بابه لأنه كان من أهل هذا الشأن). وقال أيوب: (ما رأيت أحدا أعلم من الزهري). فقال صخر بن جويرية: ولا الحسن؟ قال: (ما رأيت أحدا أعلم من الزهري). وعن جعفر بن ربيعة قال: قلت لعراك بن مالك: من أفقه أهل المدينة؟ قال: (أما أعلمهم بقضايا رسول الله e وقضايا أبي بكر وعمر وعثمان وأفقههم فقها وأعلمهم بما مضى من أمر الناس فسعيد بن المسيب, وأما أغزرهم حديثا فعروة بن الزبير, ولا تشاء أن تفجر من عبيد الله بن عبد الله بحرا إلا فجرته_ قال عراك _فأعلمهم عندي جميعا ابن شهاب فإنه جمع علمهم جميعا إلى علمه). وعن معمر, قال رجل من قريش: قال لنا عمر بن عبد العزيز: أتأتون الزهري؟ قلنا: نعم. قال: (فائتوه؛ فإنه لم يبق أحد أعلم بسنة ماضية منه) قال والحسن ونظراؤه يومئذ أحياء. وقال سفيان: (مات الزهري يوم مات وليس أحد أعلم بالسنة منه). وعن الليث قال: (ما رأيت عالما قط أجمع من إبن شهاب ولا أكثر علما منه, ولو سمعت ابن شهاب يحدث في الترغيب لقلت لايحسن إلا هذا, وإن حدث عن الأنبياء وأهل الكتاب لقلت لايحسن إلا هذا, وإن حدث عن الأعراب والأنساب لقلت لا يحسن إلا هذا, وإن حدث عن القرآن والسنة كان حديثه جامعا).
    · أكتفي أنا بهذا القدر, وإن أردت زدتك. وأنتظر أن تحدثني عنه.
    8. ومما يتعلق بهذا المبحث قول زميلنا: (لانه ببساطه شديده هذا حديث ..وكتب بعد وفاه نبي الاسلام ..فمن ادراك انه حقيقي و انه فعلا قال هذا؟؟ فأيهما اصدق حديث ام ايه قرأنيه؟؟ وان كان هذا حديث ..فقل لي متي قاله و اين قاله و لمن ..فهل قاله لقريش فعلا؟؟؟). وهنا نقول:
    · من السهل أن تزعم, وأنَّى لك أن تثبت ما تزعم!!
    · الحديث الذي يرديه خائبًا بفهمه وأقواله لا يجد بأسًا زميلنا في قوله: (وكتب بعد وفاه نبي الاسلام). قل ما شئت, ولكن في المناظرة العلمية كلام مثل هذا من دون توثيقٍ يسيئ إليك, وتبقى الشمس ساطعة. عندما تقول هذا حديث كتب بعد نبي الإسلام, فإمَّا أن تثبت, وإمَّا أن تمسك عليك قلمك, فلا يسطر مثل هذه الأمور في مناظرة علمية. إن كنت تحسب الأحاديث النبوية منطة للكذب والتدليس, فأنت واهم, وقد منَّ الله علينا بعلم الحديث الذي لم تحظَ به أمَّة من الأمم, أو ملَّة من الملل. أحب أن أذكرك: (إنَّك تتحدث عن أحاديث خضعت لعلم الحديث, ولا تحسب نفسك تتحدث عن قول الآباء هنا). أي: اذهب إلى كتب الجرح والتعديل, وأثبت زعمك الذي لا قيمة له من دون كلام أهل الحديث. ثمَّ لماذا لا تقول هذا عن قصة الغرانيق؟ عفوًا, لقد تذكرت أنَّها تخدمك!!
    · وهذه إرشادات لك, خذها تجد ما تبتغي: أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة (ص 125- 128)، وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة (2/ 26، 27) بتحقيق عبد المعطي قلعجي. وأورده السيوطي في الخصائص الكبرى (1/ 142، 144) وعزاه للبيهقي. وعن علي بن أبي طالب قال:" سمعت رسول الله e يقول: ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون به غير مرتين كل ذلك يحول الله بيني وبين ما أريد من ذلك, ثم ما هممت بعدها بشيء حتى أكرمني الله برسالته". رواه البزار, ورجاله ثقات.
    9. ثمَّ نأتي الآن إلى ما رددت به على مبحث: (باب نظم للعرب لا يقوله غيرهم):
    · قولك: (حد فهم حاجه يا شباب؟؟؟ واحد راح لواحده مثلا و رجعته خائب ..كلمه اعادته بمعني انه ذهب من امامها .اذن ليس شرطا ان يكون اسفا ..فالجاهل بالاساليب اللغويه هو من يلبس الحق بالباطل و لا يفهم معني ما يقول .اعانك الله). لقد طالبناك بتوثيق هذه المداخلة, وأظهرت للجميع أنَّك تتحدث من دون دليل, ولم تستطع أن تثبت أن من معاني (عاد) (ذهب). فمن هو الذي يلبس الحق بالباطل يا زميل؟! ومن هو الذي لا يفهم معنى ما يقول؟! ومن هو الذي يأتي بمعان ليست في المعاجم؟! الحكم للقارئ النزيه.
    · قولك: (ما هي الجمله او البيت حتي نفهم معني الكلام ؟؟؟ عاد فلان شيخا ثم ماذا ؟؟ هل فهم معني الجمله اصلا؟؟ زياده في التوضيح من فضلك). الجملة كاملة, وذات معنى تام, وهي: (عاد فلان شيخًا). وليس ذنبي أنَّك لا تدرك معاني الكلام, وقد ذكرت لك المصادر, فلماذا لم ترجع إليها؟ إذن, لا تملك تفنيدًا لها.
    · قولك: (في التفسير تجد ان كلمه تعود هنا بمعني تصير الي ملتنا ..فاللعب كله في كلمه (عاد) فقط. اما الرجز في الايه واضحه و الهجر ايضا و اضح .فلم يقول ان الهجر له معني اخر). أمَّا التفسير, فإنَّها تأتي بمعنى (صرنا) أو (أصبحنا) أو (دخلنا), وهذا يسمى تضمينًا في اللغة العربية. أما الهجر فله معاني كثيرة, ولكن في الآية لها معنى ضد الوصل, وقد بينا لك الغرض البلاغي.
    · قولك: (كالعاده لم يشرح الايه و التفسير حتي لا يفتضح الامر. فالمعني هنا ان يخرجونهم من النور الي الظلمات بمعني ان هناك من أمن بعيسي _علي حسب التفسير_و لم يؤمن بمحمد فهو خرج من نور الايمان الصحيح بعيسي الي الظلام بعدم الايمان بمحمد. اي انهم كانوا فعلا في نور). أي عادة يا زميل, بل أنت الذي تأتي بما يخدمك, ولا تلقي بالا لما سواه. يقول القرطبي: (ولفظ الآية مستغن عن هذا التخصيص، بل هو مترتب في كل أمة كافرة آمن بعضها كالعرب ، وذلك أن من آمن منهم فالله وليه أخرجه من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان ، ومن كفر بعد وجود النبي صلى الله عليه وسلم الداعي المرسل فشيطانه مغويه ، كأنه أخرجه من الإيمان إذ هو معه معد وأهل للدخول فيه ، وحكم عليهم بالدخول في النار لكفرهم ؛ عدلا منه ، لا يسأل عما يفعل). وجاء في معاني القرآن للأخفش: ("يَحْكُم بأنَّهم كذاك" كما تقول: "قَدْ أَخْرَجُك الله من ذا الأمر" ولم تكن فيه قط. وتقول: "أَخْرَجَنِي فُلانُ من الكِتْبَةِ" ولم تكن فيها قط. أي: لَمْ يجعَلْني من أهلها ولا فيها). وجاء في معاني القرآن للنحاس: (فان قيل مامعنى يخرجونهم من النور الى الظلمات ولم يكونوا في نور قط؟ فالجواب: انه يقال رأيت فلانا خارج الدار وان لم يكن خرج منها وأخرجته من الدار جعلته في خارجها وكذا أخرجه من النور جعله خارجا منه وان لم يكن كان فيه). فأي أمر يفتضح أيها الزميل؟ عدم إدراكك لهذه المسائل لا تقذف به الناس.
    · قولك: (اذن جميع ما قلته انت تم الرد عليه). من أيِّ المعاجم جذر (ع_و_د), أي (عاد) معناه (ذهب)؟! هل تملك ردًّا؟
    10. قولك: (واذا لم تستطع ان تدرك ماذا قال بن كثير او ماذا سطرت فى التعقيب فلا تحجر على ذهن المتابع بإدعاءك اننى لم اوثق ما قلت وبخاصا انك لم تطرح اى تفنيد لهذا حتى الآن). أرجو أن يكون التفنيد سهل الفهم لديك. والقارئ هو من يحكم: من الذي يدرك ما يكتب, ومن الذي لا يعي ما يقول. والحقُّ أنَّك لم توثق, والحكم للقارئ.
    11. قولك: (هكذا اذا تحدث مع شخص باللغه الاجنبيه ..فلن تقبل منه كلامه لان كلامه به اخطأ في اللغه العربيه ..ركز في المضمون حبيبي لكي ينير الله لك الطريق و تعرف الحق و الحق يحررك). حتى المضمون به مغالطات, وقد بيناها لك في هذه المداخلة.
    12. قولك: (اذا قلت لك يا الداعي لا تدخل اصبعك في مفتاح الكهرباء, فهل يعني ذلك انك ادخلت اصبعك), وقولك: (من فمك ادينك يا عزيزي. مالي انا و مال الكهرباء متوصله ام لآ. فأنت قلت اضع يدي فيه لالعب ..اذن قد وضعت اصبعك في كل الاحوال. فليس من المعقول ان تقول لك والدتك لا تضع اصبعك في مفتاح الكهرباء وانت بعيد او تعمل شئ اخر فهكذا من فمك ادينك و شكرا لك), وقولك: (مضمون سؤالى الذى اعتبرته إستنكارى هو عن مدى إفصاح النهى عن الماضى). أرجو من القارئ أن يقارن بين هذه الأقوال, ثم لينظر: هل ثمة علاقة بينها؟
    13. قولك: (فهل يعقل أن يجيب شخص على سؤال إستنكارى بالإيجاب المحتمل والنفى المحتمل فى نفس الآوان ويظل سؤال إستنكارى). بما أنَّ المجيب غير السائل, فنعم, يعقل؛ لأنَّ السؤال يبقى على أصله استنكاريًّا, والجواب يأتي ليدحض استنكار السائل. وبهذا الدحض, لا يصبح الاستنكاري استفساريًّا, بل يبقى على حاله استنكاريًّا.
    14. قولك: (حينما اتيك بمثال لا تاتي لي بشئ نادرا جدا او شاذ لتجعله قاعده). لم أجعله قاعدة, وإنما هو محتمل. والقاعدة: (عند الاحتمال, يسقط الاستدلال).
    15. هكذا نكون قد أنهينا الرد على القسم الأول, وبقي قسمان. سأضعهما في أقرب فرصة ممكنة.
    16. والحمد لله ربِّ العالمين.



    __________________

    ثمَّ تكونُ خلافةً على منهاجِ النبوةِ. فتحت القسطنطينية, والآن ننتظر فتح روما: فما موقفك من تحقيق هذه البشرى؟



    الزميل المناظر, القراء الكرام, مرحبًا وسهلاً بكم.
    برنامج هذه المداخلة هو الآتي:
    1. القول الفصل في آية: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾, (المدثر: 5).
    2. القول الفصل في (النسيان بعد التبليغ).
    3. تفسير وأسباب نزول آية: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾, (الحج: 52).
    أولا_ القول الفصل في آية: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾, (المدثر: 5).
    للفظ في أصول الفقه مباحث من حيث اعتباره, وهي_:
    1. تقسيم اللفظ باعتبار الدال وحده.
    2. تقسيم اللفظ باعتبار المدلول وحده.
    3. تقسيم اللفظ باعتبار الدال والمدلول.
    ونحن سنقصر حديثنا على ما يعنينا من هذه الاعتبارات, ألا وهو: (تقسيم اللفظ باعتبار الدال وحده). لأنَّه يتحدث عن مبحث (المنطوق والمفهوم) الذي هو مناط هذه المسألة.
    نقسم اللفظ باعتبار الدال وحده، أي باعتبار دلالة الألفاظ، إلى ثلاثة أقسام:
    أحدها دلالة المطابَقة وهي دلالة اللفظ على تمام مسماه، كدلالة الإنسان على الحيوان الناطق، وسمي بذلك لأن اللفظ طابَق معناه.
    والثاني دلالة التضمن وهي دلالة اللفظ على جزء المسمى، كدلالة الإنسان على الحيوان فقط أو على الناطق فقط، وسمي بذلك لتضمنه إيّاه أي سمي تضمناً لكون المعنى المدلول في ضمن الموضوع له.
    والثالث دلالة الالتزام وهي دلالة اللفظ على لازمه، كدلالة الأسد على الشجاعة، وسمي بذلك لكون المعنى المدلول لازماً للموضوع له. والمعتبَر باللزوم هو اللزوم الذهني أي إنّما تُتصور دلالة الالتزام في اللازم الذهني وهو الذي ينتقل الذهن إليه عند سماع اللفظ، سواء أكان لازماً في الخارج أيضاً مع اللزوم الذهني كالسرير والارتفاع، أم غير لازم في الخارج كالعمى والبصر. ولا يأتي ذلك في اللازم الخارجي فقط، فإنه إذا لم ينتقل الذهن إليه عند سماع اللفظ لم تحصل الدلالة البتة. وهذا اللزوم شرط وليس بموجب، يعني أن اللزوم بمجرده ليس هو السبب في حصول دلالة الالتزام بل السبب هو إطلاق اللفظ واللزوم شرط.
    المنطوق: دلالة الخطاب على الحكم إن كانت من اللفظ فهي دلالة المنطوق، وإن كانت من المعنى الذي دل عليه اللفظ فهي دلالة المفهوم. والمنطوق هو ما دل عليه اللفظ قطعاً في محل النطق، أي ما فُهم من اللفظ مباشرة من غير واسطة ولا احتمال، فتَخرج دلالة الاقتضاء لأنها لم تُفهم قطعاً بل احتمالاً, ولم تُفهم مباشرة من اللفظ وإنما يقتضيها ما فُهم من اللفظ.
    المفهوم: هو ما فُهم من اللفظ في غير محل النطق، أي هو ما دل عليه مدلول اللفظ، يعني المعنى الذي دل عليه معنى اللفظ. فالمنطوق ما فُهم من دلالة اللفظ. أمّا المفهوم فهو ما فُهم من مدلول اللفظ كقوله تعالى: ﴿ولا تقُل لهما أفّ﴾، فإن دلالة اللفظ هي لا تتأفف لهما، وهذا هو المنطوق، ولكن مدلول اللفظ وهو النهي عن التأفيف يُفهم منه لا تضربهما، فيكون مفهوم قوله تعالى: ﴿ولا تقل لهما أفّ﴾ هو لا تضربهما. فتحريم ضرب الوالدين المفهوم من قوله تعالى: ﴿ولا تقل لهما أفّ﴾ قد دل عليه مفهوم الآية. فالخطاب فيه قد دل على الحكم بالمفهوم, وهو المسمى بالدلالة المعنوية والدلالة الالتزامية.
    وذلك لأن اللفظ ينقسم باعتبار الدال وحده إلى ثلاثة أقسام: هي المطابَقة والتضمّن والالتزام. فالمطابَقة هي دلالة اللفظ على تمام معناه، والتضمن دلالة اللفظ على جزء المسمى، وكلاهما دلالة من اللفظ قطعاً من غير احتمال، أي دلالة من اللفظ مباشرة، ولذلك كانا من المنطوق. أمّا دلالة الالتزام فهي دلالة اللفظ على لازم معناه، فهي حقيقتها مدلول المعنى وليس مدلول اللفظ، وقد دل عليها اللفظ بشكل غير مباشر أي من دلالته على المعنى لا من لفظه، أي أن المعنى فُهم من اللفظ لا في محل النطق، يعني فُهم من معنى اللفظ. وهو ما يسميه بعضهم (المنطوق غير الصريح).
    وعليه فالمفهوم هو دلالة الالتزام، وحيث أن دلالات اللفظ باعتبار الدال وحده محصورة في هذه الدلالات الثلاث، وحيث أن دلالة المطابَقة ودلالة التضمن هما من المنطوق، فلَم تبق إلا دلالة واحدة هي دلالة الالتزام وهي من المفهوم، فتكون كل دلالة من الدلالات إذا لم تكن من المنطوق فهي من المفهوم. فتكون دلالة اللفظ محصورة بالمنطوق والمفهوم. فإذا لم تكن من المنطوق فهي من المفهوم ولا يوجد غير ذلك. وعلى هذا تكون دلالة الاقتضاء ودلالة التنبيه والإيماء ودلالة الإشارة من المفهوم، وكذلك يكون مفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة من المفهوم.
    · دلالة الاقتضاء: هي التي يكون اللازم فيها مستفاداً من معاني الألفاظ، وذلك بأن يكون شرطاً للمعنى المدلول عليه بالمطابَقة. واللازم قد يكون العقل يقتضيه، وقد يكون الشرع يقتضيه، إما لضرورة صدق المتكلم، وإما لصحة وقوع الملفوظ به.
    · دلالة التنبيه والإيماء: إنما تقع فيما يدل على العلّيّة، وهي أن يكون التعليل لازماً من مدلول اللفظ وضعاً، لا أن يكون اللفظ دالاً بوضعه عن التعليل، يعني أن اللفظ لا يدل بوضعه على التعليل، إذ لو دل لَما كان من دلالة التنبيه والإيماء، بل إن مدلول اللفظ وضعاً يلزم منه بحسب وضع اللغة معنى آخر غير ما دل عليه اللفظ، فالدلالة على المعنى الآخر اللازم لمدلول اللفظ حسب وضع اللغة هي الدلالة بالتنبيه والإيماء.
    · دلالة الإشارة: هي أن يكون الكلام قد سيق لبيان حكم أو دل على حكم ولكنه يُفهم منه حكم آخر غير الحكم الذي سيق لبيانه أو جاء ليدل عليه، مع أن هذا الحكم الآخر لم يكن مقصوداً من الكلام، فدلالة الكلام على هذا الحكم الذي لم يُسَق له ولم يدل عليه ولكن يُفهم منه، هي دلالة الإشارة.
    · مفهوم الموافقة: هو ما يكون مدلول اللفظ في محل السكوت موافِقاً لمدلوله في محل النطق. يعني أن ما فُهم من مدلول اللفظ من معان وأحكام يكون موافِقاً لما فُهم من اللفظ نفسه. فالمعنى اللازم لمدلول اللفظ إذا كان موافقاً لذلك المدلول فهو مفهوم الموافَقة، ويسمى فحوى الخطاب ولحن الخطاب، والمراد به معنى الخطاب.
    · مفهوم المخالفة: هو ما يكون مدلول اللفظ في محل السكوت مخالفاً لمدلوله في محل النطق، يعني أن ما فُهم من مدلول اللفظ من معانٍ وأحكام يكون مخالفاً لما فُهم من اللفظ نفسه. فالمعنى اللازم لمدلول اللفظ إذا كان مخالفاً لذلك المدلول فهو مفهوم المخالَفة. ويسمى دليل الخطاب ولحن الخطاب، وذلك كمفهوم الصفة، ومفهوم الشرط، ومفهوم الغاية، ومفهوم العدد.
    أي استفسار للقارئ الكريم, سواء في تبسيط الكلام, أو في ضرب أمثلة عليه, فيستطيع هذا على هذا الرابط:
    http://www.**************/forum/showthread.php?t=31298
    الآن نأتي لتطبيق ما سبق ذكره على آية: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾:
    1. من الاعتبارات التي يبحثها الأصوليون: (تقسيم اللفظ باعتبار الدال والمدلول), أي باعتبار اللفظ والمعنى, وهو سبعة أقسام, هي: (المنفرد والمتباين والمترادف والمشترك والمنقول والحقيقة والمجاز). ولفظ (الرجز) لفظ مشترك, أي ذات دلالات متعددة, وهي: العذاب, والقذر, والأوثان, والمأثم, وغير ذلك. وقد فسَّر المفسرون لفظ (الرجز) في الآية بعدة تفسيرات, ولم يتفقوا على معنى واحد؛ قال مجاهد وعكرمة: يعني الأوثان, وعن ٱبن عباس: والمأثم فاهجر؛ أي فاترك. وعن إبراهيم النَّخَعيّ: الرُّجز الإثم. وفسر كذلك بالعذاب؛ لأنه معناها الأصلي. ولمَّا رأينا المفسرين قد اختلفوا في المراد من لفظ (الرجز), فلم يتفقوا على أنه الأوثان, أي الأصنام؛ لما علمنا ذلك سقط الاستدلال بهذه الآية على كون النبي e كان متلبسًا في عبادة الأوثان؛ لأن القاعدة الأصولية هي: (عند الاحتمال, يسقط الاستدلال), فلما كان من المحتمل أن يكون الرجز غير الأوثان, سقط الاستدلال بهذه الآية؛ لأنها آية متشابهة, أي ظنية الدلالة, وليست قطعية الدلالة, أي لا يفهم منها معنىً واحدٌ فقط, بل يفهم منها أكثر من معنى, فلو كانت الآية هي: (والأصنام فاهجر), لعلمنا أنَّ الآية قطعية الدلالة, أي تدل على شيء واحد لا يفهم غيره, وهو الأوثان. إذن, لما كانت هذه الآية محتملة للأوثان ولغيرها لم تعد صالحة للاستدلال, بل الدليل يجب أن يكون قطعيًّا, وهذه آية ظنية, والقاعدة الأصولية: (عند الاحتمال, يسقط الاستدلال). وعلى هذا, على المناظر أن يبحث عن نصٍّ قطعي الدلالة, وليس ظني الدلالة.
    2. لو فرضنا فرضًا جدليًا, وقلنا: إنَّ هذه الآية قطعية الدلالة, أي إن الرجز هنا معناه الأصنام فقط, فهل تصلح الآية في كونها دليلاً على أنَّ النبي e كان متلبسًا بعبادة الأوثان من قبل البعثة؟ لِنَرَ ذلك:
    · الآية تقول: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾, ومنطوق الآية يفيد الأمر بهجر الأصنام, فلا تدل الآية قطعًا في محلِّ النطق أن النبي e كان متلبسًا بعبادة الأوثان, بل الآية تدل قطعًا في محلّ النطق على تحريم التقرب من الأوثان. نعم, هذا هو منطوق الآية.
    · والمعنى على هذا لا يستقيم شرعًا؛ لأنَّ النبي e لم يهجر الأصنام, بل كان يمرُّ بجانبها عند الكعبة, وهجرها يعني عدم الاقتراب منها, وهنا الشرع يقتضي لازمًا؛ ليصح الملفوظ به, فبدلالة الاقتضاء يكون تقدير الكلام هو: (وعبادةَ الرجزِ فاهجر), فدلالة الاقتضاء اقتضت إبراز لفظ العبادة الذي هو لازم للفظ. فالمنطوق لم نفهم منه الأمر بهجر عبادة الرجز, بل فهمنا منه الأمر بهجر الرجز, أي بهجر الأصنام. أما بالمفهوم_ وهو هنا دلالة الاقتضاء _علمنا أن لازم اللفظ يتطلب تقدير لفظ العبادة, ففهمنا من الأمر هجر عبادة الرجز, وليس هجر الرجز, فجائز الاقتراب من الأوثان وعدم هجرها, ولكن عبادتها هي التي غير جائزة. وهذا حتى يصح الكلام الملفوظ به شرعًا. وهي هنا كقوله: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾, فمنطوق الآية هو سؤال القرية, ومفهوم الآية حسب دلالة الاقتضاء هو سؤال أهل القرية, وليس القرية, لكن هذا يقتضيه العقل, وليس الشرع.
    · جاءت الآية تحرم عبادة الأوثان, وبدلالة الإشارة نفهم أنَّ قريشًا كانت وثنية, ولم تكن مجوسية ولا صابئة ولا كتابية. وبدلالة الإشارة نفهم أن النبي e كان متلبسًا بعبادة الأوثان. نعم, هذه نتيجة تصحُّ لو لم تُعارض منطوقًا صريحًا, فالقاعدة الشرعية هي: (المفهوم لا يقوى على معارضة المنطوق), أي المنطوق غير الصريح لا يقوى على معارضة المنطوق الصريح.
    · ونضرب هنا مثلا على دلالة الإشارة (إشارة النص): يقول البقاعي في تفسير الآية رقم: (11) من النساء ما يلي:" ولما بان سهم الذكر مع الأنثى بعبارة النص (منطوق النص)، وأشعر ذلك بأن لهن إرثاً في الجملة وعند الاجتماع مع الذكر، وفُهم بحسب إشارة النص (دلالة الإشارة) وهي ما ثبت بنظمه، لكنه غير مقصود، ولا سبق له النص, حكم الأنثيين إذا لم يكن معهن ذكر، وهو أن لهما الثلثين، وكان ذلك أيضاً مفهماً لأن الواحدة إذا كان لها مع الأخ الثلث كان لها ذلك مع الأخت إذا لم يكن ثمَّ ذكر من باب الأولى، فاقتضى ذلك أنهن إذا كن ثلاثاً أو أكثر ليس معهم ذكر استغرقن التركة، وإن كانت واحدة ليس معها ذكر لم تزد على الثلث؛ بَيْنَ (غير) أن الأمر ليس كذلك- كما تقدم -بقوله مبيناً إرثهن حال الانفراد: ﴿فإن كن﴾ أي الوارثات ﴿نساء﴾ أي إناثاً. ولما كان ذلك قد يحمل على أقل الجمع، وهو اثنتان حقيقة أو مجازاً حقق ونفى هذا الاحتمال بقوله: ﴿فوق اثنتين﴾ أي لا ذكر معهن ﴿فلهن ثلثا ما ترك﴾ أي الميت، لا أزيد من الثلثين ﴿وإن كانت﴾ أي الوارثة ﴿واحدة﴾ أي منفردة، ليس معها غيرها ﴿فلها النصف﴾, أي فقط". والشرح: البقاعي استنبط حكمًا شرعيًّا بدلال الإشارة, ألا وهو: (إذا كانت الوارثات ثلاثةً أو أكثر, وليس معهنَّ ذكر فلهنَّ التركة جميعًا لا يبقين منها شيئًا), فلمَّا كان المنطوق وهو قول الله: ﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ﴾, مخالفًا لدلالة الإشارة التي تجعل النساء أكثر من اثنتين يرثن التركة كلَّها وليس ثلثيها, فلما كان هذا لا قيمة للنتيجة التي استنبطها بدلالة الإشارة؛ لأن المفهوم (دلالة الإشارة) لا تقوى على معارضة المنطوق, النص الصريح. واستنبط حكمًا آخر بدلالة الإشارة, ألا وهو: (إذا كانت الوارثة أنثى واحدة, وليس معها ذكر, فلا يجوز أن ترث أكثر من ثلث التركة), فلمَّا كان المنطوق وهو قول الله: ﴿وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ﴾, مخالفًا لدلالة الإشارة, لم نلتفت لدلالة الإشارة, بل التزمنا منطوق النص؛ لأنها لا تقوى على معارضته.
    · إذن, فهمنا بدلالة الإشارة أنَّ النبي e كان متلبسًا بعبادة الأوثان, فهذه نتيجة تصحُّ لولا حديثان يتعارض منطوقهما مع مفهوم الإشارة, أي دلالة الإشارة. والحديثان هما:
    1) يقول النبي e:" لما نشأت بُغِّضت إلي الأوثان وبُغِّض إلي الشعر، ولم أهم بشيء مما كانت الجاهلية تفعله إلا مرتين, كل ذلك يحول الله بيني وبين ما أريد، حتى ما هممت بسوء بعدهما حتى أكرمني الله برسالته", رواه الحاكم، وصححه ووافقه الذهبي.
    2) وقوله في قصة بحير حين استحلف النبي e باللات والعزى؛ إذ لقيه بالشام في سفرته مع عمه أبي طالب وهو صبي، ورأى فيه علامات النبوة فاختبره بذلك؛ فقال له النبي e:" لا تسألني بهما فوالله ما أبغضت شيئا قط بغضهما".أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة، وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة.
    · هذان الحديثان بمنطوقهما ينفيان عن النبي e أنَّه كان متلبسًا بعبادة الأوثان, والآية بدلالة الإشارة تعارض هذين الحديثين بمنطوقهما, والقاعدة الأصولية: (المفهوم لا يقوى على معارضة المنطوق). فلا عبرة باستنتاج دلالة الإشارة بما أنه عارض منطوق النصوص.
    3. الآن نأتي لطريقة زميلنا المناظر في تطبيق الدلالات؛ لأنَّ نتيجته التي أتانا بها هي نتيجة لتطبيقه دلالاتِ النصوص؛ إذ يقول: (تلك نتيجة مستنبطة بتطبيق مبحث الدلالات على الموضوع وعلى الأخص المنطوق الغير صريح). وقد مهد المناظر حديثه ببعض الشرح عن (المنطوق غير الصريح), ثمَّ انتقل للاستنباط. فهل كان موفقًا زميلنا المناظر في استنباطاته؟! لنرَ ذلك:
    · في الحقيقة بدأ زميلنا بداية سليمة صحيحة, فقال: (3- دلالة الإشارة ما يخصنا فى الموضوع). فدلالة الإشارة هي التي تعنينا في موضوعنا من حيث كون النبي e كان متلبسًا بالأصنام, أي بعبادتها. ثمًّ نكص عن هذه البداية السليمة إلى أخرى سقيمة, فقال: (النوع الاخير دلالة الإشارة وهو غير مرتبط بالموضوع). لماذا غير مرتبط بالموضوع؟ ألم تقل قبل كلمات قليلة: (ما يخصنا في الموضوع)؟!
    · هذا التناقض والاضطراب الذي وصل إليه زميلنا, جعله يستنبط استنباطات ما أنزل الله بها من سلطان. والغريب العجيب أنه يقول لي: (من الواضح أن الزميل الذى يصف نفسه بالمناظر قد راعه ما سطرته بصدد اللغة العربية)!! هل يروعني ما وقعتَ به من زيغ في الاستنباطات اللغوية حسب دلالات النص؟! ثمَّ إنني طالبُ حقٍّ, ولن أتردد بالإذعان لكلِّ حقٍّ تبينه لي, وهذا عهد منِّي لك. وأرجو أن تكون كذلك.
    · يقول زميلنا المناظر: (سبق القول: فعل الامر الايجابي هو الذى يأمر فيه المتكلم المخاطب بفعل امر معين كنشاط ايجابى من المأمور اما فعل الأمر السلبي فهو الذى يأتى فى صياغة تأمر المخاطب او المأمور بترك فعل معين او الكف و الإمتناع عنه كنشاط سلبى من المأمور وبالعقل يفهم من ذلك ( دلالة اقتضاء لصحة الكلام عقلا ) فى فعل الامر الايجابي ان المخاطب او المأمور لم يكن يفعل الشئ الذى أمر به قبل توجيه الأمر له وإلا فاذا كان يفعله فما جدوى ان يؤمر بفعله وهو اصلا يفعله بل من المنطقى ان تأتى الصياغة لتطالبه بالإستمرار فى فعله او الثبات على فعله ( عن طريق دلالة إيماء تفيد ذلك ) بإضافة شرط خاص لصيغة الامر الايجابي مثل ( كعادتك ، كدأبك ، كشأنك ...الخ ) اما فى فعل الامر السلبي والذى يتم فيه أمر الشخص المخاطب بترك امر معين او الكف عنه فلا يعقل ان يتم مطالبة شخص بترك شئ معين بفعل امر سلبي مالم يكن فاعلا له والا لأصبح ذلك مجرد لغو لا طائل من وراءه ( دلالة إقتضاء لصحة القول عقلا ) وانما من العقل ان تأتى الصياغة لتأمره بالثبات على الترك ( دلالة ايماء ) لتفصح عن حالة المأمور فى الماضى), وهذا نصٌّ فيه مغالطات كثيرة, وأمور كنتَ ترفضها من قبل ثمَّ تثبتها الآن, وهذا بيانه فيما يلي:
    ü أيها الزميل, ألا ترجع إلى تعريفات الدلالات التي وضعتها أنت, أو التي جئتك أنا بها, ثمَّ تنظر إلى الفجوة بين تعريفاتها وبين تطبيقاتك؟!
    ü تعتبر أنَّ الأمر الإيجابي يدلُّ على أنَّ المأمور به كان تاركًا له حسب دلالة الاقتضاء, وهذا خطل ما بعده خطل؛ لأنَّ دلالة الاقتضاء سميت كذلك؛ لأن المعنى الذي دل عليه الكلام يتطلبه ويستدعيه صدق الكلام أو صحته شرعا أو عقلا. فعندما أقول لك: (احمل القلم), هل يوجد أمر يتعارض مع صحة المعنى شرعًا أو عقلاً؟ قطعًا لا يوجد. لكن لو قلت لك: (استمسك بالآخرة), فإنَّ منطوق النص هو (الأمر بالتمسك بالآخرة), وهذا كلام لا يصحُّ عقلاً, فبدلالة الاقتضاء يجب أن نقدر كلامًا مضمرًا حتى يصح اللفظ, فنقول: (استمسك بالأعمال التي تنجيك بالآخرة). أمَّا ادعاؤك أن هذا الأمر الإيجابي يدل على أن المأمور به كان تاركًا له حسب دلالة الاقتضاء فهو خطأ, فلا دخل لدلالة الاقتضاء في هذا أصلا!! ولو قلت بدلالة الإشارة نفهم أنَّ المأمور به كان تاركًا له لقبلنا منك ذلك, ولكنك قلت: (النوع الاخير دلالة الإشارة وهو غير مرتبط بالموضوع). فأنت نفيت أصلاً أن يكون لدلالة الإشارة أي صلة بالموضوع.
    ü ثمَّ إنَّك هنا, نسفت ما كنت تتبناه من قبل في مداخلاتك, فلما قلنا لك يقول الله Y: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ﴾, فهذا الله يأمر نبيه بالتقوى مع أنه يتقيه, كنت تقول لنا: (فأين فعل الامر السلبي الذى يطالب بالكف او الامتناع, كلاهما فعل امر ايجابي), ثم نراك الآن تقول: (فى فعل الامر الايجابي ان المخاطب او المأمور لم يكن يفعل الشئ الذى أمر به قبل توجيه الأمر له وإلا فاذا كان يفعله فما جدوى ان يؤمر بفعله وهو اصلا يفعله), فلماذا هذا التناقض يا زميل؟ فقد أثبتنا لك أن الله Y أمر نبيه بالتقوى مع أنه كان قائمًا بها, أي أمر بشيء والنبي e يفعله.
    ü وكذلك الحال مع فعل الأمر السلبي, فأنت تعتبر أنَّ فعل الأمر السلبي يدلُّ على أن المأمور به كان قائمًا بالفعل حسب دلالة الاقتضاء, وهذا خطل ما بعده خطل؛ لأنَّ دلالة الاقتضاء سميت كذلك؛ لأن المعنى الذي دل عليه الكلام يتطلبه ويستدعيه صدق الكلام أو صحته شرعا أو عقلا. فعندما أقول لك: (اترك القلم), هل يوجد أمر يتعارض مع صحة المعنى شرعًا أو عقلاً؟ قطعًا لا يوجد. لكن لو قلت لك: (اترك الدنيا), فإنَّ منطوق النص هو (الأمر بترك الدنيا), وهذا كلام لا يصحُّ عقلاً, فبدلالة الاقتضاء يجب أن نقدر كلامًا مضمرًا حتى يصح اللفظ, فنقول: (اترك ملذات الدنيا وزينتها). فالأمر بترك الدنيا هو أمر بترك زينتها وملذاتها حسب دلالة الاقتضاء. أمَّا ادعاؤك أن هذا الأمر السلبي يدل على أن المأمور به كان قائما به حسب دلالة الاقتضاء فهو خطأ, فلا دخل لدلالة الاقتضاء في هذا أصلا!! ولو قلت بدلالة الإشارة نفهم أنَّ المأمور به كان قائما به لقبلنا منك ذلك, ولكنك قلت: (النوع الاخير دلالة الإشارة وهو غير مرتبط بالموضوع). فأنت نفيت أصلاً أن يكون لدلالة الإشارة أي صلة بالموضوع.
    ü قولك: (بل من المنطقى ان تأتى الصياغة لتطالبه بالإستمرار فى فعله او الثبات على فعله ( عن طريق دلالة إيماء تفيد ذلك ) بإضافة شرط خاص لصيغة الامر الايجابي مثل ( كعادتك ، كدأبك ، كشأنك ...الخ )). قولك هذا فيه مغالطات شتى؛ ذلك أنَّك لم تستطع إدراك حقيقة (دلالة الإيماء والتنبيه)؛ فدلالة الإيماء والتنبيه هي التي تنبِّهك على علِّة النص, وتومئ إليها, نحو: يقول النبي e:" من مس فرجه فليتوضأ"؛ فبدلالة الإيماء نفهم أنَّ مس الفرج علَّة للوضوء. ولننظر إلى التعريف الذي سقته أنت: (اقتران وصف بحكم لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل لكان بعيدا. والمراد بالوصف: اللفظ المقيد لغيره سواء كان شرطا أو غاية أو استثناء. ومعنى: لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل لكان بعيدا: أي: لو لم يكن اقتران الوصف بحكم أو نظيره لتعليل الحكم لكان بعيدا). ففي الحديث اقترن وصف بحكم لتعليل الحكم؛ أما الوصف, فهو الشرط: (من مسَّ). وأمَّا الحكم, فهو وجوب الوضوء: (فليتوضأ)؛ وعلة الوضوء هو مس الفرج. أي اقترن في الحديث مس الفرج_ وهو وصف _بوجوب الوضوء_ وهو الحكم _لإفادة أنَّ مسَّ الفرج علَّة لوجوب الوضوء. والآن نأت لمثالك, ألا وهو: (احمل القلم كعادتك). أنت قلت: (بإضافة شرط خاص لصيغة الامر الايجابي), ولكنَّ لفظ (كعادتك) ليس شرطًا, بل هو تشبيه. ثمَّ إنَّه لا يفيد تعليل الأمر بحمل القلم, فكان بعيدًا؛ لأنه لم يقترن لتعليله. فلا يوجد هنا أيُّ وجود لدلالة الإيماء. وحتى يصبح المثال صحيحًا نقول: (من كانت عادته حمل القلم فليحمله). فهنا اقترن وصف, وهو: (من كانت عادته) بحكم, وهو: (فليحمله). أي علل الأمر بحمل القلم بكونه كان عادةً له. وعليه, فكلُّ ما قيل بخصوص دلالة الإيماء لا ينطبق على معنى دلالة الإيماء, فقولنا: (احمل القلم كعادتك), لا دخل له بدلاة الإيماء, لا من قريب أو بعيد.
    ü قولك: (وانما من العقل ان تأتى الصياغة لتأمره بالثبات على الترك ( دلالة ايماء ) لتفصح عن حالة المأمور فى الماضى). وليس هنا ما نقوله أكثر مما قلناه في النقطة السابقة, غير أن الأمر يكون سلبيًّا. فقولك: (اترك القلم كعادتك) لا يوجد فيه شرط. ولنصصحه نقول: (من كانت عادته ترك القلم فليتركه). وطبق ما قلناه من قبل ها هنا. أي لا دخل لدلالة الإيماء فيما قلته أنت, أيها الزميل.
    ü أيها الزميل, ما جئتنا به من تعريفات للدلالات اللغوية لا غبار عليه, ولكنَّ المشكلة أنَّك لا تستطيع أن تُنْزِلَ هذه الدلالات منازلها, ولا تدرك وقائعها, ولا تتقن مسالكها, ولا تفطن لحقيقتها, وقد قلت لك من قبل: (إتيانك_ أيها المناظر _لا نثق به؛ لأنَّ هذه الأمور يحتاج المرء إلى علم رفيع في اللغة العربية حتى يدرك حقيقتها, ولا أريد هنا أن أختبرك في مدى إدراكك لما نسخته ولصقته, بل أريد أمرًا فاصلاً: من أعلم بما ذكرت: أنت أم الإمام ابن كثير؟! قطعًا, لا يلتفت إلى رأي أيِّ شخص ما لم يكن عنده من العلم ما عند ابن كثير, وهذا أمر يقبله أولو الألباب, وترضاه ذوو النهى. إذن, ليس المهم أن تقص وتلصق, بل المهم أن يشهد لك أهل العلم بالقدرة على فهم ما جئت به من مباحث أصول الفقه اللغوية). وأرجو أن تقبل نصيحتي لك, ألا وهي: (إذا أردت أن تتكلم عن دلالات النص, فعليك أن تبدأ بتحسين كتابتك الإملائية, ثمَّ تحسين قواعدك النحوية, ثم إتقان الناحية الأسلوبية في التعبير (بلاغة). وبعد أن تصبح لك قدم راسخةفيما سبق, عليك أن تذهب لأصوليِّ في الفقه؛ ليشرح لك دلالات النص). هذه نصيحة صادقة لك, وإن عزمت على المضيِّ قُدُمًا في الحديث عن الدلالات اللغوية, فإنه يصدق عليك المثل العربي: (تَزَبَّبَ قَبْلَ أَنْ يَتَحَصْرَم).
    · وثمَّة مشكلة تقع بها كثيرًا, ألا وهي: (إنك تحاول أن تمنطق اللغة العربية). فمثلاً تقول كثيرًا: (والا لأصبح ذلك مجرد لغو لا طائل من وراءه). والحقُّ أنَّ أساليب التعبير في اللغات لا تخضع للمنطق, بل عليك أن تلتزم أساليب اللغة التي تدرسها, فتقول من أساليبهم كذا, ومن أساليبهم كذا, ثمَّ تقف. وليس لك الحقُّ في تخطئة أي أسلوب. فمثلا أتينا لك بأسلوب من أساليب العرب تحت عنوان: (بابُ نظم للعرب لا يقولُه غيرهم). وَخُذْ أسلوبًا آخر من أساليب العرب, ألا وهو: (المدح بطريقة الذم). المنطق لا يقبل أن تذمَّ شخصًا في معرض مدحه ويكون مدحًا, ولكنَّ اللغة العربية خالفت المنطق, وأتت بهذا الأمر. فليرجع إلى كتب البلاغة للوقوف على كلام العرب مدحًا في ذمٍّ. وقلنا لك أن تأمر شخصًا بفعل وهو يفعله من البلاغة العربية, وأن تأمر شخصًا بترك فعل لا يفعله من البلاغة العربية, ولكنَّك لم تلتفت إلى كلامي, ولم تعره أدنى اهتمام, وبقيت سادرًا فيما أنت فيه. وهذه هي النقطة التالية في البحث.
    · الذي تعتبره مخالفًا للمنطق هو من أساليب البلاغة العربية. وأنت تقول لي: (اولا الأساليب البلاغية فى اللغة العربية معروفة ومنذ أمد بعيد ولها أغراض محددة ومعروفة ، و تستخدم هذه الأساليب فى خدمة تلك الأغراض فالبلاغة ليست بمدعاة لكل شخص فى رفض المعنى الصريح القاطع الدلالة تحت مبرر البلاغة او تبرير الخطأ اللغوى او المنطقى بالبلاغة بدون إيضاح ما هو هذا الغرض البلاغى ام انها بلاغة بدون غرض. فما هو هذا الغرض البلاغى المقصود من وراء توجيه الأمر لشخص تارك للرجز اصلا بتركه مع ملاحظة ان بن كثير لم يشير الى وجود اى شئ بلاغى فى النص بل إكتفى بنفى المعنى الصريح القاطع الدلالة للنص بقوله). ونقول إزاءه ما يلي:
    ü لو أنَّك رجعت إلى كتب البلاغة لما قويت يمينك على ما خطَّ قلمك. فأغراض البلاغة محددة ومعروفة, ولو كانت معروفةً لديك لما قلت: (فما هو هذا الغرض البلاغى المقصود من وراء توجيه الأمر لشخص تارك للرجز اصلا بتركه).
    ü يقول الهاشمي:" وقد تخرج صيغ الأمر عن معناها الأصلي, وهو (الإيجاب والإلزام) إلى معان أخرى: تستفاد من سياق الكلام, وقرائن الأحوال, كالدعاء, والالتماس, والإرشاد, والتهديد, والتعجيز, والإباحة, والتسوية, والإكرام, والامتنان, والإهانة, والدوام, والتمني, والاعتبار, والإذن, والتكوين, والتخيير, والتأديب, والتعجب", (جواهر البلاغة, ص: 54_55). وهنا الحديث عن صيغ الأمر بنوعيها: الإيجابي والسلبي. وما يعنينا هنا هو الغرض الحادي عشر, ألا وهو: (الدوام), فقد نستفيد من الأمر بنوعيه حسب السياق وقرائن الأحوال الدوام, أي مطالبة الشخص بالديمومة, سواء أكانت سلبية أو إيجابية.
    ü الغرض البلاغي من آية: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ واحد من اثنين حسب آراء العلماء: فأما الأول: الدوام, أي دم على هجرانها. وأمَّا الثاني: أسلوب (إياك أعني, واسمعي يا جارة). معلوم أنه e لا يفعل شيئاً من ذلك ولم يثبت عليه، ولكن الله يخاطبه ليوجه الخطاب إلى غيره في ضمن خطابه e. والقاعدة الأصولية هي: (خطاب النبي e خطاب لأمته ما لم يرد دليل التخصيص).
    ü طبعًا, العرب كانت تعرف هذا بسليقتها, لأجل هذا لا تجد ابن كثير يشير إلى الأمور البلاغية على وجه التفصيل؛ لأنه كان أمرًا معلومًا لديهم.
    ü وحتى أضيء الطريق لزميلنا المناظر, فإنِّي آتٍ له بآية لا تبقي عذرًا لمعتذر, ولا حجةً لمحتج, ألا وهي قول الله Y: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾, (الحج: 30). هذه الآية الثلاثون من الحج, وهي آية مدنية وليست مكية, أي نزلت تخاطب المؤمنين وهم في المدينة المنورة (يثرب), وقد كانوا وقتئذٍ خيرَ مَنْ عُرِفَ من المؤمنين, فهم صحابة رسول الله e, مهاجرين وأنصار, وهم ملتزمون بتوحيد الله الواحد القهار, وهم أبعد ما يكون عن الرجس والأقذار, وهم خير الناس بعد المصطفين الأخيار, وها هو الواحد الجبار, يأمرهم أمرًا سلبيًّا في ترك عبادة الأصنام, وهم برآء من هذه الآثام. وهذه هي قمة البلاغة العربية, أن تخرج من مقصود الأمر إلى بغية سوية, فالحمد لله على آلائه الجسيمة, ونعمائه العظيمة. وبهذه الآية التي يطالبنا بها زميلنا المناظر تنشرح الصدور, وتهنأ النفوس, وتطمئن القلوب, والحمد لله ربِّ العالمين.
    ü وقولك: (فطلبتك منك ان تأتي بمثال مثله تماما لكي نفهم), قد أجبناه, وجئناك بمثال مثله.
    4. وهنا أنقل أقوالاً أخرى للمفسرين في قوله تعالى: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾:
    · يقول البقاعي في تفسيره: (﴿والرجز﴾ أي كل قذر فإنه سبب الدنايا التي هي سبب العذاب، قال في القاموس: الرجز بالكسر والضم: القذر وعبادة الأوثان والعذاب والشرك. ﴿فاهجر﴾ أي جانب جهاراً وعبادة، ليحصل لك الثواب كما كنت تجانبها سراً وعادة، فحصل لك الثناء الحسن حتى أن قريشاً إنما تسميك الأمين ولا تناظر لك أحداً منها).
    · تفسير المنتخب: (والعذاب فاترك، أي: دُمْ على هَجْر ما يوصل إلى العذاب).
    · تفسير النيسابوري: (هو بالكسر والضم العذاب, والمراد: اهجر ما يؤدي إليه من عبادة الأوثان وغيرها, أي: أثبت على هجره, مثل: اهدنا).
    · تفسير الألوسي: (ولما كان المخاطب بهذا الأمر هو النبي e, وهو البريء عن ذلك, كان من باب (اياك أعني واسمعي) أو المراد (الدوام والثبات) على هجر ذلك).
    · قال القرطبي:" وأنه e كان مؤمنا بالله عز وجل، ولا سجد لصنم، ولا أشرك بالله، ولا زنى ولا شرب الخمر، ولا شهد السامر, ولا حضر حلف المطر, ولا حلف المطيبين، بل نزهه الله وصانه عن ذلك".
    5. وهنا نقف مع التفسير الذي ساقه لنا زميلنا المناظر, ألا وهو: (﴿وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾, يقول: وغفرنا لك ما سلف من ذنوبك، وحططنا عنك ثقل أيام الجاهلية التي كنت فيها وهي في قراءة عبد الله فيما ذُكر: «وَحَلَلْنا عَنْكَ وِقْرَكَ» ﴿الَّذِي أنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾, يقول: الذي أثقل ظهرك فأوهنه، وهو من قولهم للبعير إذا كان رجيع سفر، قد أوهنه السفر، وأذهب لحمه: هو نِقْضُ سَفَر. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: ﴿وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾, قال: ذنبك. وقوله: ﴿أنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾, قال: أثقل ظهرك. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿أَلَمَ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾: كانت للنبيّ صلى الله عليه وسلم ذنوب قد أثقلته، فغفرها الله له. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ﴿أنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾, قال: كانت للنبيّ صلى الله عليه وسلم ذنوب قد أثقلته، فغفرها الله له. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: ﴿وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ يعني: الشرك الذي كان فيه. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿ألَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ قال: شرح له صدرَه، وغفر له ذنبَه الذي كان قبل أن يُنَبأ، فوضعه. وفي قوله: ﴿الَّذِي أنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾ قال: أثقله وجهده، كما يُنْقِضُ البعيرَ حِمْله الثقيل، حتى يصير نِقْضاً بعد أن كان سميناً ﴿وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ قال: ذنبك الذي أنقض ظهرك: أثقل ظهرَك، ووضعناه عنك، وخفَّفنا عنك ما أثقل ظهرَك).
    · لقد فسر بعض المفسرين الآية بقولهم: (كانت للنبيّ e ذنوب قد أثقلته). ويتساءل زميلنا قائلاً: (ما هو هذا الذنب الذي يثقل الظهر؟ هل هي صغائر؟ فهل الصغائر تثقل الظهر؟), والجواب:
    ü قال القرطبي: (والوزر: الذنب؛ أي وضعنا عنك ما كنت فيه من أمر الجاهلية؛ لأنه كان e في كثير من مذاهب قومه، وإن لم يكن عبد صنما ولا وثنا.....فالوزر: الحمل الثقيل. قال المحاسبي: يعني ثقل الوزر لو لم يعف اللّه عنه. ﴿الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾ أي أثقله وأوهنه. قال: وإنما وصفت ذنوب، الأنبياء بهذا الثقل، مع كونها مغفورة، لشدة اهتمامهم بها، وندمهم منها، وتحسرهم عليها).
    ü نعم, الصغائر تثقل الظهر لمن كان تقيًّا؛ لأنَّه شديد الاستحضار لعظمة الله وجبروته وفضله ونعمه, فترى الواحد فيهم إن قام بصغائر الذنوب ثمَّ عاد لرشده مذعورًا خائفًا, يصدق عليه قوله Y: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾, وما هذا إلا لكثرة اشتغالهم بها, وندمهم عليها, وتحسرهم على أنفسهم: ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ﴾.
    ü هذا مع الإنسان التقي, فما بالك مع أتقى الناس وأخشاهم لله, محمد e؟! لا جرم أنَّه إذا قام بأدنى ذنب في الجاهلية سوف يثقل ظهره.
    ü في المقابل, ترى من استحكمت الران على قلبه, والغشاوة على بصره, والأكنة في سمعه, تراه يشرك بالله, ويزني, ويسرق, ويقتل. ولا يؤثر فيه شيء مما قام فيه, بل هو في دعة ورغد عيش, لا يلقي أدنى بال لما اقترفه من الفواحش والمنكرات.
    ü إذن, التقي؛ صغائر الذنوب تثقل ظهره. والغوي؛ كبائر الذنوب لا تؤثر فيه!!
    ü وعلى كلِّ حال, لو أنَّه_ حسب زعمك _ كانت الذنوب التي أثقلت ظهر النبي e هي كبائر الذنوب, فكبائر الذنوب ليس محصورة في عبادة الأوثان, فلا دليل في هذه الآية حسب التفسير أنه كان يعبد الأوثان, وتخصيص الأوثان من دون مخصص لا قيمة له؛ لأنه بلا دليل.
    · المشكلة تكمن في هذا التفسير, ألا وهو: (حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: ﴿وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ يعني: الشرك الذي كان فيه). ولكنَّ الله يأبى إلا أن يتمَّ نوره:
    ü هذه الرواية تعتريها مشكلة كبيرة؛ لأنه اعتبر الذنوب التي أثقلت الظهر هي الشرك الذي كان فيه النبي محمد e, أي أنَّه كان عابدًا للأوثان.
    ü يقول ابن المبارك:" الإسناد من الدين. ولولا الإسناد, لقال من شاء ما شاء". وقال ابن حزم:" نقل الثقة عن الثقة يبلغ به النبي e مع الاتصال خص الله به المسلمين دون سائر الملل". وتاريخ الرجال هو الذي أماط اللثام عن الرواة الكذابين, قال سفيان الثوري:" لما استعمل الرواة الكذب, استعملنا لهم التاريخ". وهنا سوف نخضع سند هذه الرواية حتى نعالجها بعلم الحديث.
    ü سند الرواية هو: (حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد), والسند الكامل هو: (حدثت عن الحسين بن فرج، قال: سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد، قال: حدثنا عبيد بن سليمان), ومعالجته كالتالي:
    ü يقول الطبري: (حُدِّثْتُ), وهنا مشكلة؛ فمن حدَّث الطبري؟ إنَّ جهل شيخ الطبري كفيل في درء هذه الرواية؛ لأنَّنا لا نأخذ من مجاهيل. ولكن لا بأس من الإكمال.
    ü (الحسين بن فرج): جاء في التكميل: (هذا إسناد واه، الحسين بن فرج متروك، وكذبه بعضهم).
    ü (الفضل بن خالد): أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3 / 2 / 61) ولم يذكر فيه جرحا أوتعديلا. أي هو جهول. نوع المجهول: «مجهول الحال»، وهو من روى عنه اثنان فأكثر لكن لم يوثَّق. حكم روايته: الردُّ (على الصحيح الذي قاله الجمهور), كذا في «شرح النخبة», ص: 136.
    ü (عبيد بن سليمان): قال ابن أبي حاتم عن أبيه: لا بأس به, وهو أحب إلي من جويبر, وذكره ابن حبان في الثقات.
    ü وعليه, هذه رواية مردودة, لا تقوى على الوقوف, فما بالك_ أيها القارئ _بالاستدلال بها. لا يكون هذا.
    6. والآن نقف عند رواية الغرانيق وقفة لطيفة. وجاء فيها: (ومضى رسول الله e في قراءته فقرأ السورة كلها، وسجد في آخر السورة، فسجد المسلمون بسجوده, وسجد جميع من في المسجد من المشركين، فلم يبق في المسجد مؤمن ولا كافر إلا سجد إلا الوليد بن المغيرة وأبو أُحَيْحَة سعيد بن العاص، فإنهما أخذا حفنة من البطحاء ورفعاها إلى جبهتيهما وسجدا عليهما، لأنهما كانا شيخين كبيرين فلم يستطيعا السجود). واستنبط زميلنا من هذا النصِّ أنَّ النبي e قد سجد للأصنام, ليس قبل البعثة, بل وهو نبيٌّ. وظنَّ بتوهُّمه هذا أنَّه نال من عصمة النبي e, فخرَّت مع ذلك نبوَّته, وبان كذبه!! وإزاء هذا نقول:
    · الجزء الذي يعنينا لحدِّ هذه اللحظة هو السجود الذي حصل في هذه الرواية.
    · وهنا نقول لزميلنا: مما جاء في الرواية: (وسجد في آخر السورة، فسجد المسلمون بسجوده, وسجد جميع من في المسجد من المشركين). فالرواية تذكر أنَّ النبي e سجد, ولم تذكر شيئًا آخر, ولم يرد فيها أنَّ النبي e سجد للَّلاتِ والعزى ومناة الثالثة الأخرى, فكيف فهمت أنَّ النبي e سجد للأصنام؟! أهذا فهم استنبطته بدلالة المطابقة؟ أم بدلالة التضمين؟ أم بدلالة الاقتضاء؟ أم بدلالة الإيماء والتنبيه؟ أم بدلالة الإشارة؟ أم بمفهوم الموافقة؟ أم بمفهوم المخالفة, أم بدلالة لا يعرفها أحد غيرك؟! من السهل أن تزعم, وأنَّى لك أن تثبت ما تزعم!!
    · نلاحظ هذا النص: (وسجد في آخر السورة). فلماذا سجد النبي e في آخر السورة؟ الجواب: آخر آية في سورة النجم هي: ﴿فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا﴾, (النجم: 62). إذن, في آخر السورة أمر الله I وتعالى النَّاس بالسجود لله وحده من دون الأصنام, فسجد النبي e, وسجد المسلمون اقتداءً بنبيِّهم e, وما سجدوا إلا لله I, ولم يسجدوا لأحد من دونه.
    · ولا أدري كيف يستسيغ عاقل أن ينطق بما ادعاه زميلنا من حيث كون النبي e سجد للأصنام في آخر السورة التي يذمُّ بها الأصنام, إذ جاء في سورة النجم: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى﴾, (النجم: 23). فهل هناك عاقل يذمُّ الأصنام ثمَّ يسجد لها بعدما ذمَّها؟! رحمةً بعقولنا يا قوم!!
    · نلاحظ هذا النص: (وسجد جميع من في المسجد من المشركين). فلماذا يسجد المشركون؟ في الحقيقة لم يسجد المشركون فقط, بل سجد الإنس والجان والشجر والحجر في آخر السورة. قال البخاري: حدثنا أبو مَعْمَر، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:" سجد النبي e بالنجم، وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس". وروى البزار عن أبي هريرة:" أن النبي كتبت عنده سورة النجم فلما بلغ السجدة سجد وسجدنا معه وسجدت الدواة والقلم", وإسناده صحيح. وروى الدارقطني من حديث أبي هريرة:" سجد النبي بآخر النجم والجن والإنس والشجر".
    · وما هذا السجود إلا لعظمة هذه السورة, وخصوصًا آخر آياتها, ألا وهي: ﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا * وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى * وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى * وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى * وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى * وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى * وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى * وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى * فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى * هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى * أَزِفَتِ الْآزِفَةُ * لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ * أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ * فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا﴾, (النجم: 42_62).
    · فأمَّا المسلمون, فقد سجدوا اقتداءً بنبيِّهم e, وأمَّا الشجر والحجر, فلعظمة آيات الله في سورة النجم, يقول الله I: ﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ﴾, (الرحمن: 6). وأمَّا الجنُّ؛ فلأنَّ هذه الآيات تهدي إلى الرشد, يقول الله U: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾, (الجن: 2). وأمَّا المشركون_ فكما قال القاضي عياض _؛فلأنها أول سجدة نزلت. وقد نبَّه الله I نبيَّه محمدًا على هذا السجود, أي من تلك الأصناف, فقال له: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾, (الحج: 18).
    · وعليه, من زعم أنَّ النبي e سجد للأصنام بناءً على هذه الروايات فهو واهم, ولا يملك برهانًا ولا دليلا, ولا حجة ولا سلطانا, والحمد لله ربِّ العالمين.
    7. ومما يتصل بهذا المبحث_ أيضًا _قول زميلنا: (ثم تأتي لي برأي الزهري ..وما ادراك ما الزهري هل تحب ان اكلمك عنه و ماذا قالوا عنه ؟؟ ام فقط تأخذون ما يوافقك هواكم و حينما نتحدث عن قول للزهري تخرجون لنا انه كاذب و ضعيف و مدلس؟؟؟ فقط لانه يقول كلام لا يعجبكم ..و ما يعجبكم تحتجون به؟؟؟). وإزاء هذا نقول:
    · زميلنا المناظر يرفض أدنى إشارة إلى تفسير الآية السليم, ويريد أن نقرَّه على فهم خاصٍّ جدًّا به, لم يصرح به مفسر, ولم يشِ به محدِّث. وقد حاول أن ينسب فهمه لأمهات كتب التفسير, وأنَّى له ذلك؟! إنَّ لهذه الأمِّة رجالا عدولا, يحملون العلم وفهمه عن سلفهم الفاضل, وقد قال عنهم النبي e:" يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله: ينفون عنه تحريف الغالين, وانتحال المبطلين, وتأويل الجاهلين", رواه البيهقي.
    · نعم, أحبُّ أن تكلمني عن الزهري, وأنا سأكلمك عنه. والقارئ وحده يحكم من هو (الكاذب والضعيف والمدلس). ترجم له ابن الجوزي في كتابه (صفوة الصفوة), فقال:
    178 - محمد بن مسلم بن شهاب الزهري, يكنى أبا بكر:
    عن إبراهيم بن سعد عن أبيه قال: (ما أرى أحدا جمع بعد رسول الله e ما جمع إبن شهاب). وقال مالك بن أنس: (ما أدركت فقيها محدثا غير واحد). فقلت: من هو؟ فقال: (ابن شهاب الزهري). وعنه أنه قال: (إن هذا الحديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم والله لقد أدركت هاهنا وأشار إلى مسجد رسول الله e سبعين رجلا كلهم يقول قال فلان قال رسول الله e فلم آخذ عن أحد منهم حرفا لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن, ولقد قدم علينا محمد بن شهاب الزهري وهو شاب فازدحمنا على بابه لأنه كان من أهل هذا الشأن). وقال أيوب: (ما رأيت أحدا أعلم من الزهري). فقال صخر بن جويرية: ولا الحسن؟ قال: (ما رأيت أحدا أعلم من الزهري). وعن جعفر بن ربيعة قال: قلت لعراك بن مالك: من أفقه أهل المدينة؟ قال: (أما أعلمهم بقضايا رسول الله e وقضايا أبي بكر وعمر وعثمان وأفقههم فقها وأعلمهم بما مضى من أمر الناس فسعيد بن المسيب, وأما أغزرهم حديثا فعروة بن الزبير, ولا تشاء أن تفجر من عبيد الله بن عبد الله بحرا إلا فجرته_ قال عراك _فأعلمهم عندي جميعا ابن شهاب فإنه جمع علمهم جميعا إلى علمه). وعن معمر, قال رجل من قريش: قال لنا عمر بن عبد العزيز: أتأتون الزهري؟ قلنا: نعم. قال: (فائتوه؛ فإنه لم يبق أحد أعلم بسنة ماضية منه) قال والحسن ونظراؤه يومئذ أحياء. وقال سفيان: (مات الزهري يوم مات وليس أحد أعلم بالسنة منه). وعن الليث قال: (ما رأيت عالما قط أجمع من إبن شهاب ولا أكثر علما منه, ولو سمعت ابن شهاب يحدث في الترغيب لقلت لايحسن إلا هذا, وإن حدث عن الأنبياء وأهل الكتاب لقلت لايحسن إلا هذا, وإن حدث عن الأعراب والأنساب لقلت لا يحسن إلا هذا, وإن حدث عن القرآن والسنة كان حديثه جامعا).
    · أكتفي أنا بهذا القدر, وإن أردت زدتك. وأنتظر أن تحدثني عنه.
    8. ومما يتعلق بهذا المبحث قول زميلنا: (لانه ببساطه شديده هذا حديث ..وكتب بعد وفاه نبي الاسلام ..فمن ادراك انه حقيقي و انه فعلا قال هذا؟؟ فأيهما اصدق حديث ام ايه قرأنيه؟؟ وان كان هذا حديث ..فقل لي متي قاله و اين قاله و لمن ..فهل قاله لقريش فعلا؟؟؟). وهنا نقول:
    · من السهل أن تزعم, وأنَّى لك أن تثبت ما تزعم!!
    · الحديث الذي يرديه خائبًا بفهمه وأقواله لا يجد بأسًا زميلنا في قوله: (وكتب بعد وفاه نبي الاسلام). قل ما شئت, ولكن في المناظرة العلمية كلام مثل هذا من دون توثيقٍ يسيئ إليك, وتبقى الشمس ساطعة. عندما تقول هذا حديث كتب بعد نبي الإسلام, فإمَّا أن تثبت, وإمَّا أن تمسك عليك قلمك, فلا يسطر مثل هذه الأمور في مناظرة علمية. إن كنت تحسب الأحاديث النبوية منطة للكذب والتدليس, فأنت واهم, وقد منَّ الله علينا بعلم الحديث الذي لم تحظَ به أمَّة من الأمم, أو ملَّة من الملل. أحب أن أذكرك: (إنَّك تتحدث عن أحاديث خضعت لعلم الحديث, ولا تحسب نفسك تتحدث عن قول الآباء هنا). أي: اذهب إلى كتب الجرح والتعديل, وأثبت زعمك الذي لا قيمة له من دون كلام أهل الحديث. ثمَّ لماذا لا تقول هذا عن قصة الغرانيق؟ عفوًا, لقد تذكرت أنَّها تخدمك!!
    · وهذه إرشادات لك, خذها تجد ما تبتغي: أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة (ص 125- 128)، وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة (2/ 26، 27) بتحقيق عبد المعطي قلعجي. وأورده السيوطي في الخصائص الكبرى (1/ 142، 144) وعزاه للبيهقي. وعن علي بن أبي طالب قال:" سمعت رسول الله e يقول: ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون به غير مرتين كل ذلك يحول الله بيني وبين ما أريد من ذلك, ثم ما هممت بعدها بشيء حتى أكرمني الله برسالته". رواه البزار, ورجاله ثقات.
    9. ثمَّ نأتي الآن إلى ما رددت به على مبحث: (باب نظم للعرب لا يقوله غيرهم):
    · قولك: (حد فهم حاجه يا شباب؟؟؟ واحد راح لواحده مثلا و رجعته خائب ..كلمه اعادته بمعني انه ذهب من امامها .اذن ليس شرطا ان يكون اسفا ..فالجاهل بالاساليب اللغويه هو من يلبس الحق بالباطل و لا يفهم معني ما يقول .اعانك الله). لقد طالبناك بتوثيق هذه المداخلة, وأظهرت للجميع أنَّك تتحدث من دون دليل, ولم تستطع أن تثبت أن من معاني (عاد) (ذهب). فمن هو الذي يلبس الحق بالباطل يا زميل؟! ومن هو الذي لا يفهم معنى ما يقول؟! ومن هو الذي يأتي بمعان ليست في المعاجم؟! الحكم للقارئ النزيه.
    · قولك: (ما هي الجمله او البيت حتي نفهم معني الكلام ؟؟؟ عاد فلان شيخا ثم ماذا ؟؟ هل فهم معني الجمله اصلا؟؟ زياده في التوضيح من فضلك). الجملة كاملة, وذات معنى تام, وهي: (عاد فلان شيخًا). وليس ذنبي أنَّك لا تدرك معاني الكلام, وقد ذكرت لك المصادر, فلماذا لم ترجع إليها؟ إذن, لا تملك تفنيدًا لها.
    · قولك: (في التفسير تجد ان كلمه تعود هنا بمعني تصير الي ملتنا ..فاللعب كله في كلمه (عاد) فقط. اما الرجز في الايه واضحه و الهجر ايضا و اضح .فلم يقول ان الهجر له معني اخر). أمَّا التفسير, فإنَّها تأتي بمعنى (صرنا) أو (أصبحنا) أو (دخلنا), وهذا يسمى تضمينًا في اللغة العربية. أما الهجر فله معاني كثيرة, ولكن في الآية لها معنى ضد الوصل, وقد بينا لك الغرض البلاغي.
    · قولك: (كالعاده لم يشرح الايه و التفسير حتي لا يفتضح الامر. فالمعني هنا ان يخرجونهم من النور الي الظلمات بمعني ان هناك من أمن بعيسي _علي حسب التفسير_و لم يؤمن بمحمد فهو خرج من نور الايمان الصحيح بعيسي الي الظلام بعدم الايمان بمحمد. اي انهم كانوا فعلا في نور). أي عادة يا زميل, بل أنت الذي تأتي بما يخدمك, ولا تلقي بالا لما سواه. يقول القرطبي: (ولفظ الآية مستغن عن هذا التخصيص، بل هو مترتب في كل أمة كافرة آمن بعضها كالعرب ، وذلك أن من آمن منهم فالله وليه أخرجه من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان ، ومن كفر بعد وجود النبي صلى الله عليه وسلم الداعي المرسل فشيطانه مغويه ، كأنه أخرجه من الإيمان إذ هو معه معد وأهل للدخول فيه ، وحكم عليهم بالدخول في النار لكفرهم ؛ عدلا منه ، لا يسأل عما يفعل). وجاء في معاني القرآن للأخفش: ("يَحْكُم بأنَّهم كذاك" كما تقول: "قَدْ أَخْرَجُك الله من ذا الأمر" ولم تكن فيه قط. وتقول: "أَخْرَجَنِي فُلانُ من الكِتْبَةِ" ولم تكن فيها قط. أي: لَمْ يجعَلْني من أهلها ولا فيها). وجاء في معاني القرآن للنحاس: (فان قيل مامعنى يخرجونهم من النور الى الظلمات ولم يكونوا في نور قط؟ فالجواب: انه يقال رأيت فلانا خارج الدار وان لم يكن خرج منها وأخرجته من الدار جعلته في خارجها وكذا أخرجه من النور جعله خارجا منه وان لم يكن كان فيه). فأي أمر يفتضح أيها الزميل؟ عدم إدراكك لهذه المسائل لا تقذف به الناس.
    · قولك: (اذن جميع ما قلته انت تم الرد عليه). من أيِّ المعاجم جذر (ع_و_د), أي (عاد) معناه (ذهب)؟! هل تملك ردًّا؟
    10. قولك: (واذا لم تستطع ان تدرك ماذا قال بن كثير او ماذا سطرت فى التعقيب فلا تحجر على ذهن المتابع بإدعاءك اننى لم اوثق ما قلت وبخاصا انك لم تطرح اى تفنيد لهذا حتى الآن). أرجو أن يكون التفنيد سهل الفهم لديك. والقارئ هو من يحكم: من الذي يدرك ما يكتب, ومن الذي لا يعي ما يقول. والحقُّ أنَّك لم توثق, والحكم للقارئ.
    11. قولك: (هكذا اذا تحدث مع شخص باللغه الاجنبيه ..فلن تقبل منه كلامه لان كلامه به اخطأ في اللغه العربيه ..ركز في المضمون حبيبي لكي ينير الله لك الطريق و تعرف الحق و الحق يحررك). حتى المضمون به مغالطات, وقد بيناها لك في هذه المداخلة.
    12. قولك: (اذا قلت لك يا الداعي لا تدخل اصبعك في مفتاح الكهرباء, فهل يعني ذلك انك ادخلت اصبعك), وقولك: (من فمك ادينك يا عزيزي. مالي انا و مال الكهرباء متوصله ام لآ. فأنت قلت اضع يدي فيه لالعب ..اذن قد وضعت اصبعك في كل الاحوال. فليس من المعقول ان تقول لك والدتك لا تضع اصبعك في مفتاح الكهرباء وانت بعيد او تعمل شئ اخر فهكذا من فمك ادينك و شكرا لك), وقولك: (مضمون سؤالى الذى اعتبرته إستنكارى هو عن مدى إفصاح النهى عن الماضى). أرجو من القارئ أن يقارن بين هذه الأقوال, ثم لينظر: هل ثمة علاقة بينها؟
    13. قولك: (فهل يعقل أن يجيب شخص على سؤال إستنكارى بالإيجاب المحتمل والنفى المحتمل فى نفس الآوان ويظل سؤال إستنكارى). بما أنَّ المجيب غير السائل, فنعم, يعقل؛ لأنَّ السؤال يبقى على أصله استنكاريًّا, والجواب يأتي ليدحض استنكار السائل. وبهذا الدحض, لا يصبح الاستنكاري استفساريًّا, بل يبقى على حاله استنكاريًّا.
    14. قولك: (حينما اتيك بمثال لا تاتي لي بشئ نادرا جدا او شاذ لتجعله قاعده). لم أجعله قاعدة, وإنما هو محتمل. والقاعدة: (عند الاحتمال, يسقط الاستدلال).
    15. هكذا نكون قد أنهينا الرد على القسم الأول, وبقي قسمان. سأضعهما في أقرب فرصة ممكنة.
    16. والحمد لله ربِّ العالمين.

    __________________

    ثمَّ تكونُ خلافةً على منهاجِ النبوةِ. فتحت القسطنطينية, والآن ننتظر فتح روما: فما موقفك من تحقيق هذه البشرى؟





 

صفحة 7 من 11 الأولىالأولى ... 34567891011 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مناظرة: (عقيدة الصلب والفداء). بين الداعي و hopeless_refugee
    بواسطة الداعي في المنتدى المناظرات
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 2010-07-15, 10:11 AM
  2. مناظرة: (هل القرآن حقٌّ؟). بين الداعي والأستاذ سامر.
    بواسطة الداعي في المنتدى المناظرات
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 2009-07-08, 07:00 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML