غزوة تبوك

************************************************** ***
......................................
فى هذه الغزوة كشف الله لنبيه ورسوله من تخاذلوا عن بذل أموالهم والتضحية بأنفسهم لإعلاء كلمة دين الله ورفع رايته ..
وبيّن الله فيها من شغلتهم الحياة الدنيا وكرهوا الجهاد فى سبيل الله وارتابوا ولم يوقنوا بوعد الله لهم ..
وأنزل الله فيها جزاؤهم فى الدنيا والآخرة ..
...
توجهت مواكب ورسل رسول الله إلى النصارى فى أرض تبوك وأيلة ودومة الجندل لبلاغهم ودعوتهم إلى الإسلام أو النزول على حكم الله ورسوله
بالإقرار والتصالح على دفع الجزية .. فأعرضوا عما أنذروا .. فتأهب المسلمون واستعدوا لحربهم وقتالهم ..
.
كان التأهب والإستعداد لهذه الغزوة فى وقت هجير الشمس وشدة حرها .. ولهذا تسمى " غزوة العسرة أو الشدة " .
أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ضعفاء ومرضى . وفقراء . وأولو الطول من الأغنياء والأشداء الأقوياء ) .
..
الضعفاء والمرضى : جاءوا يطلبون الإذن بالقعود عن الجهاد لضعفهم ومرضهم .. فأذِن رسول الله لهم ..
والفقراء : جاءوا يطلبون من رسول الله مايتجهزون به للقتال لعجزهم عن نفقة عدة النزال والقتال فأخبرهم النبى صلى الله عليه وسلم
بعدم وجود ما يحملهم عليه فانصرفوا وقلوبهم تعتصر حزناً وألماً وأعينهم تفيض دمعاً ..
..
أخبر الله نبيه ورسوله بأنه لاحرج على الضعفاء ولا على المرضى والفقراء لضعفهم وعدم قدرتهم واستطاعتهم .. ولكن عليهم :
أن يكونوا ناصحين لغيرهم من المسلمين محرضين على القتال والجهاد غير محبطين أو مثبطين لهم ..
يقول جل شأنه :
{ لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ
مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتوْكَ لِتحْمِلَهُمْ قُلْت لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ
توَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ }.
..
وأولو الطول من الأغنياء والأشداء الأقوياء : وهم من أفاض الله عليهم من فضله ونعمه وكانوا من ذوى الغنى واليسار ..
وكذلك من كانوا أشداء أقوياء ليسواْ بمرضى ولا ضعفاء ..
شغلتهم الحياة الدنيا وشغلتهم أموالهم وأولادهم ..
{ وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتأْذَنَكَ أُوْلُواْ الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ } .
{ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاء رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ }
هؤلاء :
جاءوا يطلبون الإذن بالقعود عن الجهاد متعللين بلهيب الشمس وشدة حرها ووهجها .. فلم يأذن رسول الله لهم ..
أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن عذاب جهنم والتصلية بنارها أشد حراً مما يتخوفون منه وما يتخاذلون ويتقاعسون عنه ..
{ فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ }.
...
قبل بدء القتال :
أتت رسل النصارى من تبوك وأيلة ودومة الجندل إلى رسول الله يطلبون منه العهد والأمان والتصالح على دفع الجزية .
..
عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته دون حرب أو قتال ..
جاء المتخلفون إلى الصحابة يعتذرون بأعذار واهية ويحلفون بأيمان كاذبة لكى يرضواْ عنهم ويرضى عنهم رسول الله ..
{ يَعْتذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّتعْتذِرُواْ لَن نؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ }.
فضح الله أمرهم لنبيه ورسوله وللمسلمين وكشف لهم فسقهم .. وأمر الله المسلمين بنبذهم والإعراض عنهم وعدم قبول أعذارهم ..
.
لقد آثروا راحتهم وسلامتهم وصيانة أنفسهم وارتضوا بالقعود عن الجهاد وعدّوا القتال هلكة وموت لهم ..
لم يوقنوا بما وعدهم الله به من جزاء لنصرة دينه وأن ما يصيبهم فى الجهاد من أذى أو من جوع وظمأ وتعب ومشقة وما ينالون به من الأعداء
من إيذاء أو بطشة يد أو وطئة قدم بأن الله سوف يكتبها لهم ويجزيهم بها أحسن الجزاء ..
{ مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ
وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَيَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } .
...
بين الله لنبيه ورسوله وللمسلمين بأنهم رجز ورجس مأواهم نار جهنم وبئس المصير .. لن يرضى الله عنهم ولن يقبل معذرتهم ..
{ سَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتمْ إِلَيْهِمْ لِتعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأعْرِضُواْ عَنْهُمْ إِنهم رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنمُ جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِترْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن ترْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن اللّهَ لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } .
وأمر الله نبيه ورسوله :
بأن لا يأذن لأحدٍ منهم أن يخرج معه فى غزو أو قتال . وأن لا يصلى على أحد منهم إذا مات . ولايتم الوقوف على قبره بعد موته ..
فقال جل ذكره :
{ فَإِن رَّجَعَكَ اللّهُ إِلَى طَآئفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن تقَاتلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً إِنكُمْ رَضِيتم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ
فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ وَلاَ تصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّات أَبَداً وَلاَ تقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنهم كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ } .
......................................
************************************************** ***
سعيد شويل

y.,m jf,;