جريمة الزنا والقتل العمد
************************************************** **********************************************
.......
لما كانت الأنفس الشريرة تميل إلى الظلم والإعتداء ولما كان ذوى الصفات السبعية يرغبون فى استيفاء الزائد على الإبتداء وحتى لا يتجرأ
ذوى الجهل والحمية على القتل والفتك فيؤدى ذلك إلى الفناء .. شرع الله فى تعاليمه وأحكامه الحدود والعقوبات فى الجرائم والجنايات ..
الجنايات : هى كل فعل محظور يتضمن ضرراً على النفس أو العرض أو المال ..
والحدود : عقوبة مقدرة شرعاً بكتاب الله أو بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
والحد يطلق على : الجريمة . وعلى العقوبة .. فيقال مثلاً : حد السرقة أو حد القطع . ويقال : حد الزنا أو حد الرجم ..
والتعزيرات : هى عقوبة غير مقدرة شرعاً .. متروكة لسلطة ولى الأمر .. الغرض منها الزجر والتأديب والإصلاح ..
والتعزير يعنى : الردع .. والأفعال التى يعزر عنها المرء .. هى كل فعل يعد معصية ولكن لا حد له ولا كفارة .. والعقوبة فيه :
يقدرها الحاكم أو القاضى أو السلطان أو من ينوب عنهم طبقا لظروف الفعل وجسامته ودون إخلال باللزوم والتناسب بين
ما يقترفه الجانى من جرم وبين ما يعاقب عليه ..

********************
جريمة الزنا
الزانى رجلٌ خبيثٌ فاجر .. والزانية امرأةٌ مارقةٌ فاسقة .. كل منهما لا يستعفف ولا يستبشع ما يُقدم عليه ويفعله ..
سبحانه قد شرَع الزواج بين الرجل والمرأة من أجل فراشٍ صحيح يجمعهما وبموجب رباط وميثاق غليظ يربطهما ..
فإن تعدّيا ما شرعه الله ولم يطيعا أمر الله .. فقد وجب عليهما الجزاء والعقاب فى الدنيا والآخرة ..
العقوبة أو الحد
الزانى والزانية : إما محصن أو محصنة ( متزوج أو متزوجة ) .. وإما : بكر ( غير متزوج أو غير متزوجة ) ..
غير المتزوجان : العقوبة المقررة لهما أو الحد المفروض إقامته عليهما .. هو : جلد مائة وتغريب عام .. لقوله جل شأنه :
{ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ }
ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ... ) رواه مسلم وأبو داود والترمذى.
والزانى والزانية ( المتزوجان ) : عقوبتهما أو الحد الواجب إقامته عليهما : الرجم حتى الموت ..
وإن زنا البكر بامرأة متزوجة ( محصنة ) . أو زنا المتزوج ( المحصن ) بامرأة بكر : يجلد البكر . ويرجم المحصن ..
لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لايحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان وزنا بعد إحصان وقتل نفس بغير نفس ) رواه الترمذى .
وقوله عليه الصلاة والسلام : ( البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة ) رواه مسلم وأبو داود والترمذى .
......
والجلد أو الرجم .. يكون دون شفقة أو رأفة أو رحمة . ويكون جهراً وعلانية وأمام جمع من الناس .. لقوله تبارك وتعالى :
{ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ . وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ }
***********************
جريمة القتل العمد
القتل العمد .. هو تعمد إزهاق روح إنسان أو أكثر .. والشريك فيه كالفاعل الأصلى : سواء كانت مشاركته بالمساعدة أو المساهمة
أو بالتحريض .. ويستوى فى ارتكاب الفعل أى شكل أو وسيلة . يستوى أن يكون باستعمال عصا أو آلة حادة أو بالحرق أو الخنق
أو بدس السم أو إطلاق الرصاص أو بالصواريخ أو إلقاء القنابل أو غير ذلك .. طالما أدى إلى النتيجة الإجرامية وهى القتل ..

ويستوى أن يُقتل زيد أو عبيد .. لأن جميع الأنفس المؤمنة متساوية فى الحرمة والعصمة ..
فمثلاً :
إن أقدم الجانى وأطلق الرصاص لقتل " زيد " فأصاب " عبيد " .. فهو قاتل متعمد .. لأن فعله وإرادته يقصد به القتل ..
أما إن أراد قتل صيد من طير أو حيوان فأخطأ وقتل إنسان .. فهذا قتل خطأ . لأن قصده وإرادته ونيته لم تكن متجهة
إلى قتل إنسان بل إلى قتل الصيد من الطير أو الحيوان ..
العقوبة أو الحد
العقوبة فى جريمة القتل العمد : هى القصاص .. يقول جل ذكره : { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ }
ومعنى أن القصاص فيه حياة هو : أن القاتل لو علم أنه سيقتل إن قتل .. فسوف يكف ويمتنع من الإقدام على القتل ..
وبهذا : يكون قد أحيا نفسه .. وأحيا غيره .. فتحيا الأنفس وتصان الأرواح ..
.......
وكذلك فى الجروح .. فقد قال جل شأنه : { وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ }
فمن شجّ عضو إنسان أو قام بجرحه أو كسر عظمه . لو علم أنه سيُقتص منه بمثل ما فعل فسوف يمتنع ولن يقدم على فعله ..
وبهذا : يكون قد حافظ على نفسه وعلى أجزاء وأعضاء جسده .. وسلِمت بذلك أجزاء وأعضاء جسد غيره ..
.......
والقصاص فى القتل لايستوفى إلا بالسيف .. لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لاقود إلا بالسيف ) رواه الطبرانى وابن ماجه
ويُقتل الواحد بالجماعة . والجماعة بالواحد .. ولقد قتل سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه سبعة بواحد ..
.......
وتخفيف من الله على عباده .. فقد أباح سبحانه لولى الدم : العفو والمصالحة ( ولى الدم : هو من يملك الحق فى القصاص من الجانى أو الجناة )
فإن عفا عنهم أو تصالح معهم .. فعلى القاتل : دفع الدية . وعليه الكفارة والتوبة ..
{ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ }
الدية
الدية هى ما يؤدى .. ومقدارها : مائة من الإبل .. لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( فى النفس المؤمنة مائة من الإبل ) رواه أبو داود والنسائى

ويجوز تقويمها وتقدير قيمتها : ذهباً أو فضة أو نقداً أو غير ذلك .. يقول الإمام الشافعى رحمه الله :
( لا أعرف الدية إلا من الإبل وهى مائة من الإبل أو قيمتها )
.......
وإذا كان القتل فى حرم . أو فى الأشهر الحرم ( شهر رجب . ذو القعدة . ذو الحجة . محرم ) . أو القتيل محرماً لقاتله .
أو كان من ذوى رحمه .. تصبح الدية : " مغلظة " وتغليظها هو : أن تزيد الثلث عن أصلها ..
...
والدية واجبة فى مال القاتل ولا تتحملها العاقلة ( العائلة ) .. لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( لاتعقل العاقلة عمداً ولا صلحاً ) أخرجه البيهقى
الكفّارة والتوبة
الكفارة فى القتل الخطأ هى : عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين .. وقد ذكرها الله فى كتابه وجعلها : توبة من الله .. ولذا :
فهى أوْلى فى القتل العمد .. وفى القتل شبه العمد ( كالضرب المفضى إلى الموت . أو التعذيب الذى يؤدى إلى الوفاة )
يقول سبحانه :
{ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ
وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ }
.......
القتل والزنا .. من أقبح الجرائم وأبشعها .. ولكن :
من نِعم الله وفضله على عباده وخلقه .. وحتى لاييأس الجناة ولا يقنطوا من رحمة الله .. فقد جعل الله لهم توبة واستغفار ..
أخبرهم سبحانه بأنه يتوب عليهم ويغفر لهم ما اقترفوه من فعل أو جرم .. بل ومن كل الذنوب والآثام مهما بلغت أو عظُمت ..
{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }
.
فإن آبوا وتابوا وعملوا عملاً صالحاًوطلبوا الصفح والعفو والمغفرة.. فإن الله غفور رحيم . يقول جل شأنه :
{ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ . وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ . وَلَا يَزْنُونَ . وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً ..
يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً .. إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً }
.......
ولما كان من تعاليم الدين وأحكامه : بألا يضيع دم هدراً فى الإسلام .. فإنه :
إن لم تمتد يد القدرة على الجانى أو الجناة .. واستطاع القاتل أن ينجو من فعله أو جرمه . أو تمكن من التخفى والإستتار أو هرب ولاذ بالفرار ..
ولم يكفّر عن ذنبه ويتوب فيما بينه وبين ربه .. فقد لعنه الله وباء بسخطٍ وغضبٍ من الله .. وأعد الله له فى يوم القيامة عذاب عظيم .
وسوف يُضاعف له العذاب . ويكون فى نار جهنم من الخالدين .. يقول رب العالمين :
{ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }
.
************************************************** *****************************************
سعيد شويل

[vdlm hg.kh ,hgrjg hgul]