السلام عليكم.

من كتاب زهر الاداب وثمر الالباب لصاحبه أبو اسحاق إبراهيم بن علي المعروف بالحصري القيرواني (المتوفى : 453هـ)


قطعة من كلام الأمير قابوس بن وَشْمَكير شمس المعالي في أثناء رَسائِله: بزَنْد الشفيع تُورِي نار النجاح، ومن كفّ المفيض يُنتظر فوز القِداح، الوسائل أقدام ذوي الحاجات، والشفاعات مفاتيحُ الطلِبَات. العفو عن المجرم من مُوجبات الكرم، وقَبُول المعذرة من محاسن الشَيَم. وبالقوادم والخوافي قُوَةُ النجاح، وبالأسنّة والعًوَالي عمل الرماح. الدنيا دار تغرير وخداع، وملتقى ساعة لوداع، والناس مُتَصرّفون بين كلّ وِرد وصدَر، وصائرون خبَراً بعد أثر. غايةُ كل متحرك إلى سكون، ونهاية كل متكون أَلاَ يكون، وآّخر الأحياء فناء والجزع على الأموات عَنَاء، وإذا كان ذلك كذلك، فلِمَ التهالك على الهالك؟ حشْوُ الدهر أحزان وهموم، وصَفْوُه من غير كدر معدوم. إذا سمح الدهر بالْحِبَاء، فأبْشر بوشْك الانقضاء، وإذا أعار، فاحسبه قد أغار. الدهر طعمان؛ حلو ومر، والأيام ضربان؛ عُسْر ويسر. لكل شيء غاية ومنتهى، وانقطاع وإن بلغ المدى. تَرْكُ الجواب، داعيةُ الارتياب، والحاجة إلى الاقتضاء، كسوف في وجه الرجاء. هم المنتظر للجواب ثقيل، والمدى فيه وَإن كان قصيراً طويل. النجيب إذا جرى لم يشق غباره، وإذا سرى لم تلحق آثاره. ومن أيْنَ للضباب صَوْب السحاب، وللغراب هُوِيّ العقاب، وهيهات أن يكتسب الأرض لطافة الهواء، ويصير البدر كالشمس في الضياء.