غاية الولاية السياسية وطبيعتها في الإسلام




للكاتب : الفرقان
غاية الولاية السياسية وطبيعتها الإسلام



- إقامة الدين
- غاية الولاية السياسية هي إقامة الدين الذي به إصلاح حال الخلق في دنياهم وآخرتهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله: إن جميع الولايات في الإسلام مقصودها أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا، فإن الله سبحانه وتعالى إنما خلق الخلق لذلك، وبه أنزل الكتب، وبه أرسل الرسل وعليه جاهد الرسول والمؤمنون»(1).
واستدل على ذلك بقوله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} (الذاريات: 56)، وبقوله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} (الأنبياء: 25)، وقوله عز وجل: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} (النحل: 36).
مفهوم العبادة عند شيخ الإسلام ابن تيمية
والعبادة عند شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة: كالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد للكفار والمنافقين، والإحسان إلى الجار واليتيم والمسكين والمملوك من الآدميين والبهائم، والدعاء والذكر والقراءة وأمثال ذلك من العبادة، وكذلك حب الله ورسوله، وخشية الله والإنابة إليه، وإخلاص الدين له، والصبر لحكمه والشكر لنعمه، والرضا بقضائه، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته، والخوف لعذابه وأمثال ذلك هي من العبادة لله.
فالدين كله - هو الشريعة - داخل في العبادة(2).
إذن أعمال المسلمين في كافة المجالات ومنها السياسة والاقتصاد والاجتماع تدخل في العبادة، غاية الولاية السياسية وطبيعتها الإسلام: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} (الذاريات: 56).
اتخاذ الولاية السياسية دينا وقربة
فالرئاسة أو الإمارة كما قال بحق شيخ الإسلام ابن تيمية: الواجب اتخاذ الإمارة دينا وقربة يتقرب بها إلى الله، فإن التقرب إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله من أفضل القربات، وإنما يفسد حال أكثر الناس لابتغاء الرياسة أو المال بها.
وقال أيضا: إذا كان المقصود بالسلطان والمال هو التقرب إلى الله وإقامة دينه، وإنفاق ذلك في سبيله كان ذلك صلاح الدين والدنيا(3).
ارتباط الولاية السياسية بالدين
وقال وإن انفرد السلطان عن الدين، أو الدين عن السلطان فسدت أحوال الناس، وإنما يتميز أهل طاعة الله عن أهل معصيته بالنية والعمل الصالح(4).
واستدل لما ورد في الصحيح عن النبي[: «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»(5).
الولاية السياسية وإقامة أمر دنيا الناس
وقال ابن تيمية: المقصود الواجب بالولايات إصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسرانا مبينا، ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا، وإصلاح مالا يقوم الدين إلا به من أمر دينياهم وهو نوعان:
- قسم المال بين مستحقيه.
- عقوبات المعتدين.
ولهذا كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: إنما بعثت عمالي إليكم، ليعلموكم كتاب ربكم وسنة نبيكم، ويقسموا بينكم فيئكم(6).
وقال: ومتى اهتمت الولاة بإصلاح دين الناس صلح للطائفتين دينهم ودنياهم وإلا اضطربت الأمور عليهم(7).
وقال: إذا اجتهد الراعي في إصلاح دينهم ودنياهم بحسب الإمكان كان من أفضل أهل زمانه وكان من أفضل المجاهدين في سبيل الله(8).
فغاية الولايات أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الله اسم جامع لكلماته التي تضمنها كتابه.
قوام الدين
قوام الدين: المصحف والسيف
وقد روى عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: أمرنا رسول الله[ أن يضرب بهذا يعني السيف من عدل عن هذا يعني المصحف(9).
الولاية السياسية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
قال ابن تيمية: إذا كان جماع الدين وجميع الولايات هو أمر ونهي، فالأمر الذي بعث الله به رسوله هو الأمر بالمعروف والنهي الذي بعثه به هو النهي عن المنكر.
وجميع الولايات الإسلامية إنما مقصودها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سواء في ذلك ولاية الحرب الكبرى مثل نيابة السلطنة، والصغرى مثل ولاية الشرطة، وولاية الحكم أو ولاية المال وهي ولاية الدواوين المالية وولاية الحسبة(10).
وقال أيضا: وولي الأمر إنما نصب ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وهذا مقصود الولاية، إن صلاح العباد والبلاد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن صلاح المعاش والبلاد في طاعة الله ورسوله ولا يتم ذلك إلاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبه صارت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس(11).
قال الله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} (آل عمران: 110)، وقوله عز شأنه: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} (آل عمران: 104)، وقال: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} (التوبة: 71).
قال ابن تيمية - رحمه الله: والأمر بالمعروف مثل الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والصدق، والأمانة.. فالواجب على ولي الأمر أن يأمر بالصلوات المكتوبات جميع من يقدر على أمره، ويعاقب التارك بإجماع المسلمين، فإن كان التاركون طائفة ممتنعة قوتلوا على تركها بإجماع المسلمين، وكذلك يقاتلون على ترك الزكاة والصيام وغيرها، وعلى استحلال المحرمات الظاهرة المجمه عليها، كنكاح ذوات المحارم، والفشاد في الأرض ونحو ذلك، فكل طائفة ممتنعة عن التزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة يجب جهادها، حتى يكون الدين كله لله باتفاق العلماء.. ومن جحد وجوب الصلاة، فهو كافر بإجماع المسلمين، وكذلك من جحد سائر الواجبات المذكورة والمحرمات التي يجب القتال عليها، فالعقوبة على ترك الواجبات، وفعل المحرمات هو مقصود الجهاد في سبيل الله، وهو واجب على الأمة باتفاق، كما دل عليه الكتاب والسنة(12).

مقتطفات من كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية الولاية السياسية الكبرى في الإسلام للدكتور: فؤاد عبدالمنعم أحمد

- الهوامش
1 - الحسبة في الإسلام تحقيق الشيخ محمد زهري النجار ص 14.
2 - العبودية، تقديم الشيخ عبدالرحمن الباني، المكتب الإسلامي، الطبعة السادسة 1403هـ - 1983م، ص 38، 43.
3 - السياسة الشرعية تحقيق الدكتور محمد البنا وآخر، ص 186، 189.
4 - السياسة الشرعية، المصدر السابق، ص 189.
5 - رواه مسلم جـ4 ص 1987 رقم2564 في البر والصلة والآداب: باب تحريم ظبم المسلم، وأحمد في المسند جـ2، ص 285.
6 - السياسة الشرعية، ص36، 152.
7 - السياسة الشرعية، ص36، 152.
8 - نفس المصدر السابق ص 36.
9 - السياسة الشرعية، ص37، 38.
10 - الحسبة في الإسلام تحقيق الشيخ محمد زهري النجار، ص20، 21.
11 - السياسة الشرعية تحقيق الدكتور محمد البنا وآخر ص89.
12 - الشياية الشرعية ص 91، 92.
http://www.al-forqan.net/articles/1064.html

yhdm hg,ghdm hgsdhsdm ,'fdujih td hgYsghl