بسم الله الرحمن الرحيم


لمكتبة المقروءة : الحديث : شرح رياض الصالحين المجلد الثالث
بـاب فضل الرجـاء


52 ـ بـاب فضل الرجـاء

قال الله تعالى إخباراً عن العبد الصالح : ( وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ) [غافر: 44 ، 45] .
1/440 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( قال الله عز وجل : أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حيث يذكرني ـ والله لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة ـ ومن تقرب إلى شبرا ؛ تقربت إليه ذراعا ، ومن تقرب إلي ذراعا ؛ تقربت إليه باعا ، وإذا أقبل إلي يمشي أقبلت إليه أهرول )) متفق عليه ، وهذا لفظ إحدى روايات مسلم(292) . وتقدم شرحه في الباب قلبه .

2/441 ـ وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقول : (( لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل )) رواه مسلم (293) .
2/442 ـ وعن أنس رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله تعالى : (( يا ابن آدم ، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم ، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ، ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي ، يا ابن آدم ، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة )) رواه الترمذي ، وقال : حديث حسن(294) .
(( عنان السماء )) بفتح العين ، قيل : هو ما عنَ لك منها ، أي : ظهر إذا رفعت رأسك ، وقيل : هو السحاب ، و (( قراب الأرض )) بضم القاف ، وقيل : بكسرها ، والضم أصح وأشهر ، وهو ما يقارب ملأها ، والله أعلم .

الـشـرح
قال المؤلف رحمه الله تعالى : باب فضل الرجاء ، لما ذكر رحمه الله النصوص الدالة على الرجاء وعلى سعة فضل الله وكرمه ، ذكر فضل الرجاء ، وأن الإنسان ينبغي له أن يكون طامعاً في فضل الله عز وجل راجياً ما عنده .
ثم ذكر قول العبد الصالح وهو الرجل المؤمن من آل فرعون الذي يكتم إيمانه ، وكان ناصحاً لقومه ، يناصحهم ويبين لهم بالبرهان ما هم عليه من الباطل ، وما عليه موسى من الحق ، وفي النهاية قال لهم : (فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) [غافر:44] .
( وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ) يعني : أجعله مفوضاً إليه ، لا أعتمد على غيره ، ولا أرجو إلا إياه ( إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) قال الله تعالى : ( فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ) أي : سيئات مكرهم ( وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ ) [غافر:45] .
ثم ذكر حديث أبي هريرة أن الله تعالى قال في الحديث القدسي : (( أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حيث يذكرني )) . أنا عند ظن عبدي بي : يعني أن الله عند ظن عبده به ؛ إن ظن به خيراً فله ، وإن ظن به سوى ذلك فله ، ولكن متى يحسن الظن بالله عز وجل ؟
يحسن الظن بالله إذا فعل ما يوجب فضل الله ورجاءه ،فيعمل الصالحات ويحسن الظن بأن الله تعالى يقبله ، أما أن يحسن الطن وهو لا يعمل ؛ فهذا من باب التمني على الله ، ومن أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني فهو عاجز .
حسن الظن بأن يوجد من الإنسان عمل يقتضي حسن الظن بالله عز وجل ، فمثلاً إذا صليت أحسن الظن بالله بأن الله يقبلها منك ، إذا صمت فكذلك ، إذا تصدقت فكذلك ، إذا عملت عملاً صالحاً أحسن الظن بأن الله تعالى يقبل منك ، أما أن تحسن الظن بالله مع مبارزتك له بالعصيان فهذا دأب العاجزين الذين ليس عندهم رأس مالٍ يرجعون إليه .
ثم ذكر أن الله سبحانه وتعالى أكرم من عبده ، فإذا تقرب الإنسان إلى الله شبراً ؛ تقرب الله منه ذراعاً ، وإن تقرب منه ذراعا ً، تقرب منه باعاً ، وإن أتاه يمشي أتاه يهرول عز وجل ، فهو أكثر كرما وأسرع إجابة من عبده.

,QHEtQ,A~qE HQlXvAd YAgQn hggQ~iA YAkQ~ hggQ~iQ fQwAdvR fAhgXuAfQh]A