المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية (3): النبي_ عليه السلام _بين الرحمة والسيف.



الداعي
2017-12-06, 10:47 AM
قضية (3): النبي_ عليه السلام _بين الرحمة والسيف.

يقول النبي_ عليه السلام _: «بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا يُشْرَكَ بِهِ شَيْءٌ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي»، رواه أحمد وغيره بسند صحيح. ود. عدنان إبراهيم_ وفقه الله للخير، وأرشد الأمر _قد ردَّ الحديث؛ لأنه_ في نظره _ينتقص من رسول الله إذ يجعل منه أحد قطاع الطرق، ويتعارض مع قول الله_ سبحانه _: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، فالرحمة والسيف لا يلتقيان، وسبَّبَ حرجا للإسلام وأهله.
ونحن نشاطر فضيلة الدكتور ردَّه للحديث إن كان الأمر كذلك حقا، والقاعدة الأصولية تقرر: (الحكم على الشيء فرع عن تصوره)، فيجب أن نفهم الآية والحديث فهما منهجيا وفق قواعد اللغة والشرع، ومن ثَمَّ نحاكم هذا الحديث وفق تصورنا له.
من هم العالمون في الآية؟ الظاهر منها أنها تعم كل شيء: المؤمن والكافر والدواب والطيور والشجر والحجر...إلخ، وهنا يعنينا الكافر، أهو ممن وقعت عليه رحمة الرسول أم لا؟
وفي المسألة قولان:
1. رأي يخصص العام، فيستثني الكفار من العالمين بمثل قوله: (بالمؤمنين رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)، فقد خص المؤمنين بالرحمة، ومفهوم المخالفة يخرج الكفار. وكذلك بمثل قوله: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ)، ومفهوم المخالفة واقع على الكفار. وكذلك بمثل قوله: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)، وهنا صرح أن الكفار لا تهاون معهم، بل الشدة التي هي ضد الرحمة. وكذلك بمثل قوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ)، والغلظة تنافي الرحمة.
2. رأي يشمل الكفار برحمة النبي_ عليه السلام _، ويجعل ذلك بأمور منها: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ)، فمنع وجوده عنهم العذاب، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ الله،ِ ادْعُ اللهَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: «إِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً، وَلَمْ أُبْعَثْ عَذَابًا». وكذلك شرع الله الجهاد حتى لا يخسف الأرض بكل من كذبه، فخرج من أصلابهم من يوحد الله، وبما شاكلها من أمور كقبول الجزية خضوعا منهم لأحكام الإسلام من غير اعتناق.
إذن، الآية ظنية من حيث دلالتها، وعامة من حيث مدلولها، والحديث خاص، والعام يحمل على الخاص، وفق ما هو مقرر في أصول الفقه.
فما معنى الحديث؟ أما قوله: «بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ»، أي: بالجهاد، كناية. والقرآن تفيض آياته بالجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام؛ فهو رحمة وأي رحمة؟! فيه إعلاء لكلمة الله، وإظهار لدينه، وكسر للحواجز التي تحول دون اعتناق الإسلام وتوسع ثغوره، فهذا الجزء من الحديث يمثل جوهر الجهاد في الإسلام الذي نظفر به بإحدى الحسنيين.
وأما قوله: «وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي»، فهو سهمه في الغنائم التي شرعها ربنا سبحانه لنبيه، وقد خصه بها من دون سائر إخوانه الأنبياء_ عليهم السلام _: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ)، فهل يجعل ربنا_ سبحانه._من نبيه قاطع طريق؟! حاشا وكلا.
أما بخصوص مسألة الإحراج هذه، فنحن نفخر بإسلامنا بكل ما فيه، وليس هو موضع اتهام أو ضعف حتى ندافع عنه على استحياء، بل مكرهم بالإسلام عن حسد: (حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ)، فعداوتهم لا ترجى مودتها، ولن يرضيهم منك أن ترد هذا الحديث أو غيره من البخاري ومسلم، بل هي كما قال الله: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)، والله ولي التوفيق.

أ. علي غيث (أبو الحسن)
22/11/2017

الداعي
2017-12-06, 10:48 AM
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=155486818532875&id=153477082067182