المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رد شبهة : رسول الإسلام يحاول الإنتحار



سيف الحتف
2009-12-18, 09:15 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله

تقول الشبهة :-



1. رواية ابن سعد في الطبقات قال: "أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif: لما نزل عليه الوحي بحراء مكث أياما لا يرى جبريل عليه السلام، فحزن حزنًا شديدًا، حتى كان يغدو إلى ثبير مرة، وإلى حراء مرةً؛ يريد أن يلقي نفسه منه، فبينا رسول الله -http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif- كذلك عامدًا لبعض تلك الجبال، إلى أن سمع صوتًا من السماء، فوقف رسول الله -http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif- صعقًا للصوت، ثم رفع رأسه: فإذا جبريل على كرسي بين السماء والأرض متربعًا عليه، يقول:
"يا محمد، أنت رسول الله حقا، وأنا جبريل".
2.
رواية الإمام الطبري في تاريخه قال: "حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني وهب بن كيسان مولى آل الزبير، قال: سمعت عبد الله بن الزبير، وهو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي: حدِّثنا يا عبيد كيف كان بدء ما ابتدئ به رسول الله http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif من النبوة؟ فذكر الحديث إلى قوله: (حتى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته ورحم العباد بها، جاءه جبريل بأمر الله فقال رسول الله http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif، فجاءني وأنا نائم بنمط من ديباج، فيه كتاب، فقال: اقرأ، فقلت: ما أقرأ؟ فغتني، حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ماذا أقرأ؟ وما أقول ذلك إلا افتداء منه أن يعود إلي بمثل ما صنع بي، قال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق} إلى قوله: {علم الإنسان ما لم يعلم} (العلق: 1-5)، قال: فقرأته، قال: ثم انتهى، ثم انصرف عني وهببت من نومي، وكأنما كتب في قلبي كتابا.
قال: ولم يكن من خلق الله أحد أبغض إلي من شاعر أو مجنون، كنت لا أطيق أن أنظر إليهما، قال: قلت إن الأبعد -يعني نفسه- لشاعر أو مجنون، لا تحدث بها عني قريش أبدا! لأعمدنّ إلى حالقٍ من الجبل فلأطرحنّ نفسي منه أقتلها فلأستريح.
قال: فخرجت أريد ذلك، حتى إذا كنت في وسط من الجبل، سمعت صوتًا من السماء يقول: يا محمد، أنت رسول الله، وأنا جبريل.
3. رواية البخاري في حديث عائشة رضي الله عنها بلفظ آخر، قال: حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب، وحدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر، قال الزهري أخبرني عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ".. ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي فترةً حتى حزن النبي http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif -فيما بلغنا- حزنًا غدا منه مرارًا كي يتردى من رءوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه، تبدّى له جبريل فقال: يا محمد، إنك رسول الله حقًّا. فيسكن لذلك جأشه، وتقر نفسه، فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل، تبدّى له جبريل فقال له مثل ذلك".
وخلاصة هذه الشبهة عندهم: أن هذه الروايات المذكورة تدل على أن النبي http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif حاول مرارًا أن يلقي بنفسه من رءوس الجبال، فهي إذن محاولة منه للانتحار، وهذا لا يليق بشخصِ من هو في مقام النبوة.



يُتبع الرد بإذن الله :-

سيف الحتف
2009-12-18, 09:22 PM
والرد على هذه الشبهة يستدعي منا أن ننظر أولا إلى صحة تلك الروايات المنقولة، وبيان ذلك فيما يلي:

أ. أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما، فقد جاء من طريق محمد بن عمر الواقدي، ومعلوم عند علماء الجرح والتعديل أن الواقدي متروك الحديث، فقد قال الإمام البخاري عنه في كتاب الضعفاء: "متروك الحديث"، وكذلك حكم عليه الحافظ ابن حجر في التهذيب، وغيرهما.

ومن المعلوم أن وجود راوٍ متروك في حديث، يجعله مردودا غير قابل للتصحيح بالشواهد الأخرى.

ب. أما رواية الإمام الطبري فهي مردودة سندا ومتنا؛ فإن المتن فيه نكارة ظاهرة، حيث جعل الرؤية الأولى لجبريل عليه السلام رؤيا منامية، وهذا مخالف لبقية النصوص التي تُثبت أنها رؤية حقيقية، ثم كان من جواب النبي http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif: (ماذا أقرأ؟)، وهذا لم يحصل؛ فإن الثابت في صحيح البخاري وغيره أنه كان يقول: (ما أنا بقارئ)، دعك من إغفال هذه الرواية لذكر ذهاب النبي صلى الله عليه وسلّم إلى خديجة وورقة بن نوفل رضي الله عنهما، وما ذُكر في الروايات الصحيحة أن الرؤية الثانية لجبريل عليه السلام كانت بعد فتور الوحي وانقطاعه.

وإذا نظرنا إلى سند هذه الرواية وجدنا فيه عدة علل:

الإرسال: فإن عبيد بن عمير ليس صحابيًّا، إنما هو من كبار التابعين، كما أنّ في السند راويان متكلم فيهما: سلمة وهو ابن فضل الأبرش، قال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق كثير الخطأ"، وابن حميد الرازي كذّبه جماعة من العلماء كأبي زرعة وغيره.

ج. أما رواية الإمام الزهري في حديث عائشة رضي الله عنها، فقد وردت القصة على كيفيات مختلفة في البخاري ومسند الإمام أحمد ومصنف الإمام عبد الرزاق وغيرهم، لكن الناظر إلى رواية الإمام الزهري يجد أنها باطلة، ووجه ذلك أن معظم روايات هذا الحديث لم تذكر ذلك الحدث، وقد روى الإمام البخاري حديث نزول الوحي أكثر من مرة في صحيحه دون أن يشير إلى هذه القصة.

أما الروايات التي ذكرت هذه الحادثة، فقد وردت مدرجةً في الحديث، قال الحافظ ابن حجر ما نصه: "ثم إن القائل (فيما بلغنا) هو الزهري، ومعنى الكلام: -

أن في جملة ما وَصَلَ إلينا من خبر رسول الله http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif في هذه القصة، وهو من بلاغات الزهري وليس موصولا. أ.هـ

فحكم هذه الزيادة الإرسال، ومرسل الإمام الزهري ضعيف عند أهل الحديث، يقول الإمام يحيى بن سعيد القطان:

"مرسل الزهري شر من مرسل غيره؛ لأنه حافظ، كلما قدر أن يُسمِّي سمَّى، وإنما يترك من لا يستجيز أن يسميه" وقال أيضا عنه: "هو بمنزلة الريح".

مؤشرات ضعف القصة :-

على أن هناك مؤشرات تدل على ضعف هذه القصة، فمن تلك المؤشرات:

1- ما رواه الإمام البخاري عن عروة أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي -http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif- حدثته أنها قالت للنبي http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif:

"هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: (لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب..) الحديث.

فهنا ذكر النبي -http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif- أن أشد ما وقع عليه، هو ذلك الأذى النفسي الحاصل من تكذيب أهل الطائف له، حتى إنه بقي مهمومًا حزينًا لم يستفق إلا وهو بعيد عن الطائف، نعم إن حزن النبي http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif على فتور الوحي ثابت في نصوص أخرى، غير أن حزنه ما كان ليبلغ حد الرغبة في إلقاء نفسه من عل، وإلا لكان هذا أجدر بالذكر من حادثة الطائف المذكورة هنا.

ومما يبيّن ضعف القصة:-

2- أن الرواية ذكرت أن سبب حزن النبي http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif ومحاولته للانتحار؛ إنما كان خوفًا من انقطاع الوحي والرسالة، ولو كان هذا صحيحًا، لكان ظهور جبريل عليه السلام مرة واحدة وقوله:

(إنك لرسول الله حقا)

كافيًا في تأكيد أنه مبعوث إلى العباد وتحقّق الاصطفاء له، فلا معنى لأن يدخل الحزن في قلبه وأن يحاول الانتحار مرات ومرات كما في رواية الزهري.

فالحادثة المذكورة قد اجتمع فيها الشذوذ في السند، والنكارة في المتن، فلا معنى لأن تُتخذ مطعنا في النبي الكريم.

ومع هذا كله، وبفرض صحة هذه القصة جدلا، فليس فيها ما يعيب شخص النبي http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif أو يقدح في عصمته، وبيان ذلك أنه قد همّ –على فرض صحة الرواية- بأن يلقي بنفسه، والهمّ هنا لم ينتقل إلى مرحلة التنفيذ، وذلك شبيهٌ بما حكاه الله تعالى عن يوسف عليه السلام في قوله:

{ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه }

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة:

"ولهذا لما لم يذكر عن يوسف توبة في قصة امرأة العزيز، دلّ على أن يوسف لم يذنب أصلا في تلك القصة". وهذا كحديث النبي http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/sala.gif:

(ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له واحدة أو يمحوها الله)
متفق عليه.

وأيضا: فإن تحريم قتل النفس لم يكن نازلا في شريعته صلى الله عليه وسلّم، إذ القصّة في بداية أمر الوحي، فكيف تكون تلك الحادثة -على فرض صحّتها- مدخلاً للطعن فيه صلّى الله عليه وسلّم؟!

ثم نقول: إن العصمة متحققة في هذه الحالة، ووجه ذلك أن الله سبحانه وتعالى صرف عنه هذا السوء، كما صرف عنه قبل مبعثه حصول التعري، وشرب الخمر، والجلوس مع فتيان قريش، وغير ذلك مما هو مبثوث في السيرة.

وهكذا يتبيّن أن هذه الشبهة ليس لها أدنى حظ من النظر، فلا هي ثابتة سندًا، ولا هي صالحةٌ للطعن في من شهد له أعداؤه قبل محبيه بسمو أخلاقه ورجاحة عقله وطهارة روحه، والحمد لله أولا وآخرا.

**عن كتاب "حقائق الإسلام في مواجهة المشككين" لنخبة من علماء الأزهر الشريف.

سيف الحتف
2009-12-18, 09:30 PM
رد الأخ حليمو حفظه الله :-

http://www.youtube.com/watch?v=bXH3rUAoxHw (http://www.youtube.com/watch?v=bXH3rUAoxHw)

أمة الله
2009-12-19, 12:15 AM
جزاكم الله خيرا كثيرا ونفع بكم